العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٣

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٣

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٦٢

وكان لأحمد بن عجلان سيرة مشكورة ومحاسن مذكورة ؛ لأنه كان كثير العدل فى الرعية مكرما للتجار ، وسمح لهم بأشياء كثيرة ، فكثر ترددهم إليه ، فأثرى وكثر ماله مما كان يحصل له منهم من الموجبات والهدايا السنية ، وقرر بينه وبينهم ضرائب معروفة فى الزكائب والزوامل ، فلم يكن يتعدى ذلك ، وقرر أمورا يسمح لهم بها فيما لا يريدون فيه بيعا من الأزواد والقرطلات وغيرها مما يختص بالتاجر وأتباعه ، فما خالف ذلك.

وكان نوابه بجدة معه فى أرغد عيش ؛ لأنهم كانوا يكارمون بالأسقاط ويكارمهم بالهدية ، ويعلم بذلك السيد أحمد بن عجلان ، فلا ينالهم منه كبير ضرر ، وإنما يؤدبهم بغرامة لطيفة ، وكان يحسن لبنى عمه ذوى رميثة بأشياء مقررة لهم فى كل شهر تقوم بكفايتهم.

وذلك فيما قيل غرارتان فى كل شهر ، وأربعمائة درهم ، وقيل مائتا درهم ، وقيل ثلاثمائة غير ما يزيدهم على ذلك من منافع يسألونها منه.

ولهم عليه رسوم فى كل موسم ، كل سنة عشرة آلاف درهم لكل نفر ، يزيد بعضهم سرا على ذلك ، وربما بلغت الزيادة لبعضهم عشرة أخرى.

وكان يحسن كثيرا إلى من سواهم من بنى حسن من الأشراف والقواد وعبيده وأتباعه. وما وجد بالإحسان إليهم إلا خيرا ؛ لأنه ملك ما لم يملكه غيره من الخيل والسلاح والعبيد ، وبلغت خيله نحو أربعمائة وعبيده نحو ثمانمائة ، على ما قيل فيهما ، وما تأتى ذلك لمن كان قبله من أمراء مكة المقاربين لعصره ، ويسر الله تعالى له عقارا طائلا جدا بوادى مر ، عظم انتفاعه به ، وذلك خيوف (٧) أحياها ، فملكها من غير شريك فيها ، وهى الأصفير ، والبحرين (٨) والبثنى والحميمة (٩) ، وأحيا أيضا

__________________

(٧) والمفرد خيف : وهو ما ارتفع عن مجرى السيل وانحدر عن غلظ الجبل. انظر : النهاية فى غريب الحديث والأثر (خيف).

(٨) البحرين : هكذا يتلفظ بها فى حال الرفع والنصب والجر ولم يسمع على لفظ المرفوع من أحد منهم إلا أن الزمخشرى قد حكى أنه بلفظ التثنية فيقولون : هذه البحران. وهو اسم جامع لبلاد على ساحل بحر الهند بين البصرة وعمان. قيل : هى قصبة هجر ، وقيل : هجر قصبة البحرين وقد عدها قوم من اليمن ، وجعلها آخرون قصبة برأسها وفيها عيون ومياه وبلاد واسعة وربما عد بعضهم اليمامة من أعمالها. انظر : معجم البلدان (بحرين).

(٩) الحميمة : بلد من أرض الشراة من أعمال عمان فى أطراف الشام. وأيضا اسم لقرية ببطن مرّ من نواحى مكة بين سروعة والبريراء فيها عين ونخل. انظر : معجم البلدان (الحميمة).

٦١

أم العيال (١٠) والبقاع بوادى الهدة ، هدة بنى جابر ، والريان قرب المبارك.

وما وجد له حاصل طائل من النقد لما مات. وكان تعلل قبل موته أياما كثيرة من حبة طلعت عند أذنه ، بلغنى أن جده رميثة وجد أبيه أبا نمى ماتا بها ، وبعض الناس قال : إنها من سم طيار ، وصل إليه فى كتاب من مصر. والله أعلم.

وكان يحمل فى بعض الليالى إلى المسجد فيطاف به ويقول : واغوثاه ، ويكررها فيكثر بكاء الناس عليه ، فلما مات عظم عليه الأسف ، وارتجت مكة لموته لكثرة ما كان فيها من الصراخ والعويل.

وكانت وفاته ليلة السبت العشرين من شعبان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة ، عن نحو ثمان وأربعين سنة ، وصلى عليه بالحرم الشريف بعد أن قال المؤذن على زمزم : الصلاة على الملك العادل. ودفن بالمعلاة ، وبنيت عليه قبة ، وقد مدحه جماعة من الشعراء بقصائد حسنة كثيرة ، وأجازهم بعطايا خطيرة.

وكان أعيان البلاد الشاسعة من العراق والهند ، يحبونه لطيب الثناء عليه ويهادونه ، وبعث رسولا إلى صاحب بنجالة ، وهدية مع شخص يقال له كمال الدين النهاوندى ، فمات قبل عوده.

ومن خبره فى العدل ، أنه لما مات بعض تجار مكة ، أرسل إليه ولده بمائتى ألف درهم ، فردها ، فظن الرسول بها وجماعته ، أن أحمد بن عجلان استقلها ، فأعادوا ذلك إليه وضاعفوه بمثله ، فرد ذلك وقال : لم أرده استقلالا ، وإنما رددته لأنه لا وجه لأخذى له ، هذا معنى ما بلغنى عنه فى هذه الحكاية.

٥٩٢ ـ أحمد بن عطية بن ظهيرة بن مرزوق ، القرشى المخزومى المكى :

سمع من الفخر التوزرى صحيح البخارى ، ومن الرضى الطبرى بعض صحيح ابن حبان.

وذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة ، أنه كان رجلا صالحا ، وأنه رأى رسم شهادته عند القاضى عمران فمن بعده وعليه علامة الأداء والقبول ، وأن شيخنا الشيخ بهاء الدين عبد الله بن خليل المكى ، أخبره أنه كان يجلس إلى جانب الشيخ فخر

__________________

(١٠) ام العيال : بكسر العين المهملة ، قرية بين سكة والمدينة فى لحف آرة وهو جبل بتهامة. انظر : معجم البلدان (أم العيال).

٦٢

الدين التوزرى ، قال : وكان الشيخ فخر الدين تزوج بابنته فاطمة ، وذكر أن له منها أولادا ذكورا أربعة. قال : ولا أدرى : متى مات.

قلت : كان حيا فى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة ؛ لأنه سمع فيها على الرضى الآقشهرى ، على ما وجدت بخطه.

* * *

من اسمه أحمد بن على

٥٩٣ ـ أحمد بن على بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم العقيلى ، إمام المالكية بالمسجد الحرام ، شهاب الدين بن إمام المالكية القاضى نور الدين النويرى المكى المالكى :

ولد فى صفر سنة ثمانين وسبعمائة ، وسمع على العفيف عبد الله النشاورى ، ووالده وغيرهما من شيوخنا ، وحفظ القرآن ، والرسالة لابن أبى زيد المالكى ، وحضر فى الفقه درس شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى.

ولما مات أبوه فى جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وسبعمائة ، قرره ابن عمه قاضى مكة محب الدين أحمد بن القاضى أبى الفضل النويرى ، وأخاه بهاء الدين عبد الرحمن الآتى ، فى إمامة المالكية ، عوض والدهما ، فعارض فى ذلك أمير مكة الشريف حسن بن عجلان ، وولى إمامة المالكية الفقيه قطب الدين أبا الخير بن القاضى أبى السعود بن ظهيرة ، فباشرها أبو الخير إلى آخر شوال من السنة المذكورة.

وفى هذا التاريخ باشر شهاب الدين أحمد النويرى المذكور الإمامة ، بوصول توقيع من الملك الظاهر بمصر ، يقتضى استقراره ، وأخيه بهاء الدين عبد الرحمن فى الإمامة.

ولما مات عبد الرحمن فى سنة ست وثمانمائة ، شارك شهاب الدين أخوه ولى الدين أبو عبد الله بن نور الدين النويرى فى الإمامة عوض أخيه عبد الرحمن ، واستمر فيها حتى عزلا عنها بقريبنا أبى البركات محمد بن أبى الخير محمد بن عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى.

وكان وقت ولايته بمصر ، وتاريخ ولايته لها فى أول ذى القعدة سنة تسع عشرة وثمانمائة ، ووصل إلى مكة فى أول ذى الحجة من هذه السنة ، وصلى بالناس فى أيام

__________________

٥٩٣ ـ انظر ترجمته فى : (الدليل الشافى ١ / ٦١ ، الضوء اللامع ٢ / ٨ ، المنهل الصافى ١ / ٤٠٠).

٦٣

الموسم ، وإلى أول ربيع الآخر من سنة عشرين وثمانمائة ، لوصول توقيع بعزله ، وولاية الأخوين الإمامة.

وفى أوائل النصف الثانى من المحرم سنة عشرين ، وصل توقيع لشهاب الدين أحمد النويرى بولاية قضاء المالكية بمكة عوضى ، ولم يتمكن من مباشرته ؛ لأنه اختفى خوفا من أمير مكة المذكور ، لكونه لم يتوسط له بخير عند أمير الركب التكرورى فى سنة تسع عشرة.

وكان معه مال كثير للصدقة ، وظن أن حاله يمشى بولايته للقضاء ، فلم يتفق ذلك.

واستمر مختفيا حتى أرضى أمير مكة ، ووصل لى قبل ذلك توقيع بعودى لقضاء المالكية فى أول ربيع الآخر سنة عشرين ، فباشرت مدة حياة المذكور.

وولى نيابة الحكم بمكة عن قريبه قاضى مكة عز الدين بن محب الدين النويرى ، فى سنة اثنتى عشرة ، وفى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة أياما يسيرة ، ثم عزل موليه.

وتوفى رحمه‌الله ، قبيل العصر من يوم الأربعاء ثالث عشر شهر ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثمانمائة ، ودفن فى صبح يوم الخميس بالمعلاة ، وحصل على دنيا طائلة من التكاررة غير مرة ، رحمه‌الله.

٥٩٤ ـ أحمد بن على بن أحمد العلبى ، أبو بكر الزاهد :

صحب القاضى أبا يعلى بن الفراء ، وقرأ عليه طرفا فى الفقه ، وسمع عليه الحديث ، وحدث باليسير.

روى عنه الحافظ أبو الفضل بن ناصر وغيره. وكان مشهورا بالورع والزهد والعبادة والانقطاع عن الخلق والإقبال على الحق.

وتوفى يوم الأربعاء تاسع ذى الحجة سنة ثلاث وخمسمائة بعرفة محرما وصلى عليه أهل الموقف ، وحمل إلى مكة وصلى عليه بها فى المقام يوم النحر ، ودفن بالمعلاة عند الفضيل بن عياض.

وذكر أنه كان إذا حج زار القبور بمكة ، ويجىء إلى عند الفضيل ، ويخط بعصاه الأرض ، ويقول : يارب هاهنا ، يارب هاهنا ، فاستجاب الله دعوته.

لخصت هذه الترجمة من تاريخ ابن النجار.

__________________

٥٩٤ ـ انظر ترجمته فى : (سير أعلام النبلاء ١١ / ٢٥٥).

٦٤

٥٩٥ ـ أحمد بن على بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى البهنسى ، القاضى تاج الدين بن القاضى علاء الدين ، المعروف بابن الظريف المالكى :

ولد فى المحرم من سنة ست وأربعين وسبعمائة بالقاهرة ، وسمع بها من القاضى ناصر الدين التونسى : سنن أبى داود ، بسماعه من ابن خطيب المزة ، وعلى القاضى عز الدين ابن جماعة : المسلسل بالأولية والبردة والشقراطيسية ، وسمع بمكة فى صفر من القاضى شهاب الدين الطبرى قاضى مكة : التساعيات لجده لأمه الرضى الطبرى ، ومن على بن الزين : الموطأ رواية يحيى بن يحيى الليثى ، بفوت يسير فى وسطه ، وسمع على الشيخ خليل المالكى ، ومحمد بن سالم بن على الحضرمى ، واشتغل بالعلم وبرع فى الفقه والفرائض والحساب ، ومعرفة الوثائق ، وكان المشار إليه فى الديار المصرية بمعرفة الوثائق ، وحل المترجم ، مع ذكاء مفرط.

وولى نيابة الحكم العزيز بالقاهرة ولم تحمد سيرته فيه ، ولا فى الشهادة ، وتردد إلى مكة غير مرة ، منها فى موسم سنة عشر وثمانمائة ، وأقام بها بعد حجه إلى حين توفى فى يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رجب سنة إحدى عشرة وثمانمائة ، ودفن فى صبيحة يوم السبت بالمعلاة بقرب الفضيل بن عياض ، بعد أن تعلل مدة بالاستسقاء. لقيته بالقاهرة ومكة ، ولم يقدر لى السماع منه ، ولكنه أجاز لى ، والله يغفر له.

والظريف ـ بظاء معجمة مضمومة وراء مهملة مفتوحة وياء مثناة من تحت مشددة مكسورة وفاء ـ وهذه النسبة تستفاد مع ظريف بالمعجمة مكبر ، ومع طريف بالمهملة.

٥٩٦ ـ أحمد بن على بن أبى بكر بن عيسى بن محمد بن زياد العبدرى ، الشيخ الجليل أبو العباس الميورقى :

كان عالما فاضلا ، كتب بخطه تعاليق كثيرة مشتملة على فوائد جمة ، ووقفها مع كتبه بوج الطائف (١) ، وكان سكنه مدة سنين ، حتى مات. وسكن مكة أيضا ، وأخذ عن فضلائها ، وأخذوا عنه ، وكان جميل الثناء مشهورا بالصلاح والخير كبير القدر ، ورأيت كتابا إليه من اليمن ، من أبى اليمن بن عساكر يسأله فيه الدعاء ، مع تعظيم كثير.

ومن كراماته ـ على ما ذكر لنا ـ أن المحب الطبرى شكا إليه فى بعض السنين التى

__________________

٥٩٥ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٢ / ١٤).

(١) وجّ : بفتح أوّله ، وتشديد ثانيه ، هو الطائف ، وقيل : وجّ : هو وادى الطائف. انظر : معجم البلدان ، معجم ما استعجم (وج).

٦٥

حج فيها الملك المظفر صاحب اليمن ، أنه كان يعهد من المظفر رغبة كثيرة فى الاجتماع به ، وأنه لم يجد ذلك من المظفر فى هذه السنة ، فقال الشيخ أبو العباس للمحب : أنا السبب فى ذلك ؛ لأنى أحببت أن لا تشتغل به عن العبادة فى زمن الحج ، والآن تأتيك رسله. فكان الأمر كذلك. ووجدت بخط محمد بن عيسى قاضى الطائف ، أنه توفى بعد الحج من سنة ثمان وسبعين وسبعمائة بوج.

ووجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى ، ما يقتضى أنه توفى فى غير هذا التاريخ ، والله أعلم.

٥٩٧ ـ أحمد بن على بن حسين المصرى الأصل ، المكى المولد والدار ، المعروف بابن جوشن :

كان أحد التجار بمكة ، وبلغنى أنه وقف على الفقراء ، وقفا بالهدة ، هدة بنى جابر.

توفى فى سنة إحدى وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

٥٩٨ ـ أحمد بن على بن عبد الكافى ، الشيخ بهاء الدين بن الشيخ تقى الدين السبطى الشافعى :

يأتى ذكره فى باب التاء ؛ لأن اسمه فى الابتداء «تمام» ثم سمى أحمد.

٥٩٩ ـ أحمد بن على بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الله بن عمر ابن الخطاب ، أبو جعفر القرشى العدوى :

مكى ، قدم مصر ، وتوفى بها فى رجب سنة اثنتين وعشرين [...](١) القطب الحلبى فى تاريخ مصر ، وقال : ذكره ابن يونس.

٦٠٠ ـ أحمد بن على بن أبى القاسم بن محمد بن حسين ، اليمنى ، المعروف بابن الشقيف المكى الزيدى :

عنى قليلا بالعربية والشعر ، ونظم الشعر ، ومدح السيد حسن ، صاحب مكة وغيره.

وهجا صاحب ينبع ، وأقبل على اللهو واجتماع الناس عنده لذلك ، وحصل فى نفس

__________________

٥٩٧ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٢ / ١٨).

٥٩٨ ـ انظر ترجمته فى : (الدليل الشافى ١ / ٦٢ ، النجوم الزاهرة ١١ / ١٢١ ، إنباء الغمر ١ / ٢١ ، الوافى ٧ / ٢٤٦ ، الدرر ١ / ٢٢٤ ، شذرات الذهب ٦ / ٢٢٦ ، المنهل الصافى ١ / ٤٠٨).

٥٩٩ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٦٦

بعض الناس منه حنق لاجتماع بعض الشباب عليه ، فقتل لذلك فيما قيل فى ليلة الجمعة الرابع عشر من شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة ، على نحو ثلاثين سنة أو أزيد بقليل ، وطل دمه وأنكر المتهم بقتله ذلك ، والموعد القيامة ، وقد فاز بالشهادة ولعلها أن تكفر ذنوبه.

٦٠١ ـ أحمد بن على بن أبى راجح محمد بن إدريس العبدرى الشيبى ، الحجبى المكى ، يكنى أبا المكارم :

كان من أعيان الحجبة.

توفى فى أوائل سنة ثمان وثمانمائة غريقا بالبحر المالح وهو متوجه إلى بلاد اليمن.

٦٠٢ ـ أحمد بن على بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون بن راشد القيسى ، أبو العباس القسطلانى المصرى ، المكى المالكى :

ولد فى ربيع الأول سنة تسع وخمسين وخمسمائة بمصر ، وقرأ بها المذهب على خاله القاضى المرتضى القسطلانى وغيره ، وجلس موضعه للتدريس من بعده ، والأصول على الفقيه أبى منصور المالكى.

وسمع الحديث بمصر من أبى القاسم البوصيرى ، وأبى محمد بن برى ، وبمكة من جوبكار السجزى ، ومن يونس بن يحيى الهاشمى صحيح البخارى ، ومن زاهر بن رستم إمام المقام ، وأبى عبد الله بن البنا الصوفى ، والفقيه تقى الدين بن أبى الصيف ، وأبى الفتوح بن الحصرى. وأجاز له الحافظ السلفى والميانشى وجماعة ، وصحب جماعة من مشايخ الطريق ، منهم : الشيخ أبو الربيع سليمان المالقى ، وتلميذه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم القرشى ، واختص به ، وخلفه على زوجته من بعده ، وجمع كتابا فى أخبارهما وحدث به وبغيره.

وسمع منه جماعة من الحفاظ ، منهم : ابن الحاجب الأمينى ، بقبة الشراب من الحرم الشريف ، وذكره فى معجمه ، وقال : كان زاهد أوانه وشيخ الحرم الشريف فى زمانه ، صاحب كرامات ومجاهدات وفقه ورياضات.

والزكى المنذرى ، وقال : كان قد جمع الفقه والزهد ، وكثرة الإيثار مع الإقبال والانقطاع التام ، مع مخالطة الناس.

__________________

٦٠١ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٢ / ٣٢).

٦٧

والرشيد العطار ذكره فى مشيخته وقال : كان فى وقته عديم النظير مع ثناء كثير ، وترجمه بشيخ الحرمين. انتهى.

وذكره ابن مسدى فى معجمه ، وقال : أحد المشيخة المجاورين بالحرم الشريف ، واللائذين بذلك الجناب المنيف ، سمع شيئا من الحديث ورواه ، ولم يكن ذلك هواه ، بل جل عنايته بفروع مذهب مالك رحمه‌الله ، ثم نزع بنفسه إلى خدمة الصالحين ، والانضواء إلى أهل الدين.

اختص بأبى عبد الله القرشى ، وخلفه بعده على زوجته. وانقطع بمكة شرفها الله تعالى ، فكان أحد شيوخ الزمان ، معروف المكان ووجاهة [.....](١) من شيوخه فى الرواية الذين ذكرناهم ، إلا الحصرى وابن البنا والسلفى.

وذكر أنه لقى الميانشى وأجازه ، وقد ترجمه ولده قطب الدين ترجمة مبسوطة ذكر فيها من صفاته الجميلة أشياء كثيرة ، منها مما يتعلق بحاله فى العلم ، أنه درس وأفتى ، وهو ابن ثمان عشرة سنة.

وذكر أنه قدم مكة سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة حاجا ، وحج قبل الستمائة مرارا ، ثم قدم مكة بنية المجاورة سنة اثنتين وستمائة ، وأقام بها مجاورا إلى سنة الحشيشى ، يعنى السنة التى نهب حاج العراق بسبب قتله بمنى ، وهى سنة ثمان وستمائة. ثم قدم مكة من مصر مع الحاج فى سنة تسع عشرة أو عشرين ، واستوطنها ، حتى توفى ليلة الأحد مستهل جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وستمائة ، ودفن بالمعلاة. انتهى.

وذكره شيخنا ناصر الدين بن الفرات فى تاريخه نقلا عن غيره : أنه توفى سنة ثلاث ، وثلاثين وأنه ولد سنة أربع وخمسين ، وقيل : سنة ثمان وخمسين.

ووجدت بخط ابن سيد الناس فيما انتخبه من معجم ابن مسدى : أنه ولد فى أحد الجمادين من سنة تسع وخمسين ، وكل ذلك وهم ؛ لأن المنذرى نقل عن أبى العباس القسطلانى : أنه ولد فى ربيع الآخر من سنة تسع وخمسين.

وكذا ذكر عنه الرشيد العطار.

وأما وفاته فقد ذكرها كما ذكرنا : المنذرى والرشيد العطار ، وابن مسدى فى معجمه ، على ما وجدت بخط أبى الفتح بن سيد الناس فيما انتخبه من معجم المذكور.

__________________

٦٠٢ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٦٨

ومن مناقب الشيخ أبى العباس القسطلانى على ما ذكر الشيخ عبد الله اليافعى فى ترجمته من تاريخه ، قال : بلغنى أنهم احتاجوا فى المدينة الشريفة إلى الاستسقاء ، وهو بها مجاور ، واتفق رأيهم أن يستسقى أهل المدينة يوما ، والمجاورون يوما ، فبدأ أهل المدينة بالاستسقاء فلم يسقوا ، فعمل هو طعاما كثيرا للضعفاء والمساكين ، واستسقى مع المجاورين ، فسقوا. انتهى.

ووجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى ، أن أبا المعالى بن القطب القسطلانى قال له : إن جده أبا العباس كان يعول ثمانين فقيرا كل يوم.

٦٠٣ ـ أحمد بن على بن محمد بن داود الزمزمى ، يلقب بالشهاب :

توفى فى أثناء سنة سبع وتسعين وسبعمائة ، وهو متوجه إلى اليمن فى البحر ، وكان سافر إلى بلاد الهند قبل ذلك.

٦٠٤ ـ أحمد بن على بن محمد بن عبد السلام بن أبى المعالى الكازرونى ، المكى ، نجم الدين أبو المعالى ، مؤذن الحرم الشريف :

سمع مع الجد أبى عبد الله الفاسى ، على أبى الحسن على بن محمد بن هارون الثعلبى:العشرة الأول من أربعى الطائى ، وما علمته حدث.

توفى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بمكة. أخبرني بوفاته ابن أخيه الرئيس بهاء الدين عبد الله بن على بن عبد الله بن على رئيس المؤذنين بالحرم الشريف.

وذكر أن والده أخبره بذلك وغيره ، وذكر أنه كان يؤذن بمأذنة باب العمرة ، وتركها عند موته لابن عمه عبد السلام وزوجه بابنته.

٦٠٥ ـ أحمد بن على بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى ، السيد الشريف القاضى شهاب الدين أبو العباس بن السيد نور الدين بن السيد القدوة أبى عبيد الله الفاسى المكى المالكى :

والدى تغمده الله برحمته. ولد فى الثانى والعشرين من ربيع الأول سنة أربع وخمسين وسبعمائة بمكة ، وسمع بها على قاضيها شهاب الدين الطبرى تساعيات جده الرضى الطبرى ، وتفرد بها عنه ، وعلى الشيخ خليل المالكى : صحيح مسلم ، خلا المجلد الرابع ، من تجزئة أربعة ، وسمعه بكماله على الشيخ عبد الله اليافعى ، وعلى القاضى عز الدين بن

__________________

٦٠٥ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٢ / ٣٥ ، التحفة اللطيفة ١ / ١٢٣).

٦٩

جماعة الأربعين التساعية له ، ومنسكه الكبير وغير ذلك ، وعليه وعلى القاضى موفق الدين الحنبلى ، قاضى الحنابلة بمصر ، جزء ابن نجيد ، ثم على جماعة من شيوخ مكة بطلبه ، وسمع بالقاهرة من قاضيها أبى البقاء السبكى ، صحيح البخارى ، ومن غيره ، وسمع بحلب ، وأجاز له جماعة من أصحاب ابن البخارى وطبقته وغيرهم.

وحفظ كتبا علمية فى صغره ، واشتغل فى الفقه والأصول والعربية ، والمعانى والبيان والأدب ، وغير ذلك.

وكان ذا فضل ومعرفة تامة بالأحكام والوثائق ، وله نظم كثير ونثر ، ويقع له فى ذلك أشياء حسنة.

ومن شيوخه فى الفقه والنحو الشيخ أبو العباس بن عبد المعطى المكى النحوى ، وأذن له فى الإفتاء ، والشيخ موسى المراكشى ، وأخذ عن القاضى أبى الفضل النويرى أشياء من العلم ، ومن غير واحد بمصر وغيرها ، ودرس وأفتى كثيرا وحدث. أخذت عنه بمنى ومكة ، وسمع من الطلبة ، وله تواليف فى مسائل.

وناب عنى فى الحكم بأخرة ، وقبلى عن ابن أخته القاضى سراج الدين عبد اللطيف ابن أبى الفتح الحنبلى ، وعن القاضى جمال الدين بن ظهيرة فى وقائع ، وناب فى مثل ذلك عن القاضى محب الدين النويرى ، ووالده القاضى أبى الفضل ، وناب فى العقود عن القاضى محب الدين النويرى وعن ابنه القاضى عز الدين النويرى.

وولى مباشرة الحرم بعد أبيه فى سنة إحدى وسبعين ، وباشر ذلك من هذا التاريخ إلى حين وفاته ودخل ديار مصر مرات ، والشام مرتين ، واليمن مرتين. وزار المدينة النبوية مرات كثيرة ، وكان فى بعضها ماشيا ، وجاور بالمدينة أوقاتا كثيرة وكان معتبرا فى بلده ، وله مكانة عند ولاتها وقضاتها ، ويدخلونه فى أمورهم وينهض بالمقصود منه ، وكان كثير المروءة والإحسان إلى الفقراء وغيرهم.

توفى بإثر صلاة الصبح بكرة يوم الجمعة الحادى والعشرين من شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة بمكة ، وصلى عليه عقيب الجمعة عند باب الكعبة ، ودفن بالمعلاة بجوار ابنته السيدة أم هانئ ، وكان بها مغرما. وماتت فى مستهل صفر سنة ست عشرة وثمانمائة ، وكانت جنازتهما مشهودة.

ومن شعره مدائح نبوية ، ومدائح فى أمراء مكة ، منهم السيد حسن بن عجلان ، ورزق منه قبولا وصاهره على ابنته أم هانئ ، فمن مدائحه فيه ، قوله من قصيدة سمعتها

٧٠

عليه [من الطويل] :

عدلت فما يورى الهلالا المشارق (١)

لتنظره بالمغربين الخلائق

فما رامح إلا بخوفك أعزل

ولا صامت إلا بفضلك ناطق

٦٠٦ ـ أحمد بن على بن محمد الشيبى ، الحجبى ، المكى ، المعروف بالعراقى :

سمع من الشيخ فخر الدين التوزرى ، والقاضى عز الدين بن جماعة بعض السنن للنسائى ، فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة. وذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة ، أنه سمع من الشيخ خليل المالكى ، ومات بعد الشيخ على بن أبى راجح الشيبى ، قبل التسعين بيسير.

ووجدت بخط شيخنا ابن سكر : أنه توفى فى أحد شهور سنة تسع وثمانين بمكة. وأنه رام المشيخة بعد على بن أبى راجح ، فلم تتهيأ له مع صلاحه لذلك.

وله الآن ولدان ذكران ، وهما : على ويحيى ، وهما من جملة الحجبة.

وسبب شهرته بالعراقى ، أنه وأبوه سافرا إلى العراق ، مع أحمد بن رميثة بن أبى نمى ، وأقاما معه مدة.

٦٠٧ ـ أحمد بن على بن يوسف بن أبى بكر بن أبى الفتح السجزى ، يكنى أبا العباس ، ويلقب بالشهاب الحنفى المكى :

إمام مقام الحنفية بالحرم الشريف ، أجاز له من مصر القطب القسطلانى ، وابن الأنماطى ، وابن خطيب المزة ، والقاضى شمس الدين بن العماد المقدسى ، والقاضى تقى الدين بن رزين وشامية بنت البكرى والعماد إبراهيم بن محمد الشريف المنقدى ، والمجد عبد العزيز الحلبى ، والصفى خليل المراغى ، والفخر عبد العزيز بن السكرى وآخرون. ومن مكة أبو اليمن بن عساكر ، والمحب الطبرى وأولاده : الجمال قاضى مكة ، والتقى عبد الله خطيب مكة ، وزينب وفاطمة والبرهان إبراهيم بن يعقوب ، وإسماعيل بن محمد ابن إسماعيل ، والصدر عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن أبى بكر ، والشرف عبد الرحمن ابن يوسف بن إسحاق بن أبى بكر ، والصفى والرضى الطبريون ، والرضى بن خليل ، وأخوه العلم ، وأمين الدين القسطلانى وإخوته : أبو الهدى حسن ، وعبد الحق ، وفاطمة ،

__________________

(١) فى التحفة اللطيفة : عدلت فيما يؤدى الهلال المشارق. انظر : (التحفة اللطيفة ١ / ١٢٤).

٧١

والمفتى عماد الدين عبد الرحمن بن محمد الطبرى ، سبط سليمان بن خليل ، ومحمد بن حمدان العطار ، وأخوه أحمد بن إقبال القزوينى ، وابنه أحمد ، وعلى بن محمد بن عبد السلام المؤذن.

وسمع بالإسكندرية من محدثها تاج الدين على بن أحمد الغرافى ـ بغين معجمة وراء مهملة وألف وفاء ـ تاريخ المدينة لابن النجار عنه ، وتفرد به.

سمع عليه جماعة من شيوخنا ، منهم : القاضى زين الدين أبو بكر بن حسين المراغى ، وروى له عنه شيئا من أول تاريخ المدينة. وولى الإمامة بمقام الحنفية بعد أخيه البدر حسن ـ فيما أظن ـ وولى تدريس المدرسة الزنجيلية بمكة والمدرسة الأرغونية بها ، على ما وجدت بخط القطب الحلبى فى تاريخه ، إلا أنه وهم فى نسبه ، لأنه قال : أحمد بن يوسف بن على بن يوسف ، والصواب ما ذكرناه ، وذكره الآقشهرى فى وريقات ذكر فيها تراجم جماعة من شيوخ مكة ، رأيتها بخطه ، وذكر فيها أن المذكور لم يعان علم الحديث ، وأنه رجل محسن جواد كثير الخير والعطاء. انتهى.

وتوفى سنة ثلاث وستين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، ومولده بمكة سنة ثلاث وسبعين وستمائة ، هكذا ذكر وفاته شيخنا ابن سكر ، ومن خطه نقلت أسماء شيوخه المكيين.

ورأيت فيما ذكر الآقشهرى أسماء جماعة من شيوخه المصريين ، وهما القاضيان ابن العماد وابن رزين ، والحلبى والمراغى والمنقدى ، وابن عساكر.

وذكر أنهم أجازوا له فى سنة أربع وسبعين باستدعاء القطب القسطلانى.

ووجدت بخط البرزالى ، إجازة هؤلاء الشيوخ له ، خلا ابن رزين ، فإنه لم يذكره.

٦٠٨ ـ أحمد بن عمر بن أبى بكر الهمدانى الأصل ، يلقب بالشهاب ، ويعرف بابن المرجانى الدمشقى :

سمع على المسلم بن محمد ، جزء الأنصارى ، وحدث به عنه غير مرة بالحجاز ، وعمر مسجد الخيف بمنى فى سنة عشرين وسبعمائة بجملة كثيرة من ماله ، تزيد على خمسين ألفا ، كما ذكر البرزالى فى تاريخه ، ولذلك ذكرناه فى هذا الكتاب. وجاور بالمدينة أيضا.

٧٢

وتوفى يوم السبت ثانى عشر المحرم سنة ثمان وعشرين وسبعمائة ، بدار بدرب الغنم بدمشق ، ودفن بسفح قاسيون.

كتبت هذه الترجمة من تاريخ البرزالى.

٦٠٩ ـ أحمد بن عمر العلاف :

[...].

٦١٠ ـ أحمد بن عمران بن سلامة البصرى ، أبو عبد الله الأخفش ، المعروف بالألهانى :

يروى عن وكيع ، ويزيد بن هارون ، ويزيد بن الحباب. وحدث عنه عبد الله بن محمد السعدى المروزى ، وأبو بكر بن أبى عاصم ، ويحيى بن عمر الأندلسى ، وسكن مكة مدة ، وصنف غريب الموطأ ، فى جزئين.

وذكره ابن حبان فى الثقات. ومات قبل الخمسين ومائتين.

كتبت هذه الترجمة من تاريخ الإسلام ، ومن ترتيب ثقات ابن حبان ، لشيخنا الحافظ نور الدين الهيثمى.

٦١١ ـ أحمد بن عيسى بن عمران ، المكى العطار ، عرف بعصارة :

كان ذا ملاءة ، ووقف أوقافا ، وهى ثلث ما يملكه من العقار ، بالتنضب من وادى نخلة الشامية ، وفى سولة والزيمة من وادى نخلة اليمانية ، وفى البرقة من وادى مر ، فى [.....](١) سبعين وسبعمائة. وما عرفت متى مات.

٦١٢ ـ أحمد بن غنائم المكى ، الشاعر المعروف بابن غنائم ، يلقب بالشهاب :

أجاز له فى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة باستدعاء الشيخ عبد الله بن خليل المكى وغيره : الدشتى والقاضى سليمان بن حمزة ، والمطعم ، وابن مكتوم ، وابن عبد الدايم ،

__________________

٦٠٩ ـ لم يرد من هذه الترجمة إلا اسم المترجم له فقط ، وكتب بحاشية النسخ «كذا بياض فى أصله».

٦١٠ ـ انظر ترجمته فى : (إرشاد الأريب ٢ / ٥ ، فهرسة ابن خير الإشبيلى ٩١ ، بغية الوعاة ١٥٢ ، اللباب ١ / ٦٦ ، الأعلام ١ / ١٨٩).

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٦١٢ ـ انظر ترجمته فى : (الدليل الشافى ١ / ٦٨ ، المنهل الصافى ١ / ٥٧).

٧٣

وابن سعد ، وآخرون. ومدح غير واحد من أمراء مكة ، منهم ثقبة بن رميثة بن أبى نمى ، بقصيدة أولها :

ما خفقت فوق منكب عذبه

على فتى كابن منجد ثقبه

ولم أظفر منها إلا بأبيات يأتى ذكرها فى ترجمة ثقبة.

وبلغنى أن بعض الناس ينكر أن تكون هذه القصيدة لابن غنائم ، ويزعم أنه انتحلها ، وأن بعض الأشراف ولاة مكة ، غضب على ابن غنائم غضبا كثيرا بسبب هذه القصيدة ؛ لما فيها من تفضيل ثقبة عليهم.

وله فى مبارك بن عطيفة بن أبى نمى قصيدة مدحه بها ، أولها [من الكامل] :

إن شط من قرب الحبيب مزاره

ونأت بغير رضا المتيم داره

وتواصلت أجفانه وسهاده

وجرى بماق دموعه تياره

فغرامه أضحى لديه غريمه

وحنينه أمسى عليه شعاره

ولربما يقضى بأحكام الهوى

وجدا عليك وما انقضت أوطاره

أخفى هواه وما أسر ونفسه

دمع يحدر سيله تذكاره

وقف الهوى بى حيث أنت كما الثنا

وقف على من طاب منه فخاره

توفى ابن غنائم المذكور ، سابع عشرى جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بمكة ، وله بها الآن بنت تسمى رحمة.

٦١٣ ـ أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن بن أبى بكر العمرى ، مفتى مكة ، شهاب الدين الحرازى الشافعى ، يكنى أبا العباس :

ولد سنة خمس وسبعين وستمائة ، وقدم مكة ، فقرأ بها على الفخر التوزرى : الموطأ رواية يحيى بن يحيى ، وصحيح مسلم ، وسنن أبى داود ، وغير ذلك ، وعلى الصفى الطبرى ، وأخيه الرضى : صحيح البخارى ، وعلى الرضى بمفرده : صحيح مسلم ، وسنن أبى داود ، والنسائى ، وصحيح ابن حبان ، وغير ذلك كثيرا ، عليهم وعلى غيرهم بمكة. وكرر كثيرا من ذلك على الرضى ، لأجل أولاده أسباط الرضى.

وسمع بالمدينة من أبى القاسم القتبورى كتاب الشفاء للقاضى عياض ، وحدث به. قرأه عليه شيخنا المفتى برهان الدين الأبناسى ، وذكر أن عند ختمه وقع المطر ، وأن

__________________

٦١٣ ـ انظر ترجمته فى : (الدليل الشافى ١ / ٦٩ ، الدرر ١ / ٢٥٠ ، المنهل الصافى ٢ / ٦١).

٧٤

الشيخ شهاب الدين الحرازى ، أخبره أن المطر وقع عند ختمه مرات ؛ لأنه سأل الله تعالى فى ذلك.

وألفيت منقولا من خط شيخنا برهان الدين الأبناسى فى استدعاء أجاز فيه ، وذكر فيه شيئا من مسموعاته ، فقال بعد أن ذكر شيئا مما قرأه بمكة : وبها قرأت الشفاء للقاضى عياض على الشيخ شهاب الدين الحرازى.

وأخبرنى أنه ما قرئ عليه قط هذا الكتاب ، إلا أمطرت مكة. فلما كان يوم ختمه ضعف الشيخ شهاب الدين ، فذهب جماعة إلى بيته ، وليس فى السماء سحاب ولا قزعة(١) فقرأت عليه المجلس الأخير ، فو الله ما ختمت الكتاب إلا وأبواب السماء تفتحت بالأمطار ، وجاء السيل حتى دخل الحرم الشريف. انتهى. وهذا أفود مما سمعته من شيخنا ؛ ولذلك ذكرته.

وقد سمع عليه جماعة من شيوخنا ، منهم الحافظان : زين الدين العراقى ـ وانتقى عليه جزء من حديثه ـ وأبو الحسن الهيثمى.

وكانت له معرفة تامة بالفقه ، مع مشاركة فى غيره وعبادة وديانة. ودرس وأفتى مدة بمكة ، وصار شيخها والمعتمد عليه فى الفتوى بها ، وكان أذن له فى ذلك قاضى حماة شرف الدين البارزى.

وذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة ، أن الفتيا بمكة بعد القاضى نجم الدين ، دارت عليه وعلى الأصفونى ، حتى مات الأصفونى ، ثم دارت عليه بمفرده حتى مات. وكان يرجح على الأصفونى ، وبعضهم يرجح الأصفونى عليه ، وهو أقرب. انتهى.

توفى ليلة الاثنين ثانى عشر شوال سنة خمس وخمسين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة بعد أن صار يحمل إلى المسجد ، عجزا عن المشى. نقلت وفاته من خط شيخنا العراقى.

ومولده سنة خمس وسبعين وستمائة ، وعلى ما وجدت بخط ولده أبى عبد الله الحرازى فيما أظن. ووجدت بخط شيخنا ابن سكر ، أنه ولد سنة ست وسبعين ، فى اليوم الذى مات فيه التوزرى ، رحمهم‌الله. والله أعلم بحقيقة ذلك.

* * *

__________________

(١) القزعة : قطعة من الغيم ، وجمعها : قزع. انظر : النهاية فى غريب الحديث والأثر (قزع).

٧٥

من اسمه أحمد بن محمد

٦١٤ ـ أحمد بن أبى اليمن محمد بن أحمد بن إبراهيم الطبرى المكى ، يلقب بالشهاب :

سمع بمكة من عبد الوهاب القروى ، وناب عن أبيه فى الإمامة مديدة ، أولها فى سنة ست وتسعين وسبعمائة.

وتوفى فى شعبان سنة تسع وتسعين وسبعمائة ، ودفن بالمعلاة. وكانت فيه مروءة وخير مع حسن الطريقة. وهو أخى من الرضاع.

٦١٥ ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن سهل بن عبد الرحمن بن رزق الله بن أيوب البغدادى ـ نزيل مكة ـ أبو بكر ، المعروف ببكير الحداد :

وذكره الخطيب ، وقال بعد أن نسبه هكذا : بغدادى ، سكن مكة ، وحدث بها عن بشر بن موسى ، وابن مسلم الكجى ، وأبى العباس الكديمى ومحمد بن نعيم البياض ، وأبى العباس بن مسروق الطوسى ، ويعقوب بن إسحاق البيهسى ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، والحسن بن على المعمرى.

روى عنه جماعة ، منهم : أبو الحسن الدارقطنى ، وأحمد بن إبراهيم بن فراس المكى ، وأبو على بن حمكان الفقيه ، وأبو يحيى بن النحاس المقرى ، وأبو نصر محمد بن أبى بكر الإسماعيلى ، وكان ثقة.

ذكر لى الصورى أن بكيرا الحداد ، مات بعد سنة خمسين وثلاثمائة.

٦١٦ ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر ، القاضى زين الدين أبو الطاهر بن قاضى مكة جمال الدين ، بن الشيخ محب الدين الطبرى المكى :

سمع من يونس بن إسحاق الطبرى : جامع الترمذى ، ومن جده سنن أبى داود ـ خلا من باب لبس القباطى ، إلى آخر السنن ، وسنن النسائى عن ابن المقير بسنده فيهما ، وكتاب التنبيه للشيخ أبى إسحاق عن الشيخ نجم الدين بشير بن حامد التبريزى ، وجزء البانياسى عن ابن القبيطى إجازة ، وسمع عليه من مؤلفاته : خلاصة السيرة النبوية ، وصفوة القرى ، وعلى الكمال أبى غالب هبة الله بن على بن السامرى البغدادى جزء البانياسى

__________________

٦١٦ ـ انظر ترجمته فى : (الدليل الشافى ١ / ٧٣ ، الدرر ١ / ٢٥٩ ، المنهل الصافى ٢ / ٨٣).

٧٦

عن أبى الوقت [الحراى؟؟؟](١) عن أبى بكر بن الزغوانى عن البانياسى ، وغير ذلك على جماعة سواهم.

وأجاز له جماعة من شيوخ مصر ومكة تقدم ذكرهم فى ترجمة الشهاب الحنفى. وخرج له ولجماعة من بنى الطبرى : الآقشهرى أربعين حديثا عن ابن العماد ، وابن رزين ، وابن عساكر ، ولم يحدثوا بها ، نعم حدث هو بغيرها.

سمع منه جماعة من شيوخنا منهم : شيخنا أبو اليمن الطبرى ، وكتب عنه المحدث جمال الدين إبراهيم بن يوسف البعلبكى أبياتا من نظمه ، سمع عليه الحافظ قطب الدين الحلبى بيتين منها.

ووجدت بخطه أنه دخل مصر ، وله اشتغال وتحصيل ، وله محاضرة حسنة ومكارم وشفقة ، أحسن الله إليه. انتهى.

وقد أخبرنى شيخنا الشريف تقى الدين عبد الرحمن الفاسى بحكايتين يتعلقان بترجمة الزين الطبرى ، كتبتهما عنه بمعنى ما حدثنى به.

إحداهما : أن شخصا من أعيان الناس ذكر بحضرة الزين الطبرى ووالده الشريف أبى الخير ، فنال منه والده ، وذكر أنه لم يعطهم كراء منزل لهم سكنه ، فسأله الزين عن قدر الكراء ، فأخبره به ، فلما اجتمعوا ثانية دفع الزين الطبرى إلى والده القدر الذى سماه ، فعجب والده من ذلك ، وشرع يعتذر للزين الطبرى ، وتخيل أن هذا الرجل من أصحابه ، فقال له الزين : ما بينى وبينه معرفة ، ولكنه من أعيان الناس ، فما أحببت الكلام فيه وخصوصا منك.

وبلغنى من غير شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير ، أن الشريف أبا الخير هو الذام للرجل ؛ لأنه لم يعطه كراء عما سكن فيه ، وأن القدر الذى أعطاه له الزين خمسمائة درهم كاملى.

والأخرى قال : قال العفيف المطرى : ما رأت عيناى فى الكرم ، مثل الزين الطبرى وطفيل بن منصور. انتهى.

قلت : ناهيك بهذه منقبة ، فإن العفيف المطرى جال فى الآفاق ، ودخل ديار مصر والشام والعراق.

__________________

(١) الكلمة بين المعقوفتين فى الأصل بدون نقط.

٧٧

ومن أخباره فى الجود ـ على ما بلغنى ـ أنه أتاه فى بعض السنين فتوح مائة ألف درهم ، فظفر بها ابن عمه البهاء ، ولم يعطه منها شيئا ، وأن جماعة من الناس أتوا الزين الطبرى ، وأشاروا عليه بأن يطالب البهاء بما أخذه له ، فامتنع من ذلك ، وقال : لا كانت دنيا تفرق بينى وبين ابن عمى.

ومنها : أنه كان يزيد فى إدامه من اليوم السادس عشر من ذى القعدة إلى انقضاء الشهر ، فى كل يوم منين لحم مكة ، وكان إدامه كل يوم من لحم مكى ، ومقدار هذا المن سبعة أرطال مصرى إلا ثلثا ، وأنه كان يأمر غلمانه باستدعاء الغرباء الوافدين إلى مكة ، فى كل يوم من الأيام المشار إليها ويطعمهم ذلك ويقول : هؤلاء يردون فى غاية الحاجة ، ولا يجدون من يعمل لهم طعاما ، فيكفيهم هذا الأمر. فكان يأمر غلمانه بأن لا يقتصروا على من يعرفونه فى استدعائهم للوافدين. وكان يؤخر عشاء عياله إلى أن ييأس من وصول أحد إليه ليلا ، وربما عشى عياله بالتمر وشبهه ، لفراغ الطعام قبل عشائهم. وله فى الجود أخبار غير ذلك.

توفى رحمه‌الله سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة بمكة. كذا وجدت وفاته بخط المحدث أبى موسى [.......](٢) المقدسى.

ووجدت بخطى فى تعاليقى ، أنه توفى فى رابع المحرم من السنة المذكورة.

وقد سألت عنه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة ، قال : كان رجلا صالحا خيّرا جوادا ذا مكارم كثيرة ، وكان بينه وبين أخيه القاضى نجم الدين الطبرى قاضى مكة عداوة كبيرة ، وتهاجرا مدة طويلة ، فلما مات القاضى نجم الدين ، أنشد الزين الطبرى [من الرمل] :

لو علمنا أننا لا نلتقى

لقضينا من سليمى وطرا

وكان لكل منهما أصحاب لا يصحبون الآخر ، إلا على بن الزين القسطلانى ، فإنه كان يصحبهما.

وبلغنى أنه سئل بعد موت أخيه فى قضاء مكة ، فكره ذلك ، وآثر به ابن أخيه القاضى شهاب الدين أحمد.

وبلغنى أنه أضر بإحدى عينيه ، وكتم ذلك سنين كثيرة إلى أن أضرت الأخرى ، وأنه

__________________

(٢) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٧٨

سئل فى المعالجة ، وأطمع بالبرء ، فامتنع وقال : أحتسب ذلك عند الله. وكان الناس يعظمونه كثيرا.

وبلغنى أن جدى الشريف عليا الفاسى ، كان إذا ذكره عبر عنه بسيدى الزين ، وهو من أجدادى ؛ لأنه جد والدتى لأمها.

ومن شعر القاضى زين الدين الطبرى ، ما أنشدناه جدى لأمى أبو الفضل النويرى ، وجماعة عنه ، إذنا إن لم يكن سماعا من أبيات [من الكامل] :

بين السلو وبين قلبى معرك

عمدا دم التعنيف فيه يسفك

وعلى للحسن البديع مواثق

أنى بغير هواه لا أتمسك

٦١٧ ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن العقيلى ، قاضى الحرمين وخطيبهما ، محب الدين النويرى المكى الشافعى ، يكنى أبا البركات :

ولد فى أوائل شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة بمكة ، وأجاز له على ما وجدت بخط شيخنا ابن سكر ، شخص يروى عن المحب الطبرى يقال له ابن المدنى من أهل عدن ، والشيخ شهاب الدين الحرازى ، وعلى بن الزين القسطلانى ، وأم الهدى عائشة بنت الخطيب تقى الدين عبد الله بن المحب الطبرى ، والشهاب الحنفى ، وسمع عليه ، على ما ذكر شيخنا ابن سكر.

ووجدت سماعه على سيدى الشيخ خليل المالكى للموطأ رواية يحيى بن يحيى ، وغير ذلك ، وسمع على القاضى عز الدين بن جماعة أربعينه التساعية ، ومنسكه الكبير ، وجزء ابن نجيد ، وغير ذلك ، وسمع جزء ابن نجيد على القاضى موفق الدين الحنبلى ، وسمع على الكمال بن حبيب سنن ابن ماجة ، وسمع على محمد بن أحمد بن عبد المعطى كثيرا من الكتب والأجزاء ، وسمع بالمدينة على القاضى بدر الدين بن فرحون : الموطأ.

وطلب العلم ، وأخذ الفقه عن أبيه ، والقاضى شهاب الدين بن ظهيرة ، وأخذ عنه الفرائض ، وأخذ النحو عن الشيخ أبى العباس بن عبد المعطى ، ولازمهما مدة ، فحصل كثيرا ، ودرس وأفتى وحدث بالحرمين ، وولى قضاءهما وخطابتهما ، وغير ذلك من الوظائف بهما.

وأول ولاياته أنه ناب عن أبيه القاضى أبى الفضل فى الحكم والخطابة بمكة ، فى سنة

__________________

٦١٧ ـ انظر ترجمته فى : (الدليل الشافى ١ / ٧٤ ، إنباء الغمر ١ / ٥٣٢ ، الدرر ١ / ٢٥٩ ، التحفة اللطيفة ١ / ٢٢١ ، شذرات الذهب ٦ / ٣٥٧ ، المنهل الصافى ٢ / ٨٥).

٧٩

ثلاث وسبعين ثم ولى قضاء المدينة النبوية وخطابتها وإمامتها ، على قاعدة من تقدمه ، فى سنة خمس وسبعين بعد وفاة القاضى بدر الدين بن الخشاب ، وأتاه الخبر بذلك إلى مكة فى سابع عشر رجب من السنة المذكورة ، وتوجه إلى المدينة ومعه عمه القاضى نور الدين على بن أحمد النويرى.

وبلغوها فى مستهل شعبان ، وباشر جميع ما فوض إليه ، ولقى من كثير من أهل المدينة أذى كثيرا بالقول ، فقابل كثيرا من ذلك بالصفح والإحسان ، ثم صرف عن الخطابة والإمامة مديدة يسيرة بالشيخ شهاب الدين الصقلى ، ثم عاد إليه ، واستمر على ذلك حتى صرف عنه فى جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وسبعمائة ، لما ولى قضاء مكة وخطابتها بعد عزل القاضى شهاب الدين بن ظهيرة على ما كان عليه ، وجاءه الخبر بذلك وهو بالمدينة.

وتوجه إلى مكة ودخلها فى أول العشر الآخر من رمضان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة ، وباشر ما فوض إليه من الحكم والخطابة وغير ذلك ، ثم أضيف إليه فى سنة تسع وثمانين تدريس درس بشير الجمدار ، ثم أضيف إليه تدريس المدرسة المجاهدية بمكة.

واستمر على ذلك حتى مات فى ليلة الأربعاء تاسع عشر شهر رجب سنة تسع وتسعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة عند أبيه ، وكثر الأسف عليه ، لما فيه من المحاسن العديدة ، فإنه كان كثير التودد للناس مجملا لهم ، مع عقل راجح وديانة وصيانة وعفاف ، وكان نشأ على ذلك من صغره ، ولديه فضائل ومعرفة بالأحكام ، ورزق فيها من صغره السداد مع الهيبة والحرمة ، وكان نقمة على الرافضة بالمدينة ، وله فى إهانتهم لإعزاز السنة أخبار كثيرة ، ولم يحترم منهم فى ذلك كبيرا ، حتى إنه كان يغلظ لأميرهم عطية بن منصور صاحب المدينة.

ومما جرى بينهما فى ذلك ، أن عطية قال له يوما ما معناه ؛ يا قاضى ، أنا مثل هذه المنامة ـ يعنى سارية من سوارى المسجد النبوى ـ إذا طحت على شىء كسرته ، وإن طاح على شىء انكسر.

فقال له القاضى محب الدين المذكور ما معناه : هذه المنامة إذا رأينا منها خللا أزلناها وأقمنا عوضها أخرى. فأفحم عطية ولم يحر جوابا ، وقال : قتلنى ابن النويرى.

وكان له حظ وافر من العبادة والذكر وصحبة أهل الخير وخدمتهم والإحسان إليهم ،

٨٠