العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٣

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٣

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٦٢

فى لسانه ، ضحوك السن ، محبا للغريب ، حسن الإيراد. وكان معيدا للمدرسة النظامية مدة ، كتبنا عنه بدمشق ، لما قدم مع ابن الجوزى رسولا من الديوان العزيزى الظاهرى قدسه الله. وكان يتحبب لابن الجوزى ، وقيل إنه كان عينا عليه ، حدث ببغداد ـ ولم أسمع عليه بها ـ وبدمشق وبمصر. انتهى.

وقال ابن الساعى : سافر فى طلب العلم وسماع الحديث ، ولقى عدة مشايخ ، ثم قال : وكان جميل الوجه ، مليح الشيبة ، لطيف الأخلاق ، حسن العشرة كثير التواضع. وله نظم ، وأنشد له شعرا يأتى ذكره.

وذكره ابن مسدى فى معجمه ، فقال : أحد الفقهاء الشافعية أصلا وفرعا ، المناضلين به وعنه إيجابا ومنعا.

وقد ولى مشيخة الحرم الشريف ، فطلع بدرا فى ذلك الأفق المنيف ، جبر وصدع ، وحبّر ونفع ، وغلبت عليه الأبوة والنفس الأبية ، فأكرم القصاد ، وأنهل الوراد ، وجاد وزاد ، وأبدأ وأعاد ، وتصرف تصرف المستخدمين جاها ومالا ، نسأل الله له المسامحة مآلا. وكان فى نفسه قد حوى علوما ، وتأدب منثورا ومنظوما. ثم قال : وكان من الرجال المكثرين ، ولم يكن فى معرفة هذا الفن بذاك المكين. ولم أر فيما وقفت عليه من رواياته ، ووقع إلىّ من سماعاته ، شيئا أنكره عليه ، إلا أنه أسمع أشياء ، زعم أن الحافظ أبا القاسم على بن الحسن المعروف بابن عساكر الشافعى أجازه. وفى الخاطر منها شىء. وأظنه وهم فى ذلك ، وإنما المجيز له ولده القاسم. والله أعلم.

ومن شعره على ما ذكر ابن الساعى [من البسيط] :

أمسى ينبه وجد الصب ذى الفكر

طيف ألم به فى غفوة السهر

فبات مكتئبا حيران تطرقه

الأشجان عن سعر منها إلى سعر

واها لها إن جرى ذكر العقيق به

وهنا فأضحى بعيد العين والأثر

مروع الشوق لا يأوى إلى وطن

ولا يصيح من البلوى لمزدجر

فى كل يوم له خل يفارقه

ومنزل بدل من منزل دثر

تبا لدار إذا ما أضحكت بشرا

فى مسى ليلتها أبكته فى السحر

لذاتها رؤية الأحلام تحسبها

حقا أخو ظلة لم يصح من سكر

فأين كسرى وسابور المقدم أم

أين المملك فى الدنيا أخو الخضر

أين الخورنق يتلوه السدير فكم

من مأرب فيهما قضى ومن وطر

٢٤١

لم يبق إلا جميل الذكر إن له

صبرا على غابر الآباد والعصر

فاذخر لنفسك مهما اسطعت من عمل

ينجيك يوم معاد الخلق من سقر

ومن شعره فيما كتب به إلى ابن الخوافى عارض الجيش ببغداد ، وقد سرقت مشايته [من الوافر] :

دخلت إليك يا أملى بشيرا

فلما أن خرجت خرجت بشرا

أعد يائى التى سقطت من اسمى

فيائى فى الحساب تعد عشرا

قال الشيخ نجم الدين بشير التبريزى : فسير لى نصف مثقال ، وهو عشرة قراريط ، واعتذر.

حكى هذه الحكاية عنه : تلميذه القطب القسطلانى ، فيما حكاه عنه القطب الحلبى.

توفى فى ضحوة يوم الخميس ، ثالث صفر سنة ست وأربعين وستمائة بمكة. ودفن بالمعلاة.

هكذا ذكر وفاته المحب الطبرى فى «العقود الدرية والمشيخة الملكية المظفرية» ، والميورقى ، إلا أنه قال : لثلاث خلون من صفر.

ومولده فى ثانى عشر ربيع الأول ، سنة سبعين وخمسمائة بأردبيل (١).

هكذا ذكر تاريخ مولده وموضعه ابن الحاجب الأمينى. وذكر أنه أخبره بذلك لما سأله عنه.

وذكر ذلك هكذا ابن الساعى ، وقال : نشأ بتبريز (٢). وقال ابن مسدى : ولد بتبريز ، ويقال : بموقان (٣). وذكر نسبه إلى جعفر كما ذكرنا : ابن مسدى وابن الساعى ، وابن الحاجب.

__________________

(١) أردبيل : بالفتح ثم السكون ، وفتح الدال ، وكسر الباء ، وياء ساكنة ، ولام ، من أشهر مدن أذربيجان. انظر : معجم البلدان (أردبيل).

(٢) تبريز : هى أشهر مدن أذربيجان. انظر معجم البلدان (تبريز) ، وفى الروض المعطار ذكرها بأنها فى خراسان من عمل أذربيجان. انظر : الروض المعطار ١٣٠.

(٣) موقان : أهلها يسمونها موغان ، ولاية فيها قرى ومروج كثيرة وهى بأذربيجان. انظر : معجم البلدان (موقان).

٢٤٢

٨٥١ ـ بطال بن أحمد بن محمد بن سليمان بن بطال الركبى ـ بباء موحدة ـ نسبة إلى قبيلة كبيرة يسكنون مواضع متفرقة من اليمن :

وسمى محمدا ، وإنما اشتهر ببطال. فلذلك ذكرناه فى حرف الباء. ذكره الجندى فى تاريخ أهل اليمن.

وذكر أنه أتقن القراءات والنحو والفقه والحديث واللغة باليمن ، ثم ارتحل إلى مكة ، فلبث بها أربع عشرة سنة ، فازداد علما ومعرفة ؛ لأنه لم يترك أحدا من الواردين والمقيمين لديه فضيلة ، إلا أخذ عنه ، ولازم صحبة ابن أبى الصيف ، وأخذ عنه ، وأجازه فى سنة إحدى وستمائة ، ثم عاد إلى بلده ذى يعمد فقصده الطلبة من أنحاء اليمن. وابتنى مدرسة بقريته التى كان يسكن بها ، وتعرف بذى يعمد ـ بفتح الياء المثناة من تحت وسكون العين المهملة وكسر الميم وسكون الدال ـ ووقف كتبه وجملة من أرضه على المدرسة.

وله تواليف ، منها : كتاب المستعذب المتضمن لشرح غريب ألفاظ المهذب ، والأربعون المستخرجة من أحاديث الحسان ، والصحاح الجامعة لما استحب درسه عند المساء والصباح ، وأربعون فى لفظ الأربعين. وله أشعار مستحسنة.

وكان مع كماله فى العلم ، ذا عبادة وزهادة وورع ، وغالب زمانه يختم القرآن فى كل يوم وليلة ختمة. وتوفى لبضع وثلاثين وستمائة ببلده. انتهى.

٨٥٢ ـ بكار بن رباح المكى :

عن ابن جريج. حديثه فى المزاح منكر. ذكره هكذا الذهبى فى المغنى. وذكره فى الميزان بنحو ذلك ، وقال : تلو قوله فى المزاح. رواه الزبير بن بكار.

٨٥٣ ـ بكر بن خلف البصرى ، أبو بشر :

ختن أبى عبد الرحمن المقرى. روى عن سفيان بن عيينه ، وأبى عاصم النبيل ، ويحيى ابن سعيد القطان ، وجماعة.

روى عنه البخارى تعليقا ، وأبو داود ، وابن ماجة ، والفسوى ، وذكره فى رجال مكة فى الأول من مشيخته.

__________________

٨٥١ ـ انظر ترجمته فى : (تاريخ ثغر عدن ٢٠٠ ، بغية الوعاة ١٨ ، الأعلام ٥ / ٣٢٠).

٨٥٣ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٢ / ٣٨٥).

٢٤٣

قال عبيد الله بن واصل : رأيت محمد بن إسماعيل يختلف إلى محمد بن المهلب يكتب عنه أحاديث أبى بشر بكر بن خلف ، وكنت أتوهم أن أبا بشر قد مات. فلما قدمت مكة ، إذ هو حى فلزمته.

قال ابن معين : ما به بأس ، وقال : صدوق. وقال أبو حاتم : ثقة. وقال الدولابى : مات سنة أربعين ومائتين.

٨٥٤ ـ بكر بن محمد بن أبى مرة المكى :

هكذا ذكره محمد بن سعد ، لأنه قال : حدثنا بكر بن محمد بن أبى مرة المكى ، قال: كان مسلم بن خالد ـ يعنى الزنجى ـ أبيض مشربا بحمرة ، وإنما الزنجى لقب لقب به وهو صغير.

٨٥٥ ـ بلال بن رباح القرشى التيمى ، مولاهم ، أبو عبد الله :

ويقال أبو عبد الرحمن ، ويقال أبو عبد الكريم ، ويقال أبو عمرو المؤذن ، مؤذن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ويقال له : بلال بن حمامة ، وهى أمه.

أسلم قديما ، وعذب فى الله تعالى ، وشهد بدرا وأحدا. والمشاهد كلها مع النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال ابن إسحاق : قيل من مولدى مكة ، وقيل من مولدى السراة. وذكر المدينى القول الثانى.

وروينا من حديث ابن مسعود : أن أول من أظهر الإسلام : رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأبو بكر ، وعمار وأمه سمية ، وصهيب وبلالا والمقداد ، فإنهم ـ إلا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأبو بكر ـ أخذهم المشركون ، فألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم فى الشمس ، فما منهم إنسان إلا وقد وآتاهم على ما أرادوا ، إلا بلال ، فإنه هانت عليه نفسه فى الله ، وهان على

__________________

٨٥٥ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢١٤ ، الإصابة ترجمة ٧٣٦ ، أسد الغابة ترجمة ٤٩٣ ، طبقات ابن سعد ٣ / ١ / ١٦٥ ، نسب قريش ٢٠٨ ، طبقات خليفة ١٩ ، ٢٩٨ ، تاريخ خليفة ٩٩ ، ١٤٩ ، التاريخ الكبير ٢ / ١٠٦ ، التاريخ الصغير ١ / ٥٣ ، الجرح والتعديل ٢ / ٣٩٥ ، مشاهير علماء الأمصار ترجمة ٣٢٣ ، الأغانى ٣ / ١٢٠ ـ ١٢١ ، حلية الأولياء ١ / ١٤٧ ـ ١٥١ ، تاريخ دمشق ١٠ / ٣٥٣ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ١٣٦ ـ ١٣٧ ، تهذيب الكمال ١٦٧ ، دول الإسلام ١ / ١٦ ، تاريخ الإسلام ٢ / ٣١ ، العبر ١ / ٢٤ ، تهذيب التهذيب ١ / ٥٠٢ ، خلاصة تهذيب الكمال ٥٣ ، كنز العمال ١٣ / ٣٠٥ ـ ٣٠٨ ، شذرات الذهب ١ / ٣١ ، تهذيب تاريخ ابن عساكر ٣ / ٣٠٤ ـ ٣١٨ سير أعلام النبلاء ١ / ٣٤٧).

٢٤٤

قومه ، فأعطوه الولدان وجعلوا يطوفون به فى شعاب مكة ، وهو يقول : أحد أحد. وفى رواية : أنهم كانوا يطوفون به والحبل فى عنقه ، بين أخشبى مكة. وذكر فى صفة تعذيبه غير ذلك.

وكان أبو بكر الصديق رضى الله عنه ، هو الذى أراحه من ذلك ؛ لأنه اشتراه بخمس أواق. وقيل بسبع. وقيل بتسع. ثم أعتقه. وكان له خازنا ، ولرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مؤذنا. ويقال : إنه أذن بعده لأبى بكر رضى الله عنه ، ثم رغب عن ذلك فى خلافة عمر رضى الله عنه للجهاد ، ويقال : إنه رغب عن ذلك فى حياة أبى بكر رضى الله عنه ، وخرج إلى الشام مجاهدا. ويقال : إنه أذن مرة لعمر رضى الله عنه ، حين قدم إلى الشام. فبكى عمر وغيره من المسلمين. ذكر هذا كله من حاله ابن عبد البر بالمعنى.

وقال ابن الأثير : وهو أول من أذن فى الإسلام. وذكر ابن الأثير خبرا فيه : أن بلالا رضى الله عنه ، قدم المدينة زائرا ، فقال له الحسن والحسين رضى الله عنهما : نشتهى أن تؤذن فى السحر. فعلا سطح المسجد فلما قال : الله أكبر الله أكبر ، ارتجت المدينة. فلما قال : أشهد أن لا إله إلا الله زادت رجتها. فلما قال : أشهد أن محمدا رسول الله ، خرج النساء من خدورهن. فما رئى يومئذ أكثر باكيا وباكية من ذلك اليوم. انتهى.

ويقال : إنه لم يكمل الأذان حين أذن بالمدينة ، فى قدومه إليها للزيارة ، وأنا أستبعد قطعه للأذان بعد شروعه فيه. والله أعلم.

ومن فضائله : ما رويناه فى الترمذى مرفوعا ، أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، دعا بلالا ، فقال له : «يا بلال ، بم سبقتنى إلى الجنة ، ما دخلت الجنة قط ، إلا سمعت خشخشتك أمامى»(١).

__________________

(١) أخرجه الترمذى فى سننه كتاب المناقب حديث رقم (٣٦٨٩) من طريق : الحسين بن حريث أبو عمار المروزى ، حدثنا على بن الحسين بن واقد ، حدثنى أبى ، حدثنى عبد الله ابن بريدة قال : حدثنى أبى بريدة قال : أصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فدعا بلالا فقال : «يا بلال بم سبقتنى إلى الجنة ما دخلت الجنة قط إلا سمعت خشخشتك أمامى دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامى فأتيت على قصر مربع مشرف من ذهب فقلت لمن هذا القصر فقالوا : لرجل من العرب فقلت : أنا عربى ، لمن هذا القصر قالوا : لرجل من قريش ، قلت : أنا قرشى ، لمن هذا القصر. قالوا : لرجل من أمة محمد. قلت : أنا محمد ، لمن هذا القصر. قالوا : لعمر بن الخطاب». فقال بلال : يا رسول الله ما أذنت قط إلا صليت ركعتين وما أصابنى حدث قط إلا توضأت عندها ورأيت أن لله على ركعتين فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بهما.

وفى الباب عن جابر ومعاذ وأنس وأبى هريرة أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : رأيت فى الجنة قصرا من ذهب فقلت : لمن هذا. فقيل : لعمر بن الخطاب. ـ

٢٤٥

روى بلال عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وروى عنه مولاه الصديق وعمر ، وغيرهما من الصحابة رضى الله عنهم ، وجمع من التابعين. روى له الجماعة.

قال الواقدى عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول : حدثنى من رأى بلالا ، قال : كان رجلا آدم شديد الأدمة نحيفا طوال أجنا ، له شعر كثير. وكان لا يغير. انتهى.

وذكر ذلك ابن عبد البر ، غير معزو ، إلا أنه لم يقل : له شعر ، ولا ما بعده. وقد اختلف فى تاريخ موته. فقيل فى طاعون عمواس ، قاله الذهبى عن يحيى بن كثير. وقيل سنة عشرين ، ذكره ابن البرقى ، وابن سعد. وقيل سنة إحدى وعشرين ، ذكره ابن عبد البر.

اختلف أيضا فى سنة ، فقيل ابن ثلاث وستين. وقيل ابن سبعين. ذكرهما ابن عبد البر.

واختلف أيضا فى موضع قبره ، فقيل بمقبرة دمشق عند الباب الصغير. ذكره ابن سعد ، وابن عبد البر. وقيل بداريا. وقيل بحلب ، ودفن على باب الأربعين ، قاله على بن عبد الرحمن. وقيل : إن الذى مات بحلب ، هو أخوه خالد. والله أعلم. وهذا فى تهذيب الكمال.

وأما قول من قال : إنه مات فى سنة سبع عشرة أو ثمانى عشرة ، فراجع إلى قول من قال : إنه مات فى طاعون عمواس ، للخلاف فيه.

٨٥٦ ـ بلال بن عبد الله الحبشى ، أبو عتيق بن العجمى :

سمع من أبى شرفى ، يوسف بن إسحاق الطبرى : جامع الترمذى ، ومن المحب الطبرى : سنن أبى داود ، وحدث بالجامع بقراءة أمين الدين بن الوانى فى العشر الأخير من رمضان سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة بالحرم الشريف. وسمعه عليه جماعة من شيوخنا ، وكان بوابا للمدرسة المنصورية وفراشا بالحرم الشريف.

توفى فى ذى الحجة عام ثلاث وثلاثين وسبعمائة. وهكذا وجدت وفاته بخط الآقشهرى.

* * *

__________________

ـ قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب ، ومعنى هذا الحديث أنى دخلت البارحة الجنة يعنى رأيت فى المنام كأنى دخلت الجنة هكذا روى فى بعض الحديث ويروى عن ابن عباس أنه قال رؤيا الأنبياء وحى.

٢٤٦

حرف التاء المثناة

٨٥٧ ـ تمام بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى ، ابن عم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم :

اختلف فى صحبته. وله رواية وحديث فى السواك ، على ما ذكر ابن عبد البر. قال : قال الزبير : وكان من أشد الناس بطشا. وذكر أن أمه أم ولد ، وأنه ليس له عقب. قال : وكان امرأ صدق. انتهى.

وقال ابن عبد البر : وكان تمام بن العباس ، واليا لعلى بن أبى طالب رضى الله عنه على المدينة. وذلك أن عليا لما خرج عن المدينة يريد العراق ، استخلف سهل بن حنيف على المدينة ، ثم عزله واستجلبه إلى نفسه. وولى المدينة تمام بن العباس ، ثم عزله وولى أبا أيوب الأنصارى. فشخص أبو أيوب نحو على. واستخلف على المدينة رجلا من الأنصار. فلم يزل عليها حتى قتل على رضى الله عنه. ذكر ذلك كله خليفة بن خياط.

وذكر ابن عبد البر : أن تماما كان أصغر ولد العباس رضى الله عنه وكان العباس يحمله ويقول [من الرجز](١) :

تموا بتمام فصاروا عشره

يا رب فاجعلهم كراما برره

واجعل لهم ذكرا وأنم الثمره

قال : ويقال إنه ما رئيت قبور أشد تباعدا بعضها من بعض ، من قبور بنى العباس بن عبد المطلب ، ولدتهم أم الفضل أمهم فى دار واحد. واستشهد الفضل بأجنادين ، ومات معبد وعبد الرحمن بإفريقية ، وتوفى عبد الله بالطائف ، وعبيد الله باليمن ، وقثم بسمرقند ، وكثير بينبع ، أخذته الذبحة ، وذكر أن أمه وأم أخيه كثير ، رومية تسمى سبأ.

٨٥٨ ـ تمام بن عدى القرشى :

ذكره هكذا أبو عمر ، وقال : لا أدرى من أى قريش هو.

__________________

٨٥٧ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٣ ، الإصابة ترجمة ٨٥٨ ، أسد الغابة ٥١٠ ، طبقات خليفة ترجمة ١٩٧٦ ، العبر ٥٦ / ٤٢٢ ، التاريخ الكبير ٢ / ١٥٧ ، أنساب الأشراف ٣ / ٦٧ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٣٦١ ، الوافى بالوفيات ١٠ / ٣٩٦ ، تعجيل المنفعة ٤٣).

(١) الأبيات فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٣ ، أسد الغابة ترجمة ٥١٠).

٨٥٨ ـ لم ترد هذا الترجمة فى نسخة الاستيعاب المطبوعة.

٢٤٧

كان أميرا لعثمان على صنعاء. روى عنه : أبو الأشعث الصنعانى ، فى التوجع على عثمان والتلهف والبكاء عليه.

٨٥٩ ـ تمام (١) بن عبيدة :

أخو الزبير بن عبيدة من بنى غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة.

قال يونس بن بكير عن ابن إسحاق : وكانت بنو غنم بن دودان أهل الإسلام ، قد قدموا إلى المدينة مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فممن هاجر مع نسائهم : تمام بن عبيدة. أخرجه ابن مندة وأبو نعيم. ذكره هكذا ابن الأثير.

٨٦٠ ـ تمام بن على بن عبد الكافى بن على بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام بن حامد بن يحيى بن عمر بن عثمان بن على بن مسوار بن سوار بن سليم بن أسلم الخزرجى ، الشيخ بهاء الدين بن الشيخ تقى الدين السبكى الشافعى ، يكنى أبا حامد ، ويسمى أيضا أحمد :

ولد فى سنة تسع عشرة وسبعمائة. وسمع صحيح البخارى على أبى العباس الحجار بالقاهرة ، فى قدمته الثانية إليها ، وسمع من على بن عمر الوانى ، وأبى النون يونس بن إبراهيم الدبوسى ، ويوسف بن عمر الختنى ، والقاضى بدر الدين بن جماعة ، وجماعة بالقاهرة ودمشق. وأخذ العلم عن أبيه ، والمجد الزنكلونى ، والقاضى شمس الدين بن القماح ، وأخذ عن الشيخ أبى حيان العربية. ودرس وأفتى من صغره ، مع وفور فضيلته. وحدث قليلا.

وبلغنى أنه كان يتخيل فيمن يريد السماع عليه ، أن ذلك لكونه يسمى تماما ، لا لمعنى سوى ذلك. فلذلك قل إسماعه. والله أعلم.

وولى المناصب الرفيعة ، كتدريس الشافعى وغيره ، وقضاء العسكر بالقاهرة ، وقضاء دمشق ، بعد صرف أخيه القاضى تاج الدين السبكى ، لأمر اقتضى ذلك. وتوجه أخوه القاضى تاج الدين على وظائفه بالقاهرة ، ثم عزل عن قضاء دمشق ، وعاد إلى وظائفه بالقاهرة ، وعاد أخوه إلى وظائفه بدمشق.

__________________

٥٨٩ ـ (١) ذكره أبو عمر بن عبد البر فى الاستيعاب فى ترجمة أخوه الزبير بن عبيدة : أنه كان فيمن هاجر من بنى غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة هو والزبير بن عبيدة وسخبرة بن عبيدة بن الزبير. ولم يذكره فى ترجمة خاصة به. انظر : (الاستيعاب ترجمة ٨١٠).

٨٦٠ ـ سبق ترجمته فى باب أحمد.

٢٤٨

فكانت ولايته للقضاء بدمشق وما أضيف إليه ، فى منتصف سنة ثلاث وستين وسبعمائة. وباشر ذلك ستة أشهر وأزيد قليلا. وله تواليف ، منها : كتاب عروس الأفراح ، فى شرح تلخيص المفتاح للقاضى جلال الدين القزوينى. وله يد طولى فى العلم ، وله شعر رائق ، ومجاورات بمكة ، وبها توفى ـ رحمه‌الله تعالى ـ يوم الخميس سابع شهر رجب سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة. ودفن بالمعلاة بقرب الفضل بن عياض رحمهما‌الله تعالى. وذلك بعد أن زار المدينة النبوية رفيقا لجدى الفاضل أبى الفضل النويرى ، رحمهما‌الله تعالى. وكانت بينهما صداقة أكيدة.

وبلغنى عن شيخنا كمال الدين الدميرى ، أنه رأى جدى أبا الفضل النويرى فى المنام ، وسأله عن بهاء الدين السبكى هذا ، فقال له جدى ما معناه : ذاك الذى لم يبلغه عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر ولا نهى إلا ائتمر به ، ولم يخالفه. انتهى.

أنشدنى قاضى القضاة زين الدين أبو بكر بن الحسين المراغى الشافعى ، قراءة عليه وأنا أسمع بمنى ، أنه سمع قاضى القضاة بهاء الدين أبا حامد بن الشيخ تقى الدين السبكى ، ينشد لنفسه بالحضرة النبوية قائما مكشوف الرأس ، قصيدة نبوية أولها [من الطويل] :

تيقض لنفس عن هداها تولت

وبادر ففى التأخير أعظم خشية

فحتام لا تلوى لرشد عنانها

وقد بلغت من غيها كل بغية

ومنها :

وأمارة بالسوء لوامة لمن

نهاها فليست بالمطمئنة

إذا أزمعت أمرا فليس يردها

عن الفعل إخوان التقى والمبرة

وإن مر فعل الخير فى بالها انثنى

أبو مرة يثنيه فى كل مرة

ولى قدم لو قدمت لظلامة

لطارت ولى أنى دعيت لقربة

لكنت كذى رجلين رجل صحيحة

ورجل رمى فيها الزمان فشلت

ومنها :

وقائلة لما رأت ما أصابنى

وما أنا فيه من لهيب وزفرتى

رويدك لا تقنط وإن كثر الخطا

ولا تيأسن من نيل روح ورحمة

مع العسر يسر والتصبر نصرة

ولا فرح إلا بشدة أزمة

وكم عامل أعمال أهل جهنم

فلما دنا منه أعيد لجنة

فقلت لها جوزيت خيرا على الذى

منحت من البشرى وحسن النصيحة

٢٤٩

فهل من سبيل للنجاة من الردى

وما حيلتى فى أن تفرج كربتى

فقالت فطب نفسا وقم متوجها

لطيبة تسلم من بوار وخيبة

فكم آيس من رحمة الله قد خطا

إليها فحطت عنه كل خطيئة

فديتك فاقصدها بذل فإنها

تقيل بنى الزلات من كل عثرة

وإن لم يكن أهلا للثم ترابها

فمن شأنها الإغضاء عن ذى الجريمة

وإن لم تكن حصلت زادا من التقى

فزاد التقى يلقى بتلك المدينة

وقف فى حمى خير الورى بتأدب

وذل وكسر وافتقار ووحشة

وقل يا أعز المرسلين ومن له

على ذروة العلياء أعظم رتبة

وخير نبى جاء من خير عنصر

بخير كتاب قد هدى خير أمة

وأولهم فضلا ونشرا إذا دعوا

وآخرهم بعثا وأوسط نسبة

لك المعجزات الغر لاحت خوارقا

وباهر آيات عن الحصر جلت

ومنها :

هديت إلى النجدين هدى دلالة

فقوم إلى رشد وقوم لشقوة

وأوضحت بالنوعين شرعة ديننا

فطورا بتفصيل وطورا بجملة

وأسعدت بالأمرين فرقتى الورى

فريق بلين أو فريق بشدة

وأرشدت للدارين من طاع أو عصى

فهذا إلى نار وذاك لجنة

وبالقمرين النيرين هديتنا

كتاب من الله الكريم وسنة

وصليت نحو القبلتين تفردا

وكل نبى ما له غير قبل

وعندى يمين لا يمين بأن فى

يمينك وكفا كيف ما السحب ضنت

لقد نزه الرحمن ظلك أن يرى

على الأرض ملقى فانطوى للمزية

٨٦١ ـ تميم بن أسيد ـ وقيل أسد ـ بن عبد العزى بن جعونة بن عمرو ابن القين بن رزاح بن سعد بن كعب بن عمرو الخزاعى :

أسلم وولاه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، تجديد أنصاب الحرم وإعادتها. نزل مكة. قاله محمد بن سعد.

ذكره هكذا ابن الأثير ، وذكر له حديثا فى تساقط الأصنام حول الكعبة يوم الفتح. وفيه : فقال : تميم [من الوافر] :

وفى الأصنام معتبر وعلم

لمن يرجو الثواب أو العقابا

__________________

٨٦١ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ١ / ٢٥٥).

٢٥٠

أخرجه ابن مندة ، وأبو نعيم. انتهى.

ذكره الذهبى فى التجريد ، فقال : تميم بن أسيد.

٨٦٢ ـ تميم بن الحارث بن قيس بن عيد بن سعد بن سهم القرشى السهمى :

ذكر ابن عبد البر : أنه كان من مهاجرة الحبشة ، هو وأخواه سعيد ، وأبو قيس ابنا الحارث ، وقتل تميم يوم أجنادين. وكان أبوهم من المستهزئين برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو الذى يقال له ابن الغيطلة ، وهو اسم أمه ، وهى امرأة من بنى كنانة.

ذكره ابن عبد البر ، وقال : لم يذكر ابن إسحاق تميم بن الحارث فى مهاجرة الحبشة فى نسخة ابن هشام. وذكر بشر بن الحارث السهمى مكان تميم.

٨٦٣ ـ تغرى برمش بن يوسف التركمانى الحنفى :

نزيل القاهرة والحرمين ، يلقب زين الدين ، ويكنى أبا المحاسن.

عنى فى بلاده بالعلم فيما ذكر ، ثم أتى القاهرة وهو شاب ، وعنى فيها بفنون من العلم ، وأخذ بها عن جماعة من الأكابر ، منهم : الشيخ جلال الدين التبانى الحنفى. وكان يستحضر فيما يذكره من المسائل ، أو يجرى عنده فيها ذكر ، ألفاظ بعض المختصرات فى ذلك ، ولكنه كان قليل البصارة والذكاء. وكان يستحضر كثيرا من الكلمات المنكرة الواقعة فى كلام ابن عربى الصوفى وغيره من الصوفية. وكان يبالغ فى ذم ابن عربى وأتباعه ، وربما أعدم بعض كتبه بالمحو أو الإحراق. وربما ربط «الفصوص» منها إلى ذنب كلب فيما قيل. وكان قد سأل عن ابن عربى ، وعن كتبه ، شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيتى وغيره من أعيان علماء المذاهب الأربعة بالقاهرة ، فأفتوه بذم ابن عربى وكتبه وجواز إعدامها ، وصار يعلن ذم ابن عربى وأتباعه وكتبه ، ويكرر ذلك عصرا بعد عصر.

وكان قد صحب جماعة من الترك بمصر ؛ واستفاد بصحبتهم جاها وتعظيما عند أعيان الناس بالقاهرة وغيرها وقتا بعد وقت ، فى دولة الملك الظاهر وابنه الملك الناصر والملك المؤيد ـ زاده الله تأييدا ونصرا ـ وكتب له مرسوما يتضمن الإذن له فى إنكار المنكرات المجمع عليها ، وأن يعينه على ذلك الحكام.

__________________

٨٦٢ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٣٦ ، الإصابة ترجمة ٨٤١ ، أسد الغابة ترجمة ٥١٨).

٨٦٣ ـ انظر ترجمته فى : (الدليل الشافى ١ / ٢١٨ رقم ٧٦٤ ، شذرات الذهب ٧ / ١٥٧ ، المنهل الصافى ٤ / ٥٦).

٢٥١

وكان يرسل إليه فى كل سنة من السنين التى جاور فيها بالحرمين ، بصلة تقوم بكفايته ، وجرت له على يده صدقات بالحرمين ، منها صدقة من القمح فى سنة سبع عشرة وثمانمائة ، وصدقة من الذهب فى سنة ثمانى عشرة ، وصدقة من الدراهم المؤيدية والقمصان فيما بعد ذلك. وكان يخطئ كثيرا فى صرف ذلك ، لإعطائه من ذلك جانبا طائلا لمن لا يستحق أو لتفضيله لمن لا يستحق على من يستحق فى العطاء ، ونالته الألسنة بسبب ذلك كثيرا ، وبسبب منعه المؤذنين من المدائح النبوية وغيرها فى المنائر ليلا ، ومنع المداحين من إنشاد ذلك ، فى الأوقات التى جرت عادة الناس بكثرة الاجتماع فيها بالمسجد الحرام ، ومنعه الخطباء من الصغار فى ليالى ختم القرآن العظيم ، فى شهر رمضان ، وإيقاد مشاعل المقامات التى بالمسجد الحرام ، فى الأوقات التى جرت العادة بها فى العشر الأخير من رمضان ، وليلة العيد ، وليلة هلال شهر رجب ، وليلة هلال شهر ربيع الأول وغيرها ، لما يحصل للمصلين والطائفين من كثرة التشويق ، بسبب ارتفاع أصوات المشار إليهم ، ولما يحصل من كثرة اجتماع الرجال والنساء لسماع الخطب ، ورؤية الوقيد.

وكان منعه من ذلك فى أثناء سنة ثمانى عشرة وثمانمائة ، بعد أن وافقه على ذلك جماعة من فقهاء مكة. وكتبوا له خطوطهم بذلك. وكتب له بمثل ذلك غيرهم من علماء القاهرة.

ثم إن بعض من كتب له من فقهاء مكة ، حمله ما جبل عليه من كثرة الهوى وحط النفس ، على أن قال بخلاف ما كتب به خطه ، لمخالفة تغرى برمش له فى هواه ، وسعى عند بعض حكام مكة من جهة الدولة ، فى الإذن فى إيقاد مشاعل المقامات ، والمديح فى ليلة هلال رجب من سنة عشرين وثمانمائة. فوافقه الحاكم على ذلك ، وفعل ذلك فى الليلة المذكورة.

ولما عرف بالوقيد تغرى برمش ، خرج من منزله بالمدرسة المجاهدية بمكة لمنع ذلك ، ولم يكن له علم بموافقة الحاكم المشار إليه على ذلك ، فناله من العامة أذى عظيم ، من عظيم الذم ، وربما أن بعضهم أوقع به الفعل ، ولولا دفع بعض من يعرفه من الترك عنه ، لكثر تضرره مما ناله من ذلك. وكان ذلك فى غيبة صاحب مكة عنها. فلما حضر إليها ، أنكر على من أمر به ، أو أشار به من جهته وغيرهم ، وأمر باتباع اختيار تغرى برمش فى ذلك.

٢٥٢

فلم يتجاسر أحد على فعل ما يخالفه ، حتى مات تغرى برمش ، إلا أن بعض المؤذنين والمداحين ، ربما مدحوا فى أوقات قليلة ، بعضها بحضرة تغرى برمش ، وكثير منها فى غيبته من مكة ، وكان انقطاعه بالحرمين بعد حجه من سنة ست عشرة وثمانمائة.

وقد انتفع بصحبته كثيرا ، ناس من أهل الحرمين ، منهم من المكيين : القاضى عز الدين ابن القاضى محب الدين النويرى ، وأخوه كمال الدين أبو الفضل ، وسبب ذلك : أن تغرى برمش ، جاور بالمدينة النبوية قبل القرن التاسع ، وتوقع حصول سوء بها من الشيخ أبى عبد الله المغربى المعروف بالكركى ، ففر إلى مكة ، فطيب خاطره ، وأحسن إليه ، قاضيها محب الدين النويرى.

فلما مات ، راعى صنيعه فى ولديه وجماعته ، وهو ممن قام مع القاضى عز الدين ، فى نزع الخطابة بالمسجد الحرام ونظره والحسبة بمكة له ، من قاضى القضاة جمال الدين بن ظهيرة ، ولما وصل لأبى السعادات بن أبى البركات بن ظهيرة توقيع بهذه الوظائف ، فى أثناء سنة عشرين وثمانمائة ـ خلا الحسبة ـ عارضه فى ذلك تغرى برمش ، بتوقيع وصل للقاضى عز الدين بالوظائف المذكورة ، وأن يكون أخوه أبو الفضل نائبا عنه فيها ، بعد التوقيع الذى وصل لأبى السعادات بأيام قليلة ، باعتبار تاريخها.

وكان وصولهما إلى مكة معا فى وقت واحد ، واتفق أن القاضى عز الدين ، مات قبل وصول توقيعه ، كما أن أبا البركات مات قبل وصول توقيعه بالخطابة ، ثم كتب بها لابنه ، فرأى الشيخ تغرى برمش وغيره من أعيان مكة ، أن توقيع القاضى عز الدين ، ناسخ لتوقيع ابن أبى البركات ، ومانع له من المباشرة ، مع كراهة أكثرهم لمباشرته ، ونازع ابن أبى البركات فى ذلك ، بحضور صاحب مكة وغيره من قضاتها ، والشيخ تغرى برمش.

وتعلق فى ذلك بمثال شريف إلى أمير مكة ، يتضمن إعلامه لولاية ابن أبى البركات ، وزعم أنه كتب بعد توقيع القاضى عز الدين ، ونسب إلى زيادة (ين) فيه بعد عشر ، وإنما هو مؤرخ بخامس عشر صفر.

وصمم الشيخ تغرى برمش على منعه من المباشرة ، فأساء فى حقه ابن أبى البركات ، فكاد الشيخ تغرى برمش أن يضربه ، وأن يحثو التراب فى وجهه. ووافق صاحب مكة وغيره من أعيانها ، على ما اختاره الشيخ تغرى برمش ، من منع ابن أبى البركات من الخطابة ، فلم يباشرها إلا بعد وفاة الشيخ تغرى برمش بخمسة وأربعين يوما ، لوصول

٢٥٣

توقيع إليه بها ، وبنظر الحرم والحسبة ، مؤرخ بثانى عشر صفر سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة.

وكان قد جاءه توقيع بنظر الحرم والحسبة ، فى حادى عشر القعدة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة. فباشر ذلك إلى أوائل ذى الحجة منها ، وتغرى برمش عليل مدنف. وكان سبب موته استطلاق بطنه من كثرة الأكل. فإنه لما عرض له الإسهال من ذلك ، صار يشتهى أشياء كثيرة ضارة له ، فتصنع له ويأكلها ، وتكرر ذلك منه ، فعظم عليه الضرر والتعب ، إلى أن مضى لسبيله فى ليلة مستهل المحرم ، سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة ، ودفن فى صبيحتها بالمعلاة ، وحمل إليها فيما يحمل فيه الطرحا. ولم يشيعه من الناس إلا القليل.

ومما يحمد من أفعاله : سعيه فى شراء ماء فى قرار عين السلامة ، وهى ساعة ، يسقى به البستان المنسوب وقفه لنجم العجمى ، عند مشهد حبر الأمة ، عبد الله بن عباس بالطائف.

وذكر لى أن ثمن ذلك مائة مثقال.

وكان قد اشترى بالمدينة دارا تنسب لأبى مسلم ، وذكر أنه أوصى بوقفها على رجلين ، يقرأ أحدهما : شرح معانى الآثار للطحاوى ، وكتاب العاقبة لعبد الحق الإشبيلى ، والتذكرة للقرطبى ، ورياض الصالحين ، وسلاح المؤمن ، وغير ذلك من الكتب التى سماها. والآخر : يصلى على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم كل يوم ألف مرة ، ثم رجع عن هذه الوصية ، ووقف هذه الدار على أقاربه ، وأثبت ذلك على بعض الحكام من الحنفية بمكة وحكم بها ، وأثبت الموقوف عليهما ، وقف الدار عليهما ، قبل رجوعه ، فيما بلغنا.

وذكر أن ما صدر من تغرى برمش ، لم يكن كما زعم وصية منه ، وإنما نجز وقفيته.

وكان قليل المداراة للناس ، كثير الحب للإقدام المؤلم ممن يعارضه ، وإذا ظهر له أن فى فعل شىء مصلحة ما ، فعل ذلك ، وإن كان تركه أصلح ، أو المصلحة أكثر فى فعل غير ما يراه ، وهو السبب الأعظم فى إزالة الخلوة التى كانت إلى جنب زمزم فى المسجد الحرام ، والزبازيب التى تحتها الأحجار التى عندها. وكان الناس يجلسون عليها ، ويتوضون من هذه الزبازيب ، لما قيل إن بعض الناس يستنجى هناك ، وكان زوال ذلك فى العشر الأول من ذى الحجة سنة سبع عشرة وثمانمائة ، بعد وجوده عشر سنين. وعوض عنه السبيل الموجود الآن.

٢٥٤

وكان لما جاور بمكة فى سنة عشر وثمانمائة ، أو قبلها بقليل ، أو بعدها بقليل ، سد الباب الضيق من الغار الذى بجبل ثور بأسفل مكة ، لكون كثير ممن يريد دخوله من بابه الضيق ، انحبس فيه لما ولج فيه ، وانتقد عليه ذلك كثيرا ، شيخنا شمس الدين محمد الخوارزمى ، المعروف بالمعيد ، إمام الحنفية بالمسجد الحرام ، ومنعه من الأخذ عنه ، حتى يزيل ما سده. ويحدث توبة بسبب ذلك. وكان فى مجاورته هذه ، خامل الذكر كثير التقشف والعبادة ، سامحه الله تعالى. وأظنه جاوز الستين.

٨٦٤ ـ تبل بن منصور بن راجح بن محمد بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرى المكى القائد :

كان من أعيان القواد المعروفين بالعمرة ، مليا.

توفى فى رمضان أو شوال سنة ست وعشرين وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، وهو فى عشر الخمسين أو بلغها.

٨٦٥ ـ تاج الدين الهندى :

نزيل مكة. كان معتنيا بالعبادة والخير ، وللناس فيه اعتقاد. وله اعتقاد قوى فى محيى الدين بن عربى الصوفى.

جاور بمكة عشرين سنة أو نحوها ، وسافر منها إلى المدينة النبوية زائرا ، وأدركه الأجل بمكة فى العشر الأول من ربيع الأول سنة سبع وعشرين وثمانمائة ، ودفن بالشبيكة أسفل مكة ، بوصية منه ، بعد الصلاة عليه بالمسجد الحرام ، وأحسبه بلغ السبعين ، وأكثر ظنى أنه من كنباية من بلاد الهند وأعمالها ، وكان يسترشدنى فى كثير من المسائل.

* * *

٢٥٥

حرف الثاء المثلثة

٨٦٦ ـ ثامر ، صاحب قلعة تكريت ، يلقب همام الدين :

حج سنة سبع وسبعين وخمسمائة ، وأدركه الأجل بالمزدلفة ، فحمل إلى المعلاة ، ودفن بها.

لخصت هذه الترجمة من الكامل لابن الأثير.

٨٦٧ ـ ثامر بن جياش بن أبى ثامر المبارك القاسمى ، يكنى أبا حسن :

توفى يوم السبت تاسع شهر رمضان سنة خمس وسبعين وخمسمائة ، ودفن بالمعلاة.

كتبت هذه الترجمة من حجر قبره. وترجم فيه : بالقائد.

والقاسمى : نسبة إلى قاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم الحسنى ، أمير مكة.

٨٦٨ ـ ثقبة بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى ، المكى ، يلقب أسد الدين ، يكنى أبا شهاب :

ولى إمرة مكة مدة سنين ، شريكا لأخيه عجلان ، ومستقلا بها فى بعضها.

ورأيت فى تاريخ ابن محفوظ وغيره شيئا من خبرهما ، ورأيت أن ألخص ذلك بالمعنى. وذلك أن ثقبة ولى إمرة مكة شريكا لأخيه عجلان فى حياة أبيهما ، لما تركها لهما أبوهما ، على ستين ألف درهم ، فى سنة أربع وأربعين وسبعمائة ، ثم قبض عليه فى هذه السنة بمصر.

وكان قدمها بطلب من صاحبها الصالح إسماعيل بن الناصر ، ثم أطلق ، فتوجه إلى مكة. ثم توجه منها فى سنة ست وأربعين إلى نخلة ، لما ولى أخوه عجلان إمرة مكة بمفرده فى حياة أبيه ، وتوجه ثقبة بعد ذلك إلى مصر فى السنة المذكورة ، وقبض عليه

__________________

٨٦٨ ـ انظر ترجمته فى : (الدرر الكامنة ١ / ٥٣٠ ، البدر الطالع ١ / ١٨١ ، النجوم الزاهرة ١٠ / ٢٢٦ ، الأعلام ٢ / ١٠٠ ، الدليل الشافى ١ / ٢٣٣١ رقم ٨٠٤ ، السلوك ٣ / ٧٢ ، المنهل الصافى ٤ / ١٩٩).

٢٥٦

بها. ولم يزل حتى أطلق هو وأخواه سند ومغامس ، وابن عمهم محمد بن عطيفة ، ووصلوا إلى مكة فى سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. وأخذوا فيها من عجلان ، نصف البلاد بغير قتال. وداما على ذلك إلى سنة خمسين ، وفيها حصل بينهما وحشة. وكان عجلان بمكة وثقبة بالجديد ، ثم خرج عجلان إلى الوادى لقتال ثقبة ، فمنعه القواد من ذلك ، واصطلح مع أخيه ثقبة ، ثم سافر عجلان إلى مصر فى هذه السنة ، فاستقل ثقبة بالإمرة وقطع دعاء عجلان من زمزم.

فلما وصل عجلان من مصر متوليا للبلاد بمفرده ، فى خامس شوال من السنة المذكورة ، توجه ثقبة إلى ناحية اليمن ، ثم قصد ذهبان وحمضة.

وتعرض للجلاب ، وأخذها ، وحمل فيها عبيدة ، وجاء بها إلى حلى ، ولاءم الملك المجاهد صاحب اليمن من حلى. وكان المجاهد قد توجه إلى مكة للحج فى سنة إحدى وخمسين ، ودخل إلى مكة ومعه ثقبة وإخوته. وكان عجلان قد منعهم من ذلك.

وفى سنة اثنتين وخمسين ، كان عجلان وبمكة ثقبة بالجديد ، وجاءت الجلاب إلى جدة فنجلها ثقبة وجبأها جبأ عنيفا.

وفى هذه السنة ، جاء له ولأخيه عجلان طلب من صاحب مصر ، فتقدما إلى مصر ، كل منهما على انفراده ، ثم رجع عجلان من ينبع ، واستمر ثقبة حتى بلغ مصر ، فولى الإمرة بمفرده ، ووصل فى ذى القعدة من هذه السنة ، ومعه خمسون مملوكا. فمنعه عجلان من الدخول إلى مكة ، فرجع إلى خليص ، وأقام بها إلى أن جاء مع الحاج.

وأراد عجلان منعه ، ومنع أمير الحاج من الدخول ، ثم رضى ثقبة بأن تكون الإمرة بينه وبين أخيه عجلان نصفين ، وصالح أخاه عجلان على ذلك. وكان المصلح بينهما الأمير المعروف بالمجدى ، أمير الحاج المصرى ، ثم استقل ثقبة بالإمرة فى أثناء سنة ثلاث وخمسين ، بعد قبضه على أخيه عجلان ، وأخذه لما كان معه من الخيل والإبل.

واستمر على ذلك حتى قبض عليه أمير الركب المصرى عمر شاه ، فى موسم سنة أربع وخمسين ، واستقر عوضه أخوه عجلان ، وذلك بعد أن سئل فى الصلح مع أخيه عجلان ، على اشتراكهما فى الإمرة ، فلم يوافق.

وحمل إلى مصر ، فأقام بها معتقلا حتى هرب منها ومعه أخواه المذكوران ومحمد بن عطيفة. وكانوا قد اعتقلوا معه ، فوصلوا إلى نخلة فى السابع عشر من رمضان سنة ست وخمسين ، وليس معهم إلا خمسة أفراس. وكان عجلان يومئذ بخيف بنى شديد ، ثم

٢٥٧

ارتحل إلى مكة ، فأقام بها ، ثم انتقل ثقبة وأخواه إلى الجديد ، وأقاموا به ومعهم ثلاثة وخمسون فرسا.

فلما كان اليوم الثالث عشر من ذى القعدة ، نزلوا المعابدة محاصرين لعجلان ، ثم رحلوا بعد أن تضرر الناس بهم ، فى الرابع والعشرين من ذى القعدة إلى الجديد.

فلما كان وقت وصول الحاج ، وصلوا إلى ناحية جدة ، وأخذوا الجلاب ودبروا بها إلى بحير ، وبعد رحيل الحاج من مكة ، توجهوا بالجلاب إلى جدة ونجلوها ونزلوا الجديد ، ثم اصطلح ثقبة وعجلان ، على أن تكون الإمرة بينهما نصفين ، فى تاسع المحرم سنة سبع وخمسين ، ثم انفرد ثقبة بالإمرة فى ثالث عشر جمادى الآخرة من هذه السنة ، بعد رجوعه من اليمن ، وأقام بمكة ، وقطع نداء أخيه على زمزم. واستمر منفردا بالإمرة إلى مستهل ذى الحجة من هذه السنة ، وأخوه عجلان فى هذه المدة بالجديد.

فلما وصل الحاج المصرى ، دخل معهم عجلان مكة بعد أن فارقها ثقبة ، ثم طلب ثقبة إليها أمير الركب المصرى. وكان يقال له الهذبانى ، فلم يجبه ثقبة ، مع كونه أمنه ، وقصد ناحية اليمن ، ونهب قافلة الفقيه البركانى ، وأخذ ما معهم من البضائع والقماش ، وكان مالا كثيرا.

وفى سنة ثمان وخمسين وصل ثقبة إلى الجديد ، ونزل به وأقام به مدة ، ثم ارتحل بعد ذلك إلى ناحية اليمن ، وأقام بها مدة ، ثم عاد إلى الجديد ثانية ، فعمل عليه القواد ، وحالفوا أخاه عجلان ، فارتحل إلى خيف بنى شديد ، ثم أتى نخلة ، ثم التأم عليه الأشراف جميعهم ، ورموا معه فى خيف بنى شديد ، والتأم القواد جميعهم مع عجلان ، وخرج من مكة ونزل الجديد ، ثم ارتحل منه إلى البرقة طالبا قتال ثقبة ، فلم يمكنه القواد من ذلك ، ثم عاد إلى الجديد بعد شهر.

فلما كان أول ذى القعدة ، قصد ثقبة مكة ، فلم يمكن من دخولها ، بعد أن وصل إلى الدرب من ناحية الأبطح ، ثم اصطلح ثقبة وعجلان ، وتشاركا فى الإمرة عند وصول الحاج فى سنة ثمان وخمسين. واستمرا على الشرك والاصطلاح فى الإمرة ، إلى أن عزلا فى أثناء سنة ستين وسبعمائة ، بعد أن استدعيا فيه للحضور إلى حضرة السلطان بمصر ، فاعتذرا عن ذلك ، وولى عوضهما أخوهما سند وابن عمهما محمد بن عطيفة. انتهى ما ذكره ابن محفوظ ، وغالبه بالمعنى.

وذكر لى بعض من أثق به من الفقهاء المكيين : أن ثقبة اشترك مع أخيه سند فى

٢٥٨

الإمرة بمكة ، لما توجه محمد بن عطيفة ، والعسكر الذى كان بمكة إلى مصر ، بعد الفتنة التى كانت بين العسكر والأشراف بمكة ، بعد الحاج فى سنة إحدى وستين وسبعمائة ، وأن ثقبة سكّن الشر عن العسكر ، وساعدهم على التوجه إلى مصر ، فرعى له ذلك ، وأشرك مع أخيه عجلان فى الإمرة ، فلم يصل أخوه عجلان من مصر إلا وهو ضعيف مدنف ، فأقام أياما ، ثم مات فى شوال سنة اثنتين وسبعمائة بالجديد ، وحمل إلى مكة فدفن بالمعلاة انتهى. وكان كثير الرعاية للزيدية ، موصوفا بكرم وشجاعة ، ومدحه ابن غنائم بقصيدة حسنة ، أولها [من المنسرح] :

ما خفقت فوق منكب عذبه

على فتى كابن منجد ثقبه

ولا اعتزى به لفخار منتسب

إلا وفاقت علاه منتسبه

منتخب من سليل منتخب

منتجب من سليل منتجبه

كم جبرت راحاته منكسرا

وفك من أسر غيره رقبة

وخلف ثقبة عدة أولاد ، وهم : أحمد ، وحسن ، وعلى ، ومبارك ، وفاطمة ، وسبق خبر أحمد ، وسيأتى ذكر حسن ، وعلى ، ومبارك ، وأما فاطمة فموجودة فى تاريخه.

* * *

٢٥٩

حرف الجيم

٨٦٩ ـ جابر بن أسعد بن جابر بن عبد الله بن محمد بن على الحميرى اليمنى الحضورى ، الفقيه أبو محمد :

نزيل مكة. ولد بحضور ، وهى قرية من مخاليف صنعاء باليمن ، فى حدود سنة ستين وخمسمائة ، وقدم مكة. وسمع بها زاهر بن رستم جامع الترمذى ، وعلى أبى الفتوح الحصرى ، مسند الشافعى ، سنة عشر وستمائة. وسمع بالشام من القاسم بن عساكر والخشوعى ، وحدث.

سمع منه ابن مسدى ، وذكره فى معجمه. ومنه كتبت أكثر هذه الترجمة. وذكر أنه توفى سنة تسع وأربعين وستمائة بمكة ، سقط من علو منزله ـ رحمه‌الله ـ وأن أثباته ذهبت فى السيل الذى طم مكة ، على رأس العشرين وستمائة.

وقال الدمياطى فى معجمه : ذكر لى جابر فى سنة أربع وأربعين وستمائة ، أنه قدم من اليمن ، وله من العمر ما يزيد على العشرين. وأقام بمكة نحوا من خمس وستين سنة.

٨٧٠ ـ جابر بن عبد الله المعروف بالحراشى :

تردد إلى مكة مرات كثيرة ، ولايم فى بعضها الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة ، ففوض إليه أمر جدة وغيرها. فقام بمصالحه أحسن قيام ، وقرر لبنى حسن الرسوم التى يتناولونها اليوم ، وكانت على غير هذه الصفة ، مع نقصها عما قرره ، وكان يحسن السياسة معهم فى أدائها إليهم ، ويحسن السياسة أيضا فى استيفاء المكوس ، ولكنه زاد فيها كثيرا عما كانت عليه قبل ولايته ، وبنى الفرضة التى بجدة ، ليحاكى بها فرضة عدن. وكانت فرضة جدة على غير هذه الصفة.

ثم تغير عليه صاحب مكة ، لخبث لسانه وامتنانه عليه بقيامه بمصالحه ، فقبض عليه فى أوائل رمضان سنة تسع وثمانمائة ، بعد ثلاث سنين وأشهر ، من حين ولاه ، ثم أطلقه وقت الحج من سنة تسع وثمانمائة ، وأحسن إليه واستحلفه على ترك أذاه.

وتوجه إلى اليمن ، وأقام به نحو سنة ، ثم عاد إلى مكة فى موسم سنة عشر وثمانمائة ،

٢٦٠