العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٣

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٣

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٦٢

ويفعل ما هو أهله والسلام ، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.

جواب السيد حازم بيده اليسار [من الوافر] :

بهاء الدين وفّقت المعالى

عليك ظباة بيضك والعوالى

وفخر فيك من أب وجد

بطال بهم ومن عم وخال

أبوك أبى وأنت أخى ومنى

وآلك فى الحقيقة حزب آلى

ويعرف فى المواضى الود منكم

وتصريح التوالى فى النوال

ولكن إننى أحسنت ظنا

بكم فأشبت فى ولم ترالى

قديم صداقة وصريح ود

أحافظه على طول الليالى

فلو لا أن لى شوقا بعيدا

عزيزا من مسام الدون عالى

لأصبح همز عودى غير لدن

لهامزه وطعمى غير حالى

ولكن قد فعلت ولم تبالى

فها أنا قد صبرت ولم أبال

فكتب جوابه إليه ، أدام الله عزه [من الوافر] :

أيا سلطان يا مولى الموالى

وقاك الله من عين الكمال

جزاك الله خيرا من كريم

كساه الله أثواب الجلال

أتانى منك إحسان مشوب

أطلت به اشتغالى واشتعالى

حلالى شهده ريحا ولونا

فلما اشترت منه ما حلالى

وصلت وما فصلت وصلت غيظا

بلفظ وقعه وقع النصال

متى قل لى أسأت بكم وفيكم

أتحملنى على ضيق احتمالى

أحازم يا منيع الجار مالى

بعتبك طاقة وتركت مالى

إذا آثرت ذا كذب ونصب

ولم يخطر ببالكم احتفالى

صبرت وما جلبت علىّ عتبا

وإن شئتم وهبت ولا أبالى

فاستعذر السيد عند ذلك ، وتركت الحبس لأجله.

٩٥٣ ـ حازم بن عبد الكريم بن محمد بن أبى نمى الحسنى المكى :

كان من أعيان الأشراف ، وصاهره الشريف أحمد بن عجلان صاحب مكة على أخته ريّا ، ثم صاهره الشريف على بن عجلان على ابنته ، وعظم أمره لذلك. ومات فى أول القرن التاسع.

* * *

__________________

٩٥٣ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٣ / ٨٧).

٣٢١

من اسمه حاطب

٩٥٤ ـ حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب الجمحى :

هاجر إلى الحبشة فى الهجرة الثانية. وبها مات. وولد بها أبناؤه : محمد بن حاطب والحارث بن حاطب.

ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر وابن الأثير.

٩٥٥ ـ حاطب بن عبد العزى بن أبى قيس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى :

ذكره عبد الله بن الأجلح عن أبيه عن بشر بن تيم وغيره ، قالوا : من المؤلفة قلوبهم من بنى عامر بن لؤى : حاطب بن عبد العزى. أخرجه أبو موسى مختصرا.

ذكره هكذا ابن الأثير ، وذكره الذهبى ، فقال : حاطب بن عبد العزى بن أبى قيس العامرى ، أحد المؤلفة قلوبهم. نقله عبدان ، وأبو موسى.

ذكره هكذا الذهبى فى التجريد ، وذكره الكاشغرى.

٩٥٦ ـ حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبدود بن نصر بن مالك العامرى ، أخو سهيل بن عمرو :

ذكر ابن عبد البر وابن قدامة : أنه أسلم قبل دخول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دار الأرقم ، وهاجر إلى أرض الحبشة فى الهجرتين جميعا ، فى رواية ابن إسحاق والواقدى.

وذكر عبد الرحمن بن إسحاق عن أبيه ، أن حاطبا هذا أول من قدم إلى الحبشة فى الهجرة الأولى.

قال الواقدى : وهو الثّبت عندنا ، ثم شهد بدرا فى قول ابن إسحاق ، وابن عقبة والواقدى جميعا. وقيل فيه : أبو حاطب بن عمرو ، وعده فى السابقين إلى الإسلام.

__________________

٩٥٤ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٣ / ٣٠٣ ، الاستيعاب ترجمة ٤٧١ ، الإصابة ترجمة ١٥٤٤ ، أسد الغابة ترجمة ١٠٢٢ ، طبقات ابن سعد ٤ / ١٥٢ ، المنتظم ٢ / ٣٧٥).

٩٥٥ ـ انظر ترجمته فى : (التجريد ١ / ١٢٢ ، أسد الغابة ١ / ٣٦٢ ، الإصابة ١ / ٣٠١ ، المنتظم ٣ / ٣٠٦).

٩٥٦ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٣ / ٣٠٣ ، طبقات ابن سعد ١ / ١٦٠ ، ٣ / ٣٠٩ ، المنتظم ٢ / ٣٧٥ ، ٣ / ١٣٠ ، الاستيعاب ترجمة ٤٧٠ ، أسد الغابة ترجمة ١٠١٤ ، الإصابة ترجمة ١٥٤٦ ، التجريد ١ / ١٢٢).

٣٢٢

٩٥٧ ـ حاطب بن أبى بلتعة اللخمى ـ فى قول بعضهم ـ وقيل : المذحجى :

وقيل إنه كان عبدا لبعض بنى أسد بن عبد العزى ، فكاتبه ، وأدى كتابته ، فنسب إلى بنى أسد ، وقيل إنه حليف للزبير بن العوام.

قال أبو عمر : والأكثر أنه حليف لبنى أسد ، يكنى أبا عبد الله ، وأبا محمد. شهد بدرا والحديبية ، وبعثه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المقوقس صاحب مصر والإسكندرية ، وبعثه إلى مصر أبو بكر الصديق رضى الله عنه ، فصالحهم ، ولم يزالوا على ذلك إلى أن افتتح مصر عمرو بن العاص رضى الله عنه.

روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «من رآنى بعد موتى فكأنما رآنى فى حياتى ، ومن مات فى أحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة».

قال ابن عبد البر : ولا أعلم له عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم غير هذا الحديث.

ومات سنة ثلاثين بالمدينة ، وصلى عليه عثمان رضى الله عنه ، وهو ابن خمس وستين سنة. وكان شديدا على الرقيق. وكان كتب إلى المشركين بمكة يخبرهم بأمر مسير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إليهم ، وخبره فى ذلك مشهور فى الصحيح وغيره. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر.

٩٥٨ ـ حبة بن بعلك العامرى ، أبو السنابل بن بعلك :

على ما قيل. وسيأتى فى الكنى.

٩٥٩ ـ حبّة بن خالد الخزاعى :

أخو سواء بن خالد. وقيل الأسدى ، أسد خزيمة. وقيل من بنى عامر بن ربيعة. لهما صحبة ، وعدادهما فى أهل الكوفة.

روى حديثهما الأعمش عن سلام بن شرحبيل عنها. روى لهما البخارى فى الأدب

__________________

٩٥٧ ـ انظر ترجمته فى : (شذرات الذهب فى أخبار من ذهب ١ / ١٩٠ ، الأعلام ٢ / ١٥٩ ، المنتظم ٣ / ٧٢ ، ١٣٠ ، ٢٧٤ ، ٢٩٩ ، ٣٢٤ ، ٥ / ٩ / ١٠ ، طبقات ابن سعد ١ / ١٠٧ ، ٢٠٠ ، ٣ / ٨٤ ، ٣٥٠ ، الاستيعاب ترجمة ٤٧٢ ، أسد الغابة ترجمة ١٠١١ ، الإصابة ترجمة ١٥٤٣ ، تهذيب التهذيب ٢ / ١٦٨).

٩٥٨ ـ سيأتى فى ترجمته رقم (٢٨٩٩).

٩٥٩ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب الكمال ١٠٧٧ ، طبقات ابن سعد ٦ / ٣٣ ، طبقات خليفة ٥٧ ، ١٣٢ ، مسند أحمد ٣ / ٤٦٩ ، تاريخ البخارى الكبير الترجمة ٣٢٠ ، الجرح والتعديل الترجمة ١١٢٩ ، المعجم الكبير للطبرانى ٤ / ٨ ، إكمال ابن ماكولا ٢ / ٣١٩ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ١٨٣ ، ٣٧٩ ، الكاشف ١ / ٢٠١ ، تجريد أسماء الصحابة الترجمة ١٠٩٦ ، تهذيب ابن حجر ٢ / ١٧٧ ، الإصابة الترجمة ١٥٦٢ ، خلاصة الخزرجى الترجمة ١١٩٥).

٣٢٣

المفرد ، وابن ماجة حديثا واحدا. وهو حديث «لا تيأسا من الرزق ما تهزهزت رءوسكما».

كتبت هذه الترجمة من التهذيب. وذكره ابن عبد البر أخصر من هذا. وقال : السوّاء ، ويقال الخزاعى. ونقل الخزاعى عن الهيثم بن جميل وغيره.

* * *

من اسمه حبيب

٩٦٠ ـ حبيب بن أسيد بن جارية الثقفى ، حليف بنى زهرة :

استشهد يوم اليمامة : وهو أخو أبو بصير عتبة بن أسيد.

ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر ، وابن الأثير. وقال : أسيد ، بفتح الهمزة ، وجارية الجيم.

٩٦١ ـ حبيب بن الضحاك الجمحى :

له رواية عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : «أتانى جبريل وهو يبتسم ، فقلت : مم تضحك؟ قال : ضحكت من رحم رأيتها معلقة بالعرش ، تدعو الله عزوجل على من قطعها. قال : قلت يا جبريل : كم بينهم؟ قال : خمسة عشر أبا» أخرجه أبو موسى ، وجعله جهنيّا.

ذكره هكذا ابن الأثير ، إلا أنه ساق إسناده فى هذا الحديث إلى الضحاك المذكور. وذكره فى الصحابة رضى الله عنه : الكاشغرى والذهبى.

٩٦٢ ـ حبيب بن مسلمة بن مالك الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن واثلة بن عمرو ابن شيبان بن محارب القرشى الفهرى ، أبو عبد الرحمن ، ويقال أبو مسلمة ، ويقال أبو سلمة المكى :

نزيل الشام. روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وسعيد بن زيد ، وأبيه مسلمة ، وأبى ذرّ الغفارى.

__________________

٩٦٠ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ترجمة ١٠٣٧ ، الاستيعاب ترجمة ٤٨٩ ، الإصابة ترجمة ١٥٧٠).

٩٦١ ـ انظر ترجمته فى : (التجريد ١ / ١٢٧ ، أسد الغابة ١ / ٣٧١ ، الإصابة ١ / ٣٠٧).

٩٦٢ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٤٨٨ ، الإصابة ترجمة ١٦٠٥ ، أسد الغابة ترجمة ١٠٦٨ ، تهذيب الكمال ١٠٩٦ ، طبقات ابن سعد ٧ / ٤٠٩ ، طبقات خليفة ٢٨ ، ٣٠١ ، مسند أحمد ٤ / ١٥٩ ، المحبر لابن حبيب ٢٩٤ ، تاريخ البخارى الكبير الترجمة ٢٥٨٣ ، تاريخه الصغير ١ / ٩٣ ، ١٢٩ ، المعارف لابن قتيبة ٥٩٢ ، ٦١٥ ، المعرفة ليعقوب ١ / ٢٢٥ ، ٢ / ٤٢٧ ، ٤٢٩ ، ٣ / ١٨ ، الجرح والتعديل الترجمة ٤٩٧ ، مشاهير علماء الأمصار ترجمة ٣٤٥ ، تجريد أسماء الصحابة الترجمة ١٢٣٦ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ١٨٨ ـ ١٨٩).

٣٢٤

روى عنه عوف بن مالك الأشجعى الصحابى ، وعبد الله بن أبى مليكة ، وعبد الرحمن بن أبى أمية وجماعة.

روى له أبو داود ، وابن ماجة حديثا واحدا (١). وقد اختلف فى صحبته ، فأثبتها مصعب الزبيرى ، والزبير بن بكار والبخارى ، وهو قول أهل الشام ، وأنكرها الواقدى ، وهو قول أهل المدينة.

وكان خرج إلى الشام مجاهدا فى زمن الصديق رضى الله عنه. وشهد اليرموك ، وكان أميرا على بعض كراديسه ، ثم سكن دمشق. وكانت داره بها عند طاحونة الثقفيين مشرفة على نهر بردى ، وشهد صفين مع معاوية ، وكان على الميسرة.

وذكر ابن عبد البر : أن عمر بن الخطاب ولّاه أعمال الجزيرة ، بعد عزل عياض بن غنم ، وضم إلى حبيب أرمينية وأذربيجان ، ثم عزله وولى عمير بن سعد. وقيل : إن عثمان بعثه إلى أذربيجان.

وذكر ابن سعد : أن معاوية وجهه إلى أرمينية واليا عليها ، وأنه لم يزل مع معاوية فى حروبه بصفين وغيرها. وذكره الزبير فقال : كان شريفا ، وكان قد سمع من النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان يقال له : حبيب الروم من كثرة دخوله عليهم ، وما ينال منهم من الفتوح. وله يقول شريح بن الحارث (٢) [من الطويل] :

ألا كل من يدعى حبيبا ولو بدت

مروءته يفدى حبيب بنى فهر

همام يقود الخيل حتى كأنما

يطأن برصراص الحصى جاحم الجمر

وكان حبيب رجلا تام البدن ، فدخل على عمر رضى الله عنه ، فقال له عمر : إنك لجيد القناة. فقال : إنى جيد سنانها ، فأمر به عمر يدخل دار السلاح ، فأدخل ، فأخذ منها سلاح رجل.

وكان عثمان بن عفان رضى الله عنه بعثه هو وسلمان بن أبى ربيعة إلى ناحية أذربيجان ، وكان أحدهما مددا لصاحبه ، فاختلفا فى الفىء ، فتواعد بعضهم بعضا. فقال رجل من أصحاب سلمان (٣) [من الطويل] :

__________________

(١) أخرج له أبو داود فى سننه كتاب الجهاد حديث رقم (٢٧٤٨) ، وابن ماجة فى سننه كتاب الجهاد حديث رقم (٢٨٥١).

(٢) البيت الأول فى الاستيعاب ترجمة ٤٨٨ ، ولم يرد البيت الثانى فيه.

(٣) انظر البيت فى أسد الغابة ١ / ٤٤٩.

٣٢٥

فإن تقتلوا سلمان نقتل حبيبكم

وإن ترحلوا نحو ابن عفان نرحل

وكان معاوية رضى الله عنه ، وجهه فى جيش لنصرة عثمان بن عفان رضى الله عنه حين حصر. فلما بلغ وادى القرى ، بلغه مقتل عثمان رضى الله عنه فرجع. وقد ذكره حسان بن ثابت فقال (٤) [من البسيط] :

إلا تبوءوا بحق الله تعترفوا (٥)

بغارة عصب من خلفها عصب

فيهم حبيب شهاب الموت (٦) يقدمهم

مشمرا قد بدا فى وجهه الغضب

انتهى.

روينا أن الحسن بن على رضى الله عنهما قال لحبيب بن مسلمة فى بعض خرجاته بعد صفين : يا حبيب ، رب مسير لك فى غير طاعة الله. فقال له حبيب : أما إلى أبيك فلا. فقال له الحسن رضى الله عنه : بلى ، والله ، ولقد طاوعت معاوية على دنياه وسارعت فى هواه ، فلئن كان قام بك فى دنياك ، لقد قعد بك فى دينك ، فليتك إذا أسأت الفعل أحسنت القول ، فتكون كما قال الله تعالى : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) [التوبة : ١٠٢]. ولكنك كما قال الله تعالى : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) [المطففين : ١٤].

ذكر هذا الخبر صاحب الاستيعاب ، وقال : قال سعيد بن عبد العزيز : كان حبيب بن مسلمة فاضلا مجاب الدعوة. انتهى.

واختلف فى وفاته ، فقيل سنة إحدى وأربعين ، قاله الهيثم بن عدى ، وأبو الحسن المداينى. وقيل سنة اثنتين وأربعين ، قاله أبو عبيدة القاسم بن سلام ، وخليفة بن خياط ، ومحمد بن سعد ، وغير واحد.

وذكر ابن سعد : أنه مات بأرمينية ، ولم يبلغ خمسين سنة. وقيل إنه مات بدمشق.

وذكر الواقدى : أن حبيبا يوم توفى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ابن اثنتى عشرة سنة.

وذكر أن حبيبا كان حين غزا النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم تبوك ، ابن إحدى عشرة سنة. وهذا يخالف ما ذكره أولا ، والله أعلم. وأمه فهرية.

__________________

(٤) انظر ديوان حسان بن ثابت ٣٠ ، ٣١.

(٥) فى الديوان : إلا تنيبوا لأمر الله تعترفوا.

(٦) فى الديوان : الحرب

٣٢٦

٩٦٣ ـ حبيش بن خالد بن منقذ بن ربيعة الخزاعى الكعبى ، أبو صخر :

ويقال : خنيس بن خالد بن خليف بن منقذ بن ربيعة. ويقال لحبيش بن خالد : الأشعر ، على ما ذكر الكلبى. ويقال لأبيه : الأشعر ، على ما ذكر ابن عقبة. ويقال له أو لأبيه : قتيل البطحاء.

واستشهد حبيش يوم فتح مكة ، على ما قال ابن عقبة. وحبيش على ما قال الأكثرون ـ فيما نقل ابن عبد البر ـ بحاء مهملة ونون ، ثم شين معجمة ـ وهو أخو أم معبد الخزاعية. واسمها عاتكة ، وهو صاحب حديثها. وقد رويناه بطوله فى الغيلانيات. قال ابن عبد البر : لا أعلم له حديثا غيره.

ومن الاستيعاب كتبت هذه الترجمة بالمعنى ، إلا ما قيل من أن الأشعر خنيس.

* * *

من اسمه حجاج

٩٦٤ ـ حجاج بن الحارث بن قيس بن عدى السهمى :

هاجر إلى الحبشة ، وانصرف إلى المدينة بعد أحد.

ذكر معنى ذلك أبو عمر ، وقال : لا عقب له. وهو شقيق السائب ، وعبد الله ، وأبى قيس ، بنى الحارث بن قيس.

وذكره ابن الأثير بمعنى هذا ، وقال : قال عروة بن الزبير ، والزهرى وابن إسحاق : قتل الحجاج بن الحارث السهمى يوم أجنادين. أخرجه الثلاثة ، إلا أن ابن مندة قال : الحجاج ابن قيس بن عدى. انتهى.

ولعل الحارث سقط سهوا لا قصدا ، والله أعلم.

وذكر الذهبى هجرته إلى الحبشة وإلى المدينة ، وقال : قتل بأجنادين. ولم أره فى أسماء مهاجرة الحبشة فى عيون الأثر.

__________________

٩٦٣ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٣ / ١٣٣٢ ، أسد الغابة ١ / ٣٧٦ ، الاستيعاب ترجمة ٥٨٩ ، الإصابة ١ / ١٣٠).

٩٦٤ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٣ / ١٥٧ ، المنتظم ٢ / ٣٧٥ ، طبقات ابن سعد ٤ / ١٤٨ ، الاستيعاب ترجمة ٤٩٩ ، التجريد ١ / ١٣٠ ، الإصابة ترجمة ١٦٢٠ ، أسد الغابة ترجمة ١٠٨٠ ، عيون الأثر لابن سيد الناس ١ / ١١٥).

٣٢٧

٩٦٥ ـ حجاج بن نفيع من أصحاب عبد الله بن عمر ، مكى.

قدم مصر ، وحدث عنه سعيد بن موسى بن وردان. ذكره ابن يونس فى تاريخ مصر.

٩٦٦ ـ الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبى عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قسىّ ، وهو ثقيف ، الثقفى ، الطائفى ، أبو محمد :

أمير الحرمين ، والحجاز ، والعراق ، هكذا نسبه ابن الكلبى فى الجمهرة.

وذكر المسعودى : أنه ولد مشوها لا دبر له فنقب عن دبره ، وأنه لما ولد ، أبى أن يقبل ثدى أمه أو غيرها ، فأعياهم أمره. فيقال إن الشيطان تصور لهم فى صورة الحارث ابن كلدة الطائفى ، حكيم العرب. فقال : ما خبركم؟ فأخبروه. فقال : اذبحوا جديا أسود وأولغوه دمه. ففعلوا به ذلك ثلاث مرات ، فصار لا يصبر عن سفك الدماء. وكان يخبر عن نفسه ، أن أكبر لذاته سفك الدماء.

وروى عبد الله بن مسلم بن قتيبة : أن الحجاج بن يوسف كان يعّلم الصبيان فى الطائف ، واسمه كليب ، وأبوه يوسف معلم أيضا. انتهى.

وأول ولايته تبالة (١).

وذكر صاحب العقد : أن الحجاج بن يوسف ، لحق بروح بن زنباع وزير عبد الملك ابن مروان ، وكان فى عديد شرطه ، إلى أن شكى عبد الملك ما رأى من انحلال عسكره ، وأن الناس لا يرحلون برحيله ، ولا ينزلون بنزوله. فقال له روح بن زنباع : يا أمير المؤمنين ، إن فى شرطى رجلا لو قلده أمير المؤمنين أمر عسكره لأرحل الناس برحيله ، وأنزلهم بنزوله ، يقال له الحجاج بن يوسف ، قال : فإنا قد قلّدناه. فكان لا يقدر أحد أن يتخلف عن الرحيل والنزول ، إلا أعوان روح بن زنباع ، فوقف عليهم يوما ، وقد رحل

__________________

٩٦٦ ـ انظر ترجمته فى : (الأعلام ٢ / ١٦٨ ، معجم البلدان ٨ / ٣٨٢ ، وفيات الأعيان ١ / ١٢٣ ، المسعودى ٢ / ١٠٣ ـ ١١٩ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٢١٠ ، تهذيب ابن عساكر ٤ / ٤٨ ، ابن الأثير ٤ / ٢٢٢ ، البدء والتاريخ ٦ / ٢٨ ، التاريخ الكبير ١ / ٢ / ٣٧٣ ، الجرح والتعديل ٣ / ١٦٨).

(١) تبالة : بقرب الطائف على طريق اليمن من مكة ، وهى لبنى مازن. انظر : معجم ما استعجم (تبالة).

٣٢٨

الناس وهم على طعام يأكلون. فقال لهم : ما منعكم أن ترحلوا برحيل أمير المؤمنين؟ فقالوا: يا ابن اللّخناء ، انزل وكل معنا. فقال لهم : هيهات ، ذهب ما هنالك ، ثم أمر بهم ، فجلدوا بالسياط ، وطوفهم فى العسكر ، وأمر بفساطيط روح بن زنباع فأحرقت بالنار.

فدخل روح بن زنباع على أمير المؤمنين عبد الملك باكيا ، فقال : يا أمير المؤمنين ، الحجاج بن يوسف الذى كان فى عديد شرطى ، ضرب غلمانى وأحرق فساطيطى ، قال : علىّ به. فلما دخل عليه ، قال : ما حملك على ما فعلت؟ قال : أنا ما فعلته يا أمير المؤمنين ، قال : ومن؟. قال : أنت والله فعلته ، إنما يدى يدك ، وسوطى سوطك ، وما على أمير المؤمنين أن يخلف لروح بن زنباع الفساطيط أضعافا ، والغلام غلامين ، ولا يكسرنى فيما قدمنى له ، فأخلف لروح بن زنباع ما ذهب له ، وتقدم الحجاج إلى منزلته. انتهى.

ثم إن عبد الملك بن مروان بعد فراغه من قتال مصعب بن الزبير ، واستيلائه على العراق ، فى سنة اثنتين وسبعين من الهجرة ، بعث الحجاج لقتال عبد الله بن الزبير بمكة.

قال ابن جرير : وكان السبب فى توجه الحجاج دون غيره فيما ذكروا ، أن عبد الملك لما أراد الرجوع إلى الشام ، قام إليه الحجاج بن يوسف فقال : يا أمير المؤمنين ، إنى رأيت فى منامى أنى أخذت عبد الله بن الزبير فسلخته ، فابعثنى إليه وولنى قتاله. فبعثه فى جيش كثيف من أهل الشام ، فسار حتى قدم مكة. وقد كتب إليهم عبد الملك بالأمان ، إن دخلوا فى طاعته ، ونزل الطائف. وكان يبعث البعث إلى عرفة فى الحلّ ، ويبعث ابن الزبير بعثا ، فيقتتلون هنالك ، وكل ذلك تهزم خيل ابن الزبير ، وترجع خيل الحجاج بالظّفر ، ثم كتب الحجاج إلى عبد الملك يستأذنه فى حصار ابن الزبير ، ودخول الحرم عليه ، ويخبره أن شوكته قد كلّت ، وتفرق عنه عامة أصحابه ، ويسأله أن يمده برجال. ثم قال : وكتب عبد الملك إلى طارق ، أن يلحق بمن معه من الخيل بالحجاج ، فسار فى خمسة آلاف من أصحابه ، حتى لحق بالحجاج.

وكان قدوم الحجاج إلى الطائف ، فى شعبان سنة اثنتين وسبعين. فلما أهل ذو القعدة ، وصل الحجاج من الطائف ، حتى نزل بئر ميمون ، وحصر ابن الزبير ، وحج بالناس فى هذه السنة ، وابن الزبير محصور.

وكان قدوم طارق ، هلال ذى القعدة. انتهى كلام ابن جرير.

وذكر ابن الأثير فى كامله : أن طارقا ، هو مولى عثمان بن عفان ، وأن عبد الملك

٣٢٩

كان أمر طارقا بالنزول بين أيلة ، ووادى القرى ، لمنع عمال ابن الزبير من الانتشار ، ويسد خللا إن ظهر له. فقدم طارق المدينة فى ذى الحجة فى خمسة آلاف.

وكان الحجاج قد قدم مكة فى ذى القعدة ، وقد أحرم بحجة. فنزل بئر ميمون. وحج بالناس تلك السنة ، إلا أنه لم يطف بالكعبة ، ولا سعى بين الصفا والمروة ، لمنع ابن الزبير له من ذلك ، ولم يحج هو ولا أصحابه. ولما حصر الحجاج ابن الزبير بمكة ، نصب المنجنيق على أبى قبيس ورمى به الكعبة.

وكان عبد الله بن عمر ، قد حج تلك السنة ، فأرسل إلى الحجاج ، أن اتق الله واكفف هذه الحجارة عن الناس ، فإنك فى شهر حرام وبلد حرام ، وقد قدمت وفود الله من أقطار الأرض ليؤدوا الفريضة ويزدادوا خيرا ، وأن المنجنيق قد منعهم عن الطواف ، فاكفف عن الرمى حتى يقضوا ما وجب عليهم بمكة. فبطل الرمى ، حتى عاد الناس من عرفات ، وطافوا وسعوا ، فلما فرغوا من طواف الزيارة ، نادى منادى الحجاج : انصرفوا إلى بلادكم ، فإنا نعود بالحجارة على ابن الزبير. فأول ما رمى بالمنجنيق إلى الكعبة ، رعدت السماء وبرقت ، وعلا صوت الرعد على الحجارة ، فأعظم ذلك أهل الشام ، وأمسكوا أيديهم ، فأخذ الحجاج حجر المنجنيق بيده ، فوضعها فيه ، ورمى بها معهم.

فلما أصبحوا ، جاءت الصواعق فقتلت من أصحابه اثنى عشر رجلا ، فانكسر أهل الشام ، فقال الحجاج : يا أهل الشام لا تنكروا هذا ، فإنى ابن تهامة ، وهذه صواعقها ، وهذا الفتح قد حضر فأبشروا.

فلما كان الغد ، جاءت صاعقة فأصابت من أصحاب ابن الزبير عدة. فقال الحجاج:ألا ترون أنهم يصابون وأنتم على الطاعة ، وهم على خلافها. ولم يزل القتال بينهم دائما ، فغلت الأسعار عند ابن الزبير ، وأصاب الناس مجاعة شديدة ، حتى ذبح فرسه وقسم لحمها بين أصحابه ، وبيعت الدجاجة بعشرة دراهم ، والمدّ الذرة بعشرين درهما ، وإن بيوت ابن الزبير لمملوءة قمحا وشعيرا وذرة وتمرا.

وكان أهل الشام ينتظرون فناء ما عنده ، وكان يحفظ ذلك ولا ينفق منه إلا ما يمسك الرمق ويقول : أنفس أصحابى قوية ما لم يفن.

فلما كان قبل مقتله ، تفرق الناس عنه وخرجوا إلى الحجاج بالأمان. خرج من عنده نحو عشرة آلاف ، وكان ممن فارقه ، ابناه حمزة وحبيب ، أخذ لأنفسهما أمانا.

ولما تفرق أصحابه عنه ، خطب الناس الحجاج وقال : ما ترون قلة تابع ابن الزبير وما

٣٣٠

هم فيه من الجهد والضيق. ففرحوا واستبشروا وتقدموا. فملؤوا ما بين الحجون إلى الأبواب. فحمل ابن الزبير على أهل الشام حملة منكرة ، فقتل منهم ، ثم انكشف هو وأصحابه ، فقال له بعض أصحابه : لو لحقت بموضع كذا؟ فقال : بئس الشيخ أنا إذا فى الإسلام ، لئن أوقعت قوما فقتلوا ثم فررت عن مثل مصارعهم! ودنا أهل الشام حتى امتلأت منهم الأبواب. وكانوا يصيحون به : يا ابن ذات النطاقين فيقول (٢) [من الطويل] :

وتلك شكاة ظاهر عنك عارها

وجعل أهل الشام على أبواب المسجد رجالا من أهل كل بلد ، فكان لأهل حمص الباب الذى يواجه باب الكعبة ، ولأهل دمشق باب بنى شيبة ، ولأهل الأردن باب الصفا ، ولأهل فلسطين باب بنى جمح ، ولأهل قنّسرين (٣) باب بنى سهم. وكان الحجاج بناحية الأبطح إلى المروة. فمّرة يحمل ابن الزبير فى هذه الناحية ، ومرة فى هذه الناحية ، كأنه أسد فى أجمة ، ما تقدم عليه الرجال ، يعدو فى إثر القوم حتى يخرجهم.

فلما رأى الحجاج أن الناس لا يقدمون على ابن الزبير ، غضب وترجل وأقبل يسوق الناس ويصمد بهم ، صمد صاحب علم ابن الزبير وهو بين يديه. فتقدم ابن الزبير على صاحب علمه ، وضاربهم فانكشفوا ، وعرج وصلّى ركعتين عند المقام ، فحملوا على صاحب علمه فقتلوه على باب بنى شيبة ، وصار العلم بيد أصحاب الحجاج ، ثم حمل على أهل الشام ، حتى بلغ بهم الحجون ، فرمى بآجرّة ، رماه بها رجل من السّكون ، فأصابته فى وجهه ، فأرعش ودمى وجهه ، فلما وجد الدم على وجهه قال (٤) [من الطويل] :

فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا

ولكن على أقدامنا يقطر الدم (٥)

وقاتلهم قتالا شديدا. فتعاونوا عليه ، فقتلوه فى جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين ، وحمل رأسه إلى الحجاج ، فسجد واستولى على مكة.

__________________

(٢) انظر : الكامل لابن الأثير ٤ / ٣٥٤.

(٣) قنسرين : بالشام ، وهى الجابية ، وبينها وبين حلب اثنا عشر ميلا ، وهى على نهر قويق ، وهو نهر حلب يصل فى جريته إلى قنسرين ثم يغوص فى الأجمة ، وقيل : بين قنسرين وحلب عشرين ميلا. انظر : الروض المعطار ٤٧٣ ، ٤٧٤.

(٤) انظر : الكامل لابن الأثير ٤ / ٣٥٦.

(٥) فى الكامل : تقطر.

٣٣١

ثم ولاه عبد الملك إمرة الحجاز ، وسار إلى المدينة من مكة ، فأقام بها ثلاثة أشهر وتغيب أهلها منه ، واستخف فيها ببقايا الصحابة رضى الله عنهم ، وختم أعناقهم ، وغير من الكعبة ما صنعه بها ابن الزبير.

وذلك أنه نقض الجانب الشامى من الكعبة ، وأخرج منه ما كان ابن الزبير أدخله من الحجر فيها ، وسدّ بابها الغربى الذى فتحه ابن الزبير ، وردمها بما فضل من حجارتها حتى ارتفعت كما هى عليه اليوم. وقد شرحنا ذلك فى شفاء الغرام ومختصراته ، فأغنى عن إعادته هنا.

ثم عزله عبد الملك عن الحجاز فى سنة خمس وسبعين ، وأمره على العراق ، ففعل فيه أيضا أمورا منكرة يطول شرحها ، وهى مبسوطة فى كتب التاريخ. ولم يزل الحجاج على إمرة العراق ، حتى أهلكه الله تعالى ، فى يوم الجمعة لسبع بقين من رمضان سنة خمس وتسعين. كذا قال الطبرى فى تاريخ وفاته.

وذكر الذهبى : أنه توفى ليلة سبع وعشرين من رمضان ، وله ثلاث وخمسون سنة أو دونها.

وروى ابن زبر فى وفياته ، عن ابن عيينة : أنه توفى فى شوال سنة خمس وتسعين ، وهو ابن أربع وخمسين سنة ، وقيل : إن عمره ثلاث وخمسون سنة. وكانت وفاته بمدينة واسط التى بناها. وبها دفن وعفّى أثر قبره وأجرى عليه الماء. وكان مرضه الذى مات به الأكلة وقعت فى بطنه ، وسلط الله تعالى معها عليه الزمهرير. ولما بلغ الحسن البصرى موت الحجاج سجد لله شكرا. وقال : اللهم إنك أمته فأمت عنا سننه. وسئل إبراهيم النخعى عنه فقال : ألم يقل الله تعالى : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ).

وروى الترمذى عن هشام بن حسان ، أنه أحصى من قتل الحجاج صبرا ، فبلغ مائة ألف وعشرين ألفا ، وعرضت السجون بعده ، فوجد فيها ثلاثة وثلاثون ألفا ، لم يجب على أحد منهم قطع ولا صلب.

قال الذهبى : وسمعوه يقول عند الموت : رب اغفر لى ، فإن الناس يزعمون أنك لا تغفر لى. قال : وكان شجاعا مهيبا جبارا عنيدا ، مخازيه كثيرة ، إلا أنه كان عالما فصيحا مفوّها ، مجودا للقرآن. انتهى.

وكانت ولايته للحجاز ثلاث سنين ، وولايته للعراق عشر سنين.

٣٣٢

وذكر ابن خلكان : إن أول ولايته تبالة ، قال : ولم يكن رآها قبل ذلك ، فخرج إليها ، فلما قرب منها سأل عنها ، فقيل له : إنها وراء تلك الأكمة ، فقال : لا خير فى ولاية تسترها أكمة ، ورجع عنها محتقرا لها وتركها. فضربت العرب بها المثل. وقالت للشىء الحقير : أهون من تبالة على الحجاج ، قال : وتبالة ـ بفتح التاء المثناة من فوقها وبعدها باء موحدة ، ثم ألف ولام وفى آخرها هاء ـ وهى بليدة على طريق اليمن للخارج من مكة. وهذا المكان كثير الخصب ، له ذكر فى الأخبار والأمثال والأشعار. انتهى.

٩٦٧ ـ حجير بن أبى إهاب التميمى ، حليف بنى نوفل :

ذكره هكذا أبو عمر وقال : له صحبة. روت عنه مارية مولاته ، خبر زيد بن عمرو ابن نفيل.

٩٦٧ ـ حرملة بن الوليد المخزومى :

أخو خالد بن الوليد. شهد فتح دمشق. وله دير بالغوطة. ذكره الذهبى فى التجريد ولم يذكره الكاشغرى.

٩٦٩ ـ حرمى بن أبى العلاء المكى الشروطى ، وهو أحمد بن محمد بن أبى حميضة :

روى عن الزبير بن بكار كتابه فى النسب. وكان كاتب القاضى أبى عمرو ، وتوفى سنة سبع عشرة وثلاثمائة.

٩٧٠ ـ حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشى الأسدى ، أخو خديجة بنت خويلد رضى الله عنها ، ووالد حكيم بن حزام :

ذكره الذهبى فى التجريد. وقال : غلط من عده.

وذكره ابن الأثير أفود من هذا ؛ لأنه قال فى باب الحاء والزاى : حزام والد حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشى الأسدى.

__________________

٩٦٧ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٣ / ٢٩٠ ، أسد الغابة ترجمة ١٠٩٩ ، الاستيعاب ترجمة ٥٠٧ ، الإصابة ترجمة ١٦٤١ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٢٩٠ ، ٦ / ١١ ، المنتظم ٣ / ٢٠١).

٩٦٨ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ١ / ٣٢١ ، التجريد ١ / ١٣٦).

٩٦٩ ـ انظر ترجمته فى : (تذكرة الحفاظ للذهبى ٨٣٥).

٩٧٠ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ٢ / ٢ ، التجريد ١ / ١٣٨).

٣٣٣

قال أبو موسى : أورده عبدان بن محمد ، بإسناده عن على بن يزيد الصّدايى ، عنأبى موسى مولى عمرو بن حريث ، عن حكيم بن حزام ، عن أبيه ، قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فقلت : يا رسول الله ، أصوم الدهر؟ فسكت ، ثم قلت : يا رسول الله ، أصوم الدهر؟ فسكت ، ثم قلت : يا رسول الله ، أصوم الدهر؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أما لأهلك عليك حق؟ صم رمضان والذى يليه ، وصم الاثنين والأربعاء والخميس ، فإذا أنت قد صمت الدهر كله وأفطرت الدهر كله.

قال أبو موسى الأصفهانى : هذا خطأ. والمحفوظ ما رواه أبو نعيم ، عن أبى موسى هارون بن سليمان الفراء مولى عمرو بن حريث ، عن مسلم بن عبد الله : أن أباه أخبره أنه سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وذكر نحوه. وهكذا رواه غير واحد عن هارون بن سليمان ، إلا أن بعضهم قال : عن عبيد الله بن مسلم ، عن أبيه ، أخرجه أبو موسى. انتهى.

٩٧١ ـ حزام بن هشام الكعبىّ :

كان نزل قديدا (١). روى عنه الواقدى وأبو النضر.

٩٧٢ ـ حزن بن أبى وهب بن عمرو بن عائد بن عمران بن مخزوم المخزومى المكى ، أبو وهب ، جد سعيد بن المسيب :

له صحبة ورواية عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

روى عنه ابنه المسيب بن حزن. وروى له : البخارى وأبو داود. وكان إسلامه يوم الفتح. وقيل : كان من المهاجرين.

ذكر هذين القولين ابن الأثير ؛ لأنه قال : وقد أنكر الزبير بن مصعب هجرته ، وقال: هو وابنه المسيب من مسلمة الفتح. انتهى.

وممن ذكر أنه من المهاجرين : ابن عبد البر ؛ لأنه قال : كان من المهاجرين ، ومن

__________________

٩٧١ ـ (١) هى اسم موضع قرب مكة. انظر : معجم البلدان (قديد).

٩٧٢ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب الكمال ١١٨٣ ، تاريخ البخارى الصغير ١ / ٣٤ ، المعارف لابن قتيبة ٤٣٧ ، مشاهير علماء الأمصار الترجمة ٩٧ ، المعجم الكبير للطبرانى ٤ / ٥٣ ، إكمال ابن ماكولا ٢ / ٤٥٣ ، الجمع لابن القيسرانى الترجمة ٤٥١ ، تلقيح ابن الجوزى ١٨٣ ـ ١٨٤ ، التبيين فى أنساب القرشيين ٣٥٣ ـ ٣٥٥ ، الاستيعاب ترجمة ٥٧٨ ، أسد الغابة ترجمة ١١٥٢ ، الكاشف ١ / ٢١٥ ، تجريد أسماء الصحابه الترجمة ١٣٢٩ ، الوافى بالوفيات ١١ / ٣٤٨ ، تهذيب ابن حجر ٢ / ٢٤٣ ، الإصابة الترجمة ١٧٠٦ ، خلاصة الخزرجى الترجمة ١٧١٣).

٣٣٤

أشراف قريش فى الجاهلية. وقال : وهو الذى أخذ الحجر من الكعبة حين فرغوا من قواعد إبراهيم فنزى الحجر من يده حتى رجع مكانه. انتهى.

وذكر ذلك ابن الأثير قال : وقيل الذى رفع الحجر ، أبو وهب والد حزن ، وهو الصحيح. انتهى.

وقال له النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما أتاه : ما اسمك؟ قال : حزن. فقال له : لا ، بل أنت سهل. فقال : لا أغير اسما سمّانيه أبى. ويروى أنه قال : إنما السّهولة للحمار.

قال سعيد بن المسيب : فما زالت فينا الحزونة بعد.

استشهد فى خلافة الصديق رضى الله عنه يوم اليمامة. وقيل : استشهد يوم بزاخة أول خلافة أبى بكر رضى الله عنه ، فى قتال أهل الردة.

ذكر هذين القولين ابن الأثير. وذكر الأول المزّى. ولم أر فى الاستيعاب واحدا منهما. وفيه تكنية حزن بأبى وهب.

٩٧٣ ـ حسان بن حسان البصرى ، أبو على بن أبى عباد :

سكن مكة. روى عن شعبة وهمام ، ومحمد بن طلحة بن مصرف ، وعبد العزيز بن سلمة أبى الماجشون.

روى عنه البخارى ، وأبو زرعة ، ويحيى بن عبدك القزوينى ، ومحمد بن أحمد بن الجنيد ، وعلى بن الحسن الهسنجانى.

قال أبو حاتم : منكر الحديث. وقال البخارى : كان المقبرىّ يثنى عليه. توفى سنة ثلاث عشرة ومائتين.

٩٧٤ ـ حسب الله بن حسب الله العصامى المكى :

كان كبير القواد المعروفين بالعصاميين ، معظما عند الناس والسلطنة بمكة.

توفى سنة ثمانمائة قبل الحج.

* * *

__________________

٩٧٣ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب الكمال ١١١٨٩ ، تاريخ البخارى الكبير الترجمة ١٤٢ ، تاريخه الصغير ٢ / ٣٢٦ ، الجرح والتعديل الترجمة ١٠٢٧ ، موضح أوهام الجمع ٢ / ٧٢ ، الجمع لابن القيسرانى الترجمة ٣٦٣ ، المعجم المشتمل لابن عساكر الترجمة ٢٣٥ ، الكاشف ١ / ٢١٦ ، ميزان الاعتدال ١ / ٤٧٨ ، المغنى الترجمة ١٣٦٩ ، ديوان الضعفاء الترجمة ٨٧٩ ، تهذيب ابن حجر ٢ / ٢٤٨ ـ ٢٤٩ ، خلاصة الخزرجى الترجمة ١٣٠٢).

٣٣٥

من اسمه الحسن

٩٧٥ ـ الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن فراس المكى ، أبو محمد العطار:

سمع أبا حفص عمر بن محمد الجمحى وغيره. وتوفى فى محرم سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة بمكة.

ذكره ابن عساكر فى تاريخه. ومن مختصره للذهبى كتبت هذه الترجمة. وذكر ابن الأكفانى أنه مات بمكة.

٩٧٦ ـ حسن بن أحمد بن على المكى : يلقب بدر الدين. يعرف بالحدوى ، بدال مهملة :

كان أحد التجار بمكة. ولم أدر متى مات ، إلا أنه كان حيّا فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بمكة.

٩٧٧ ـ حسن بن أحمد بن محمد بن سلامة بن عطوف بن يعلى السلمى المكى البزاز ، يلقب بدر الدين :

أجاز له ـ باستدعاء أخيه شيخنا الفقيه نور الدين على بن سلامة ـ جماعة من أصحاب الفخر بن البخارى وغيرهم ، ومنهم : عمر بن أميلة وصلاح الدين بن أبى عمر.

وحدث. وهو أحد الشيوخ بمكة ، الذين خرج لهم صاحبنا المحدث جمال الدين بن موسى المراكشى. وكان يذاكر بشعر فى ولاة مكة من الأشراف ، ويجهر بالقراءة لبلاغة له ، ويطيل فى ذلك ، وأضر بأخرة. وكان يبيع الحرير والبزّ.

وتوفى فى ليلة ثالث جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومولده فى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بمكة.

٩٧٨ ـ حسن بن أحمد بن ميمون بن أبى الفتوح قاسم التونسى المكى ، المعروف بالمغربى :

أجاز له التوزرى. وله نظم كثير ، إلا أنه متلاش إلى الغاية.

وأجاز لى باستدعاء شيخنا ابن سكّر. وليس هو أهلا للرواية لتظاهره باللعب. وكان

__________________

٩٧٧ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٣ / ٩٤).

٣٣٦

بزازا بالقيسارية المعروفة بدار الإمارة بمكة. وبها مات فى أثناء عشر التسعين وسبعمائة ، سامحه الله تعالى.

٩٧٩ ـ حسن بن إبراهيم بن حسن بن يحيى بن قيس المكثرى النجمى ، حسام الدين :

كان من خدام الأمير نجم الدين أبى نمى صاحب مكة. والنجمى فى تعريفه ، نسبة إلى أبى نمى ، والمكثّرى نسبة إلى الأمير مكثّر بن عيسى بن فليتة الحسنى ، المعروف بابن أبى هاشم ، أمير مكة ، الآتى ذكره. وما عرفت من حاله سوى هذا.

توفى يوم الجمعة من شهر المحرم سنة تسع وثمانين وستمائة بمكة. ودفن بالمعلاة.

نقلت وفاته من حجر قبره ، ومنه نقلت ما ذكرته من نسبه ، وترجم فيه : بالشيخ الأجل.

٩٨٠ ـ الحسن بن إبراهيم بن موسى (١) البغدادى :

سكن مكة. وروى عن ابن أبى كناسة ، وعبيد الله بن موسى. وروى عنه : أبو نعيم عبد الرحمن بن قريش وغيره. ذكره ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات.

٩٨١ ـ الحسن بن بكر بن عبد الرحمن المروزىّ ، أبو علىّ :

نزيل مكة. عن أبيه ، ويزيد بن هارون ، والنضر بن شميل ، ويعقوب بن إبراهيم ، ومعلّى بن منصور ، وطائفة.

روى عنه الترمذى ، وزكريا بن يحيى المروزى ، وأحمد بن محمد بن عباد الجوهرى ، وغيرهم. وعرفه الذهبى : بنزيل مكة.

٩٨٢ ـ حسن بن ثقبة بن رميثة بن أبى نمى الحسن المكى :

كان ممن تغير عليه ابن عمه أحمد بن عجلان ، فقبض عليه وعلى أخيه أحمد ، وابنه

__________________

٩٨٠ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٣ / ٢).

(١) يقال له : «البياضى».

٩٨١ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب الكمال ١٢٠٥ ، الجرح والتعديل الترجمة ١١ ، المعجم المشتمل الترجمة ٢٤٢ ، الكاشف ١ / ٢١٨ ، تهذيب ابن حجر ٢ / ٢٥٧ ، خلاصة الخزرجى الترجمة ١٣٢٠).

٩٨٢ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٣ / ٩٧).

٣٣٧

على ، وعنان بن مغامس ، ثم كحلوا ، خلا عنان ، بإثر موت أحمد بن عجلان ، ودام ضريرا ، حتى مات فى يوم الخميس حادى عشرى شعبان ، سنة ست عشرة وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. وقد بلغ الستين أو قاربها. وهو آخر أولاد ثقبة الذكور موتا.

٩٨٣ ـ الحسن بن جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى المكى ، أبو الفتوح :

أمير مكة. ولى إمرتها مدة سنين. وذكر شيخنا ابن خلدون : أنه ولى إمرتها بعد أخيه عيسى ، فى سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. ودامت ولايته عليها ستا وأربعين سنة. انتهى.

وذكر جماعة من المؤرخين : أن أبا الفتوح هذا ، خرج عن طاعة الحاكم العبيدى صاحب مصر ، ودعا إلى نفسه ، وخطب له بالخلافة ، وتلقب بالراشد. وسبب ذلك : أن الحاكم قتل أبا الوزير أبى القاسم ، المعروف بابن المغربى ؛ لأنه اتهمه أنه يضرب بينه وبين وجوه دولته ، وقتل معه ولده أخا أبى القاسم ، وهرب أبو القاسم وأنفذ وراءه فلم يدركه ، وقصد أبو القاسم آل الجراح الطائى بالرّملة. ولزم حسان بن مفرّج ، فأجاره ومنع الطلب عنه. وفى ذلك يقول أبو القاسم الوزير من قصيدة له [من الطويل] :

فإنى أتيت ابن الكريم مفرّج

فأطلق من أسر الهموم عقالى

وغير ذلك.

وحمل الوزير أبو القاسم آل الجراح على مباينة الحاكم. وكان الحاكم قد ولى مملوك أبيه يارختكين الرملة بعد هروب الوزير أبى القاسم إليها ، وسير معه جيشا إليها وجعله المقدم عليهم.

ولما بلغ ذلك الوزير أبا القاسم ، حسن لحسان بن مفرج قتاله. فأغار عليهم وقاتلهم وأسر مقدمهم ، وحمله أسيرا وامتهنه. وسمع غناء جواريه وحظاياه وهو مقيد معه فى المجلس ، وارتكب منه فواحش عظيمة ، وذبحه صبرا بين يديه.

فعند ذلك قال الوزير أبو القاسم ، لحسان بن مفرج : الآن قد قطعت ما بينك وبين الحاكم ، ولم يبق لصلحك معه موضع ، ولا لك إلى الرجوع إلى طاعته مكان. فقال له : وما الرأى؟ قال : هذا أبو الفتوح أمير مكة والحجاز ، فى بيته وفضله وكرمه بمكان رفيع ، تنصّبه إماما ، وتقوم معه على الحاكم ، فأمر حسان الوزير أبا القاسم ، بالتوجه إلى أبى الفتوح إلى مكة.

٣٣٨

فلما وصل إليه أطمعه فى الرئاسة والخلافة ، وضمن له الوفاء بما بذله حسان بن المفرج من الطاعة له. فشكى أبو الفتوح إلى أبى القاسم قلّ ما بيده من المال ، فأشار عليه الوزير أبو القاسم بأخذ ما فى خزانة الكعبة من المال ، وما عليها من أطواق الذهب والفضة ، وضربه دراهم ودنانير ، ففعل ذلك ، وهى الدراهم التى يقال لها الفتحيّة ، ثم سار أبو الفتوح وأبو القاسم قاصدين آل الجراح ، ومعه نحو ألف فارس من بنى حسن ، ونحو ألف عبد من قواده.

فلما قرب الرملة ، تلقاه حسان وأبوه المفرج وسائر وجوه العرب ، وقبلوا الأرض بين يديه ، ونزل فى دارهم ، وخطب على منبر الرملة الخطيب ابن نباتة ، ولما بلغ ذلك الحاكم ، اشتد عليه وقلق. وعلم أن أبا الفتوح أهلا لما أهّل له من الخلافة ، فعدل عن الحرب إلى الخدعة ، وعلم أن آل الجراح بينهم اختلاف فى الرئاسة والرعاية ، فأرسل إليهم الأموال إلى الصغير والكبير والعظيم والحقير ، وبعث إلى حسان ابن المفرج بخمسين ألف دينار ، وكتب إليه يغالطه فى أمر يارختكين ويسهّله. فأصبح أبو الفتوح ، وقد عرف تغير نياتهم. فقال للوزير أبى القاسم : أغويتنى وأخرجتنى إلى هؤلاء القوم الغدارين ، وأخرجتنى من بلدى ونعمتى وإمارتى ، وجعلتنى فى أيدى هؤلاء ينفقون سوقهم بى عند الحاكم ، ويبيعونى بيعا بالدراهم ، فيجب عليك أن تخلصنى كما أوقعتنى ، وتسهل سبيلى بالعودة إلى الحجاز ، فإنى راض من الغنيمة بالإياب ، ومتى لم تفعل ، اضطررت إلى أن أركب فرسى ، وأركب التغرير فى طلب النجاة ، فشجعه وثبته ، وأخذ يفكر فى خلاصه ، وطال الأمر على أبى الفتوح ، فركب دابته إلى المفرج والد حسان سرّا ، وقال له : إنى فارقت نعمتى وكاشفت الحاكم ، وذلك لركونى إلى ذمامكم ، وسكونى إلى مقامكم ، ولى فى عنقك مواثيق ، وأنت أحق من وفّى ، لمكانك من قومك ورئاستهم ، وإن خير ما ورّثه الإنسان ولده ، ما يكون له به الحمد والشكر وحسن الذكر ، وأرى حسانا ولدك قد أصلح نفسه مع الحاكم ، وأتبعه أكثر أصحابه ، وأنا خائف من غدره بى ، وما أريد إلا العود إلى الوطن ، فوعده المفرج بالسلامة ، وركب معه وسيره إلى وادى القرى (١) ، فتلقاه أصحابه.

[...](٢).

__________________

٩٨٣ ـ (١) وادى القرى : واد بين الشام والمدينة وهو بين تيماء وخيبر. انظر : معجم البلدان (القرى).

(٢) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٣٣٩

وذكر صاحب الدول المنقطعة هذه القضية ، وفيها مخالفة لما سبق ذكره مع زيادة فوائد. وقد رأيت أن أذكر كلامه لذلك.

ذكر أن الوزير أبا القاسم بن المغربى بعد قتل الحاكم لأبيه ، سار إلى الرملة ، واجتمع ببنى الجراح الطائى ، ثم سار إلى مكة ، واجتمع بأبى الفتوح ، وأفسد نيته على الحاكم وحرضه على طلب الخلافة ، فأظهر ذلك ، وبايعه أهل الحرمين ، وفارقه الوزير من مكة وسار إلى الرملة ، فاجتمع بمفرج بن دغفل بن الجراح الطائى ، وبنيه حسان ومحمود وعلى ، وبايعهم لأبى الفتوح. ولما تقرر ذلك ، طلع على المنبر يوم الجمعة وخطب الناس ، فقال أول ما استفتح به فى تحريض الناس على خلع الحاكم ، أن قرأ وهو يشير إليهم : (طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ).

ولما فرغ من أخذ البيعة على آل الجراح ، عاد إلى مكة وحمل أبو الفتوح على المسير معه إلى الرملة ، فسار فيمن معه من الأعراب ، فتلقاه مفرج وأولاده ، وترجلوا له وقبلوا الأرض ، ومشوا فى ركابه. ودخل الرملة وتغلب على أكثر بلاد الشام ، فبعث الحاكم إليهم جيوشه ، مع مملوك أبيه ياروخ تكين ، فحمل الوزير أبو القاسم حسان بن المفرج على أن اعترضه عند فجّ داروم (٣) ، وواقعه وأسره ونقله إلى الرملة أسيرا وانتهبه ، وسمع غناء جواريه وحظاياه وهو مقيد معه فى مجلسه ، وارتكب منه فواحش عظيمة ، ثم قتله صبرا بين يديه ، وبقى الشام أكلة لبنى الجراح ، ولم يمكن الحاكم أخذهم إلا بالملاطفة ، فسير إلى حسان يلاطفه بما يبذله على أن يخذل أبا الفتوح ، وترددت الرسل حتى تقرر أنه يدفع إليه خمسين ألف دينار عينا ، ولكل واحد من إخوته كذلك ، سوى هدايا وثيابا وحظايا ، تهدى إليه وإلى إخوته ، وسير جميع ذلك إليهم ، فمالوا عن أبى الفتوح ، ودخلوا فى طاعة الحاكم ، ولما أحس أبو الفتوح بذلك ، ركب بنفسه إلى الوزير أبى القاسم ، وقال له : أنت أوقعتنى فخلصنى ، فركب معه إلى مفرج وأخبراه بخبر أولاده ، فقال لهما : وما تريدان منى؟ قال له العلوى ، وهو أبو الفتوح : إن لى عليك حقا ، وأريد أن تجاوبنى

__________________

(٣) الداروم : نزل بنو حام الجنوب والدبور ويقال لتلك الناحية الداروم. وهى أيضا قلعة بعد غزة للقاصد إلى مصر. انظر : معجم البلدان (الداروم).

٣٤٠