القول الرّشيد في الإجتهاد والتقليد - ج ١

السيّد عادل العلوي

القول الرّشيد في الإجتهاد والتقليد - ج ١

المؤلف:

السيّد عادل العلوي


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي الكبرى
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
964-6121-61-6

الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢

والله العالم بحقائق الأُمور.

وما يصل إليه العقل البشري إنّما هو من الظنون المطلقة والاحتمالات التي لا يتعبّد بها شرعاً.

الوجه الرابع الإجماع :

كما حكاه السلف الصالح والخلف الملتزم ، وأنّه لا خلاف في ذلك ، إلّا أنّه لم يحرز كونه إجماعاً تعبّدياً كاشفاً عن قول المعصوم ، فربما يكون من الإجماع المدركي للوجوه المذكورة في المقام ، فلا يكون دليلاً يتعبّد به ، إلّا أنّه يفيد للتأييد.

والذي يقتضيه الاعتبار كما هو المختار ، أنّه يفهم بحسن سليقة من روح الشريعة ، وما وراء الفقه ، باعتبار المرتكز عند المتشرّعة ، المستفاد من لسان الشرع المقدّس ، في نصوصه القرآنية والروائية ، هو عدم رضاه بأن يتصدّى للزعامة الدينية والمرجعية العظمى رجل فاسق ، ومن به منقصة دينية أو دنيوية تسقطه عن أنظار المؤمنين ، بل من وُجد في حياته نقطة سوداء ، فإنّ المتشرّعة لا يرضون به مرجعاً حتّى ولو تاب عن ذلك ، لقداسة أمر المرجعية في أنظارهم الصائبة. وإن كان في عصرنا الأخير قد تزلزلت عملاً هذه النظرة شيئاً ما ، لتغلّب الأهواء وحبّ الدنيا والرياسة على بعض القلوب المريضة والتي لم تهذّب نفسها من قبل ، فادّعت ما ليس فيها ، ولكن سيرجع الأمر إلى رشده مرّة أُخرى ، وستزول الغيوم السوداء عن سماء الأُمّة ، وتنكشف شمس الحقيقة مرّة أُخرى لتسطع على عالم التشيّع ، وتعلن أنّ الحقّ يرجع إلى أهله ، وأنّ الرئاسة الدينية لا تصلح إلّا من كان أهلاً لها ، والله الهادي للصواب.

٤٢١

فتجويز تقليد الفاسق خلاف ما تسالم عليه أصحابنا الكرام ، كما أنّه مخالف للمرتكز عند المتشرّعة.

فالأحوط وجوباً اشتراط العدالة مطلقاً حدوثاً وبقاءً ، وإن كانت باعتبار بناء العقلاء وإطلاق الأدلّة عدم اعتبارها ، فالسيرة العقلائيّة إنّما تدلّ على اعتبار الوثاقة في قول الخبير من كلّ علم وفنّ ، واعتبار الوثاقة غير اعتبار العدالة كما هو واضح ، فتأمّل.

الشرط الخامس الرجولة :

ويستدلّ على اعتبار الرجولة في مرجع التقليد بوجوه :

الأوّل الأخبار :

منها : روايتا أبي خديجة المتقدّمة ، وفي قوله (عليه‌السلام) : (إيّاكم أن يحاكم بعضكم إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا).

وجه الاستدلال : إنّ الخبر ورد في باب القضاء وفي هذا الأمر اشتراط الرجوليّة لا فرق بينه وبين باب الإفتاء ، فإنّ القضاء حكم لرفع الخصومات ، والإفتاء حكم يبتلى به عامّة الناس.

ونوقش الاستدلال : بأنّ الخبر ورد مورد الغالب ، فإنّ الغالب في المرافعة أن تكون عند الحاكم الرجل ، والقضاوة إنّما كان للرجال دون النساء ، كما أنّه لا ملازمة بين البابين.

إلّا أنّه أُجيب : لا يبعد استفادة الاختصاص ، فلا إطلاق الذي يتمّ بإلغاء

٤٢٢

الخصوصيّة لاستظهار جملة من الأعلام اعتبارها. كما ورد في بعض الأخبار عدم تولّي المرأة دفّة القضاء (١).

كما إنّ الملاك واحد في مثل جهة الرجوليّة ، إلّا أن يقوم دليل على الفارق بين البابين.

ومنها : مقبولة عمر بن حنظلة كما مرّ ، وفيها : ينظران من كان منكم ..) والكلام فيها كما في الروايتين السابقتين استدلالاً ومناقشةً سنداً ودلالة ، كما أنّ كلمة (من) تدلّ على الإطلاق والعموم فلا تختصّ بالرجال ، إلّا أنّ كلمة (منكم) من الجمع المذكّر فكيف لا يدلّ على الرجولة ، فتدبّر.

فإطلاق الأخبار ينصرف إلى الرجال دون النساء ، فإنّه لم نعهد تصدّي المرأة مقام المرجعية من عصر النبيّ وإلى يومنا هذا ، وإن بلغن ما بلغن من العلم. فلا إطلاق حينئذٍ مع هذا الانصراف. ولمّا كانت المرجعية خلافة إلهية في الأرض في زمن الغيبة الكبرى ، وأنّها تمثّل الإمامة المعصومة ، كما أنّ الإمامة تمثّل النبوّة المطلقة والخاصّة ، ولم يعهد بين الأنبياء والأوصياء امرأة تحمل عبء الرسالة النبوية والولويّة ، مع أنّه قد بلغن بعض النسوة مقام الولاية والاجتهاد ، إلّا أنّه لم يسلّم لهنّ زمام الأُمور لحكمة ربانية.

وهذا لا يعني النقص الذاتي في المرأة ، بل المرأة في وجودها الخاصّ تكمّل نقص الرجل ، كما أنّ الرجل بوجوده الخاصّ يكمل نقص المرأة ، فإنّ الكمال المطلق

__________________

(١) الوسائل : باب ٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.

٤٢٣

ومطلق الكمال لله وحده لا شريك له ، وما دونه من الممكنات مشوب بالنقص ، ولمّا كان الكمال مطلوباً كما جعل الله ذلك في جبلّة الإنسان ، فجعل كمال الرجل بالمرأة ، وكمال المرأة بالرجل ، فكلّ واحد يكمّل الآخر ، ولكلّ واحد جهازه الخاصّ وخلقته الخاصّة ، والله سبحانه يكمل عقل الرجل بعواطف وأحاسيس المرأة ، كما يكمّل عواطف المرأة بعقل الرجل ، فما ورد من نقص حظوظهن أو عقولهن أو إيمانهن ، إنّما بهذا الاعتبار ، فلا فضل للرجل على المرأة ، ولا المرأة على الرجل إلّا بالتقوى ، إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ، وكما الرجال أُمروا بالعبادات فكذلك النساء ، وكما للرجل أن يصل إلى مقام الولاية الإلهية فيكون وليّ الله ، كذلك المرأة بتربيتها تكون وليّة الله كمريم العذراء ، إلّا أنّه إنّما لا تستلم مناصب المرجعية والقيادة والإمامة العامّة والخاصّة وما شابه ، لما تحمل من صفات خاصّة كالعواطف الشفّافة والأحاسيس المرهفة ، فلا تتناسب هذه المسئوليات الخطرة والمناصب الحسّاسة مع خلقتها وطبيعتها ، كلّ ذلك تمشية للنظام التكويني والاجتماعي على ما يرام ، وما فيه البقاء والديمومة.

ومنها : ما ورد في النهي عن إمامة النساء لجماعة الرجال ، وإن كانت المرأة يجوز لها أن تؤمّ النساء (١).

ووجه الاستدلال واضح ، فإنّه إن لم يحقّ للمرأة أن تؤمّ الرجل في صلاته ، فبطريق أولى لا يحقّ للرجل أن يرجع إليها في التقليد والفتاوى.

__________________

(١) الوسائل : أبواب ١٩ و ٢٠ و ٢٣ من أبواب صلاة الجماعة.

٤٢٤

ومنها : سلب الرأي عنها ، فقد ورد

قلت لأبي عبد الله (عليه‌السلام) : إنّ امرأتي تقول بقول زرارة ومحمّد بن مسلم في الاستطاعة وترى رأيهما ، فقال (عليه‌السلام) : ما للنساء وللرأي (١).

فإذا كانت المرأة مسلوبة الرأي فكيف يستند إليها في مقام العمل والتقليد؟! كما ورد الذمّ في متابعة رأي النساء ، فعن أمير المؤمنين (عليه‌السلام) : إنّ شرّ الناس هم الذون يكون كلامهم عن رأي النسوان.

وقال (عليه‌السلام) : فاتّقوا شرار النساء وكونوا من خيارهن على حذر ، ولا تطيعوهن في المعروف حتّى لا يطمعن في المنكر.

وفي هذا المفهوم عدم إطاعة المرأة وأنّه ندامة روايات كثيرة ، فمن يأتي بالمعروف إنّما يأتي به لمعروفيّته لا من باب إطاعة زوجته ، وإذا أُمرنا بالحذر من خيارهن كيف يجوز الرجوع إليهن في التقليد والفتوى؟

وقد ورد في وصيّة أمير المؤمنين (عليه‌السلام) لولده الحسن (عليه‌السلام) قائلاً : (وإيّاك ومشاورة النساء ، فإنّ رأيهم إلى أفن ، وعزمهن إلى وهن ، واكفف عليهم من أبصارهن بحجابك إياهن ، فإنّ شدّة الحجاب أبقى عليهن ، وليس خروجهنّ بأشدّ من إدخالك من لا يوثق به عليهن ، وإن استطعت أن لا يعرفن غيرك فافعل ، ولا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها ، فإنّ المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ، ولا تعد بكرامتها نفسها ، ولا تطمعها في أن تشفع بغيرها ، وإيّاك التغاير في

__________________

(١) رجال الكشّي : في ذكر محمّد بن مسلم.

٤٢٥

غير موضع غيرة (١).

ووجه الاستدلال واضح.

ونقول : باعتبار بناء العقلاء من رجوع الجاهل إلى العالم ، وأنّهم لا يميّزون في ذلك بين المرأة والرجل ، كما كان في البلوغ والإيمان والعدالة ، وكذلك باعتبار إطلاق أدلّة التقليد ، والرجوع إلى أهل الذكر والفقيه والناظر في الحلال والحرام وغير ذلك ، يقال بعدم اشتراط الرجولة ، إلّا أنّه مع هذه الوجوه المذكورة التي يعلم من مجموعها وإن كان بعضها قابلاً للنقاش سنداً ودلالة ، إنّ الرجولة شرط في المجتهد ومرجع التقليد ، وهذا ما يستفاد من روح الشريعة ومذاق الشارع.

كما أشار إلى ذلك بعض الأعلام قائلاً : والصحيح أنّ المقلّد يعتبر فيه الرجولية ولا يسوغ تقليد المرأة بوجه ، وذلك لأنّا قد استفدنا من مذاق الشارع أنّ الوظيفة المرغوبة من النساء إنّما هي التحجّب والتستّر وتصدّي الأُمور البيتية ، دون التدخّل فيما ينافي تلك الأُمور ، ومن الظاهر أنّ التصدّي للإفتاء بحسب العادة جعل النفس في معرض الرجوع والسؤال لأنّهما مقتضى الرئاسة للمسلمين ، ولا يرضى الشارع بجعل المرأة نفسها معرضاً لذلك أبداً ، كيف؟ ولم يرضَ بإمامتها للرجال في صلاة الجماعة فما ظنّك بكونها قائمة بامورهم ومدبّرة لشؤون المجتمع ومتصدّية للزعامة الكبرى للمسلمين.

__________________

(١) نهج البلاغة : ٣١ ، ويقول محمّد عبده : (أين هذه الوصيّة من حال الذين يصرفون النساء في مصالح الأُمّة ، بل ومن يختصّ بخدمتهن كرامة لهن).

٤٢٦

وبهذا الأمر المرتكز القطعي في أذهان المتشرّعة يفيد الإطلاق ويردع عن السيرة العقلائية الجارية على رجوع الجاهل إلى العالم مطلقاً رجلاً كان أو امرأة) (١) ، انتهى كلامه رفع الله مقامه.

ولا يخفى أنّ معرفة مذاق الشارع أو روح الشريعة أو ما وراء الفقه أو فلسفة الأحكام وغير ذلك ، ممّا يقال في هذا الباب كقولهم بالمقاصد الإسلامية ، إنّما يكون لمن بلغ من العلم والتقوى مرتبة سامية ودرجة عالية ، برجوعه إلى النصوص الشرعية من مصادرها الثابتة في الكتاب والسنّة ، فكلّ يدّعي الوصل بليلى ، ولكن لا تقرّ بذاكا ، كما نشاهد من بعض المتجدّدين يتحدّثون باسم الإسلام وروح الإسلام والشريعة المقدّسة ، وهم لا زالوا في هوامش ألف باء الإسلام.

الشرط السادس الحرّية :

يستدلّ على اعتبار الحرّية في المجتهد ومرجع التقليد بوجوه :

الوجه الأوّل القرآن الكريم :

في قوله تعالى (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) فَ (هُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ)(٢).

فلا بدّ للعبد أن يكون في خدمة مولاه ، ممّا يمنعه من القيام بالقضاء والإفتاء ، فإنّهما ممّا فيهما الولاية التي قد حجر العبد عنها فإنّه وما بيده لمولاه.

__________________

(١) التنقيح ١ : ٢٢٦.

(٢) النحل : ٧٥.

٤٢٧

وأُجيب عنه : إنّ غاية ما يقتضيه أنّه إنّما لا يرجع إليه مطلقاً ، إلّا مع إذن مولاه ، فلا منافاة في البين ، فما ذكر أخصّ من المدّعى كما هو واضح ، وكذلك إذا كان ممّا يجب عليه الإفتاء فإنّه لا يشترط إذن مولاه ، كما في وجوب الصلاة والعبادات والضرورات العادية ، فلا يتعلّق بها حقّ المولى. وقيل : ليس له أهلية هذا المنصب الجليل ، إلّا أنّ ذلك مجرّد ادّعاء لا دليل عليه. وجلالة المنصب لا تمنع من نفوذ حكمه أو مطابقة العمل مع فتواه ، بعد كونه جامعاً لسائر الشرائط.

الوجه الثاني الأولويّة :

فقد اعتبر الحرية جملة من الأصحاب في باب القضاء ، بل حكيت الشهرة على اعتبار ذلك ، ونسب في المسالك إلى مذهب الأكثر ومنهم الشيخ وأتباعه ، قال : لأنّ للقضاء ولاية والعبد ليس محلّا لها ، لاشتغاله عنها باستغراق وقته لحقوق المولى ، ولأنّه من المناصب الجليلة التي لا تليق بحال العبد انتهى قوله.

ويلحق به الإفتاء لوحدة الملاك وللأولويّة.

وأُجيب عنه : لقد اختلف الأصحاب في اعتبارها في باب القضاء ، فقد قال المحقّق في الشرائع : وهل يشترط الحرّية؟ قال في المبسوط : نعم ، والأظهر أنّه ليس شرطاً ، وفي مختصر النافع : وفي اشتراط الحرية تردّد والأشبه أنّه لا يشترط. فإذا كانت الحريّة غير ظاهرة في القضاء فكيف بباب الإفتاء ، كما ربما يقال بالفرق بين البابين وبالاحتمال يبطل الاستدلال. فتأمّل.

وصفة العبودية لا تمنع في كثير من الأحكام إلّا ما خرج بالدليل كالحدود والديات وبعض أحكام العبادات.

٤٢٨

الوجه الثالث الشهرة الفتوائية :

وهي وإن كانت من الظنّ المطلق الذي لا حجّية فيها بالأدلّة الأربعة ، كما أثبتها شيخنا الأعظم الشيخ الأنصاري (قدس‌سره) في فرائد أُصوله ، ومن تبعه من تلامذته حتّى المعاصرين ، إلّا أنّه ممّا يوجب الاحتياط والتوقّف في المسألة ، فاعتبار الحرية ممّا لا يعتبرها العقلاء في بنائهم وسيرتهم ، فإنّهم لا يفرّقون في رجوع الجاهل إلى العالم بين كونه عبداً أو حرّا ، وكذلك مقتضى الأدلّة عدم الفرق بينهما ، وإنّ وزان العبودية ليس وزان الجنون والكفر والفسق ونحوها ، ممّا يوجب المنقصة للمتّصف بها ، ويأبى ارتكاز المتشرّعة تصدّي من به منقصة دينية أو دنيوية للمرجعية والفتوى ، والعبودية ليست منقصة بوجه ، كيف وقد يكون بعض العبيد أرقى مرتبة من غيره ، بل ربما يكون ولياً من أوليائه ، وقد بلغ مرتبة النبوّة كلقمان الحكيم أو النبيّ على اختلاف الأقوال ، وحينئذٍ لم تكن العبودية منافية لمنصب الإفتاء الذي هو دونهما كما لا يخفى.

فالأحوط اعتبار الحرية في مرجع التقليد خروجاً عن مخالفة الشهرة المحكيّة في المقام ، والذي يسهّل الخطب عدم كونه محلا للابتلاء.

الشرط السابع الاجتهاد المطلق :

المجتهد المطلق يقابله المجتهد المتجزّي ، وقد مرّ بيان الفرق بينهما بالتفصيل ، وأنّه منهم من أنكر التجزّي في الاجتهاد ، والمختار إمكان ذلك ، بل تحقّقه في الخارج كالمطلق ، كما وقع الاختلاف في تحقّق الاجتهاد وبمجرّد الملكة أي الاجتهاد الشأني

٤٢٩

أو لا بدّ من الفعليّة ، ثمّ يجوز لهما العمل بما استنبطاه من الأدلّة التفصيلية على طبق الموازين الشرعية ، بل قيل بحرمة التقليد عليهما ، لعدم شمول أدلّة التقليد بالنسبة إليهما ، بل بنظرهما يكون من رجوع العالم إلى الجاهل عند اختلاف الفتوى ، أو رجوع العالم إلى العالم فيلزم اللّغو ، وإذا علم صحّة عمله فرجوعه إلى الغير الذي يرى بطلان العمل أو بالعكس يلزمه اجتماع النقيضين أو المتضادّين وهما محال. فيجوز عمل كلّ من المجتهد المطلق والمتجزّي بفتواه ، بل يقال بحرمة عملهما برأي الغير كما هو واضح. فحينئذٍ هل يشترط الاجتهاد المطلق في مرجع التقليد؟

اختلف الأصحاب في ذلك على أقوال :

١ ـ فمنهم من ذهب إلى اشتراط ذلك كما يظهر من عبارة الماتن السيّد اليزدي (قدس‌سره).

٢ ـ وقيل بجواز تقليد المتجزّي مطلقاً كذلك.

٣ ـ وقيل بجواز تقليده فيما اجتهد كما ذهب إليه السيّد الإمام الخميني (قدس‌سره).

٤ ـ وقيل بوجوب تقليده فيما إذا كان أعلم من المجتهد المطلق في ذلك المقدار الذي اجتهد فيه ، كما ذهب إليه المحقّق البجنوردي.

٥ ـ وقيل : الأقوى جواز تقليد المتجزّي فيما إذا عرف مقداراً معتدّاً به من الأحكام ، ولم يحرز مخالفة فتواه لفتوى الأعلم ، أو لم يكن غيره أعلم منه في ذلك المقدار ، كما ذهب إليه السيّد الخوانساري (قدس‌سره). وهو المختار.

هذا ، وبناء العقلاء كما هو واضح عدم الفرق في رجوع الجاهل إلى العالم بين المطلق والمتجزّي ، فإنّهم يرجعون إلى الطبيب الأخصّائي في القلب وإن لم يعلم

٤٣٠

بغيره ، بل يقدّمونه على الطبيب العمومي ، فمقتضى بنائهم صحّة تقليد المجتهد المتجزّي ، بل لزومه إذا كان أعلم من المجتهد المطلق ، وإن كان ما استنبطه قليلاً لا يعتدّ به.

والسيرة كما مرّ من الدليل اللبّي فيؤخذ بالقدر المتيقّن فيها ، وإنّما يتعبّد بها لو أمضاها الشارع المقدّس ، أو لم يردع عنها على اختلاف المباني في حجّية السيرة شرعاً كما مرّ فلا بدّ حينئذٍ من ملاحظة الأدلّة والوجوه الواردة في المقام ، ومقدار دلالتها على الإمضاء أو الردع أو عدمه؟ والوجوه كما يلي :

الوجه الأوّل القرآن الكريم :

في آية السؤال في قوله تعالى (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(١) ، فإنّ ظاهرها الرجوع إلى كلّ من يصدق عليه عنوان (أهل الذكر) وعرفاً إنّما يصدق على المجتهد المطلق فيتعيّن تقليده ، وعند دوران الأمر بينه وبين المتجزّي تخييرياً ، يقدّم المتعيّن بحكم العقل ، للاشتغال.

وأُجيب عنه : إنّ الظاهر صدق العنوان على من كان متجزّياً أيضاً فيما إذا استنبط من المسائل المعتدّ بها عرفاً ، لا في مسألة ومسألتين ، وتعيين مثل عنوان (أهل الذكر) إنّما هو بيد العرف ، والعرف ببابك ، وإن أبيت عن شمولها للمتجزّي المستنبط من المسائل المعتدّ بها عرفاً ، فإنّ الآية تكون مُجملة حينئذٍ ، ولا يستدلّ بها للإجمال ، فلم تكن ممضيّة لبناء العقلاء أو رادعة عنه.

__________________

(١) النمل : ٤٣.

٤٣١

وفي آية النفر في قوله تعالى (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ)(١) ، فبناءً على دلالتها لأصل التقليد ، وأنّ المستفاد من ظاهرها لزوم التحذّر من إنذار المنذر المتفقّه في الدين مطلقاً ، سواء أكان مجتهداً مطلقاً أو متجزّياً استنبط جملة من أحكام الدين ، بل ربما يعمّ من استنبط مسألة أو مسألتين. نعم لا دلالة لها بوجه على وجوبه عند إنذار كلّ منذر وإن لم يصدق أنّه فقيه.

فيكون نطاق الآية نطاق بناء العقلاء ، وإن أبيت عن ذلك فلا أقلّ من شمول الآية الشريفة للمتجزّي الذي استنبط جملة من الأحكام ممّا يعتدّ بها عرفاً.

الوجه الثاني الأخبار الشريفة :

كمقبولة عمر بن حنظلة حيث ورد فيها : (ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً).

وكذلك في حسنة أبي خديجة ، وفيها : (اجعلوا بينكم رجلاً قد عرف حلالنا وحرامنا).

فظاهر الروايات باعتبار إضافة المصدر المضاف والجمع المضاف هو اعتبار كون القاضي عارفاً بجميع أحكامهم وناظراً في حلالهم وحرامهم ، ولمّا كان باب الإفتاء وباب القضاء واحداً لوحدة الملاك وهو الحكم فيهما إلّا إذا قام الدليل على وجود الفارق بينهما ، فإنّه يشترط في المجتهد المفتي أن يكون كذلك ، فلا يصحّ الرجوع إلى من كان مجتهداً متجزّياً حتّى لو استنبط ما يعتدّ به من كتاب الطهارة

__________________

(١) التوبة : ١٢٢.

٤٣٢

والصلاة ، لعدم صدق العناوين (الراوي والناظر والعارف) عليه.

وأُجيب عنه : إنّ المقبولة في مقابل المنع عن الرجوع إلى حكّام الجور وقضاتهم ، ومن الواضح أنّ قضاتهم لم يكونوا عارفين بجميع الأحكام ، وإنّما عرفوا جملة منها ، وباعتبار مناسبة الحكم مع الموضوع أنّه لا يرجع إليهم بل يرجع إلى من يقابلهم منكم ، وإن كان عارفاً بجملة من أحكامنا وقضايانا وحلالنا وحرامنا ، ثمّ لو اعتبر العلم بجميع الأحكام ، فإنّه لم يتّفق إلّا للأوحدي من الفقهاء ، فيلزم سدّ باب القضاء حينئذٍ.

وقد ادّعي الإجماع على اشتراط معرفة كلّ الأحكام في باب القضاء والقاضي.

كما ورد في الأخبار ما يستفاد ذلك ، كرواية أبي خديجة الأُخرى : (إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور ، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم ، فإنّي قد جعلته حاكماً فتحاكما إليه) (١).

فالظاهر من لفظة (من) للتبعيض ، فمن علم شيئاً قليلاً من أحكامهم يجوز له التصدّي للحكم.

وقد وقع اختلاف بين نسخة التهذيب ونسختي الكافي والفقيه ، ففيه (من قضايانا) ، وفيهما (من قضائنا) ، والأمر في مقام الدلالة على المطلوب بالرجوع إلى المتجزّي أوضح فيهما. فإنّ ما وصل إلينا منهم في باب القضاء يعدّ من القليل ،

__________________

(١) الوسائل : باب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٥.

٤٣٣

ويرجع إلى القاضي الذي يعرف من هذا القليل قليلاً ، فإنّه ظاهر في صحّة الرجوع إلى القاضي العالم بجملة ، وإن كانت قليلة ، إلّا أنّها معتدّة بها من الأحكام ، وكذلك المجتهد المفتي عند الرجوع إليه.

وربما يقال على نسخة التهذيب ، يشترط أن يكون عالماً بجملة معتدّة بها لمناسبة الحكم والموضوع ، فإنّ من يرى شيئاً من البحر يعني ما يعتدّ به لا أنّه رأى بمقدار إناء ، بخلاف ما رأى شيئاً من ماء الإناء ، فكلّ شيء يختلف سعته وضيقه بحسب نفسه ، ولمّا كان علوم آل محمّد (عليهم‌السلام) بحر لا ينزف فالعالم بشيء من علومهم لا بدّ أن يكون عارفاً بجملة ممّا يعتدّ به. فتأمّل.

ومن الروايات الشريفة ما جاء في الاحتجاج في الخبر المعروف المنسوب إلى الإمام العسكري (من كان من الفقهاء) فإنّه يرجع إلى الفقيه العارف ، فمن لم يكن من الفقهاء وإن عرف جملة من الأحكام لا يجوز تقليده ، فتدلّ على الرجوع إلى المجتهد المطلق ، إلّا أنّه نوقش سنداً ودلالة كما مرّ ، فإنّه في مقام البيان في الفرق بين عوام اليهود وعوام الشيعة ، كما هو في أُصول الدين الذي لا يجوز في التقليد المصطلح ، أضف إلى أنّه يصدق الفقيه على من عرف جملة معتدّة بها من الأحكام الشرعية.

الوجه الثالث الإجماع :

فقد ادّعي الإجماع على عدم جواز الرجوع إلى المجتهد المتجزّي ، إلّا أنّه غير تامّ في نفسه ، كما إنّ غاية ما يدلّ عليه عدم الرجوع إلى من استنبط مسألة أو مسألتين ، لا المتجزّي المستنبط جملة يعتدّ بها عرفاً.

٤٣٤

وبهذا يقال : لم يقم دليل صناعي يدلّ على اشتراط الاجتهاد المطلق في تقليد المجتهد ، بل ربما نقول بوجوب الرجوع إلى المتجزّي فيما إذا كان أعلم من المطلق فيما استنبطه ، وكان مخالفاً له. فتدبّر.

الوجه الرابع الأخبار الخاصّة :

الآمرة بالرجوع إلى أشخاص معيّنين كالرجوع إلى يونس بن عبد الرحمن وأمثاله من أكابر الفقهاء والرواة ، فلا تدلّ على مطلق الرجوع حتّى إلى من عرف مسألة أو مسألتين.

إلّا أنّه أُجيب عنه : إنّها ليست بظاهرة في الحصر لتدلّ على عدم جواز الرجوع إلى غيرهم من العلماء والمبلّغين.

الشرط الثامن الحياة :

لقد مرّ الكلام بالتفصيل في ذيل المسألة التاسعة من العروة الوثقى ، حول اشتراط الحياة في التقليد الابتدائي ، كما ذكرنا البقاء على تقليد الميّت ، وأنّه في بعض الصور يجب البقاء عليه فيشترط في المجتهد المقلّد أن يكون حيّاً ، فإنّ الأصل الأوّلي عند الشكّ في اعتبار الحياة في مرجع التقليد وحجّية فتواه هو جواز تقليده لو كان حيّاً ، فهذا هو القدر المتيقّن من أدلّة مشروعية التقليد. كما إنّ الاشتغال العقلي عند الدوران بين التعيين والتخيير يقتضي ذلك ، فإنّه يتيقّن بفراغ الذمّة بتقليد الحيّ ، والاشتغال اليقيني يستلزم الفراغ اليقيني ، كما لم يفتِ أحد بتعيّن تقليد الأعلم ابتداءً ، والرجوع إلى الحيّ ممّا تسالم عليه الأصحاب ، وما يقال من بناء العقلاء

٤٣٥

بعدم الفرق في رجوع الجاهل إلى العالم بين الحيّ والميّت ، فإنّه لم يثبت إمضاء الشارع بذلك ، أو عدم ردعه بذلك ، بل لم يتعارف الرجوع إلى فتوى الميّت في الصدر الأوّل ، فإنّه لم يكن تدوين الكتب متعارفاً آن ذاك ، وظاهر حجّية فتوى الفقيه هو فتوى الحيّ من الفقهاء ، فيكون رادعاً عن السيرة ، وإطلاق الأدلّة يزول بأدنى تأمّل ، كما إنّ الظاهر من العناوين المأخوذة فيها فعليّتها لا مطلقاً ، فالحيّ يتّصف بتلك الأوصاف الفقيه العارف المنذر الراوي أهل الذكر وما يقال من الاستصحاب فهو مدفوع كما مرّ تفصيله ، فلا نعيد طلباً للاختصار.

ويدلّ على اشتراط الحياة الإجماع كما حكي ذلك عن جملة من الأعاظم كالمحقّق الثاني في شرح الألفية ، والشهيد الثاني في المسالك ، وولده في المعالم ، والوحيد في الفوائد حتّى اشتهر بين العامّة أنّ قول الميّت كالميّت. ولا يقدح مخالفة الأخباريين والمحقّق القمّي بمعقد الإجماع كما مرّ ، فيفيد الإجماع عن حجّة معتبرة عند القدماء ، وبمثل هذا يشترط الحياة في من يرجع إليه في التقليد.

فالمختار : اعتبار الحياة في التقليد الابتدائي.

الشرط التاسع الأعلميّة :

لقد مرّ أيضاً تفصيل مسألة الأعلميّة في المسألة الثانية عشر من العروة الوثقى ، وكان المختار الأحوط وجوباً تقليد الأعلم لا مطلقاً كما عند السيّد اليزدي (قدس‌سره) بل فيما إذا علم بوجود الأعلم وبمخالفته في الفتاوى لغيره إجمالاً أو تفصيلاً ، ولم يكن قول الغير مطابقاً للاحتياط ، وإلّا فعند عدم العلم بالمخالفة ، فإنّه

٤٣٦

يجوز الرجوع إلى أيّهما شاء ، فالأعلمية ليست شرطاً لجواز أصل التقليد ، وإنّما تعتبر عند العلم بالمخالفة.

الشرط العاشر أن لا يكون متولّداً من الزنا (طهارة المولد):

من الواضح أنّ مقتضى بناء العقلاء وإطلاق الأدلّة اللفظيّة عدم اعتبار عدم طهارة المولد في مرجع التقليد ، فإنّه لا فرق عندهم في أصل رجوع الجاهل إلى العالم بين أن يكون طاهر المولد أو ابن الزنا. إلّا أنّه هل ورد الردع عن هذه السيرة العقلائيّة حتّى يكون اعتبار طهارة المولد في المرجع تعبّداً؟

لقد اختلف الأصحاب في كفر ابن الزنا ونجاسته وعدم فلاحه وخبث سريرته.

فقد حكي عن السيّد المرتضى والصدوق والعلّامة الحلّي وجماعة القول بنجاسته ، وادّعي الإجماع عليه.

إلّا أنّه ذهب المشهور إلى إسلامه وطهارته.

فإن قيل بكفره ونجاسته فيكون شرط طهارة المولد داخلاً في اعتبار الإيمان والإسلام.

وإن قيل بإسلامه وطهارته ، فحينئذٍ يقع الكلام في اشتراط مرجع التقليد أن لا يكون ابن الزنا. كما ذهب إليه المشهور ويدلّ على ذلك وجوه :

الأوّل تنقيح المناط الاطمئناني :

فإنّه ورد في إمام الجماعة وكذلك في قبول الشهادة أن لا يكون ابن الزنا ،

٤٣٧

وبالأولويّة وفحوى المقام والكلام يعتبر ذلك في مرجع التقليد أيضاً. كما أشار إلى ذلك الشهيد الثاني في مسالكه قائلاً : (فلقصور ولد الزنا عن تولّي هذه المرتبة حتّى أنّ إمامته وشهادته ممنوعتان فالقضاء أولى).

ومن النصوص الدالّة على اعتبار طهارة المولد في إمام الجماعة كما عليه الفتوى :

١ ـ في خبر أبي بصير ليث المرادي :

محمّد بن يعقوب عن جماعة عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن الحسين بن عثمان عن ابن مسكان عن أبي بصير يعني ليث المرادي :

عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) ، قال : خمسة لا يؤمّون الناس على كلّ حال : وعدّ منهم المجنون وولد الزنا (١).

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله.

٢ ـ وعن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن حمّاد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر (عليه‌السلام) ، قال : قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام) : لا يصلّينّ أحدكم خلف المجنون وولد الزنا. الحديث ورواه الصدوق مرسلاً.

٣ ـ محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه‌السلام)

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٩٧ ، الباب ١٤ من أبواب صلاة الجماعة ، الحديث ١ ، باب وجوب كون الإمام بالغاً عاقلاً طاهر المولد وجملة ممّن لا يقتدى بهم.

٤٣٨

أنّه قال : خمسة لا يؤمّون الناس ولا يصلّون بهم صلاة فريضة في جماعة ، وعدّ منهم ولد الزنا.

٤ ـ وفي الخصال عن أبيه عن سعد عن أحمد بن محمّد عن العباس بن معروف عن أبي جميلة عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال : سمعت أمير المؤمنين (عليه‌السلام) يقول : ستّة لا ينبغي أن يؤمّوا الناس : ولد الزنا والمرتدّ والأعرابي بعد الهجرة وشارب الخمر والمحدود والأغلف. الحديث ورواه ابن إدريس في آخر (السرائر) نقلاً من رواية كتاب أبي القاسم بن قولويه عن الأصبغ بن نباتة مثله (١).

وأمّا عدم قبول شهادة ولد الزنا :

١ ـ محمّد بن يعقوب عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن أبان عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر (عليه‌السلام) عن ولد الزنا أتجوز شهادته؟ فقال : لا ، فقلت : إنّ الحكم بن عُتيبة يزعم أنّها تجوز ، فقال : اللهمّ لا تغفر ذنبه ما قال الله للحكم (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ). ورواه الصفّار في (بصائر الدرجات) عن السندي بن محمّد عن جعفر بن بشير ، عن أبان بن عثمان مثله ، وعن علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير مثله. ورواه الكشّي في كتاب (الرجال) عن محمّد بن مسعود عن عليّ بن الحسن بن فضّال عن العباس بن عامر عن جعفر بن محمّد بن حكيم عن أبان بن عثمان مثله. وزاد :

__________________

(١) الوسائل ١٨ : ٢٧٦ ، باب ٣١ من أبواب الشهادات ، الحديث ١ ٣.

٤٣٩

فليذهب الحكم يميناً وشمالاً ، فوالله لا يوجد العلم إلّا في أهل بيت نزل عليهم جبرئيل.

٢ ـ وعن عليّ بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى عن يونس عن أبي أيوب الخزّاز عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو عبد الله (عليه‌السلام) لا تجوز شهادة ولد الزنا. ورواه الشيخ بإسناده عن عليّ بن إبراهيم والذي قبله بإسناده عن الحسين بن سعيد عن أحمد بن حمزة عن أبان مثله إلى قوله : لا تغفر ذنوبه.

٣ ـ وعن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن ابن فضّال عن إبراهيم بن محمّد الأشعري عن عبيد الله بن زرارة عن أبيه قال : سمعت أبا جعفر (عليه‌السلام) يقول : لو أنّ أربعة شهدوا عندي بالزنا على رجل وفيهم ولد زنا لحددتهم جميعاً ، لأنّه لا تجوز شهادته ولا يؤمّ الناس. محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يحيى مثله. وفي الباب روايات اخرى تدلّ على المطلوب ، إلّا أنّه ورد في الخبر ما يعارضه.

عبد الله بن جعفر في (قرب الإسناد) عن عبد الله بن الحسن عن عليّ بن جعفر عن أخيه قال : سألته عن ولد الزنا هل تجوز شهادته؟ قال : نعم ، يجوز شهادته ولا يؤمّ.

قال صاحب الوسائل : هذا محمول على التقيّة لما مرّ. ورواه عليّ بن جعفر في كتابه عن أخيه إلّا أنّه قال : لا يجوز شهادته ولا يؤمّ.

محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره عن عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) قال : ينبغي لولد الزنا أن لا تجوز شهادته ولا يؤمّ بالناس ، لم يحمله نوح في السفينة ، وقد حمل فيها الكلب والخنزير.

٤٤٠