نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٣

محمّد بن الحسن الشيباني

نهج البيان عن كشف معاني القرآن - ج ٣

المؤلف:

محمّد بن الحسن الشيباني


المحقق: حسين درگاهي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ١
ISBN: 964-400-034-X
الصفحات: ٤١١

«والمسكين» هو الّذي له بلغة من العيش (١) لا يقوم بمؤنته. واشتقاقه من السّكون ، وهو ضدّ الحركة. فكأنّه لم يبق له شيء من المال يتحرّك (٢) فيه ويتّجر (٣) ويتعيّش (٤) فيه (٥).

«والعاملين عليها» وهم السّعاة الّذين يقيمهم الإمام لجمع الصّدقات والحقوق من (٦) الأموال.

«والمؤلّفة قلوبهم» وهم الّذين يتألّفهم الإمام للجهاد ، وإن كانوا كفّارا ، فإنّه يعطيهم منها. «وفي الرّقاب» وهم المكاتبون من العبيد المؤمنين ، الّذين هم في شدّة ومشقّة ، وقد اشتروا أنفسهم من مواليهم يؤدّوا (٧) نجوما ، فإنّهم يعطون من الزّكاة ما يخلّصون به نفوسهم من الرّقّ.

«والغارمين» وهم الّذين ركبتهم الدّيون في غير معصية ، فإنّهم يعطون من الزّكاة ما يقضون به ديونهم.

«وفي سبيل الله» وهو الجهاد ، وكلّ ما هو طريق إلى ثوابه وطاعته من معاونة (٨) الحاجّ والزّوّار ومعاونة المجاهدين في سبيل الله. ومن ذلك بناء القناطر

__________________

(١) ب زيادة : و.

(٢) أ : يحرّك.+ م : يحرّكه.

(٣) م زيادة : فيه.

(٤) ج ، د : يتمعيش.

(٥) ليس في ب.

(٦) ب ، ج ، د : في.

(٧) م : يؤدّونها.

(٨) م : معونة.

٤١

والمساجد والمشاهد ، وغير ذلك من مصالح المسلمين (١) المؤمنين (٢) ، وتكفين أمواتهم والقيام بأيتامهم.

«وابن السّبيل» و (٣) هو المسافر الّذي يمرّ بالطّريق وقد انقطع به من نفقة أو راحلة وهو محتاج إلى المعونة ، يعان من مال الزّكاة بشيء يتوصّل إلى بلده ، وإن كان (٤) ذا يسار في بلده.

وقيل : «ابن السّبيل» الضّيف الّذي ينزل بك ، يطعم من مال الزّكاة ، ويعطى منها إذا كان عدلا محتاجا (٥).

[وقوله ـ تعالى ـ] : (٦) «فريضة من الله» ؛ أي (٧) : مقدّرة واجبة.

ونصب «فريضة» لأنّه مصدر.

وقوله ـ تعالى ـ : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) ؛ يعني : المنافقين ، قالوا : إنّ النّبيّ أذن ، يقبل كلّما يلقى إليه ويسمعه.

(قُلْ : أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) ؛ أي : يسمع ما (٨) يلقى إليه من مصالحكم.

وروي عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : أنّ (٩) هذه الآية نزلت في عبد الله بن

__________________

(١) ب : زيادة : و.

(٢) ليس في م.

(٣) ليس في ب.

(٤) ليس في أ.

(٥) أنظر : مجمع البيان ٥ / ٦٥.

(٦) من ب.

(٧) من ب.

(٨) م : كلّما.

(٩) ب : أنّه قال.

٤٢

نفيل ، المنافق. كان ينقل إلى المنافقين الكلام النّبيّ ـ عليه السّلام ـ ويعيبه عندهم (١) ، وينمّ عليه أيضا. فنزل عليه (٢) جبرئيل [ـ عليه السّلام ـ] (٣) فأخبره بذلك ، فأحضره (٤) ونهاه عن ذلك واستتابه (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ (٦٤)).

قال الحسن : نزلت في المنافقين ، وفيها وعيد لهم وتهدّد (٦).

وروي عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : أن (٧) هذه الآية نزلت (٨) في رجوع النّبيّ ـ عليه السّلام ـ من غزاة تبوك ، في حقّ المنافقين الّذين نفّروا ناقة النّبيّ ـ عليه السّلام ـ ليلة العقبة. وكان حذيفة بن اليمان ـ رحمه الله ـ يسوقها وعمّار آخذ بزمامها ، وكانوا اثني عشر رجلا. فأمر النّبيّ ـ عليه السّلام ـ [حذيفة أن يضرب وجوه رواحلهم حتّى نحّاهم عن الطريق ، ولم يعرفهم حذيفة وعرفهم النّبيّ ـ عليه السّلام ـ] (٩) فأحضرهم بين يديه ووبّخهم (١٠).

__________________

(١) ب : عليهم.

(٢) ليس في ب ، د.

(٣) ليس في أ.

(٤) ليس في ب.

(٥) عنه البرهان ٢ / ١٤٠ باختلاف يسير.+ سقط من هنا قوله تعالى : (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦١)) والآيتان (٦٢) و (٦٣)

(٦) تفسير أبي الفتوح ٦ / ٦٠ نقلا عن ابن كيان.

(٧) ب : نزلت.

(٨) ليس في ب.

(٩) ليس في ب.

(١٠) تفسير أبي الفتوح ٦ / ٦٠ ـ ٦١.

٤٣

فقالوا : (إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ). فكذّبهم ولعنهم ، وكان قد آخا بينهم ـ عليه السّلام ـ.

فقال لهم : (أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) (١١) :

قيل : فيها إضمار (١٢).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) ؛ يعني : هؤلاء المنافقين.

يقول ـ سبحانه ـ : لا تدع له (١٣) في التّكبيرة الرّابعة (١٤) ، ولا تقم على قبره بعد دفنه ، ولا تدعو (١٥) له ؛ كما تدعو (١٦) للمؤمن. وكان هذا الدّعاء [في الرّابعة] (١٧) بعد الموت ، فرقا بين المؤمن والمنافق.

وقيل : نزلت في عبد الله بن أبي سلول المنافق وأصحابه (١٨).

قوله ـ تعالى ـ : (جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ) (١٩) :

__________________

(١١) آل عمران (٣) / ١٠٦.

(١٢) ب زيادة : فقال أكفرتم بعد أيمانكم.+ سقط من هنا قوله تعالى : (قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ (٦٥)) والآيات (٦٦) ـ (٨٣)

(١٣) ب : لهم.

(١٤) ليس في ب.

(١٥) ج : تدع.

(١٦) ج : تدع.

(١٧) ليس في ب.

(١٨) التبيان ٥ / ٢٧١ نقلا عن ابن عباس.

(١٩) التحريم (٦٦) / ٩.

٤٤

قال الجبائيّ : جهاد الكفّار بالسّيف ، وجهاد المنافقين بإقامة الحدود (١).

وقيل : جهاد المنافقين بإقامة الحجّة والبرهان (٢).

وفي قراءة أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ : «جاهد الكفّار بالمنافقين» ؛ يعني : كلّ (٣) قتل من الفريقين كان فتحا (٤).

قوله ـ تعالى ـ : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ) :

روي عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ أنّها نزلت في عليّ ـ عليه السّلام ـ ومن تبعه من المهاجرين والأنصار (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً) (٦) :

زلت هذه الآية في أعراب كانوا حول المدينة ، من أسد وغطفان (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ

__________________

(١) التبيان ١٠ / ٥٢.

(٢) تفسير أبي الفتوح ١١ / ٢٠٢.

(٣) من ب.

(٤) سقط من هنا قوله تعالى : (إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ (٨٤)) والآيات (٨٥) ـ (٩٩)

(٥) عنه البرهان ٢ / ١٥٤ وورد مؤدّاه عن الحسن ـ عليه السّلام ـ في البرهان ٢ / ١٥٢ نقلا عن أمالي الشيخ.

(٦) التوبة (٩) / ٩٧.

(٧) سقط من هنا قوله تعالى : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠)) وسيأتي شطر من الآية (١٠١) وسقطت الآيتان (١٠٢) و (١٠٣)

٤٥

الصَّدَقاتِ) ؛ أي : يقبلها ويجازي عليها (١).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) :

ورد (٢) في أخبارنا ، عن أئمّتنا ـ عليهم السّلام ـ : أنّ أعمال العباد تعرض في كلّ اثنين وخميس (٣) على النّبيّ ـ عليه السّلام ـ وعلى آله (٤) الطّاهرين (٥).

قوله ـ تعالى ـ : «وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا» (٦) :

نزلت هذه الآية في الّذين نفّروا ناقة النّبيّ ـ عليه السّلام ـ ليلة العقبة ، فنجّاه الله منهم.

قوله ـ تعالى ـ : ([وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ] وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) ؛ يعني : المنافقين.

(سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ) :

قيل : بالقتل والأسر (٧).

__________________

(١) سقط من هنا قوله تعالى : (وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤))

(٢). : وروى.

(٣) أ ، د : خمسين.

(٤) ليس في ج ، د.

(٥) ب زيادة : من آله ـ عليهم السّلام ـ.+ أنظر : كنز الدقائق ٥ / ٥٣٣ ـ ٥٣٧ ، نور الثقلين ٢ / ٢٦٢ ـ ٢٦٤ ، البرهان ٢ / ١٥٧ ـ ١٦٠ ، بحار الأنوار ٥ / ٣٢٩ وج ١٧ / ١٣١ و ١٤٩ و ١٥٠ وج ٢٣ / ٣٣٣ باب عرض الأعمال عليهم ـ عليهم السّلام ـ ، التبيان ٥ / ٢٩٥.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥)) والآية (١٠٦)

(٦) التوبة (٩) / ٧٤.

(٧) التبيان ٥ / ٢٨٩ نقلا عن مجاهد.

٤٦

وقيل : في (١) الدّنيا والآخرة (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ) ؛ يعني : أبا عامر وأصحابه المنافقين الّذي (٣) ارتدّ عن الإسلام (٤) وعادى [النّبيّ ـ عليه السّلام ـ] (٥) فسمّاه (٦) الفاسق وطرده ، فمضى إلى الرّوم وتنصّر (٧) وقال : لآتينّ بعسكر لإخراج محمّد ـ عليه السّلام ـ من المدينة. وكان بعد بناء مسجد أهل (٨) قباء قد بنوا مسجدا لهم حسدا منهم لأهل (٩) قباء ، وجاؤوا إلى النّبيّ ـ عليه السّلام ـ وسألوه أن يشرّفهم ويصلّي في مسجدهم ؛ كما يصلّي (١٠) في مسجد [أهل قباء] (١١) ، فأجابهم (١٢) إلى ذلك وقام معهم ليصلّي في مسجدهم.

فنزل جبرئيل ـ عليه السّلام ـ فأخبره بخبر أبي عامر والمنافقين ، أنّهم بنوا

__________________

(١) ليس في أ.

(٢) تفسير الطبري ١١ / ٩.+ سقط من هنا قوله تعالى : (ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ (١٠١))

(٣) ب ، ج : الذين.

(٤) ب زيادة : وترهّب.

(٥) ليس في ب.

(٦) ب : وسمّاه.

(٧) د ، م : فتنصر.

(٨) ليس في ج.

(٩) ب : إلى أهل.

(١٠) ب ، ج ، د ، م : صلّى.

(١١) ليس في ب.

(١٢) أ : فجابهم.

٤٧

مسجدا ضرارا وتعاقدوا (١) بينهم (٢) أن يلقوا النّبيّ ـ عليه السّلام ـ ويسألوه أن يصلّي في مسجدهم ؛ كما صلى في مسجد أهل قباء (٣) ، وتعاهدوا إن (٤) أجابهم إلى ذلك وصلّى فيه أن يفتكوا به ويقتلوه.

فجاؤوا إلى النّبيّ ـ عليه السّلام ـ بعد فراغ مسجدهم ، [فسألوه أن يصلّي فيه ؛ كما صلى في مسجد أهل قباء. فأجابهم إلى ذلك ، فقام (٥) ولبس (٦) ثيابه ليمضي معهم ، فنزل عليه (٧) جبرئيل [فأخبرهم بخبره] (٨) وما (٩) همّوا به] (١٠) ، أمره (١١) أن ينفذ إلى مسجدهم من (١٢) يهدمه ويعفّي أثره.

فنفذ ـ عليه السّلام ـ إليه (١٣) اثني عشر نقيبا ، فهدموه وعفّوا أثره ، وأمرهم أن يجعلوه كناسة للتّبن والقمامة (١٤).

__________________

(١) ب : تعاهدوا.

(٢) ليس في ب.

(٣) ليس في ب.

(٤) ج : إذا.+ م : أنّه إذا.

(٥) ج ، د : وقام.

(٦) م : فلبس.

(٧) ليس في ج ، د.

(٨) ج ، د ، م : فأخبره بخبرهم.

(٩) ليس في أ ، ب.

(١٠) ليس في ب.

(١١) ج : أخبره.

(١٢) ب : أن.+ ج : من أن.

(١٣) ليس في ج.

(١٤) سقط من هنا قوله تعالى : (وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٠٧) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً).

٤٨

قوله ـ تعالى ـ : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) ؛ يعني : مسجد قباء.

وقيل : مسجد المدينة (١).

[(أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (١٠٨)) ؛ يعني : الّذين هذه صفتهم ، وهم أهل قباء. وكانوا حدّادين] (٢) ، فإذا سمعوا صوت المؤذّن بالصّلاة ، وكان بيد أحدهم المطرقة وقد رفعها ليضرب بها الحديد ، رماها إلى خلفه وأقبل على طهارته وصلاته. فأثنى الله عليهم بذلك ، فقال :

(رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) (٣).

قوله ـ تعالى ـ : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ (٤) الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ) ؛ يعني : الصّائمين ، من قول النّبيّ ـ عليه السّلام ـ : سياحة أمّتي الصّوم (٥).

(الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٢)) :

هذه الآية بإجماع المفسّرين نزلت في النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وأهل بيته الطاهرين (٦) ـ عليه السّلام ـ ومن تبعهم وصدّقهم فيما أتوا به (٧) من أمر

__________________

(١) التبيان ٥ / ٢٩٩ نقلا عن ابن عمر.

(٢) ليس في ب.

(٣) النّور (٢٤) / ٣٧.+ سقط من هنا الآيات (١٠٩) ـ (١١١)

(٤) ب زيادة : (الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ).

(٥) التبيان ٥ / ٣٠٧.

(٦) ليس في ب.

(٧) ليس في ب.

٤٩

ونهي وحكم (٨).

قوله ـ تعالى ـ : (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) ؛ [أي : خلّفوا] (٩) عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ هذه عطف.

وروي أنّ السّبب في هذه الآية ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ : أنّ النّبيّ ـ عليه السّلام ـ لمّا توجّه إلى غزاة تبوك تخلّف عنه كعب بن مالك الشّاعر ومرارة بن الرّبيع وهلال بن أميّة ، تخلّفوا عن [رسول الله] (١٠) ـ عليه السّلام ـ على أن يتحوّجوا ويلحقوه (١١) فلهوا بأشغالهم وحوائجهم عن ذلك وندموا وتابوا.

فلما رجع النّبيّ ـ عليه السّلام ـ مظفّرا منصورا ، أعرض عنهم. فخرجوا على وجوههم وهاموا في البرّيّة مع الوحوش ، وندموا أصدق ندامة ، وخافوا أن لا يقبل الله توبتهم ورسوله لإعراضه عنهم.

فنزل جبرائيل ـ عليه السّلام ـ فتلا (١٢) [هذه الآية] (١٣) على النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم. فنفذ إليهم (١٤) من جاء بهم ، فتلاها عليهم ، وعرّفهم أنّ الله ـ تعالى ـ قد قبل توبتهم (١٥).

__________________

(٨) سقط من هنا الآيات (١١٣) ـ (١١٧)

(٩) ليس في أ ، ج ، د.

(١٠) أ ، ج ، د ، م : النّبيّ.

(١١) ب : أن يلحقوا به.

(١٢) ج ، د ، م : فتلاها.

(١٣) ليس في أ.

(١٤) ب : بهم.

(١٥) عنه البرهان ٢ / ١٦٩ ، وورد أسماء الثلاثة في العيّاشي ٢ / ١١٥ ، ح ١٥١ وعنه البرهان ٢ / ١٦٩ ، ح ٦.

٥٠

وروي أبو حمزة الثّماليّ ـ رحمه الله ـ قال : بلغنا أنّهم ثلاثة نفر من الأنصار : أبو لبابة بن عبد المنذر ، وثعلبة بن وديعة ، وأوس بن حزام. تخلّفوا عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في غزاة تبوك ، فندموا على ذلك وأيقنوا بالهلاك ، وشدّوا (١) أنفسهم في سواري مسجد النّبيّ ـ عليه السّلام ـ وقالوا : لا نحلّ أنفسنا (٢) حتّى (٣) يتوب الله علينا ، ويكون النّبيّ ـ عليه السّلام ـ هو الّذي يحلّنا.

فنزل جبرئيل ـ عليه السّلام ـ على محمّد (٤) رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فأخبره بحالهم ، وأنّ الله (٥) قد قبل توبتهم ، وتلا عليه الآية ، وأمره. بحلّهم من السّواري.

فجاء ـ عليه السّلام ـ [بنفسه فحلّهم] (٦) ، وتلا عليهم الآية ، وعرّفهم أنّ الله قد قبل توبتهم (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ ، وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩)) :

روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ : أنّ «الصّادقين» هاهنا

__________________

(١) ب : فشدّوا.

(٢) ب : نفوسنا.

(٣) ب زيادة : نموت أو.

(٤) ليس في ب.

(٥) ليس في ج.

(٦) ليس في ب.

(٧) أنظر : تفسير الطبري ١١ / ١٣ ، تفسير العيّاشي ٢ / ١١٦ ، ح ١٥٣ وعنه البرهان ٢ / ١٦٩ ، ح ٨.+ سقط من هنا قوله تعالى : (حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١١٨))

٥١

هم (١) الأئمّة الطّاهرين من آل محمّد ـ عليهم السّلام ـ أجمعين (٢) ؛ [فاطمة والحسن والحسين وذرّيتهم الطاهرين إلى يوم القيامة من آل محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٣).

وروي أنّ النّبيّ ـ عليه السّلام ـ سئل عن «الصّادقين» هاهنا.

فقال : هم عليّ وفاطمة (٤) والحسن والحسين وذرّيتهم الطّاهرون إلى يوم القيامة (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) ؛ يعني : يكون فيها (٦) ذكر المنافقين (نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) فيتسلّلون ، ويستتر بعضهم ببعض ، ويخرجون من مسجد النّبيّ ـ عليه السّلام ـ يعني : المنافقين (٧).

قوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) ؛ يعني : المنافقين. وهذا دعاء عليهم (٨).

قوله ـ تعالى ـ : (أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) :

__________________

(١) ليس في ب.

(٢) ليس في أ ، ج ، د.

(٣) عنه البرهان ٢ / ١٧٠ ، ح ١٥ وورد مؤدّاه في تفسير الحبري / ٤٧٩ تخريج الحديث (٣٥) ، كنز الدقائق ٥ / ٥٦٨ ـ ٥٧٠ ، نور الثقلين ٢ / ٢٨٠ ـ ٢٨١ ، البرهان ٢ / ١٧٠ ، بحار الأنوار ٢٤ / ٣٠ باب أنّ ولايتهم الصدق وأنّهم الصادقون.

(٤) ليس في ب.

(٥) عنه البرهان ٢ / ١٧٠ ، ح ١٦.+ سقط من هنا الآيات (١٢٠) ـ (١٢٥) وسيأت آنفا الآية (١٢٦)

(٦) ليس في ب.

(٧) سقط من هنا قوله تعالى : (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ).

(٨) سقط من هنا قوله تعالى : (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٢٧))

٥٢

هذه «الألف» هاهنا بمعنى : الواو ؛ كما قال ـ سبحانه ـ : «وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ» (١). بمعنى : ويزيدون.

والشّكّ في [كلامه ـ تعالى ـ] (٢) لا يقع ؛ لأنّ الله ـ تعالى ـ عالم بالأشياء كلّها ما كان منها وما لم يكن وما عساه كائن ؛ لأنّه عالم لذاته لا يعزب عنه شيء.

[والفتنة] (٣) في الآية ، هاهنا ، هي الاختيار بالأمراض الّتي تنزل بهم ، ليعتبروا ويتفكّروا فيها ويتوبوا إلى الله ويصلحوا أعمالهم (٤).

__________________

(١) الصافّات (٣٧) / ١٤٧.

(٢) ب ، ج ، د ، م : كلام الله.

(٣) ليس في أ.

(٤) سقط من هنا بقيّة الآية (١٢٦) وهي (ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) والآيتان (١٢٨) و (١٢٩)

٥٣

ومن سورة يونس ـ عليه السّلام ـ

وهي مائة [آية وعشر آيات.

مكيّة] (١) بغير (٢) خلاف.

قوله ـ تعالى ـ : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (١)) ؛ أي : الكتاب المحكم. وهو فعيل ، بمعنى : مفعل. وهو في [كلام الله ـ تعالى ـ] (٣) كثير ، [وفي العربيّة يستعمل] (٤).

ومعنى «الر» : أنا الله أرى. وعنى (٥) بالمحكم [أنّ الله] (٦) أحكم حلاله وحرامه. عن الكلبيّ (٧).

__________________

(١) ليس في ج.

(٢) ج : بلا.

(٣) د : كلام.+ أ ، ج ، م : كلامهم.

(٤) من ب.

(٥) ب : معنى.

(٦) أ ، ج ، د ، م : أنّه.

(٧) تفسير أبي الفتوح ٦ / ١٥٠.

٥٤

وقال (١) مقاتل : أحكم من الباطل لا خلاف فيه (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ) :

هذه «الألف» ألف استفهام ، يريد بها : الإنكار.

و «النّاس» هاهنا هم رؤساء قريش وجبابرتها ، قالوا : العجب من الله كيف لم يجد إلّا يتيم أبي طالب فجعله رسولا إلينا ، وفضّله بالنّبوّة علينا.

قوله ـ تعالى ـ : «أنذر النّاس» أي : خوفهم : ، يا محمّد ، عقاب الله على مخالفة أمره ونهيه.

وقوله (٣) : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ؛ أي : أخبرهم ، يا محمّد ، بما يسرّهم ، فأنّ (٤) لهم مقاما ثابتا في الجنّة من الثّواب على إيمانهم وطاعتهم وتصديقهم لك بما جئت به من أمور (٥) الدّنيا والآخرة.

(قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ (٢)) ؛ يعني : سحر بيّن ؛ يعني (٦) : قال كفار قريش وجبابرتها ذلك. قالوا : إنّ هذا القرآن سحر بيّن (٧).

__________________

(١) ليس في ب.

(٢) ليس في ب.+ تفسير أبي الفتوح ٦ / ١٥٠.

(٣) ليس في ب.

(٤) ب : وأن.

(٥) م : أمر.

(٦) ليس في ب.

(٧) ب ، م : مبين.

٥٥

قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ؛ يعني : من أيّام الأسبوع ، من الأحد إلى الجمعة ، ثمّ قطع الخلق يوم السّبت فسمّي : سبتا (١).

قوله ـ تعالى ـ : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً) ؛ [يعني : ضياء] (٢) النّهار (٣) لتصرّفكم.

(وَالْقَمَرَ نُوراً) ؛ يعني : باللّيل ، لتهتدوا به في الظّلمة.

(وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ) ؛ يعني : فيها (٤) كلّ شهر ، وهو (٥) ثمانية وعشرون منزلا.

في (٦) كلّ ليلة ينزل منزلا منها. وهو يقطع الفلك في كلّ شهر مرّة ، والشّمس تقطع الفلك في كلّ سنة مرّة ، بتقدير قدّره (٧) الله ـ تعالى ـ وحكمه (٨). ليعلموا بذلك عدد السّنين والحساب (٩).

قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ

__________________

(١) سقط من هنا قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٣)) والآية (٤)

(٢) ليس في ب ، ج.

(٣) ب : بالنّهار.

(٤) م : في.

(٥) ب : هي.

(٦) ليس في أ ، د ، م.

(٧) م : قدّره.

(٨) ج ، د زيادة : و.

(٩) سقط من هنا قوله تعالى : (لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥))

٥٦

وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (٦)) ؛ أي : علامات ودلالات على وحدانيّته (١) وحكمته (٢).

قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ [بِإِيمانِهِمْ]) ؛ أي : يثبتهم ويرشدهم ، ويلطف بهم بفعل الإيمان وحسن الاختيار ، وبتقبّل (٣) اللّطف الّذي قرّبهم إلى الثواب والنّجاة من العقاب.

قوله ـ تعالى ـ : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ) ؛ يعني : من تحت الجنّة الّتي أعدّت لهم على إيمانهم وطاعتهم (٤).

والجنّة في علوّ ، والنّار في أسفل. قال النّبيّ ـ عليه السّلام ـ : الجنّة درجات ؛ يعني : إلى فوق ، والنّار دركات ؛ يعني : إلى أسفل (٥).

قوله ـ تعالى ـ : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَ) :

الكلبيّ (٦) ومقاتل قالا (٧) : إذا أراد أهل الجنّة أن يطعموا أو يشربوا أو يتفكّهوا من كلّ ما اشتهوا من الملاذ [والأقوات اللّذيذة الطّيّبة] (٨) ، قالوا : «سبحانك اللهمّ».

__________________

(١) ب : وحدانيّة الله تعالى.

(٢) سقط من هنا الآيتان (٧) و (٨)

(٣) ج ، د ، ب ، م : تقبّل.

(٤) م : طاعاتهم.

(٥) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر ولكن ورد في سنن ابن ماجه ٢ / ١٤٤٨ ح ٤٣٣١ وبحار الأنوار ٨ / ٨٩ عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ الجنّة مائة درجة.+ سقط من هنا قوله تعالى : (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ(٩))

(٦) ب : قال الكلبيّ.

(٧) ليس في ب.

(٨) من ب.

٥٧

فإذا سمع الخدم والولدان ذلك أتوهم بالموائد (١) ، عليها الأطعمة والأشربة والفاكهة ، ثمّ يأتوا [ن] هم بكلّ ما اشتهوا من الملاذ والأقوات اللّذيذة الطّيّبة (٢).

وقال ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ : إنّ أهل الجنّة إذا اشتهوا شيئا من مأكول أو مشروب أو لذّة ، قالوا : «سبحانك» فإذا أطعموا (٣) ونالوا ما اشتهوا قالوا : «الحمد لله ربّ العالمين». فهي (٤) آخر دعواهم ، قال ـ سبحانه ـ : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠)) (٥).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) ؛ يريد ـ سبحانه ـ : لو يعجّل الله (٦) لهم العقوبة أو الموت إذا دعوا على أنفسهم (٧) [وأولادهم وأهليهم وخدمهم] (٨) في حال الغيظ والغضب ؛ كاستعجالهم من الله بالدّعاء [الخير (٩) والرّزق] (١٠) والرّحمة والمغفرة عقيب الدّعاء ، لقضي إليهم أجلهم فهلكوا (١١) وماتوا جميعا ، ولكنّ الله يعلم (١٢) مصالحهم وتدبيرهم مالا

__________________

(١) ليس في م.

(٢) تفسير أبي الفتوح ٦ / ١٥٩.

(٣) م : أو.

(٤) م : في.

(٥) تنوير المقياس / ١٣١.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ).

(٦) ليس في ج.

(٧) ب زيادة : وحالهم.

(٨) ليس في ب.

(٩) ليس في ج ، د.

(١٠) م : بالرزق.

(١١) ب : لهلكوا.

(١٢) ب ، ج ، د ، م زيادة : من.

٥٨

يعلمون.

ونصب «استعجالهم» لأنّه (١٣) مصدر. وتقديره (١٤) : استعجالا مثل استعجالهم بالخير (١٥).

قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً) :

يريد «بالضّرّ» هاهنا : المرض.

وقوله (١٦) : «دعانا لجنبه» ؛ أي : مضطجعا على جنبه من المرض «أو قاعدا أو قائما».

قوله ـ تعالى ـ : (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا) ؛ أي : استمر على غيّه وجهله ، وانهمك في معاصيه وترك الدّعاء (١٧).

وقوله ـ تعالى ـ : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا) ؛ يعني : بتكذيبهم للرّسل (١٨).

(ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) : يخاطب رؤساء قريش المقتسمين (١٩).

__________________

(١٣) ب : أنه.

(١٤) ب : التقدير.

(١٥) سقط من هنا قوله تعالى : (فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١))

(١٦) ليس في ب.

(١٧) سقط من هنا قوله تعالى : (إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢))

(١٨) م : الرّسل.+ سقط من هنا قوله تعالى : (وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣))

(١٩) م : المقسمين.

٥٩

«خلائف» ؛ أي : خلّفتم القرون الماضية وجئتم بعدهم في الأرض تخلّفونهم ، فاعتبروا بهم وبهلاكهم (١).

وقوله ـ تعالى ـ : حكاية عنهم ـ أيضا ـ (٢) للنّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : (ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا) يكون فيه ذكر اللّات والعزّى ومناة وغيرهم من الأصنام (٣) والأوثان.

(أَوْ بَدِّلْهُ) ؛ يعني : من تلقاء نفسك. يقولون : اجعل مكان آية عذاب آية رحمة.

قال ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ : نزلت هذه الآيات في الوليد بن المغيرة وأصحابه ، الرّؤساء من قريش ، المقتسمين (٤).

[(قُلْ) يا] (٥) محمّد (٦) : (ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي) ؛ أي : من عند نفسي (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ).

وقوله ـ تعالى ـ : حكاية عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ (٧) وقوله

__________________

(١) سقط من هنا قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا).

(٢) ليس في ب.

(٣) ب : أو.

(٤) أسباب النزول / ٢٠٠ ، مجمع البيان ٥ / ١٤٦.

(٥) ب ، فأوحى الله إلى.

(٦) ليس في ج ، د ، م.

(٧) سقط من هنا قوله تعالى : (إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ).

٦٠