العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٣

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٣

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٦٢

١
٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

حرف الألف

الأحمدون

من اسمه أحمد بن إبراهيم

٥٠٩ ـ أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن على بن فراس العبقسى ، أبو الحسن المكى العطار :

مسند الحجاز فى زمنه. ولد سنة اثنتى عشرة وثلاثمائة ، على ما ذكره الذهبى.

وسمع من أبى جعفر محمد بن إبراهيم الدشتى ، نسخة إسماعيل بن جعفر ، عن ابن زنبور عنه ، ومن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبى عبد الرحمن المقرى ، وأبى الشريك محمد بن الحسين السعدى ، وحدث.

سمع منه أبو نصر السجزى ، وأبو عمرو الدانى المقرى ، والحسن بن عبد الرحمن الشافعى. حدث عنه بنسخة إسماعيل بن جعفر ، ووقعت لنا عاليا من طريقه بحمد الله.

توفى سنة خمس وأربعمائة. هكذا أرخ وفاته أبو إسحاق الحبال.

وذكر الكتانى فى وفياته : أنه توفى سنة ثلاث وأربعمائة.

قال الذهبى : ودلسه السجزى مرة ، فقال : أخبرنا أحمد بن أبى إسحاق قاضى جدّة.

انتهى.

قلت : هذا يدل على أنه ولى قضاء جدة ، لأن النعت للمنعوت ، ويحتمل أن يريد السجزى ، قاضى جدة أباه ، والله أعلم.

أخبرتنى فاطمة بنت المحتسب محمد بن عبد الهادى ، وأختها عائشة بقراءتى عليهما ، بسفح قاسيون (١) فى الرحلة الأولى : أن أحمد بن أبى طالب الحجار أخبرهما سماعا ، عن

__________________

٥٠٩ ـ انظر ترجمته فى : (العبر للذهبى ٣ / ٨٩).

(١) قاسيون : بالفتح ، وسين مهملة ، والياء تحتها نقطتان مضمومة ، وآخره نون ، وهو ـ

٣

أبى الحسن محمد بن أحمد بن عمر القطيعى ، قال : أنا النقيب أبو جعفر أحمد بن محمد العباسى ، قال : أنا الحسن بن عبد الرحمن الشافعى ، قال : أنا أحمد بن إبراهيم بن فراس المكى ، قال : أنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الديبلى ، قال : أنا محمد بن أبى الأزهر بن زنبور ، قال : أنا إسماعيل بن جعفر ، قال : أخبرنى عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر رضى الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله» وكانت قريش تحلف بآبائها ، فقال : «لا تحلفوا بآبائكم» (٢).

٥١٠ ـ أحمد بن إبراهيم بن عبد الملك بن مطرف القنجيرى ، أبو العباس ، وأبو جعفر ، التميمى المرى :

صاحب الرّباط ، الذى بالمروة على يسار الذاهب إليها ، والحمام الذى بأجياد ، وهو وقف عليه.

ذكره ابن الأبّار فى «التكملة». وذكر أنه روى عن أبى محمد بن عبيد الله ، يعنى الحجرى ، ورحل إلى المشرق أربع مرات ، أولها : سنة سبعين وخمسمائة.

وسمع بمكة من محمد بن مفلح ، وابن الطّباع ، والميانشى ، والهاشمى ، وحضر مجلس أبى الطاهر بن عوف بالإسكندرية ، وأجاز له مع عبد الحق الإشبيلى وغيرهما ، وجاور بالحرمين ، ووقف هناك أوقافا ، وكان على طريقة الصوفية. وحل من ملوك عصره ألطف محل ، وجرت لهم على يديه من البر أعمال عظيمة. وتوفى بسبتة فى صفر سنة سبع وعشرين وستمائة.

__________________

ـ الجبل المشرف على مدينة دمشق وفيه عدة مغاور وفيها آثار الأنبياء وكهوف ، وفى سفحه مقبرة أهل الصلاح ، وهو جبل معظّم مقدّس يروى فيه آثار وللصالحين فيه أخبار.

انظر : معجم البلدان (قاسيون).

(٢) أخرجه البخارى فى صحيحه حديث رقم (٣٦٨٤) من طريق : قتيبة حدثنا إسماعيل ابن جعفر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ألا من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله». فكانت قريش تحلف بآبائها فقال : «لا تحلفوا بآبائكم».

وأخرجه مسلم فى صحيحه حديث رقم (٤٢١٥) من طريق : يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر (قال يحيى بن يحيى : أخبرنا ، وقال الآخرون : حدثنا إسماعيل) (وهو ابن جعفر) عن عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله». وكانت قريش تحلف بآبائها ، فقال : «لا تحلفوا بآبائكم».

٥١٠ ـ انظر ترجمته فى : (التكملة لابن الأبار ١٥٥ ، التحفة اللطيفة ١ / ٩٦).

٤

وذكر ابن الزبير : أنه توفى فى ثالث صفر من السنة ، ومولده سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.

كتبت هذه ملخصة من تاريخ مصر للقطب الحلبى ، ما خلا ذكر الرباط بمكة ، فإنى استفدته من خط جدى ، ومن حجر الرباط ، وكان مطروحا فيه.

ووجدت بخط جدى ، سمعت الشيخ أبا زيد عبد الرحمن المهدوى ، عرف بالرفا ، وكان من قدماء أصحاب الشيخ العارف أبى على يونس بن الصمات المهدوى رضى الله عنه يقول : قدم علينا إلى المهدية الشيخ أبو مروان الدكالى ، وكان من أكابر أصحاب الشيخ أبى محمد صالح ، فحضرت مجلسه فسمعته يقول : كنت مقيما بمكة ، والشيخ أبو العباس أحمد بن إبراهيم القنجيرى المرى صاحب الشيخ أبى مدين رضى الله عنه ، مقيم بها إذ ذاك ، فنويت زيارته ، فخرجت إليه ، فبينا أنا فى الطريق لقينى بعض الأصحاب فقال : إلى أين؟ فقلت له : لزيارة الشيخ أبى العباس ، فقال : وأنا أيضا أزوره معك. فبينا نحن فى الطريق ، قال لى : أحب أن يطعمنى الشيخ حلاوة ، فقلت : أنت واختيارك. فلما جئنا إلى منزل الشيخ ، استأذنا عليه ، فأبطأ عنا ساعة ، ثم خرج إلينا ، ففتح إحدى البابين ، ووقف فى الأخرى ، فسلمنا عليه ، ثم أخرج دينارا ذهبا فأعطاه صاحبى ، ثم أخذ بيدى ، وأدخلنى منزله وأغلق الباب فى وجهه. انتهى.

وتاريخ وقفه : العشر الأوسط من شوال سنة عشرين وستمائة ، على ما فى الحجر الذى فيه. وفيه أنه : وقف وحبس وسبل وتصدق بجميع هذا الرباط الشارع على المروة المعظمة ، على جميع الفقراء من أهل الخير والفضل والدين ، العرب والعجم ، المتأهلين وغير المتأهلين ، على ما يليق بكل واحد منهم فى المنازل فى هذا الرباط.

٥١١ ـ أحمد بن إبراهيم بن عمر ، القاضى شهاب الدين ابن القاضى برهان الدين ، المعروف بابن المحلى المصرى :

كان وافر الملاءة إلى الغاية ، خبيرا بالتجارة ، وفيه انفعال للخير ، وكان صاحبنا الحافظ شهاب الدين بن حجر يحضه عليه لمكانته عنده ، وجرت له على يده صدقات ، وكان يثنى عليه بالعفة ، وهى عجيبة من مثله ، وكان مبتلى بعلة الصّرع ، وبها مات فى ليلة الأربعاء الخامس والعشرين من ذى القعدة ، سنة ست وثلاثمائة ، بمكة المشرفة ، عن ست وعشرين سنة ، بعد قدومه إليها بأربعة أيام من اليمن ، وكان طلب منه ليفوض إليه أمر

__________________

٥١١ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ١ / ١٩٧ ، إنباء الغمر ١ / ٦٤٢).

٥

المتجر السلطانى بمصر بعد موت أبيه ، وكان موته فى شهر ربيع الأول من هذه السنة.

٥١٢ ـ أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم ، الإمام شهاب الدين أبو العباس ، ويقال أبو المكارم ، ابن الإمام رضى الدين الطبرى ، المكى الشافعى ، إمام المقام الشريف :

ولد فى المحرم سنة ست وثمانين وستمائة على ما وجدت بخط الآقشهرى. وأجاز له فى استدعاء مؤرخ بربيع الأول منها : المحب الطبرى ، وابنه جمال الدين محمد قاضى مكة ، ويوسف بن إسحاق الطبرى ، وجماعة من شيوخ مكة ، والقادمين إليها ، منهم : العز أحمد بن إبراهيم الفاروثى فى سنة تسع وثمانين ، وجماعة من مصر ، سنة ثلاث وتسعين ، منهم : قاضى القضاة بها ، تقى الدين بن دقيق العيد ، وحافظها شرف الدين الدمياطى ، ونحويها بهاء الدين بن النحاس الحلبى ، وجماعة سواهم ، منهم : المسندة سيدة بنت موسى بن عثمان المارانى ، وجماعة من دمشق بعد السبعمائة ، من شيوخ البهاء بن خليل ، باستدعائه واستدعاء البرزالى وغيرهما.

وسمع من والده وعمه : صحيح البخارى ، وصحيح ابن حبان ، وعلى والده ، والفخر التوزرى : سنن أبى داود ، وجامع الترمذى منفردين ، وسنن النسائى مجتمعين ، وعلى التوزرى بمفرده : الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى ، والصحيحين وغير ذلك كثيرا من الكتب والأجزاء ، عليهم وعلى غيرهم ، من شيوخ مكة ، والقادمين إليها ، وتلا بالروايات على مقرئ مكة : عفيف الدين الدلاصى ، والشيخ أبى عبد الله محمد بن إبراهيم القصرى. وحدث ، سمع منه جماعة من شيوخنا وغيرهم.

وناب فى القضاء بمكة عن ابن أخته القاضى شهاب الدين الطبرى ، وأعاد بالمدرسة المجاهدية بمكة ، وخلف أباه فى الإمامة ، حتى مات فى ليلة الجمعة ، سادس شهر الله المحرم ، مفتتح سنة خمسين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

هكذا أرخ وفاته العفيف المطرى فى ذيله على «طبقات الفقهاء الشافعية» لابن كثير ، وأرخها بهذا الشهر ابنه شيخنا الإمام أبو اليمن الطبرى ، وروى لنا عنه.

ووجدت بخط شيخنا ابن سكر : أنه توفى فى سنة سبع وأربعين ، ووجدت بخطه أنه توفى فى سنة تسع وأربعين. والصواب ما ذكرناه. والله أعلم.

٦

٥١٣ ـ أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن يحيى بن أبى المجد المجدى. يلقب بهاء الدين ، ابن الشيخ جمال الدين الأميوطى المكى :

سمع من والده ، والجمال بن عبد المعطى ، والكمال بن حبيب ، وغيرهم من شيوخ مكة والقادمين إليها ، واشتغل بالعلم وتنبه. وكان ذكيا ظريفا ، سامحه الله تعالى.

وتوفى رحمه‌الله ، فى أثناء سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة بدمشق.

٥١٤ ـ أحمد بن إبراهيم بن يعقوب بن أبى بكر ، يلقب بالمجد ، ابن البرهان الطبرى المكى :

سمع جامع الترمذى ، من جده يعقوب ، وسمع بعضه على أبى شرفى يوسف بن إسحاق الطبرى ، وحدث بمنتقى منه ، بقراءة الشيخ بهاء الدين بن خليل المكى ، وسمعه عليه الشيخ نور الدين الهمدانى.

وتوفى قبل الموسم من سنة إحدى وعشرين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

نقلت وفاته من تاريخ البرزالى.

٥١٥ ـ أحمد بن أحمد بن إسحاق بن موسى الصرفى أبو القسم الدندانقانى :

صحب الحافظ أبا طاهر السلفى ، وسمع معه بإفادته على جماعة ، منهم : أبو الحسن على بن مسلم السلمى ، وأبو الحسن على بن أحمد بن منصور بن قيس ، ونصر الله بن محمد بن عبد القوى ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازى ، وأبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشى ، وغيرهم.

كتب عنه الحافظ أبو سعد بن السمعانى بمكة ، فى المقدمة الأولى سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة ، وانتخب عليه جزءا من مسموعاته عن شيوخه. قال : وكان صالحا عفيفا متواضعا حسن السيرة. جاور بمكة أربعين سنة ، ولم يذكر له وفاة.

وذكر أنه ولد قبل سنة تسعين وأربعمائة.

لخصت هذه الترجمة من معجم الحافظ أبى سعد السمعانى.

٥١٦ ـ أحمد بن أحمد بن عثمان الدمنهورى ، شهاب الدين ، المعروف بابن كمال :

نزيل مكة المشرفة. ولد بدمنهور الوحش من ديار مصر ، وصحب قاضيها القاضى

__________________

٥١٥ ـ انظر ترجمته فى : (الأنساب للسمعانى ٢ / ٤٩٧).).

٧

زين الدين الأنصارى ، وكان من خواصه ، وتردد معه وقبله وبعده ، إلى مكة المشرفة مرات ، وجاور بها كرات ، منها فى سنة إحدى وثمانمائة ، مع الرجبية التى كان أميرها بيسق ، وأقام بها حتى حج فى سنة ثلاث وثمانمائة ، وتوجه فيها صحبة المصريين إلى بلاده ؛ وعاد منها إلى مكة فى سنة أربع وثمانمائة ، فحج وأقام بها حتى توجه لبلاده بعد الحج من سنة عشر وثمانمائة ، وعاد فى السنة التى بعدها فحج وأقام بمكة حتى مات ، إلا أنه بعد الحج من سنة ثمان عشرة وثمانمائة ، مضى إلى المدينة النبوية زائرا ، فأقام بها إلى أثناء سنة تسع عشرة وثمانمائة.

وكان يسبح الله ويهلّل ، ويمدح فى آخر الليل ، بمنارة باب العمرة أوقاتا كثيرة فى سنين كثيرة ، ثم امتنع من ذلك لأمر بعض الناس له بالترك ، مع كونه لا يختار ذلك ، ولم يجد بدا من الموافقة. وناله بسبب ذلك أذى ممن أمره بذلك لمخالفته لأمره ، وهو تغرى برمش ، الآتى ذكره فى حرف الثاء.

وكان كثير الصلاة على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الغاية ، بحيث كان يصلى على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى اليوم والليلة ـ فيما ذكر ـ مائة ألف مرة أو نحو ذلك ، وكانت فى خلقه حدة تفضى به إلى ما لا يحمده منه أحد ، والله يغفر له.

وتزوج بمكة عند بيت الزمزمى ، وولد له أولاد ، وخلف ولدا طفلا. وكان قد اجتمع كثيرا على جماعة من الصالحين وأهل الخير وخدمهم ، وأحسن لبعضهم كثيرا. وعادت إليه بركتهم. وربما كان يذاكر بأشياء حسنة من الشعر والأذكار ، وكان بأخرة يرافقنا فى الحج.

وتوفى بعد الحج فى المحرم من سنة أربع وعشرين وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، وقد جاوز السبعين بيسير.

وقرأ القرآن فى شبيبته على بعض المقرئين ببلده ، ورأيت معه إجازة بذلك لا يحضرنى الآن اسم الذى قرأ عليه ، وكان يجلس مع الشهود فى عدة من المراكيز بمصر ، وله ترداد إلى القدس ودمشق.

٥١٧ ـ أحمد بن أحمد المازنى الواسطى :

سمع على الرضى الطبرى : جامع الترمذى بمكة ، وعلى صفى الدين السلامى : مشارق الأنوار للصغانى ، بقراءة الجمال المطرى ، سنة أربع عشرة وسبعمائة بالمدينة. وجاور بمكة

٨

أكثر من عشر سنين ، مجتهدا فى العبادة والاستكثار من فعل الخير ، مع العفاف والقناعة ، حتى أدركه أجله ، فى سابع عشر رمضان سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة.

كتبت هذه الترجمة من تاريخ الحافظ علم الدين البرزالى.

٥١٨ ـ أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد بن على بن إسماعيل بن أبى طالب الهمذانى ، مسند مصر ، شهاب الدين أبو المعالى الأبرقوهى :

ولد فى رجب ـ أو شعبان ـ سنة خمس عشرة وستمائة.

وسمع من أبى بكر عبد الله بن محمد بن سابور القلانسى : مجلس رزق الله التميمى ، عن عبد العزيز بن محمد الشيرازى عنه ، وعلى المبارك بن أبى الجود البغدادى : الجزء التاسع من حديث المخلص عن ابن الطلاية ، وبه عرف الجزء ، عن أبى القاسم الأنماطى عنه ، وعلى أبى العباس أحمد بن صرما : الأول من الحربيات على أبى الفضل الأرموى ، وعلى الفتح بن عبد السلام : صفة المنافق للفريابى ، وعلى الخطيب فخر الدين ابن تيمية خطبه ، وعلى أبى البركات عبد القوى بن عبد العزيز بن الجباب : السيرة لابن إسحاق ، تهذيب ابن هشام ، عن ابن رفاعة ، عن الخلعى بسنده ، وعلى أبى بكر عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن باقا البغدادى : سنن ابن ماجة ، وعلى جماعة كثيرين بمصر وغيرها ، يجمعهم معجمه ، تخريج الحافظ سعد الدين الحارثى الحنبلى.

سمع منه جماعة من الأعيان ، وآخر أصحابه : عبد الرحمن بن على بن محمد بن هارون الثعلبى ، سمع منه جزء ابن الطلاية وتفرد به عنه ، وقرأته على من سمعه على ابن هارون عن الأبرقوهى ، وعلى من سمعه على غير ابن هارون ، ممن سمعه على الأبرقوهى ، ثم قرأته بعلو درجة على من أدرك حياة الأبرقوهى ؛ لأنه أجاز عاما ، على ما وجدت بخط أحمد ابن أيبك الدمياطى.

وذكر أنه نقل ذلك من خط أبى شامة. وذكر أن أبا الفتح الأبيوردى سمع من الأبرقوهى ، وبين وفاة الأبيوردى ، وابن هارون الثعلبى ، مائة سنة وتسع سنين ، فيصلح أن يكون فى باب السابق واللاحق.

توفى الأبرقوهى فى العشرين من ذى الحجة سنة إحدى وسبعمائة بمكة.

__________________

٥١٨ ـ انظر ترجمته فى : (الدليل الشافى ١ / ٣٩ ، النجوم الزاهرة ٨ / ١٩٨ ، الوافى بالوفيات ٦ / ٢٤٢ ، الدرر الكامنة ١ / ١٠٩ ، شذرات الذهب ٦ / ٤ ، المنهل الصافى ١ / ٢٣٥ ، تاريخ علماء بغداد ٢٠ ، الأعلام ١ / ٩٦).

٩

هكذا ذكر وفاته أحمد بن أبيك الدمياطى فى وفياته ، وقال : كان شيخا.

صالحا ، تاليا لكتاب الله تعالى ، زاهدا ورعا منقطعا عن الناس ، صابرا على قراءة أصحاب الحديث. انتهى.

وذكره الذهبى فى معجمه ، وقال : حج وأدركه الموت بمكة بعد رحيل الحاج بأربعة أيام ، فى ذى الحجة سنة إحدى وسبعمائة.

وكان يذكر أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أخبره ـ يعنى فى النوم ـ أنه يحج ويموت بمكة. انتهى. فصح له ذلك.

٥١٩ ـ أحمد بن إسحاق بن نصر بن شبيب البخارى ، أبو نصر :

الفقيه الأديب من بيت العلم. سكن مكة وانتشر علمه ، ومات رحمه‌الله تعالى بالطائف ، وله شعر حسن.

٥٢٠ ـ أحمد بن أسد بن أحمد بن باذل الكوجى :

شيخ الحرم الصوفى. سمع أبا الحسين محمد بن الحسين بن الترجمان الصوفى بالرملة (١) ، وأبا محمد عبد الله بن المشيع وغيرهما.

سمع منه أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث بن الشيرازى وغيره.

مات بعد سنة ستين وأربعمائة.

والكوجى ـ بضم الكاف وسكون الواو فى آخرها جيم ـ هذه النسبة إلى كوج ، وهى لقب لبعض أجداد المنتسب إليه.

ذكر ذلك أبو سعد السمعانى فى الأنساب.

٥٢١ ـ أحمد بن إقبال القزوينى ، المكى ، أبو العباس :

سمع من أبى الفضل المرسى : الأول من صحيح ابن حبان. ولعله سمعه كله ، وعلى

__________________

٥٢٠ ـ انظر ترجمته فى : (الأنساب للسمعانى ٥ / ١٠٦).

(١) الرملة : واحدة الرمل : مدينة عظيمة بفلسطين وكانت قصبتها قد خربت الآن ، وكانت رباطا للمسلمين ، وهى فى الإقليم الثالث ، طولها خمس وخمسون درجة وثلثان ، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة وثلثان ، وقال المهلبى : الرملة فى الإقليم الرابع ، وقد نسب إليها من أهل العلم. انظر : معجم البلدان (الرملة).

١٠

فاطمة بنت نعمة : سداسيات الرازى ، وأخذ عنه الجندى مؤرخ اليمن على ما ذكر ؛ لأنه ذكره فى أهل عدن ، وقال : شيخى.

وذكر أنه ولد فى جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وستمائة ، وأنه أقام مع والده بمكة سنين عديدة ، وأدرك بها جمعا من الفضلاء ، كابن عساكر ، وابن خليل ، وابن أبى الفضل المرسى ، والفاروثى ، والدلاصى.

وذكر أنه قل ما رأى مثله فى أهل الوقت ، فى صبره على الإقراء ، وموافقة الطالب على غرضه.

وذكر أنه كان إماما بمسجد هناك ، وأنه خرج من عدن ، وهو بها ، غير أنه قد كبر وهرم.

ومقتضى ما ذكره من كبره وهرمه أن يكون بلغ السبعين ؛ إذ لا يوصف بذلك إلا من بلغ هذا السن أو جاوزه فى الغالب ، ويستفاد من ذلك حياته فى حدود العشرين وسبعمائة ؛ لأنه لا يبلغ السبعين إلا فى هذا التاريخ ، على مقتضى ما ذكره من مولده.

وبالجملة ، فكان حيا فى سنة سبع وثمانين ؛ لأنه أجاز فيها لجماعة من شيوخ شيوخنا فى استدعاء مؤرخ بالمحرم منها.

٥٢٢ ـ أحمد بن أبى بكر بن أحمد ، شهاب الدين الكردى (١) :

نزيل مكة ، تردد إليها غير مرة ، وجاور بها نحو أربع عشرة سنة متوالية متصلة بموته ، على طريقة حسنة ، وكان له اشتغال فى صباه ، وحفظ «الحاوى» وغيره.

وسمع بدمشق من ابن أميلة : جامع الترمذى ، وسنن أبى داود ، وعلى ابن قواليح : صحيح مسلم. وسمع من غيرهما ، وما سمعته حدث. وكان فيه مروءة وكياسة ولطف فى العشرة ، وكان له أصحاب معتبرون بديار مصر ، ويصل إليه منهم فى كل سنة ، أو من بعضهم ، صلة يستعين بها فى أمره ، وكان فى غالب مجاورته فى المدة التى ذكرناها ، يسكن برباط العز الأصبهانى الآتى ذكره ، وبه توفى فى العشر الأخير من صفر سنة ثمان عشرة وثمانمائة ، ودفن بالمعلاة بعد الصلاة عليه بالحرم الشريف. وشهد جنازته جمع كثير ، منهم : السيد حسن بن عجلان ، نائب السلطنة ببلاد الحجاز.

__________________

٥٢٢ ـ (١) نسبة إلى بلدة كرد وهى : بالضم ثم السكون ، ودال مهملة ، بلفظ واحد الأكراد اسم القبيلة ، قال ابن طاهر المقدسى : اسم قرية من قرى البيضاء.

١١

٥٢٣ ـ أحمد بن أبى بكر بن على بن عبد الله المكى ، المعروف بابن الطواشى ، يلقب شهاب الدين :

كان يتعبد ويتصون ، ويتقشف فى لباسه ويتواضع ، فمال إليه لذلك جماعة من الناس واعتقدوه ، وراعوا فى اعتقاده علو رتبة جده الولى العارف الشيخ على بن عبد الله الطواشى المدفون بالقوز ، ظاهر حلى ، شيخ الشيخ عبد الله اليافعى.

وكان أحمد المذكور يبالغ فى أذى من يعارضه فى حق دنيوى ، مع ظهور حجة من يعارضه ، سامحه الله تعالى.

وأمه أم كلثوم بنت برهان الدين الأردبيلى. واستفاد منها عقارا بمكة ، وبها مات فى يوم الجمعة سابع عشر شعبان المكرم ، سنة سبع وعشرين وثمانمائة ، وصلى عليه عقيب صلاة الجمعة بالمسجد الحرام ، ودفن بالشبيكة (١) أسفل مكة ، بوصية منه. وكان الجمع كثيرا. ومولده ظنا ، فى سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة.

٥٢٤ ـ أحمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم ، القاضى محيى الدين ، أبو جعفر الطبرى المكى الشافعى :

سمع بها من زاهر بن رستم ، ويونس الهاشمى ، وأبى المظفر بن علوان ، وأبى بكر بن حرز الله القفصى ، وابن أبى الصيف. وتفقه عليه ، ودرس وأفتى ، وكتب بخطه كتبا علمية.

وتولى القضاء بمكة نيابة ـ فى غالب الظن ـ ولم أدر متى ولّى ذلك ، إلا أنه كان قاضيا فى صفر سنة أربع عشرة وستمائة ، وفيها مات فى يوم الثلاثاء رابع ربيع الآخر.

كذا وجدت وفاته على حجر قبره فى المعلاة ، بخط عبد الرحمن بن أبى حرمى وترجمه بتراجم منها : القاضى الإمام العالم الزاهد ، المدرس بالحرم الشريف ، محيى السنة ناصر الشرع ، شرف القضاة قاضى الحرمين الشريفين والمفتى بهما. انتهى.

ومولده ظهر يوم الخميس الموفّى عشرين من جمادى الآخرة ، سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة بمكة.

__________________

٥٢٣ ـ (١) الشبيكة : بالكاف ، بين مكة والزاهر على طريق التنعيم ومنزل من منازل حاج البصرة بينه وبين وجرة أميال ، والشبيكة : ماء لبنى سلول. انظر معجم البلدان (الشبيكة).

٥٢٤ ـ انظر ترجمته فى : (التحفة اللطيفة ١ / ١٠٤).

١٢

كذا وجدت مولده بخط شيخنا ابن سكر ، وذكر أنه نقله من خط المحب الطبرى.

٥٢٥ ـ أحمد بن أبى بكر بن محمد بن أبى بكر الشيبى الحجبى المكى :

سمع من الكمال ابن حبيب بمكة ، وباشر فتح الكعبة نيابة عن أبيه ، لما وصل الخبر بولايته لذلك فى العشر الأخير من رمضان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة ، إلى حين وفاته ، فى شوال أو فى ذى القعدة من هذه السنة.

٥٢٦ ـ أحمد بن ثعبان بن أبى سعيد بن حرز الكلبى ، يعرف بالبكى لطول سكناه بمكة ، نزل إشبيلية ، وقيل : اسم أبيه عثمان :

رحل وحج وسمع من أبى معشر الطبرى كتابه «التلخيص» وصحبه طويلا ، ثم قفل إلى إشبيلية ، فتصدر بها ، وأخذ عنه العلم جماعة ، منهم : ابن رزق ، وابن خير ، وابن حميد.

وعمر وأسن وكثر الانتفاع به. توفى بعد الأربعين.

نقلت هذه الترجمة هكذا من خط الذهبى ، فى اختصاره تكملة الصلة البشكوالية لابن الأبار ، قال : وقيل : اسم أبيه عثمان.

وقوله : بعد الأربعين ، يعنى : وخمسمائة.

٥٢٧ ـ أحمد بن ثقبة بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على ابن قتادة الحسنى المكى :

ولى إمرة مكة شريكا لعنان بن مغامس فى ولايته الأولى بتفويض من عنان إليه ، ليستظهر به على آل عجلان المنازعين له فى ذلك.

وكان الخطيب بمكة يدعو فى خطبته لأحمد بن ثقبة هذا مع عنان ، وهو فى هذا كله ضرير ؛ لأن ابن عمه أحمد بن عجلان ، اعتقله مع ابنه على ، وأخيه حسن بن ثقبة ، وابن عمهم عنان ، ومحمد بن عجلان فى أول سنة سبع وثمانين وسبعمائة ، كما يأتى ذكره فى ترجمة أحمد بن عجلان.

__________________

٥٢٦ ـ انظر ترجمته فى : (التكملة لابن الأبار ٧٧).

٥٢٧ ـ انظر ترجمته فى : (الدليل الشافى ١ / ٤٢ ، النجوم الزاهرة ١٣ / ١٧٧ ، أنباء الغمر ٢ / ٤٣٦ والضوء اللامع ١ / ٢٦٦ والمنهل الصافى ١ / ٢٥٨).

١٣

فلما مات كحلوا كلهم ، غير عنان ، فإنه هرب فى تاسع عشرى شعبان ، سنة ثمان وثمانين وسبعمائة ، وبلغنى أنه لما كحل ، أصاب المرود ظاهر إحدى عينيه فلم تذهب ، وأصاب جوف الأخرى فأذهبها. فلما كحل ابنه على وصاح ، ذهل أبوه ، ففتح عينه ينظر إليه ، وقال : واولداه ، ففطن له بعض الحاضرين ، فأشار بكحله ثانيا فكحل ، ولم يكن له ذنب يوجب اعتقال أحمد بن عجلان له ؛ لأنه كان مظهرا لطاعته ، غير موافق لأخيه حسن وعنان ، فى مشاققتهم لأحمد بن عجلان ، ولكن كان أمر الله قدرا مقدورا.

وكان أحمد بن ثقبة أجمل بنى حسن حالا فى حياة أحمد بن عجلان ؛ لأنه كان أكثرهم سلاحا وخيلا وإبلا وعقارا وغلة ، ولم يكن فى بنى حسن من يناظر أحمد بن عجلان فى الحشمة غيره.

ولما توفى خلف أربعة ذكور وبعض بنات ، وتوفى فى آخر المحرم سنة اثنتى عشرة وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة. وقد قارب السبعين أو بلغها.

٥٢٨ ـ أحمد بن جار الله بن زايد السنبسى المكى ، يلقب شهاب الدين :

ولد فى سنة ست وأربعين وسبعمائة ظنا أو بعدها بقليل. وحضر مجلس تدريس قاضى مكة ، شهاب الدين أحمد بن ظهيرة ، فعلق بذهنه شىء من مسائل الفرائض والحساب ، وعانى التجارة فأثرى وكثر ماله ، واستفاد دورا بمكة وعقارا ونخيلا وسقايا كثيرة بالخضراء من وادى مر ، وغير ذلك ، ولاءم الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة ، ونظر له فى أمواله بوادى مر وغيرها ، فانتفع بذلك وكثرت مراعاة الناس له ، ورزق أولادا عدة.

ومات فى ليلة الأحد السادس والعشرين من شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة ، ودفن من صبيحتها بالمعلاة ، سامحه الله تعالى.

٥٢٩ ـ أحمد بن جعفر بن أحمد بن على الديوانى المكى :

كان يخدم السلطنة بمكة ، وحصل له بذلك وجاهة عند الناس. توفى فى عشر السبعين وسبعمائة ، ظنا.

__________________

٥٢٨ ـ انظر ترجمته فى : (الدليل الشافى ١ / ٤٢ ، العقد الثمين ٣ / ٢٣ ، الضوء اللامع ١ / ٢٦٦ ، المنهل الصافى ١ / ٢٥٩).

١٤

٥٣٠ ـ أحمد بن الجوبان الدمشقى ، شهاب الدين المعروف بالذهبى :

ولد بدمشق ونشأ بها ، وعنى بصناعة الذهب ، وبالكتابة ، فجوّد فيها وجلس فى بعض القياسر بدمشق للتجارة فى البز ، فعرفه بسبب ذلك أعيان من أهل دمشق ، ولاءم جماعة منهم ، وشاركهم فى استئجار بعض المزدرعات وغيرها. فحصّل دنيا ، واشتهر عند الناس.

وكان مع ذلك يحضر مجالس العلم والحديث ، وينظر فى بعض كتب الفقه والحديث والأدب ، فتنبه ونظم الشعر ، وتردد إلى مكة للحج والتجارة مرات ، ودخل اليمن فى سنة ست عشرة وثمانمائة للتجارة ولو كالة عن بعض أصحابه ، ومعه كتاب من صاحب مصر إلى صاحب اليمن بتجهيز الكارم إلى مصر ، فلم ير ما كان يؤمله ، وعاد إلى مكة ، وهو كثير الألم لذلك ، فمرض بعد وصوله إلى مكة بقليل فى أيام الحج ، وحج وهو عليل ، فأدركه الأجل بمنى بعد الوقوف بعرفة فى ليلة ثانى النحر سنة ست عشرة ، ونقل إلى مكة بعد غسله وتكفينه بمنى ، ودفن بالمعلاة عن خمسين سنة أو نحوها ، وهو ممن عرفناه بدمشق فى الرحلة الأولى ، وسمع معنا فيها من بعض شيوخنا ، وأمر ابنه بالسماع معنا ، فسمع كثيرا ، والله ينفعنا أجمعين بذلك.

٥٣١ ـ أحمد بن جعفر المعقرى ، أبو الحسن البزاز :

نزيل مكة ، معقر ناحية من اليمن. روى عن إسماعيل بن عبد الكريم الصنعانى ، وسعيد بن بشير ، وقيس بن الربيع الأسدى ، والنضر بن محمد الجرشى اليمامى. روى عنه مسلم بن الحجاج القشيرى ، ومحمد بن أحمد بن زهير الطوسى ، والمفضل بن محمد الجندى ، ومحمد بن إسحاق بن العباس الفاكهى المكى.

ذكر هذا كله من حاله المزى فى التهذيب.

كان حيّا فى سنة خمس وخمسين ومائتين.

٥٣٢ ـ أحمد بن حازم بن عبد الكريم بن أبى نمى الحسنى المكى :

كان من أعيان الأشراف. توفى يوم الزبارة مقتولا ، وسبب قتله ، أنه وأخاه أبا سعد اصطدما وهما راكبان ، فسقطا إلى الأرض فقتلا ، وذلك يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شوال سنة ثمان وتسعين وسبعمائة بالزبارة.

* * *

__________________

٥٣٠ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ١ / ٢٦٨).

١٥

من اسمه أحمد بن حسن

٥٣٣ ـ أحمد بن حسن بن الزين محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على بن محمد بن الحسن القيسى القسطلانى ، شهاب الدين أبو العباس المكى :

ذكر لى أن مولده فى ثالث جمادى الأولى سنة عشرين وسبعمائة.

سمع بمكة فى سنة ثمان وعشرين ، على الجمال المطرى «الإتحاف» لأبى اليمن بن عساكر عنه ، وعليه ، وعلى القاضى زين الدين الطبرى ، وقريبه محمد بن الصفى ، وبلال عتيق ابن العجمى ، وعيسى بن عبد الله الحجى ، جامع الترمذى ، وعلى المطرى أيضا ، والقاضى جمال الدين الآمدى الحنبلى : النصف الثانى من كتاب «الرياض النضرة» للمحب الطبرى ، عنه ، وسمع على القاضى جمال الدين أيضا : بعض صحيح البخارى ، وأظنه سمعه على عيسى الحجى ، وسمع على الزين الطبرى ، وعثمان بن الصفى ، وأبى طيبة محمد بن أحمد الآقشهرى : سنن أبى داود.

وسمع على الآقشهرى ، وعلى أبى عبد الله الوادى آشى «التيسير» للدانى المقرى ، وغير ذلك.

وأجاز له من مصر مسندها يحيى المصرى ، ومن الشام أبو بكر بن الرضى ، وزينب بنت الكمال ، وآخرون سبق ذكرهم فى ترجمة سيدى الشريف ، أبى الفتح الفاسى ، وحدث.

سمع منه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة وغيره من أصحابنا : الرياض ، والإتحاف ، وغير ذلك. وله اشتغال فى الفقه ونظم كثير. كان يكتب الوثائق. توفى فى العشر الأول من رجب سنة سبع وتسعين وسبعمائة ، وجد ميتا بطريق المبارك من وادى نخلة ، ضالا عن الطريق ، وحمل إلى مكة ، ودفن بها عند أسلافه ، رحمهم‌الله.

أخبرنى أبو العباس أحمد بن حسن بن الزين القسطلانى المكى سماعا ، قال : أنا أبو بكر ابن محمد بن الرضى إذنا ، قال : أنا أبو القاسم بن أبى الحرم الأطرابلسى ، فيما أذن لنا فى روايته عنه ، قال : أنا أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قراءة عليه ، وأنا أسمع ، قال : أنا مكى بن منصور الكرجى ، قال : أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيرى بنيسابور (١) ، قال : ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، قال : ثنا زكريا بن يحيى المروزى ، قال : ثنا

__________________

٥٣٣ ـ (١) نيسابور : بفتح أوله ، والعامة يسمونه نشاوور : وهى مدينة عظيمة ذات فضائل جسيمة معدن الفضلاء ومنبع العلماء. انظر : معجم البلدان (نيسابور).

١٦

سفيان عن زياد بن علاقة ، سمع جرير بن عبد الله رضى الله عنه يقول : «بايعت النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم على النصح لكل مسلم» (٢).

وأخبرنيه أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك الغزى ، وأم عيسى مريم بنت أحمد بن محمد الأذرعى بقراءتى عليهما منفردين ، والقاضى تاج الدين عبد الواحد بن ذى النون بن عبد الغفار الصردى ، إجازة كتبها لنا بمكة ، ومحمد بن أحمد بن على الصوفى ، إذنا مكاتبة من مصر ، قالوا : أنا أبو الحسن على بن عمر بن أبى بكر الوانى ، قال الآخران : سماعا ، وقال الأولان : إجازة ، قال : أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أبى الحرم الأطرابلسى سماعا ، قال : أنا جدى أبو طاهر بسنده.

أخرجه مسلم عن أبى بكر بن أبى شيبة ، وزهير بن حرب ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، ثلاثتهم عن ابن عيينة ، فوقع لنا بدلا له عاليا بدرجتين. ولله الحمد والمنة.

أنشدنى أبو العباس أحمد بن حسن بن الزين القسطلانى لنفسه إذنا من قصيدة [من الطويل] :

أأكتم ما ألقاه والدمع قد جرى

على صفحات الخد من عظم ما جرى

وكيف يطيق الصبر صب فؤاده

غدا سائرا إثر الفريق الذى سرى

أخو عبرات لا يمل من البكا

وذو زفرات حرها قد تسعرا

ومن يك ذا شوق إلى من يحبه

فعار عليه أن يلم به الكرا

وكيف ينام الليل من راح قلبه

غريم غرام حاله قد تغيرا

يرجّى من الأيام والدهر عودة

وكل رجاه والأمانى إلى ورا

وأنشدنا أيضا لنفسه إجازة من قصيدة أخرى [من البسيط] :

من أين للعاشق الملهوب مصطبر

والنار بين ضلوع منه تستعر

يخفى صبابته ممن يعنفه

والدمع ما بعده عن عاشق خبر

فى كل يوم له وجد يهيم به

ولم يزل لاجتماع الشمل ينتظر

فبلغ الله مشتاقا لذى سلم

لعل يقضى له من أهلها وطر

لو لا محبة قوم باللوى نزلوا

ما شاقه البان والوادى ولا الشجر

__________________

(٢) أخرجه مسلم فى صحيحه كتاب الإيمان حديث رقم (٥٦) ، والنسائى فى الصغرى كتاب البيعة حديث رقم (٤١٥٦). وأحمد بالمسند مسند الكوفيين حديث رقم (١٨٧١٧).

١٧

ونسمة من ربا نعمان لو نسمت

لكان للطيب من أنفاسها أثر

ومنها :

لو أستطيع على عينى سعيت لها

عسى يساعدنى فى ذلك القدر

٥٣٤ ـ أحمد بن الحسن بن يوسف بن محمد بن محمد ـ وقيل : أحمد ـ بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن جعفر بن أحمد بن طلحة ـ وقيل : محمد ـ بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس الهاشمى ، الإمام الناصر لدين الله أبو العباس بن المستضىء بن المستنجد بن المقتفى بن المستظهر بن المقتدى ، الخليفة العباسى :

ذكرناه فى هذا الكتاب لما صنع فى أيامه من المآثر بمكة وحرمها ، منها عمارة أماكن بالمسجد الحرام ، وغير ذلك مما سبق ذكره فى المقدمة.

بويع بالخلافة بعد أبيه فى غرة ذى القعدة سنة خمس وسبعين وخمسمائة ، واستمر حتى مات فى سلخ رمضان سنة اثنتين وعشرين وستمائة. ووصل أحمد [......](١) وله سبعون سنة. وكانت خلافته سبعا وأربعين سنة ، ولم يل الخلافة أحد أطول منه مدة إلا المستنصر العبيدى ، فإنه أقام ستين سنة ، وأبو الحكم عبد الرحمن الأندلسى صاحب الأندلس ، بقى خمسين سنة.

وكان فيه دهاء وفطنة وتيقظ ونهضة بأعباء الخلافة ، وكان له عيون على كل سلطان ، يأتونه بالأسرار ، حتى كان بعض الكبار يعتقد فيه أن له كشفا واطلاعا على المغيبات ، وكان فيه عسف للرعية.

__________________

٥٣٤ ـ انظر ترجمته فى : (تلقيح ابن الجوزى ٢٦ ، رحلة ابن جبير ٢٠٦ ، الكامل لابن الأثير ١٢ / ١٠٨ ـ ١٨١ ، النبراس لابن دحية ١٦٤ ، تاريخ ابن الدبيثى ١٦٨ ـ ١٧٠ ، التاريخ المظفرى لابن أبى الدم ٢١١ ، تاريخ بغداد للبندارى ٢٨ ـ ٢٩ ، مرآة الزمان ٨ / ٦٣٥ ، تكملة المنذرى ٣ / ٢٠٧٠ ، مختصر ابن العبرى ٢٣٧ ، مفرج الكروب ٤ / ١٦٣ ، مختصر أبى الفداء ٣ / ١٤٢ ـ ١٤٣ ، تاريخ الإسلام للذهبى حوادث سنة ٦٢ الورقة ١٠ ـ ١٥ ، العبر ٥ / ٨٧ ـ ٨٨ ، المختصر المحتاج إليه ١ / ١٧٩ ـ ١٨٠ ، دول الإسلام ٢ / ٩٥ ، الوافى بالوفيات ٦ / ٣١٠ ـ ٣١٦ ، نكت الهميان ٩٣ ـ ٩٦ ، فوات الوفيات ١ / ٦٢ ، الاكتفا لابن نباتة ٩٩ ، البداية والنهاية ١٣ / ١٠٦ ـ ١٠٧ ، النجوم الزاهرة ٦ / ٢٦١ ـ ٢٦٢ ، المنهل الصافى ١ / ٢٦٤ ، سلم الوصول لحاجى خليفة ٧٦ ، شذرات الذهب ٥ / ٩٧ ـ ٩٩ ، عيون الأخبار للصديقى ١٥٨ ـ ١٥٩ ، سير أعلام النبلاء ٢٢ / ١٩٢).

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

١٨

وفى أواخر أيامه بقى سنتين بالفالج ، وذهبت عينه ، وكان أبيض تركى الوجه ، مليحا ، نحيف العارضين ، أشقر اللحية ، رقيق المحاسن. نقش خاتمه : رجائى من الله عفوه.

وله إجازة من شهدة ، وعبد الحق بن يوسف ، وعلى بن عساكر البطائحى. وظهرت فى أيامه الفتوة والبندق ، والحمام الهادى ، وتفنن الناس فى ذلك ، وفيه كرم.

٥٣٥ ـ أحمد بن حسن بن يوسف بن محمود بن مسكن القرشى الفهرى ، شهاب الدين أبو العباس المعروف بابن مسكن المكى :

سمع من الفخر التوزرى : الجزء الأول والثانى من الفوائد المدنية لابن الجميزى عنه ، وجزءا فيه مسلسلات من روايته ، وعلى الرضى الطبرى ، مسند الدارمى ، وصحيح البخارى بفوت ، وغير ذلك عليهما ، وما علمته حدث. وسألت عنه شيخنا ابن عبد المعطى فقال : كان فاضلا فى مذهب الشافعى ، وله مشاركة فى علم الحديث وغيره. انتهى.

وله نظم ، فمنه قصيدة رثى بها قاضى مكة نجم الدين الطبرى ، منها [من البسيط]:

ما للجفون بها التسهيد قد نزلا

وما لطيب الكرى عن مقلتى رحلا

ما بال قلبى بتذكار الهموم له

شغل ودمعى إن كففته هملا

نعم أضاء علينا صبح طرته

حتى إذا ما انجلت أيامه أفلا

مفتاح كنز علوم الدين كم فتحت

به بصائر قوم للورى ذللا

عدت عليه المنايا آه كم قطعت

عن المقال فصيحا طال ما وصلا

توفى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

٥٣٦ ـ أحمد بن الحسن المكى :

هكذا ذكره الذهبى فى «المغنى». وقال : ليس بثقة.

٥٣٧ ـ أحمد بن أبى الحسن الطوسى :

روى عن عبد الله بن أحمد بن أبى صالح «أربعينه» ، وحدث بها عنه : أبو الغايات طلائع بن عبد الرحمن الأنصارى.

وروى عنه الرشيد العطار منها حديثا فى مشيخته ، ووصف أحمد هذا ، بإمام مقام الخليل عليه‌السلام بالمسجد الحرام ، إلا أن فى النسخة التى وقفت عليها من المشيخة :

١٩

أحمد بن الحسن الطوسى ، وهو ثقة. والله أعلم ؛ لأنه قد سماه أحمد بن الحسن ، غير واحد. والله أعلم.

٥٣٨ ـ أحمد بن الحسين البردعى الفقيه أبو سعيد الحنفى :

انتهت إليه مشيخة الحنفية ببغداد ، وتفقه على أبى على الدقاق ، والإمام أبى الحسن على بن موسى بن نصر ، وعليه تفقه أبو الحسن الكرخى ، وأبو طاهر الدباس القاضى ، وأبو عمرو الطبرى ، وقطع داود بن على الظاهرى لما ناظره ببغداد.

وكان أقام بها سنين كثيرة ، ثم خرج إلى الحج ، فقتل بمكة فى وقعة القرامطة فى العشر الأول من ذى الحجة سنة سبع عشرة وثلاثمائة.

والبردعى ـ بباء موحدة وراء ساكنة ودال مهملة مفتوحة بعدها عين ثم ياء النسبة ـ وهذه إلى بردعة (٢) ، بلد فى أقصى بلاد أذربيجان.

ذكره الخطيب والذهبى فى العبر. وذكر أنه توفى بمكة فى وقعة القرامطة. وقد ذكر مناظرته مع داود الخطيب فيما نقله عنه عبد القادر الحنفى فى طبقاته لأن فيها بعد أن ذكر من شيوخه وتلامذته ، ما ذكرناه عن الخطيب.

وذكر ـ يعنى الخطيب ـ أنه دخل بغداد حاجا ، فوقف على داود بن على صاحب الظاهر ، وكان يكلم رجلا من أصحاب أبى حنيفة ، رحمه‌الله ، وقد ضعف فى يده الحنفى ، فجلس يسأله عن بيع أمهات الأولاد. فقال : يجوز. فقال له : لم قلت؟ قال : لأنا أجمعنا على جواز بيعهن قبل العلوق ، فلا نزول عن هذا الإجماع إلا بإجماع مثله. فقال له : أجمعنا بعد العلوق قبل وضع الحمل أنه لا يجوز بيعها ، فيجب أن نتمسك بهذا الإجماع ، ولا نزول عنه إلا بإجماع مثله ، فانقطع داود ، وقال : ينظر فى هذا. وقام أبو سعيد ، فعزم على القعود ببغداد والتدريس ، لما رأى من غلبة أصحاب الظاهر.

فلما كان بعد مديدة ، رأى فى المنام كأن قائلا يقول له : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) [سورة الرعد : ١٧] ، فانتبه بدق الباب فإذا

__________________

٥٣٨ ـ انظر ترجمته فى : (سير أعلام النبلاء ١٤ / ٤٥٦).

(٢) برذعة : وقد رواه أبو سعد بالدال المهملة ، والعين مهملة عند الجميع ، بلد فى أقصى أذربيجان ، قال حمزة : برذعة معرب برده دار ، ومعناه بالفارسية موضع السبى. وقال هلال ابن المحسن : برذعة قصبة أذربيجان. وذكر ابن الفقيه أنّ برذعة هى مدينة أران ، وهى آخر حدود أذربيجان. انظر : معجم البلدان (برذعة).

٢٠