عن إساءة جاهلهم ، يحدوه رضى الله تعالى ، يقرّب المذنبين ويطمئنهم ، ويزرع فيهم الأمل برحمة الله ، فكان لا يردّ على مسيء إساءة ، بل يحنو عليه ويرشده إلى طريق الحقّ وينقذه من الضلال.
فقد روي عنه عليهالسلام أنّه قال : «لو شتمني رجل في هذه الاُذن ـ وأومأ إلى اليمنى ـ واعتذر لي في اليسرى لقبلت ذلك منه ؛ وذلك أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام حدّثني أنّه سمع جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : لا يرد الحوض مَنْ لم يقبل العذر من محقّ أو مبطل» (١).
كما روي أنّ غلاماً له جنا جنايةً كانت توجب العقاب ، فأمر بتأديبه ، فانبرى العبد قائلاً : يا مولاي ، والكاظمين الغيظ. فقال عليهالسلام : «خلّوا عنه». فقال : يا مولاي ، والعافين عن النّاس. فقال عليهالسلام : «قد عفوت عنك». قال : يا مولاي ، والله يحبّ المحسنين. فقال عليهالسلام : «أنت حرّ لوجه الله ، ولك ضعف ما كنت أعطيك» (٢).
٣ ـ جوده وكرمه عليهالسلام :
وبنفس كبيرة كان الإمام الحسين بن علي عليهماالسلام يعين الفقراء والمحتاجين ، ويحنو على الأرامل والأيتام ، ويثلج قلوب الوافدين عليه ، ويقضي حوائج السّائلين من دون أن يجعلهم يشعرون بذلّ المسألة ، ويصل رحمه دون انقطاع ، ولم يصله مال إلاّ فرّقه وأنفقه ، وهذه سجيّة الجواد وشنشنة الكريم وسمة ذي السّماحة.
فكان يحمل في دجى الليل البهيم جراباً مملوءاً طعاماً ونقوداً إلى منازل الأرامل واليتامى حتّى شهد له بهذا الكرم معاوية بن أبي سفيان ، وذلك حين
__________________
(١) إحقاق الحقّ ١١ / ٤٣١.
(٢) كشف الغمّة ٢ / ٣١ ، والفصول المهمّة ـ لابن الصبّاغ / ١٦٨ مع اختلاف يسير ، وأعيان الشيعة ٤ / ٥٣.