التحفة الرضويّة في مجرّبات الإماميّة

محمّد الرضي الرضوي

التحفة الرضويّة في مجرّبات الإماميّة

المؤلف:

محمّد الرضي الرضوي


الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٦٨

الأعلام انه أحيا (الله تعالى له) بعض الحيوانات التي تحقّق عنده موتها بقرائة سورة الحمد عليها بعد ان رأى حديث الاِمام الصادق عليه السلام هذا. ولا غرابة في ذلك قال الله سبحانه (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) (١) والمؤمن اذا صحّ ايمانه ، وزكت نفسه ، ورسخت عقائده ، وخلصت لله تعالى أعماله واقواله ، فهو اكرم على الله تعالى من ان يسئله شيئاً ، او يرجو منه حاجة فيخيّبه ، كيف وقد جاء في الحديث القدسي : عبدي اطعني تكن مثلي ، اقول للشيء كن فيكون.

عن الاِمام الصادق عليه السلام : من نالته علّة فليقرأ الحمد في جيبه (٢) سبع مرات ، فان ذهبت والّا فليقرأها سبعين مرة ، وانا الضامن له العافية (٣).

حدثني السيد الأجلّ والدي العلّامة الورع قدس سره قال قرائتها سبعين مرة الصحة والتوجه (٤) وعدم الزيادة والنقيصة في العدد مجرّبة لشفاء المريض.

وحكى لي رحمه الله ان العلّامة الشيخ باقر القاموسي رحمه الله مرض فأتوه بالأطباء ، فلم يشخّصوا مرضه ، وانه قرأ وآخر معه عليه الحمد سبعين مرة ، فبرأ من مرضه.

وذكر بعض اصحابنا ايضاً ان قرائتها سبعين مرة على رأس المريض مجربة لشفائِه.

وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : من قرأها على قدح ماء اربعين مرة وصبّه على مريض شفي باِذن الله تعالى.

__________________

(١) سورة الاِسرائ آية ٨٢.

(٢) جيب القميص ما ينفتح على النحر.

(٣) البرهان في تفسير القرآن ج ١.

(٤) اي الاِنقطاع الى الله سبحانه حال القرائة والاِنقلاع عما سواه ومع صحة القرائة.

١٢١

قال الكفعمي (١) في المصباح : رايت بخط الشهيد رحمه الله أن يمسك بعضد المريض الأيمن ويقرأ الحمد سبعاً ويدعو بهذا الدعاء : أللهم ازل عنه العلل والداء ، وأعده الى الصحة والشفاء ، وأمده بحسن الوقاية ورده الى حسن العافية واجعل ما ناله في مرضه هذا مادة لحياته ، وكفارة لسيآته ، أللهم وصل على محمد وآل محمد. فان لم ينجع (٢) وإلّا كرر الحمد سبعين مرة فانه ينجع انشاء الله. وقال العلّامة التقي المجلسي قدس سره الزكي (٣) في (روضة المتقين) : ولهذا سميت بالشافية ، واضاف : وانا جربت ازيد من الف رجل كانوا في المرض الشديد الذي أيسوا منه فبرؤا بالحمد ، والحمد لله ربّ العالمين وهذا ايضاً من معجزات القرآن ، بل كل آية من آيات القرآن معجزة ، فانها اذا قرأت لأيّ مطلب كان فهو حاصل اذا كان مع الاِخلاص واليقين.

الرضويّ : وهذان شرطان قلّما يحصلان للاِنسان ، وهما الأصل في ذلك ، بل في كل ما يطلب من الله تعالى ، حدثني المهذب الفاضل الشيخ صالح السلطان الأحسائي انه جرّبها لشفاء المريض مراراً.

وحدثني ايضاً بعض اهل العلم من الاِخوان انه قراها على مريض اشرف على الموت ويئس منه اهله ، فبرأ في ليلته ، ونزل من غرفته الى ساحة الدار ، وطلب من اهله طعاماً. وحدثني السيد الشريف السيد علي اكبر التبريزي انه جرّبها ، وحكى لي رحمه الله قال : مرض جار لنا ، ذهبت الى عيادته ومعي جماعة من العلويين (٤) انا خامسهم ، فلما دخلنا عليه رأيناه مشرفاً على الموت ، وكان اهله

__________________

(١) تقدمت ترجمته ص ٣٥.

(٢) : لم يؤثر.

(٣) تقدمت ترجمته في ص ٢٤.

(٤) واحده علوي ، وهو عند الشيعة من ينتسب بالولادة الى علي بن ابي طالب امير المؤمنين عليه السلام من جهة الأب ويعبرون عنهم بـ (سادة) جمع سيّد.

١٢٢

احضروا كفنه وهم يتذاكرون في تعيين محلّ دفنه ، او محل عقد مجلس الفاتحة له فالتفت الى اصحابي وقلت لهم لا يحسن بنا ندخل عليه ، ونخرج من عنده ولا يظهر اثر سبب دخولنا عليه (١) تعالَوا ليقرأ كلّ منّا سورة الحمد سبعين مرة. فاجابوني الى ذلك فقرأنا له الحمد ، وبعد يومين عوفي باذن الله ، وخرج لزيارة الاِمام الرضا عليه السلام. والحمد لله الذي منّ علينا ببركة الثقلين ، القرآن وعترة رسول الله الأئِمة الأطهار عليهم السلام.

٥٣ ـ آية مجرّبة للشفاء من المرض

عن الاِمام الصادق عليه السلام انه قال : بسم الله الرحمن الرحيم اقرب الى اسم الله الأعظم من ناضر العين الى بياضها (٢).

حدثني السيد الجليل علي اكبر التبريزي رحمه الله انه جربها للشفاء من جميع الأمراض ، قال : تضع يدك على الألم ، وتقرؤها احدى واربعين مرة.

٥٤ ـ صلوة مجرّبة لشفاء الأولاد من العلل والأمراض

وهي ركعتان يصليهما والد المريض لشفائِه ليلة الاِثنين ، يقرأ في الركعة الأولى بعد الحمد سورة التكاثر احدى عشرة مرة ، وفي الثانية بعد الحمد ثلاث عشرة مرة ، وبعد الفراغ من الصلوة يسبّح تسبيح الزهراء عليها السلام ، ثم يسجد ، وفيه يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مأة مرة ، ويعاهد الله تعالى معاهدة قلبية ان رزق ولده هذا الشفاء من مرضه هذا يصلي على النبي وآله اربعمائة مرة في سجدة من سجدات

__________________

(١) يعني والحال اننا من سلالة العترة النبوية الطاهرة ، ومن ذوي العلم ايضاً.

(٢) البرهان في تفسير القرآن.

١٢٣

الشكر ثم يرفع راسه. حدثني بها العلّامة الحجّة السيد الوالد رحمه الله وذكر انها من المجرِّبات لذلك.

ووجدت بخطه طاب ثراه ما نصه : صلوة ليلة الاِثنين مروية عن المرحوم استاذ العلماء الحاج شيخ مرتضى الانصاري قدس سره وذكرها ، الّا انه لم يذكر تسبيح الزهراء عليها السلام بعدها كما حدثني بذلك طاب ثراه في حياته.

وحدثني السيد السند الأستاذ الورع العلّامة الحجة السيد ميرزا حسن الشيرازي قدس سره (١) انه جرّبها مراراً ، وعلّمها رجلاً وهو علّمها جماعة كثيرة فبرء مرضاهم والحمد لله.

الرضوي : اتفق ان سقط ولدي السيد علي الرضوي وسيارته في وهدة عميقة (٢) وهو في طريقه الى طهران عائداً من الشمال ، فانكسرت احدى يديه ، واحدى رجليه ، وبعض فقرات ظهره ، وعلا احدى عينيه ماء ابيض غطى سواد العين كله ، ولم يكن هذا الحادث المؤلم يبشّر بسلامته ورجوعه الى حالته الطبيعيّة فصلّيت هذه الصلوة لشفاءه ، فعافاه الله بفضله وكرمه من جميع ما كان يُخشى عليه منه ، وعاد سالماً والحمد لله اهل الحمد والمنّة والفضل.

وشكى لي احد الهاشميين في طهران انّ بنتاً له فوجئت بصوت مزعج افزعها ، ومن جرّاءه اصابها خلل في عقلها ، أمرته بهذه الصلوة فصلّاها لشفاءها فأخبرني انها عوفيت تلك الليلة ، والحمد لله رب العالمين.

٥٥ ـ ذِكرٌ مجرّب للشفاء من المرض ولقضاء الحاجات

وهو : لا اله الا الله بعزتك وقدرتك ، لا اله الا الله بحقك وحرمتك ، لا اله الا

__________________

(١) تقدمت ترجمته ص ٢٣.

(٢) الوهدة : الأرض المنخفضة ، الهوّة في الأرض.

١٢٤

الله فرج برحمتك ، يا أرحم الراحمين. تقرؤه اربعين يوماً ، كل يوم سبعين مرة بعد صلوة الصبح. حدثني به بعض الهاشميين من اهل العلم عن بعض الصالحين من ذوي الدين ، وقال : هو مجرّب لكل حاجة من مرض ودَين وغير ذلك ، واضاف وله اثر عجيب ، وقد جرّبته مراراً ، وبلغت مرادي قبل بلوغ الأربعين.

وذكره المرحوم السيد محمد خامنهء التبريزي في مجموعة له وقال ما معناه : نقل انّ من قرأه سبعين مرة مع اعتقاد صحيح تُقضى حوائِجه البتة ، ولا شبهة في ذلك خاصة لشفاء المريض ، فانه يقرؤه بنفسه ، ولا سيّما اذا قرأه في سجوده ، مجرّب. ولم يذكر رحمه الله في آخره (يا أرحم الراحمين).

وفي اللّئالي المخزونة نحوه ، ونسبه الى الشيخ بهاء الدين العاملي قدس سره (١) وانه قال : من المجرّبات خاصة لشفاء المريض اِن قرء عنده بنيّته ، الّا أن يكون قد حضر اجله ، واضاف فان لم تُقض حاجته فليخاصمني يوم القيامة.

صورة اخرى لهذا الذكر مجرّبة لما ذكر ايضاً ، وهي : لا اله الا الله بعزتك وقدرتك ، لا اله الا الله بحق حقك وحرمتك. لا اله الا الله فرج برحمتك. وهذه الصورة موافقة لما نقله صاحب اللئالي المخزونة عن الشيخ البهائي قدس سره.

وحدثني بعض أهل العلم ، قال : طلبت من الحاج آقا مصطفى البروجردي رحمه الله ذِكراً مجرّباً لقضاء الحوائِج ، فتفضل عليّ وعلمني هذا الذكر وحتى الآن لم تبلغ قرائتي له الأسبوع ، بل تقضى حاجتي في اليوم الثالث منه ، وقد جربته مراراً ، وعلمته علوياً اتهمته الحكومة بأمر ، فعمله وبعد يومين أو ثلاثة ايام كفاه الله شرها.

وذكر انه اشترط عليه الوصل وعدم الوقف في القرائة ، وان يقرئه سبعين

__________________

(١) تقدمت ترجمته ص ٣١.

١٢٥

مرة ، مصلّياً على النبي صلى الله عليه وآله وسلم اربع عشرة مرة قبله ، وكذلك بعده ، ولم يعيّن له زماناً ولا وقتاً خاصاً.

٥٦ ـ ذِكر مجرّب لزوال البَثر (١)

عن مولانا الصادق عليه السلام : اذا أحسست به فضع السبّابة عليه ودوّرها حوله وقل : (لا اِله الّا اللهُ الحليمُ الكريمُ) سبعاً. فاذا كان في السابعة فضمّده ، وشدّده بالسبابة (٢) (٣).

الرضوي : فيزول البَثر ، وقد جرّبته وجرّبه غيري ، وحدثني السيّد العلّامة الوالد طاب ثراه قال : وقد جربته مراراً عندما حسست بخروجه.

٥٧ ـ دواء مأثور ومجرّب للشفاء من كل داء

ذكر العلّامة الشيخ محمد الخالصي (٤) العسلَ ، وروى عن الاِمام الصادق عليه السلام انه قال : (العَسَلُ شفاءٌ مِن كلِّ داءٍ) (ما اشتفى الناسُ بشَيء مِثْل لَعْقِ الأمراض ، وكفى فيه فضلا ودواءً ناجعاً قوله تعالى (وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ

__________________

(١) : خراج صغير يخرج بالجلد.

(٢) يقال ضمّد فلان رأسه بالتشديد ، اي شدّة بالضِماد ، وهي خرقة بعصابة أو ثوب ، والسبّابة : الاِصبع التي تلي الإبهام (مجمع البحرين).

(٣) المصباح للكفعمي.

(٤) تقدم ذكره في ص ٨١.

(٥) لعِقتُ الشيء اذا لَحِستُه ، ولَعِق اصابعَه اذا لَطَعها.

(٦) من اراد الوقوف على جملة منها فليراجع كتاب (الفصول المهمة في اصول الأئِمة عليهم السلام) ، الباب الخامس والثلاثين من الكليات المتعلقة بالطب وما يناسبها.

١٢٦

فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ) (١).

قال : وقد نقل المفسرون ان رجلاً شكى الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجع بطن اخيه فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : اسقه العسل. فسقاه وعاد الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال : لم يبرأ ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : صَدَقَ اللهُ وكذِب بطن أخيك ، اسقه العسل ، وسقاه فشفاه الله تعالى (٢).

الرضوي : هكذا نقل الشيخ الخالصي عن المفسّرين وحكاه عنهم والذي رويته في كتاب (شكاوى الشيعة الى زعماء الدين والشريعة) عنه صلى الله عليه وآله وسلم ان الرجل لما عاد الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم واخبره بعدم انتفاع اخيه به قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين عليه السلام : يا علي انّ اخا هذا الرجل منافق فمن ها هنا لا تنفعه الشربة.

ومرّ تحت عنوان (تنبيه لقراء الكتاب) في اول الكتاب ان امير المدينة شكى الى الاِمام الصادق عليه السلام وجعاً يجده في جوفه ، فعلّمه عليه السلام ما يزيل عنه ذلك ، فاعترض على الاِمام رجل من اهل المدينة من الهمج الرعاع وقال فعلنا هذا (يعني ما وصفت) فلم ينفعنا.

فقال عليه السلام : انما ينفع الله بهذا اهل الاِيمان والتصديق برسوله ول اينتفع به اهل النفاق ...

فمن هذا الحديث وذاك تعرف ايها المؤمنين الكريم ان للاِيمان الراسخ والاِعتقاد الكامل الأثر البالغ في نيل المآرب ، ونجاح المقاصد ، وبدون ذلك لا تجدي القرائة ولا العمل شيئاً.

__________________

(١) سورة النحل الآية ٦٨.

(٢) احياء الشريعة في مذهب الشيعة ج ٢.

١٢٧

٥٨ ـ دواء مجرّب لكل مرض

ذكر العلّامة السيد الميبدي في كشكوله الفوم (١) وقال دهنه مجرّب في كل مرض بارد ، ويعيد الباه بعد اليأس ، ويدخل الميل فيه ويكتحل به من تأذى بصره من الثلج ، ويؤكل الثلج ايضاً ، فانه يبرأه ، مجرّب.

عن الصادق عليه السلام : كان ابي اذا حزنه امر جمع النساء والصبيان ثم دعا فأمّنوا. قال العلّامة الكبير السيد ميرزا هادي الخراساني رحمه الله (٢) : جرّبت ذلك مرار في أمراضي فعافاني الله تعالى منها بكرمه (٣).

٥٩ ـ مما جرّب لرفع الوجع

تكتب بأصبعك على محلّ الوجع : (بسم الله الرّحمن الرّحيم) بالحروف المقطعة ، هكذا : ب س م ا ل ل هـ ا ل ر ح م ا ن ا ل ر ح ي م.

حدثني الحاج علي محمد اعتماد الكتبي الكاظمي رحمه الله وقال : يسكن الوجع فوراً. واضاف : وقد جرّبته مراراً.

٦٠ ـ حديث مأثور ومجرّب للشفاء من المرض

ورد عن الاِمام موسى بن جعفر عليهما السلام ان رجلاً شكى اليه أنني في عشرة من العيال كلهم مريض.

__________________

(١) : الثوم.

(٢) السيد الخراساني علّامة كبير فقيه اصولي خبير ، متضلع في مختلف العلوم. كان رحمه الله من علماء كربلاء البارزين ممن يرجع اليهم في الشئون الدينية ، له مؤلفات ذكرت في ترجمته الملحقة بكتابه (دعوة الحق) الذي كتبه ردّاً على الفرقة الضالة الوهابيّة ، طبع في بغداد عام ١٣٤٧.

(٣) فتح الأبواب.

١٢٨

فقال له موسى عليه السلام : داوهم بالصَدقة ، فليس شيء اسرع شيئاً اجابة من الصَدقة ولا أجدى منفعة للمريض من الصدقة. ذكره المرحوم الشيخ علي اكبر عماد في كشكوله وقال ما معناه : اشهد الله انّي جربته مراراً فكان الحال كما ذكر عليه السلام.

الرضوي : وكان المرحوم السيد الوالد طاب ثراه يقول : انوِ في الصدقة دفع البلاء عن الاِمام المهدي عليه السلام (امام عصرنا) وشفاء هذا المريض ، وكان قدس سره يعتقد انّ ذلك انجح في الشفاء.

٦١ ـ حديث مأثور ومجرّب للشفاء من كلّ مرض ولكل امر مهمّ

رواه الصدوق طاب ثراه (١) في (ثواب الأعمال) مسنداً الى اسحاق بن راهويه ، قال : لمّا وافا ابو الحسن الرضا عليه السلام نيسابور واراد ان يرحل منها الى المأمون ، اجتمع اليه اصحاب الحديث فقالوا له : يا ابن رسول الله ترحل عنّا ولا تحدّثنا بحديث نستفيده منك ، وقد كان قعد في العَماريّة فأطلع رأسه وقال :

سمعت ابي موسى بن جعفر عليه السلام يقول : سمعت ابي جعفر بن محمد عليه السلام يقول سمعت ابي محمد بن علي عليه السلام يقول سمعت ابي علي بن الحسين عليه السلام يقول سمعت ابي الحسين بن علي عليه السلام يقول سمعت ابي امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول سمعت جبرئيل عليه السلام يقول سمعت الله عز وجل يقول لا اِله الّا الله حصني فمن دخل حصني امن من عذابي.

فلمّا مرّت الراحلة نادانا بشروطها ، وانا من شروطها.

في (ابواب الجنان) (٢) قرائة حديث سلسلة الذهب مجرّبة للشفاء من كل مرض شديد. ولكل امر مهم.

__________________

(١) تقدمت ترجمته ص ٢٠.

(٢) للسيد ابو القاسم الموسوي الاصفهاني رحمه الله.

١٢٩

الفصل الثالث : في مُجرَّبات مأثورة وغير مأثُورة في الدعاء

على الأعداء والظالمين وللاِنتصار عليهم ، والحفظ من شرّهم

١ ـ آيات كريمة مجرّبة للاِختفاء عن اعين الأعداء

١ ـ قال العلّامة السيد علي خان رحمه الله (١) هي ممّا جربته عند خروجي من بلاد العدو سنة ١٠٠٩ ، ((بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّـهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) (٢) (أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (٣) (أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ، إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ، وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا) (٤)) (٥).

٢ ـ حدّثني السيد العلّامة والدي قدس سره عن ثقة قال كنت جالساً مع جماعة فجاء شَرطيّ يطلبني (٦) ، فوقف علينا ونظر في وجوهنا فلم يرني ، فولّى خائباً ، وكنت اذ شاهدته مقبلاً علينا قرأت آية الكرسي لئلا يراني ، فكانت حاجزاً له عنّي (٧).

__________________

(١) تقدمت ترجمته ص ٤٦.

(٢) سورة الجاثية الآية ٢٢.

(٣) سورة النحل الآية ١٠٨.

(٤) سورة الكهف الآية ٥٨.

(٥) الكلم الطيّب.

(٦) الشُرطيواحد الشُرطة ، وهم طائِفة من اعوان الولاة والسلطان لهم علامات يعرفون بها. روى الصدوق طاب ثراه في الخصال عن امير المؤمنين عليه السلام في باب الستة الذين دعوتهم مردودة اي لا يستجيب الله دعائهم انه قال لنوف : يا نوف اياك ان تكون ... او شُرطيّاً.

(٧) قال العلّامة المحقّق السيد الجليل نعمة الله الجزائري قدس سره (تقدمت ترجمته ص ٥٩) في (نور الأنوار) :

١٣٠

وحدثني طاب ثراه ايضاً عن علوية جليلة انها قالت : دخل بعض اعوان الظالمين داري طالبين ولدي ، وفتشوا الدار وغرفها اجمع حتى فتشوا حوض الماء وغيره مما احتملوا اختفائه فيه فلم يروه ، وكان ولدي آنذاك في غرفة من غرف الدار ، وكانوا قد دخلوها فأعمى الله عنه ابصارهم ، وكان الولد يقرأ آية الكرسي ، او هي قرأتها لستره عن اعينهم ، لا اتخطر ذلك ، وكأن السيد العلّامة الوالد طاب ثراه جرّبها لذلك ايضاً (١).

وحدثني السيد الجليل علي اكبر التبريزي رحمه الله انه في سفرة له من ايران الى العراق ، كان قد صحب معه خادمة لأهله ، ولم يكن عندها جواز سفر ، ولمّا ارادوا الركوب في السيارة لاِجتياز الحدود وقف المفتّش على باب السيارة وبيده الجوازات ، واخذ ينادي كُلّا باسمه ويدفع له جوازه بيده فيركب ، فجائت الخادمة وركبت في السيارة والمفتّش واقف على بابها وقد أعمى الله بصره عنها فلم يرها ،

__________________

آية الكرسي اذا اطلقت كانت الى العظيم. وقال الطريحي في (مجمع البحرين) : آية الكرسي الى وهو العلي العظيم. وقال العلّامة السيد علي الميبدي في كشكوله : وقد ورد قرائة آية الكرسي في كثير من المواضع وآخرها باجماع القرّاء والمفسرين وهو العلي العظيم ، وقد يُضم اليها في بعض المواضع آيتان بعدها وآخرهما هم فيها خالدون ، فقول بعضهم : الأولى قرائة آية الكرسي الى هم فيها خالدون مسامحة. الرضوي : وهي آية ٢٥٥ من سورة البقرة.

(١) الرضوي : كنت طبعت هذا الكتاب لأول مرة في طهران عام ١٣٧٤ هـ وصحبته معي الى العراق ، وقد اطلع عليه في كمرك خانقين احد عملاء الظالمين لعنة الله عليهم اجمعين في تفتيشه لأمتعة المسافرين ، فتناول نسخة منه وفتحها فوقع نظره على الحكايتين المذكورتين في المتن فيما ظهر من اثر قرائة آية الكرسي فتبسّم وقال اتفق هذا معك؟ قلت له ، حكي لي ذلك ، فسمح لي بالكتاب ، فحملته بجملته وناولته حمالا ليضعه على سطح السيارة ، واذا بعميل آخر حقير شاهدني اقبل نحوي وقال لي بنهر : ارجعه ، قلت له اجازني هذا بأخذه ، فأتاه وسئله عن الكتاب وموضوعه ، فأجابه بكلمة تنبئعن عدم ايمانه بالمعنويات ، فاقتنع الخبيث منه ، فكفّ الله عنّيشره ، كف الله شرور الظالمين وعملائِهم المجرمين عن جميع شيعة امير المؤمنين عليه السلام.

١٣١

كما أعمى بصيرته فلم ير الحقّ اذ صار عميلاً للظالمين. وستقف في غير موضع من هذا الكتاب على فوائِد هذه الآية المباركة ، والحمد لله الذي هدانا لدينه واكرمنا بكتابه ، وشرّفنا بنبيّنا محمد وعترته اهل بيته عليه السلام على سائِر خلقه.

٢ ـ آية كريمة مجرّبة لدفع شرّ الظالمين

هي قوله تعالى (كَتَبَ اللَّـهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّـهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (١) حدثني بها العلّامة الحجّة السيد الوالد قدس سره وذكر انّه جرّبها لذلك ، تقرأ في وجه الظالم حيث لا يلتفت. وحدثني بعض السادة من اهل العلم انه جرّبها مراراً ، وذكر السيد الوالد طاب ثراه أنّ لقوله تعالى (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) (٢) ذلك الأثر ايضاً وله رحمه الله قصة عجيبة مع عميل للظالمين من مفتشيامتعة المسافرين في الحدود ، فقد نال منه الاِكرام ، وجزيل الاحترام ، ببركة كلام الملك العلّام تعالى شأنه. وانا قدّمت يوماً الى دائرة رسمية تسمى (وزارة الارشاد ...) كتاباً لأخذ اجازة على طبعه ، اخذ المسئول ينظر في صفحاته ، وكان بالقرب منّي فكنت اقرأ في وجهه حيث لا يشتعر (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) فوافق على طبعه ووقّع عليه ودفعه اليّ ، والحمد لله.

٣ ـ آية قرائتها مجرّبة لهلاك العدو ، ولحصول المحبّة

من قرأ آية الكرسي سبعة أيام عند طلوع الفجر ، مستقبلاً القبلة قبل ان يكلّم احداً ، احدى وعشرين مرة ، ويقصد بين ميمي (يعلم. ما بين) هلاك عدوه ،

__________________

(١) سورة المجادلة الآية ٢١.

(٢) سورة البقرة الآية ١٧١.

١٣٢

لا شك انه يهلك ، وبين عيني (يشفع. عنده) يقصد محبّة شخص لا شك انه يكتسب محبته ، ذكره في (منهاج العارفين) وقال : وقد جرّب ذلك بشرط أن يكون الأمر سائغاً (١). وحدثني بعض الهاشميين من اهل العلم انه جرّبها للمحبّة.

٤ ـ آية مأثورة قرائتها مجرّبة للحفظ من شرّ الأشرار

عن مفضّل بن عمر قال : قال ابو عبد الله عليه السلام يا مفضّل احتجز من الناس كلّهم (٢) ببسم الله الرّحمن الرّحيم وبقل هو الله احد ، اقرأها عن يمينك وعن شمالك ، ومن بين يديك ومن خلفك ، ومن فوقك ومن تحتك ، واذا دخلت على

__________________

(١) الرضوي : الظاهر جواز هذا العمل ما ضارعه لحصول المحبة لغير الزوجة بالنسبة الى زوجها ، اما فعلها هي له لجلب محبته فلا ، لما رواه الصدوق طاب ثراه في (من لا يحضره الفقيه) عن السكوني عن جعفر عن ابيه عن آبائِه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأِمرأة سألته اِنّ لي زوجاً وبه غلظة عليّ واني صنعت شيئاً لأعطفه عليّ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : افّ لك كدّرت البحار ، وكدّرت الطين ، ولعنتك الملائِكة الأخيار ، وملائِكة السموات والأرض.

قال فصامت المرأة نهارها ، وقامت ليلها ، وحلقت رأسها ولبست المسوح (ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشّفاً وقهراً للجسد) فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : ان ذلك لا يقبل منها (الوافي ج ١٢) (الرضوي : يعني بدون ان تطلب رضا زوجها) نقل عن المجلسي الأول في شرح من لا يحضره الفقيه انه قال : ان هذا مبالغة لئلا يجترئ احد بمثل فعلها ، او كان ذلك قبل آية التوبة. الرضوي : حمل كلامه صلى الله عليه وآله وسلم على ان ذلك كان قبل نزول آية التوبة اولى من حمله على المبالغة واليق بمقامه الكريم. قال المحقّق الكاشاني رحمه الله في الوافي : لعلّ ما صنعت من عطفه عليها كان من قبيل السحر ، والساحر حدّه القتل ، ولذلك قال : لا يقبل منها ، يعني في الظاهر وان كانت توبتها مقبولة فيما بينها وبين الله.

الرضوي : ولا يخفى ما فيه ، ويفهم من كلامه رحمه الله جواز ذلك ان لم يكن من قبيل السحر ، وهو خلاف ظاهر الحديث ولعله طاب ثراه استند الى حديث آخر افاد ذلك ، والأولى حمل الحديث على ما ذكرناه وطريقة الاحتياط تسانده.

(٢) امتنع من شرّهم.

١٣٣

سلطان جائر (١) فاقرأها حين تنظر اليه ثلاث مرّات ، واعقد بيدك اليسرى ، ثم لا تفارقها حتى تخرج من عنده.

ذكرها المجلسي الأول طاب ثراه (٢) في (روضة المتقين) وقال : وهو ايضاً مجرّب.

٥ ـ آية مأثورة ومجرّبة للحفظ من الشياطين

هي قوله تعالى (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ، أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (٣).

قال العلّامة الشيخ محمد باقر البيرجندي رحمه الله (٤) في (فاكهة الذاكرين) : مأثورة ومجرّبة للحفظ من الشياطين.

الرضوي : هذه الآية تعرف بآية السَخَرة تقرأ عند المنام للحفظ من الشياطين ، لها حكاية في ذلك مذكورة في (عدّة الداعي).

٦ ـ ادعية مأثورة ومجرّبة في دفع الأعداء واِهلاكهم

١ ـ قال السيّد السمناني رحمه الله (٥) في (منهاج العارفين) ما معناه الدعاء المشهور بدعاء سهم الليل مروي عن الهادي عليه السلام وقت قرائته بعد انتصاف اللّيل ، وكثيراً ما جرب لجميع الحوائِج وخاصة لدفع الأعداء.

الرضوي : ذكر هذا الدعاء الكفعمي رحمه الله في المصباح وقال : انه مروي عن

__________________

(١) الرضوي : وبمنزلة السلطان الجائر بعض اعوان الظلمة في زماننا هذا ، خذلهم الله في الدنيا واعدّ لهم في الآخرة عذاباً مهينا.

(٢) تقدمت ترجمته ص ٢٤.

(٣) سورة الأعراف الآية ٥٣.

(٤) تقدمت ترجمته ص ٤٧.

(٥) تقدم ذكره ص ١٧.

١٣٤

المهدي عليه السلام ، (وهو على ما في المصباح).

اللهم اني أسئلك بعزيز تعزيز اعتزاز عزتك ، بطول حول شديد قوتك ، بقدرة مقدار اقتدار قدرتك ، بتأكيد تحميد تمجيد عظمتك بسمو نمو علو رفعتك ، بديموم قيوم دوام مدتك ، برضوان غفران امان رحمتك (١) ، برفيع بديع منيع سلطنتك ، بسعاة صلوة بساط رحمتك ، بحقايق الحق من حق حقك ، بمكنون السر من سر سرك ، بمعاقد العز من عز عزك ، بحنين أنين تسكين المريدين ، بحرقات خضعات زفرات الخائفين ، بآمال أعمال أقوال المجتهدين (٢) بتخشع تخضع تقطع مرارات الصابرين ، بتعبد تهجد تمجد تجلد العابدين.

اللهم ذهلت العقول ، وانحسرت الأبصار ، وضاعت الأفهام وحارت الأوهام ، وقصرت الخواطر ، وبعدت الظنون عن ادراك كنه كيفية ما ظهر من بوادي عجايب أصناف بدايع قدرتك ، دون البلوغ الى معرفة تلؤلؤ لمعان بروق سمائك ، اللهم محرك الحركات ، ومبدي نهاية الغايات ، ومخرج ينابيع قضبان النبات ، يا من شق صم جلاميد الصخور الراسيات وأنبع منها ماء معينا حياة للمخلوقات فأحيا منها الحيوان والنبات ، وعلم ما اختلج في افكارهم من نطق اشارات خفيات لغات النمل السارحات ، يا من سبحت وهللت وقدست وكبرت وسجدت لجلال جمال أقوال عظيم جبروت ملكوت سلطنته ملائكة السبع السماوات ، يا من دارت فأضائت وأنارت لدوام ديموميته النجوم الزاهرات ، وأحصى عدد الأحياء والأموات صل على محمد وآل محمد خير البريات ، وافعل بي كذا وكذا.

٢ ـ دعاء يعرف بدعاء العلوي المصري ، اوله : (ربي من ذ الذي دعاك فلم

__________________

(١) جنّتك ، خ ل.

(٢) : الذين يجهدون انفسهم ويتعبونها في عبادة الله سبحانه وطاعته وفي اكتساب مرضاته. الرضوي.

١٣٥

تجبه) ، ذكره السيد الأجل ابن طاووس طاب ثراه (١) في (مهج الدعوات) وهو دعاء طويل ، من اراده فليطلبه منه ، قال السيد السمناني (٢) في (منهاج العارفين) ما معناه : مجرّب لدفع الأعداء ، وقضاء الحوائِج.

٣ ـ عن ابي سعيد الخُدري (٣) ، قال : قلنا يوم الخَندق : يا رسول الله هل من شيء نقوله فقد بلغت القلوب الحناجِر؟ فقال : قولوا : أللّهُمّ استُر عَوْراتنا ، وآمِنْ رَوعاتنا. قال : فقلناها ، فضرب وجوه اعداء الله بالريح ، فهُزموا (٤).

قال عبد المطلب بن محمد غياث الدين : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ هذا الدعاء لذلك وقد جرّب (٥).

٤ ـ قال السيد الأجل علي بن طاووس قدس سره (١) في (مهج الدعوات) ان هذا الدعاء دعا به الهادي عليه السلام على المتوكّل (٦) فاهلكه الله تعالى قال الكفعمي في المصباح : ويسمّى دعاء السَيف ، ودعاء اليَماني ايضاً ، وقال السيد السِمناني (٢) في (منهاج العارفين) ما معناه ودعاء السيف واليماني مجرّب لهلاك العدوّ.

وقال العلّامة المجلسي طاب ثراه (٧) في (بحار الأنوار) : وله فوائد مجرَّبة. وذكر العلّامة النوري نوّر الله قبره (٨) في (دار السلام) انه وجد بخط

__________________

(١) تقدمت ترجمته ص ٩.

(٢) تقدم ذكره في ص ١٧.

(٣) ذكره المجلسي الأول طاب ثراه في (روضة المتقين) ج ١٤ فقال : ابو سعيد الخدري ، سعد ابن مالك من السابقين الذين رجعوا الى امير المؤمنين عليه السلام ، وفي الأخبار الصحيحةعن الصادقين عليهم السلام انه كان مستقيماً ، والخدري بضم المعجمة ، وسكون المهملة.

(٤) مجمع البيان لعلوم القرآن.

(٥) تسهيل الدواء.

(٦) كان هذا الرجل من خلفاء بني العباس الأرجاس ، شديد النصب والعداء لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ولشيعته ، قُتل وهو سكران عام ٢٤٧ على يد المنتصر العباسي ، وقد لاقى الشيعة منه ومن عملاءه المجرمين انواع الظلم والاَضطهاد ، ذكرناه في كتاب (الشيعة في عصور الظالمين).

(٧) تقدمت ترجمته ص ١٩.

(٨) تقدمت ترجمته ص ٤٠.

١٣٦

العلّامة المجلسي الأول قدس سره (١) انه اجاز هذا الدعاء للسيد الأمير محمد هاشم وكتب ما صورته : والتمست منه ان لا يقرأ هذا الدعاء الّا لله تعالى ، ولا يقرأ بقصد اِهلاك عدوّه اذا كان مؤمنا وان كان فاسقاً ، او ظالماً ، وان لا يقرأ لجمع الدنيا الدنيّة ، بل ينبغي أن تكون قرائته للتقرب الى الله تعالى ، ولدفع ضرر شياطين الجنّ والاِنس عنه وعن جميع المؤمنين اذا امكنه نيّة القربة في هذا المطلب ، وإلّا فالأولى ترك جميع المطالب غير القرب منه تعالى شأنه.

الرضوي : لا شك عندي ولا ريب في جواز قرائته بل رجحان الدعاء به على الحكام الجائِرين من عملاء المستعمرين المعاصرين ، واعوانهم الذين خانوا الله والوطن والدين ، اضطهدوا المؤمنين ، واستباحوا اموال المسلمين ، استخفافاً بالدين ، وامتثالاً لأوامر اسيادهم الكافرين والظالمين فاستحقوا بذلك غضب الجبار ، وفي الآخرة الخزي وعذاب النار.

ذكر السيد الأجل في (مهج الدعوات) انه وجد هذا الدعاء مسنداً عن زرافة حاجب المتوكل وكان شيعياً انه قال : كان المتوكل يحظي الفتح بن خاقان عنده ، وقرّبه منه دون الناس جميعاً، ودون ولده وأهله ، أراد أن يبين موضعه عندهم ، فأمر جميع مملكته من الأشراف من اهله وغيرهم والوزراء والأمراء والقُوّاد ، وسائرالعساكرووجوه الناس أن يزيّنوا بأحسن التزيين، ويَظهروا في افخر عُدَدِهم وذخائِرهم ، ويخرجوا مشاةً بين يديه ، وأن لا يركب احد الّا هو والفتح بن خاقان خاصة بسرّ من رأى.

ومشى الناس بين ايديهما على مراتبهم رجّاله ، وكان يوماً قائظاً شديد

__________________

(١) تقدمت ترجمته ص ٢٤.

١٣٧

الحرّ ، واخرجوا في جملة الأشراف أباالحسن علي بن محمد عليهما السلام ، وشقّ عليه ما لقيه من الحرّ والزحمة.

قال زرافة : فأقبلت اليه وقلت : يا سيدي يعزّ والله عليّ ما تلقى من هذه الطغاة وما قد تكلفَته من المشقّة واخذت بيده فتوكّأ عليّ وقال يا زرافة ما ناقة صالح عند الله بأكرم منّي ، أو قال : بأعظم قدراً منّي.

ولم أزل اسائله واستفيد منه واحادثه الى ان نزل المتوكل من الركوب ، وأمر الناس بالاِنصراف ، فقُدِّمت اليهم دوابهم ، فركبوا الى منازلهم وقُدّمت بغلة له فركبها ، فركبت معه الى داره ، فنزل وودّعته وانصرفت الى داري. وكان لولدي مؤدِّب يتشيّع من اهل العلم والفضل ، وكانت لي عادة باحضاره عند الطعام ، فحضر عند ذلك ، وتجارينا الحديث (١) وما جرى من ركوب المتوكل والفتح ، ومشي الأشراف وذوي الاِقتدار بين ايديهما ، وذكرت له ما شاهدته من ابي الحسن علي بن محمد عليهما السلام وما سمعته من قوله ما ناقة صالح عند الله بأعظم قدراً منّي.

وكان المؤدِّب يأكل معي فرفع يده وقال : بالله انّك سمعت هذا اللفظ منه؟ فقلت له : والله انّي سمعته يقوله فقال لي : أعلم انّ المتوكل لا يبقى في مملكته اكثر من ثلاثة أيام ويهلك ، فانظر في أمرك ، وأحرز ما تريد اِحرازه ، وتأهّب لأمرك كي لا يفجؤكم هلاك هذا الرجل فتهلك أموالكم بحادثة تحدث ، او سبب يجري.

فقلت له : من اين لك ذلك؟ فقال : أما قرأت القرآن في قصّة صالح عليه السلام والناقة ، وقوله تعالى (تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ) (٢)

__________________

(١) : تذاكرناه.

(٢) سورة هود آية ٦٥.

١٣٨

ولا يجوز أن يبطل قول الاِمام.

قال زرافة : فو الله ما جاء اليوم الثالث حتى هجم المنتصر ومعه بغا ووصيف والأتراك على المتوكل فقتلوه وقطّعوه ، والفتح بن خاقان جميعاً قِطعاً ، حتى لم يعرف احدهما من الآخر ، وازال الله نعمته ومملكته. فلقيت الاِمام ابا الحسن عليه السلام بعد ذلك وعرّفته ما جرى مع المؤدِّب وما قاله.

فقال : صدق ، انه لمّا بلغ منّي الجهد رجعت الى كنوز نتوارثها من آبائنا هي اعزّ من الحصون والسلاح والجُنن ، وهو دعاء المظلوم على الظالم ، فدعوت به عليه فأهلكه الله تعالى. فقلت له : يا سيدي ان رأيت أن تعلمنيه فعَلَمَنيه وهو :

أللهم اني وفلان بن فلان عبدان من عبيدك ، نواصينا بيدك ، تعلم مستقرنا ومستودعنا وتعلم منقلبنا وسرنا وعلانيتنا وتطلع على نياتنا ، وتحيط بضمائرنا ، علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه ومعرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره ، لا ينطوي عنك شيء من امورنا ، ولا يستتر دونك حال من أحوالنا ، ولا لنا منك معقل يحصننا ، ولا حرز يحرزنا ، ولا هارب يفوتك منا ، ولا يمتنع الظالم منك بسلطانه ، ولا يجاهدك عنه جنوده ، ولايغالبك مغالب بمنعة ، ولا يعازك متعزز بكرة أنت مدركه أينما سلك ، وقادر عليه أينما لجأ ، فمعاذ المظلوم منك بك ، وتوكل المقهور منا عليك ، ورجوعه اليك ويستغيثبك اذا خذله المغيث ويستصرخك اذا قعد عنه النصير ويلوذ بك اذا نفته الأفنية ويطرق بابك اذا اغلقت دونه الأبواب المرتجة (١) ويصل اليك اذا احتجت عنه الملوك الغافلة ، تعلم ما حل به قبل أن يشكوه اليك ، وتعرف ما يصلحه قبل أن يدعوك له فلك الحمد سميعا بصيرا ، لطيفا قديرا.

__________________

(١) : المغلقة.

١٣٩

أللهم انه قد كان في سابق علمك ، ومحكم قضائك ، وجاري قدرك وماضي حكمك ، ونافذ مشيتك في خلقك اجمعين ، سعيدهم وشقيهم وبرهم وفاجرهم أن جعلت (لفلان بن فلان) علي قدرة فظلمني بها ، وبغى علي لمكانها ، وتعزز علي بسلطانه الذي خولته اياه وتجبر علي بعلو حاله التي جعلتها له وعزه املاؤك له ، وأطغاه حلمك عنه ، فقصدني بمكروه عجزت عن الصبر عليه ، وتعمدني بشر ضعفت عن احتماله ، ولم أقدر على الانتصار منه لضعفي ، والانتصاف منه لذلي ، فوكلته إليك ، وتوكلت في أمره عليك وتوعدته بعقوبتك ، وحذرته سطوتك وخوفته نقمتك ، فظن أن حلمك عنه من ضعف ، وحسب أن املائك له من عجز ، ولم تنهه واحدة عن اخرى ، ولا انزجر عن ثانية بأولى ، ولكنه تمادى في غيه ، وتتابع في ظلمه (١) ولج في عدوانه ، واستشرى في طغيانه جرأة عليك يا سيدي ، وتعرضا لسخطك الذي لا ترده عن الظالمين ، وقلة اكتراث ببأسك الذي لا تحبسه عن الباغين ، فها أنا ذا يا سيدي مستضعف في يديه مستظام تحت سلطانه ، مستذل بعناءه ، مغلوب مبغي علي مغضوب وجل خائف مروع مقهور قد قل صبري ، وضاقت حيلتي ، وانغلقت علي المذاهب الا اليك وانسدت علي الجهات الى جهتك والتبست علي اموري في دفع مكروهه عني واشتبهت علي الآراء في ازالة ظلمه ، وخذلني من استنصرته من عبادك ، وأسلمني من تعلقت به من خلقك طرا ، واستشرت نصيحي فأشار الي بالرغبة اليك ، واسترشدت دليلي فلم يدلني الا عليك ، فرجعت اليك ، يا مولاي صاغرا راغما مستكينا ، عالما أنه لا فرج لي الا عندك ، ولا خلاص لي الا بك ، أنتجز وعدك في نصرتي ، واجابة دعائي ، فانك قلت وقولك الحق الذي لا يرد ولا يبدل (ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثمّ بغي

__________________

(١) التتابع : التهافت واللجاج ، ولا يكون الّا في الشرّ.

١٤٠