القول الرّشيد في الإجتهاد والتقليد - ج ١

السيّد عادل العلوي

القول الرّشيد في الإجتهاد والتقليد - ج ١

المؤلف:

السيّد عادل العلوي


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي الكبرى
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
964-6121-61-6

الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢

كيفيّة الاستدلال : الظاهر من مناسبة الحكم والموضوع أنّ المراد من الحوادث الواقعة هي القضايا الدينيّة والأحكام الشرعيّة المشتبهة التي لم يعلم حكمها ، كما إنّ الظاهر من الإرجاع إلى الرواة ليس مجرّد روايتهم بل على نحو يوجب حلّ المشكلة الواقعة بإبداء رأيهم في المقام ، كما إنّ كثير من الرواة كانوا من أهل الفتوى أيضاً ، ثمّ قولهم حجّة وهذا يعني بيان آرائهم وفتواهم ، كما قوله (عليه‌السلام) : (أنا حجّة الله) يعني كما يجب اتباعه كذلك يجب اتباع الفقيه في رفع المشاكل والحوادث الواقعة مطلقاً.

ثمّ لا يتوهّم الرجوع إلى كلّ الرواة ولا خصوص الأعلم منهم ، بل الظاهر حجّية كلّ واحد منهم كما هو مقتضى الإطلاق.

وأُورد على التوقيع بضعف السند لعدم الاطلاع على حال إسحاق بن يعقوب ولم ينقل منه في المجاميع الروائية إلّا هذا الخبر ، وبمجرّد هذا لا يستدلّ على وثاقته.

وأُجيب أنّ الظاهر من نهاية التوقيع أنّ إسحاق بن يعقوب هو أخ محمّد بن يعقوب الكليني (قدس‌سره) ، ففي الإكمال في آخر التوقيع (السلام عليك يا إسحاق بن يعقوب الكليني) (١).

كما يذكر جامع الرواة جلالة الرجل بعد بيان التوقيع قائلاً : وقد يستفاد ممّا تضمّنه علوّ رتبة الرجل ، فتدبّر (٢). ثمّ كيف يروي الكليني مع جلالة قدره عن

__________________

(١) إكمال الدين : ٢٦٢.

(٢) جامع الرواة ١ : ٨٩.

٢٠١

رجل مجهول الحال ، وكيف يقول بخطّ صاحب الزمان ، وكيف ينقلها الصدوق من دون اعتباره.

كما أُورد على التوقيع بضعف الدلالة ، فإنّه ربما ورد في خصوص القضاء ولا يقاس عليه الإفتاء فلا عموم في المقام ، كما إنّه لو دلّ على العموم فإنّه لا يدلّ على إطلاق يعمّ ما لو اختلف مع الأعلم فلم يثبت عند العقلاء حجّية كلّ من الفاضل والمفضول وكشفهما الواقع عند معارضتهما ، بل إمّا حجّية الأعلم أو سقوطه.

ومنها : ما ورد في التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه‌السلام) وروى الشيخ الحرّ العاملي شطراً منها في الوسائل عن احتجاج الطبرسي ، فقال (عليه‌السلام) : (وأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً على هواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه) (١).

كيفيّة الاستدلال : أنّ من كان واجداً لهذه الصفات المذكورة في الرواية فإنّه يصحّ المراجعة إليها مطلقاً سواء خالف الأعلم أو لم يخالف. كما إنّ الاختلاف بين الأعلام كثير ، فحمل الرواية على توافقهما من الحمل على الفرد النادر وهو قبيح.

وأُورد على السند بأنّ التفسير ممّا ثبت عدم صحّته وصدوره عن المعصوم (عليه‌السلام) والمحقّق التستري قد ناقش السند وأنّه كيف يثبت الحكم الشرعي برواية انفرد به هذا التفسير (٢). ولم ينجبر بعمل الأصحاب لاحتمال اعتمادهم على

__________________

(١) الوسائل ، باب ١٠ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٠.

(٢) الأخبار الدخيلة ١ : ١٥٢.

٢٠٢

الأدلّة الأُخرى. إلّا أنّ الشيخ الحرّ العاملي في خاتمةٍ ، وكذا الشيخ النوري في خاتمة المستدرك وصاحب الذريعة دافعوا عن السند.

كما نوقشت الدلالة بأنّها وردت في تقليد عوام اليهود من علمائهم ، والتقليد في أُصول الدين باطل ، كما إنّ الرواية في صدد بيان الفرق بين عوام اليهود وعوام وعوامنا فلا إطلاق فيها يعمّ وجود الأفضل فكيف مع العلم بالمخالفة.

أضف إلى ذلك ربما وردت الرواية لبيان اشتراط الإيمان في المرجع من دون تعرّض لمن يرجع إليه حتّى يقال بعمومه ، وكم لها من نظير كما في كتاب أبي الحسن (عليه‌السلام) لعليّ بن سويد من قوله : (لا تأخذنّ معالم دينك من غير شيعتنا ، فإنّك إن تعدّيتهم أخذت دينك من الخائنين) (١).

ومنها : ما يستدلّ بالنصوص الكثيرة التي تتضمّن إرجاع الأئمة (عليهم‌السلام) إلى آحاد أصحابهم كأبي بصير ومحمّد بن مسلم والحارث بن المغيرة والمفضّل بن عمر ويونس بن عبد الرحمن وزكريا بن آدم والعمري وابنه كما جاء في الوسائل ورجال الكشّي ، ومع إلغاء الخصوصيّة فيها والتعدّي لجميع موارد سيرة العقلاء يحكم بالعموميّة ، لا سيّما مع ما في بعضها من التنبيه بأنّ ملاك الإرجاع هو الأمانة والوثاقة وما شابه من شرائط المفتي وبإطلاق هذه الطائفة من الروايات يستدلّ على تقليد الفقيه مطلقاً وكفاية الوصول إلى رتبة الفقاهة في المرجع وعدم اشتراط وصف

__________________

(١) الوسائل : ١٨ ، باب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢١.

٢٠٣

الأفضليّة عندهم (عليهم‌السلام) فيه.

إلّا أنّه أُورد عليه بأنّ الملاك فيها هو وثوق الأئمة بدين الشخص وعلمه ، وهذا لا يستلزم جواز التقليد لكلّ من يثق به المكلّف.

ومنها : ما رواه الكشّي بسنده عن جميل بن درّاج ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول : (بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) بالجنّة : بريد بن معاوية العجلي ، وأبا بصير ليث ابن البختري المرادي ، ومحمّد بن مسلم ، وزرارة ، أربعة نجباء أُمناء الله على حلاله وحرامه ، لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوّة واندرست (١).

وما رواه بسنده عن سليمان بن خالد ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه‌السلام) يقول : ما أجد أحداً أحيا ذكرنا وأحاديث أبي إلّا زرارة وأبا بصير ليث المرادي ومحمّد ابن مسلم وبريد بن معاوية العجلي ، ولو لا هؤلاء ما كان أحد يستنبط ، هؤلاء حفّاظ الدين وأُمناء أبي على حلال الله وحرامه ، وهم السابقون إلينا في الدنيا والآخرة (٢).

فظاهر الخبرين هو الإرجاع إلى أيّهم على سبيل التخيير ، ويبعد تساويهم في الفضيلة ، وربما يستحيل عادةً. كما إنّ إطلاق قوله (عليه‌السلام) يشمل اتفاقهم في الفتيا أو اختلافهم.

__________________

(١) اختيار معرفة الرجال ، الجزء ٢ ، في ترجمة أبي بصير ليث بن البختري المرادي.

(٢) المصدر ، الجزء ٢ ، الرقم ٢١٩.

٢٠٤

ومنها : الخبر المشهور عند جمهور العامّة عن الرسول الأكرم (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، أنّه قال : (أصحابي كالنجوم فبأيّهم اقتديتم اهتديتم).

وكيفيّة الاستدلال كما أشار إليه الشيخ الأعظم (قدس‌سره) أنّه يستفاد من الخبر بعد إلغاء خصوصيّة الصحابيّة ، إنّ من كان في رتبتهم ومنزلتهم من العلم والفضيلة يصحّ المراجعة إليه مع وجود الاختلاف بينهم ، فيجوز الرجوع إلى أيّهم وإن لم يكن الأعلم.

وأُجيب : بضعف السند فإنّها عاميّة ، ثمّ ربما المراد كما هو الظاهر اتباعهم في أفعالهم الصالحة وليس تقليدهم في الأحكام الفرعيّة ، وإن قيل بالعموم ففي الصدر الأوّل لم يكن الاختلاف في الفتوى إلّا نادراً.

سيرة المتشرّعة :

إنّ سيرة المتشرّعة الإماميّة منذ عصر الأئمة المعصومين (عليهم‌السلام) إلى عصر الشيخ الأنصاري جارية على رجوع العوام إلى المجتهدين الذين بحواليهم وبقربهم وإن احتمل أن يكون فقيهاً أعلم بعيداً عنهم ، كما يشهد على ذلك كلام عليّ بن أسباط : (قلت للرضا (عليه‌السلام) : يحدث الأمر لا أجد بدّاً من معرفته ، وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك ، قال : فقال : ائت فقيه البلد فاستفته من أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه فإنّ الحقّ فيه) (١).

__________________

(١) الوسائل ، باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٤.

٢٠٥

واحتمال عدم علمهم بالاختلاف في الفتوى أو بالتفاضل بين الفقهاء بعيد جدّاً ، بل الاطمئنان على خلافه.

ويظهر من سيرة الأئمة (عليهم‌السلام) أنّهم كانوا يرجعون الشيعة في كلّ ناحية إلى الفقيه الذي كان قريباً منهم ، فالإمام الهادي (عليه‌السلام) يرجع أهل الريّ إلى السيّد الكريم عبد العظيم الحسني ، فلو كان الأعلم شرطاً لكان الإرجاع منهم إلى الأوحديّ من صحابتهم.

وأورد المحقّق الخراساني في الكفاية على الاحتجاج بالسيرة بأنّها ممنوعة عند العلم بالاختلاف في الفتوى ، ومن دون الفحص عن الأعلم مع العلم بأعلميّة أحدهم.

وأُجيب بأنّ سيرتهم في عصر المعصومين عند الاستفتاء لم تكن قائمة على الفحص عن الأعلم فإنّها لو كانت لبانت ، فإنّها ليس ممّا تخفى وموردها ممّا يبتلى به الناس. كما يبعد عادة اتفاقهم في جميع الفتاوى ، بل قيل نسبة مورد اتفاق الفتاوى في الأحكام إلى مورد الاختلاف كنسبة الآحاد إلى المئات ، فالعلم بالاختلاف في الفتوى كان محقّقاً وثابتاً ، والذي لم يتحقّق هو العلم بعدم الاختلاف ، كما يكفي صرف عدم قيام السيرة على الفحص عن الأعلم عند قصد الرجوع.

كما أورد السيّد الحكيم في المستمسك : بأنّ مجرّد قيام السيرة على الرجوع إلى المختلفين في الفضيلة لا يجدي في جواز الرجوع إليهم مع الاختلاف في الفتوى ، فالرجوع إلى المفضول مع العلم بالخلاف وإمكان الرجوع إلى الأعلم بعيد جدّاً.

٢٠٦

وجوه ونقاش

وهنا وجوه أُخرى قابلة للنقاش أكثر من غيرها ، نتعرّض لها تبعاً للأعلام :

منها : في الاقتصار على الأعلم يلزم العسر والحرج المنفيين شرعاً ، وذلك من جهة تشخيص مفهوم الأعلم وفي معرفة مصداقه ، وصعوبة تعلّم آرائه وتعسّر تحصيل فتاواه ، فيلزم نفي وجوب تقليد الأعلم بدليل نفي الحرج ، ولو في بعض المراحل.

وأُجيب : إنّ مفروض الكلام فيما لم يلزم العسر ، كما تشهد سيرة المتشرّعة المعاصرة على خلاف ذلك ، ولكن هذا مع التطوّر العلمي وسهولة الارتباط ، وهذا بخلاف العصور المتقدّمة ، فإنّه يصدق العسر والحرج في الجملة.

ومنها : لو وجب الرجوع إلى الأعلم لوجب الرجوع إلى الأئمة (عليهم‌السلام) ، وذلك خلاف السيرة.

وأُجيب : إنّ مفروض الكلام في الفقهاء العارفين بأقوال الأئمة (عليهم‌السلام) ، فإنّ الأئمة (عليهم‌السلام) خرجوا عن محلّ البحث موضوعاً ، وإلّا لزم التقليد من الله عزوجل مباشرةً. وهو كما ترى.

ومنها : عدم الدليل دليل العدم ، فلو كان تقليد المفضول حراماً عند الشرع

٢٠٧

لبان ذلك بإشارة أو دلالة كما ورد حرمة التقليد ممّن لا يصلح للإفتاء ، كما لو كان تقليد المفضول حراماً لورد من الشرع الأمر بوجوب الفحص عن الأعلم ، ولمّا لم يصل إلينا ذلك ، فإنّه يدلّ على عدم الحرمة.

وأُجيب : يكفي في وجوب تقليد الأعلم والرجوع إليه ما يقال من الأدلّة الاجتهادية كما مرّ ، والأصل العملي من قاعدة الاشتغال كما سيأتي.

ومنها : الإطلاق الأحوالي في إرجاعات المعصومين (عليهم‌السلام) إلى فضلاء صحابتهم حاكم بجواز الرجوع إلى ذلك الشخص مطلقاً سواء أكان أفضل من غيره أم لا ، وسواء خالف الغير في الفتوى أم لا.

وأُجيب : إنّ الإرجاع على نحو الخصوص كالإرجاع على نحو العموم ، إنّما يقتضي الحجّية في الجملة ولا يعمّ صورة الاختلاف كما هو مفروض الكلام ، وإلّا لزم التعارض مع ما دلّ على الإرجاع إلى غير ذلك الشخص بالخصوص.

إلّا أنّه أشكل على الجواب بأنّ الإرجاعات الواردة من المعصومين (عليهم‌السلام) مطلقاً إنّما تفيد الحجّية الإرشادية فلا تعارض حينئذٍ في المقام ، فإنّ من لوازم الحجّة الإرشاديّة تخيير من له الحجّة في الرجوع إلى أيّ الحجج.

توضيح ذلك :

إنّ الدليل ما يقع بعد (لأنّه) ، وهو الحدّ الوسط في القياس ، كما يقال : العالم حادث لأنّه متغيّر وكلّ متغيّر حادث ، فالعالم حادث ، فالذي دلّنا على حدوث العالم ، هو التغيير ، وهو الحدّ الوسط ، ويسمّى بالحجّة أيضاً ، كما تقسّم الحجّة في

٢٠٨

المنطق إلى قياس وتمثيل واستقراء. والحجّة بمعنى ما يصحّ الاحتجاج به ، وما يحتجّ به المولى على العبد في مقام المنجّزية ، ويحتجّ به العبد على المولى في مقام المعذّرية.

ثمّ الحجّة تنقسم بالتقسيم الأوّلي إلى : عقلية وشرعيّة. والأولى هي التي يصحّ التعويل عليها بصورة عامّة عن كلّ سؤال عن السبب ، والثانية هي التي يصحّ الاحتجاج بها في الأُمور الشرعيّة ، أي ما يصحّ التعويل عليها في الفتاوى للفقيه فهي بصورة خاصّة ، وبين الحجّتين نسبة العموم المطلق ، فكلّ شرعيّة عقليّة ، ولا عكس ، فإنّ الحاكم بصحّة الحجّة ، هو العقل.

وكلّ واحد من القسمين ينقسم إلى حجّة إلزامية وإلى حجّة إرشاديّة ، والأولى بمعنى ما يجب عند العقل التعويل عليه والإلزام ممّا يقتضيه نفس الحجّة ، والثانية ما يجوز التعويل عليه ، والإرشاد يكون من خواصّها.

١ ـ فالحجج الإلزامية العقليّة : كالبراهين الدالّة على المبدأ وعلى المعاد والنبوّة ونحو ذلك.

٢ ـ والحجج الإرشاديّة العقليّة : كإخبار العالم ، ورأي المتخصّص ، وقول الخبير ، وتصير إلزاميّة عند الرجوع إليها والتعويل عليها.

٣ ـ والحجج الإلزاميّة الشرعيّة : كالأنبياء وأوصيائهم المعصومين فإنّهم حجج الله على العباد فيجب الأخذ بأقوالهم وأفعالهم وتقريرهم والذي يعبّر عنها القول والفعل والتقرير بالسنّة ، وكذلك خبر الثقة. ومن هذا الباب ما ورد عن الإمام الكاظم (عليه‌السلام) : (أمّا ما رواه زرارة عن أبي جعفر فلا يجوز لي ردّه) (١).

__________________

(١) اختيار معرفة الرجال : ٢ ، في ترجمة أحمد بن هلال.

٢٠٩

ولمّا كانت حجّية خبر الثقة إلزاميّة ، فعند تعارض الخبرين يلزم الإشكال ، فإنّ التعويل على المتعارضين لا يجوز عقلاً ، ولمثل هذا يسأل المعصوم عن الخبرين المتعارضين ويتفضّل بالجواب ، كما في الأخبار العلاجيّة.

٤ ـ والحجج الإرشادية الشرعية : التي يجوز التعويل عليها في الشرع هي الفقهاء وأهل الذكر ورواة الأحاديث والناظرون في الحلال والحرام ، فيجوز ابتداءً الأخذ بآرائهم وأقوالهم وفتاواهم إلّا أنّه إذا رجع إلى أحدهم فإنّه تصير حجّة إلزاميّة له ، وإذا رجع إلى آخر فيكون الآخر إلزاميّاً ، ويعود قول من رجع عنه إلى حجّة إرشاديّة ، ومن الواضح عدم وقوع المعارضة بين الحجج الإرشاديّة لعدم وجوب الأخذ بكلّ منهم ، ولذلك لم يقع سؤال عن المعصوم (عليه‌السلام) عن حكم اختلاف فقيهين في الفتوى مع كثرة اختلاف الفقهاء في الفتيا (١).

وممّا يستدلّ به على جواز الرجوع إلى المفضول مع وجود الأفضل في التقليد هو سيرة أبناء العامّة ، فإنّها كانت في عصر المعصومين (عليهم‌السلام) على مرأى ومسمع منهم ، فإنّهم يرجعون إلى أيّ واحد من فقهائهم ، فلو كانت غير مرضيّة لهم لأخبروا شيعتهم بذلك ، كما أخبروا ببطلان القياس والاجتهاد بالرأي ، وهذه السيرة في الأُمور الشرعيّة نظير السيرة العقلائيّة في الأُمور العاديّة.

وأُجيب : بإنكار الأئمة (عليهم‌السلام) بأصل الرجوع إليهم مطلقاً ، بل عند المعارضة

__________________

(١) اقتباس من الاجتهاد والتقليد ؛ لسيّدنا الصدر (قدس‌سره) : ٢١٠.

٢١٠

بين الأخبار إنّما يكون الرشد في خلافهم ، كما في الأخبار العلاجية ومثل خبر علي ابن أسباط.

وممّا يستدلّ به أيضاً إجماع صحابة الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، ففي المسالك في جواب وهل يجوز العدول إلى المفضول؟ فيه تردّد ، والوجه الجواز ، يقول الشارح الشهيد الثاني : لاشتراك الجميع في الأهليّة ، ولما اشتهر من أنّ الصحابة كانوا يفتون ، مع اشتهارهم بالاختلاف في الأفضليّة ، ويجوز عندهم تقديم المفضول على الفاضل ، فيكون إجماعاً منهم على جواز ذلك.

الأصل الأوّلي في تقليد الأعلم وغيره

لقد لاحظتم أدلّة القائلين بوجوب تقليد الأعلم أو الجواز والتخيير ، ومرّت عليكم المناقشات السنديّة والمتنيّة والدلالات والوجوه التي جاءت في أدلّة الفريقين ، فمع عدم تماميّة الأدلّة أو إجمالها أو تساقطها يرجع إلى القواعد العامّة والأُصول الأوّلية في المقام ، فما هو الأصل الأوّلي في المسألة فيما لو لم يتمّ شيء من أدلّة الطرفين؟ بعد القول إنّه لا يجب الاحتياط للإجماع أو بناء العقلاء أو غير ذلك.

لقد ثبت في موضعه أنّ رأي المجتهد وفتواه إنّما هو طريق إلى الواقع كما هو الشأن في سائر الأمارات المعتبرة ، وليس له إلّا تنجيز التكليف عند الإصابة ، والمعذّرية عند المخالفة ، فالبحث عن الأصل سيكون بناءً على الطريقيّة في الفتوى

٢١١

دون السببيّة ، وهو يقرّر تارة بنحو ينتج عدم لزوم تقليد الأعلم ، وأُخرى لزومه.

بيان ذلك على النحو الأوّل :

ويقرّر بوجهين :

الأوّل : أنّه يجوز تقليد غير الأعلم مع وجود الأعلم مطلقاً وذلك بالاستصحاب ، فإنّه لو كان التساوي بين مجتهدين فإنّ العقل يحكم بعدم وجوب الاحتياط أو عدم جوازه ، فيجوز تقليد أيّهما كان ، فلو تجدّدت أعمليّة أحدهما فإنّه يشكّ في تقليد الآخر ، فيستصحب ذلك ، وإنّه وارد على قاعدة الاشتغال ، ويتمّ في غير هذه الصورة بعدم القول بالفصل ، كما إنّ حكم العقل في دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، وإن كان بالتعيين وهو الأخذ بفتوى الأعلم ، إلّا أنّه إذا لم يكن هناك دليل على التخيير ، واستصحاب التخيير حاكم عليه.

وأُجيب :

أوّلاً : إنّ ذلك إنّما ينفع لمن استند على وجوب تقليد الأعلم بقاعدة الاشتغال الذي هو من الدليل الفقاهتي ، ولا ينفع لمن حكم به اعتماداً على الدليل الاجتهادي.

ثانياً : إنّه ينتقض ومعارض باستصحاب عدم جواز تقليد المفضول إذا حصل له الاجتهاد عند سبق تقليد الأفضل وبعبارةٍ اخرى لو سلّم هذا الاستصحاب لعارضه استصحاب آخر عند انحصار المجتهد في شخص واحد فيجب تقليده متعيّناً ، فلو ساواه آخر في العلم ، فيشكّ في التخيير ، فيستصحب التعيين ويتمّ في غيره بعدم القول بالفصل.

ثالثاً : ثمّ إنّما يتعدّى الحكم من مورد إلى آخر بسبب عدم القول بالفصل

٢١٢

لو ثبت المورد الأوّل بالدليل الاجتهادي كالأمارات لا بالفقاهتي كالأُصول ، ومنها الاستصحاب.

رابعاً : إنّما يتمّ الاستصحاب لو تمّ أركانه ، ومنها بقاء نفس الموضوع ، وعند تبدّله لا معنى للاستصحاب. بيان ذلك إنّ العقل هو الذي حكم بالتخيير بينهما وذلك باعتبار تساويهما في الفضيلة ، فمع وجود مزيّة أو احتمالها في أحدهما ، فإنّه لا يحكم بالتخيير ، وما يقال بالملازمة بين الحكم العقلي والشرعي بناء على أنّ الحكم الشرعي يجري على العنوان الذي حكم به العقل لا أكثر من ذلك ، والحكم الشرعي إنّما هو على عنوان المتساويين في الفضيلة والعلم ، وقد زال بحصول الأعلم فتبدّل الموضوع ، فكيف يستصحب؟

وربما يقال بالاستصحاب الكلّي القسم الثالث باعتبار الجامع بينهما ، وأُجيب أنّه إنّما ينفع فيما لو كان حكماً شرعيّاً أو موضوعاً لحكم شرعي ، والجامع بينهما لم يكن منهما ، فهو أمر انتزاعي والحكم المنكشف شرعاً هو حكم واحد لعنوان المتساويين ، فلم يحرز بقاء الموضوع ، فإنّ التخيير الثابت إنّما هو في مورد تساوي المجتهدين في الفضيلة.

خامساً : لا وجه للتمسّك في المسألة العقليّة بالقول بعدم الفصل ، كما إنّ نفي الفصل غير موجود في المقام ، فالإجماع المركّب غير حاصل.

الثاني : لو كان في العالم الخارجي مجتهداً واحداً فإنّه يتعيّن تقليده على العامي ، فلو وجد آخر وصار أعلم من الأوّل ، فيشكّ في بقاء التقليد المتعيّن الأوّل ، فيستصحب البقاء ، ويتمّ في غير الفرض بالقول بعدم الفصل.

٢١٣

وأُجيب : بتبدّل الموضوع أوّلاً ، فإنّ الملاك في وجوب المراجعة كان باعتبار انحصار الاجتهاد فيه. فلا معنى لإبقاء ما كان على ما كان بعد وجود مجتهد آخر أعلم منه ، كما لا يتمسّك في العقليّات بالإجماع المركّب والقول بعدم الفصل ثانياً.

النحو الثاني :

الذي ينتج من تقريره لزوم تقليد الأعلم وذلك بقاعدة الاشتغال بناء على الدوران بين التخيير والتعيين في الحجّية ، ويقرّر بوجهين أيضاً :

الأوّل : ذهب القدماء من الأصحاب إلى زمان الشهيد (قدس‌سره) إلى وجوب تقليد الأعلم ، والقول بالتخيير بينه وبين غير الأعلم إنّما تولّد في الأعصار المتأخّرة.

ثمّ ممّا لا ريب فيه أنّ الناس كلّهم مكلّفون بالأحكام الواقعيّة ، ولا بدّ من امتثالها إمّا بعلم تفصيلي وجداني أو بعلم عادي بالظنّ المتاخم للعلم المفيد للاطمئنان وإمّا بالعلم الإجمالي وذلك بالعلم بالاحتياط ، ولا يتنزّل عن هذا ويكتفى بغيره في مقام الامتثال إلّا بدليل خاصّ.

وحيث قام الإجماع والضرورة على عدم لزوم الامتثال التفصيلي والإجمالي حفظاً للنظام من جهة اختلاله وللزوم العسر والحرج المنفيين شرعاً ، كما إنّ سيرة العقلاء وسيرة المتشرّعة تدلّان برجوع العالم إلى الجاهل ، وقد أمضاه الشرع ، لعدم الردع ، فإنّه لو كان لبان ، فحينئذٍ لو شككنا في اعتبار الأعلميّة لما ذهب إليه القدماء ، كما إنّ القدر المتيقّن من الخروج عن حرمة العمل بالظنّ هو العمل بفتوى الأعلم ، وأمّا فتوى غيره فمشكوك فيه ، وقاعدة الاشتغال تقول بلزوم الفراغ اليقيني لمن اشتغلت ذمّته ، فإنّ الاشتغال اليقيني يحتاج إلى براءة يقينيّة ، وذلك لا يكون إلّا

٢١٤

بمطابقة فتوى الأعلم.

الثاني : لمّا ثبت اشتغال ذمّة المكلّف بالتكليف ، فلا بدّ أن يأتي بعمل يصحّ الاحتجاج به على المولى ، ولمّا لم يجب الامتثال التفصيلي والإجمالي ، فيدور أمره بين كون فتوى الأعلم هو الحجّة متعيّناً أو أنّه أحد فردي الحجّة مخيّراً ، والاحتجاج بفتوى الأعلم يقيني معلوم بخلاف فتوى المفضول فإنّه مشكوك فيه ، وكلّما دار الأمر بين التعيين والتخيير في مقام الإطاعة والامتثال ، فإنّ العقل يحكم بتقديم محتمل التعيين ، فيتعيّن تقليد الأعلم.

وبهذا الأصل يكون المختار الاحتياط الوجوبي في تقليد الأعلم لا سيّما عند العلم بالاختلاف ومع الإمكان.

هذا خلاصة ما أردنا بيانه في مسألة أصل التقليد وأمّا مسائله وفروعاته فتأتينا عند ما نتعرّض لمسائل التقليد في العروة الوثقى ومنهاج المؤمنين ، إن شاء الله تعالى.

٢١٥

الاحتياط لغةً واصطلاحاً

كان الكلام في بيان المسألة الاولى من العروة الوثقى ومنهاج المؤمنين ، وتعرّضنا بشيء من التفصيل إلى معرفة كلماتها لغةً واصطلاحاً ، وما يتعلّق بها من المباحث الفقهيّة والأُصوليّة وغيرهما ، والكلمات كانت كما يلي : الوجوب والتكليف والعبادات والمعاملات والاجتهاد والتقليد ، وبقي الاحتياط.

فهو لغةً :

من حوط حاط وحيطة وحياطة : حفظه وصانه وتعهّده ، واحتاط الرجل : أخذ في أُمور بالجزم الذي من لوازمه المحافظة على نفسه ، وبمعنى الاهتمام ، والأحوط : الأشدّ احتياطاً ، والأقرب إلى الثقة ، وأحاط واحتاط به : أحدق به من جوانبه ، يقال : أحاط بالأمر علماً ، أي أحدق به علمه من جميع جهاته.

واصطلاحاً :

بمعنى الإتيان بجميع المحتملات وإحراز الواقع به ، بشرط أن لا يكون مبغوضاً لدى الشارع ، كما لو أوجب الاحتياط اختلال النظام أو العسر والحرج المنفيين

٢١٦

شرعاً ، أو الوسوسة المذمومة التي تعدّ من الأمراض النفسيّة. أعاذنا الله منها.

ويكفي الاحتياط في سقوط التكليف الواقعي مطلقاً ، وقيل : عند عدم التمكّن من الاجتهاد أو التقليد في العبادات ، فيكونا مقدّمين على الاحتياط حينئذٍ.

ومن الواضح كما مرّ بعد وجود العلم إجمالاً بأنّ العبد مكلّف بتكاليف شرعيّة ، يحكم العقل بتنجّز الأحكام الواقعيّة على كلّ مكلّف ، فيلزم الخروج عن عهدتها إمّا بالاجتهاد أو التقليد أو الاحتياط ، فكما قال المحقّق اليزدي (يجب بوجوب عقلي فطري على كلّ مكلّف في العبادات والمعاملات إمّا أن يكون مجتهداً أو مقلّداً ومرّ الكلام في أصلهما مفصّلاً كما سيأتي في فروعهما ومسائلهما أو محتاطاً.

ويبقى المكلّف بحاجة إلى الأبدال الثلاثة حتّى بعد انحلال العلم الإجمالي بالظفر بجملة من التكاليف بالاجتهاد أو التقليد ، لأنّه في الشبهات الحكميّة ، بل قيل في الموضوعيّة لا يجري الأصل النافي للتكليف كأصالة البراءة إلّا بعد الفحص ، فمجرّد احتمال التكليف الإلزامي يكفي في تنجّزه ، ولا يصحّ مخالفته إلّا إذا كان هناك مؤمّن للعقاب عقلاً ، وذلك بالاجتهاد أو التقليد أو الاحتياط.

حسن الاحتياط

والاحتياط حسن في نفسه عقلاً ، كما ورد ذلك في الشرع المقدّس أيضاً ، ما لم يستلزم العسر والحرج والوقوع في الوسوسة ، فالنصوص الشرعيّة تدلّ على

٢١٧

رجحانه ومطلوبيّته ، فيلزم التطابق بين الحجّتين الباطنيّة والظاهريّة ، العقل السليم والشرع المقدّس ، وهذا ممّا لا ينكر ، فإنّه حسن حتّى لو تمكّن من الاجتهاد أو التقليد.

وإذا ورد الإشكال على الاحتياط شرعاً عند بعض الأعلام ، فإنّه في مجال العبادات أوّلاً ، ثمّ بناءً على اعتبار قصد الوجه أو التمييز أو الجزم بالنيّة ثانياً ، وكلّها قابلة للنقاش كما هو ثابت في محلّه ، ولا يضرّ ذلك في كبرى القول وأنّ الاحتياط حسن على كلّ حال ما لم يستلزم العسر والحرج والوسوسة واختلال النظام.

فقيل مع اعتبار قصد الوجه أو التمييز أو غير ذلك لا يكاد يحرز الواقع بالاحتياط حينئذٍ بل لا بدّ من العلم التفصيلي في ذلك ، وجوابه واضح بعد المناقشة في الصغرى بعدم اعتبار شيء من ذلك ، وأنّه لو أحرز المأمور به بأيّ نحوٍ من الأنحاء ولو أتى بجميع المحتملات كما في الاحتياط ، فإنّه يأمن من العقاب للقطع بالامتثال والعلم بمطابقة المأتي به للواقع.

وقيل : مع التمكّن من الاحتياط وقطعيّة الامتثال به لا مجال للاجتهاد أو التقليد ، لعدم القطع بالامتثال فإنّ غايتهما هو الظنّ بالامتثال ، والامتثال القطعي مقدّم على الظنّي كما هو واضح ، وجوابه بعد قيام الدليل على اعتبار الأمارات الظنّية كخبر الثقة وأنّها بمنزلة الواقع ، وكاشفة له وطريق إليه ، فلا يرى العقل أيّ فرق بين الامتثالين في أداء الوظيفة وإسقاط التكليف مطلقاً ، فلا فرق في العمل به في العبادات وغيرها ، فإنّه يتحقّق الامتثال به بحكم العقل.

٢١٨

نعم ، ربما يتصوّر وجود رادع لإجراء هذا الحكم العقلي ، وهو أُمور :

الأوّل : عن الشيخ الأعظم الشيخ الأنصاري (قدس‌سره) في رسالة الاجتهاد والتقليد أنّه يعتبر في العقود والإيقاعات الجزم ، ومع الاحتياط يلزم الترديد المنافي للجزم ، فكيف يصحّ ذلك.

وأُجيب : إنّ الترديد إمّا أن ينافي تحقّق الإنشاء أو تأثيره ، والأوّل باطل فإنّه يتحقّق الإنشاء مع القطع بالخلاف فضلاً عن الترديد ، والثاني فاسد لاستحالة التفكيك بين الإنشاء والمنشأ. ثمّ مقتضى الاحتياط حينئذٍ هو عدم التصرّف في كلا العوضين أو إجراء العقد حال وجود جميع ما شكّ في اشتراطه فيه حتّى يحصل القطع بوجود الأثر. وإن كان وجود الترديد ينافي فيما هو الممضى شرعاً من الأسباب فإنّه لا يضرّ ذلك.

الثاني : منع الاحتياط في العبادات فقط مطلقاً سواء يستلزم تكرار العبادة أو لم يستلزم ، أو خصوص ما يستلزم ، كما ذهب إليه بعض ، على أنّ الجاهل بأحكام الصلاة مثلاً ، لا يكاد يقطع بإتيان المأمور به على ما هو عليه بمجرّد إتيان ما يزعمه ، وادّعى الأخوان السيّد المرتضى علم الهدى والشريف الرضي الإجماع على بطلان صلاة الجاهل بالقصر ، قال (قدس‌سره) : (إنّ عقد إجماع أصحابنا على بطلان صلاة من صلّى صلاةً لا يعلم أحكامها).

وقال الشيخ الأعظم في رسالة القطع : (أمّا إذا لم يتوقّف الاحتياط على

٢١٩

التكرار ، كما إذا أتى بالصلاة مع جميع ما يحتمل أن يكون جزءاً ، فالظاهر عدم ثبوت الاتفاق على المنع ووجوب تحصيل اليقين التفصيلي ، لكن لا يبعد ذهاب المشهور إلى ذلك).

وجوابه :

أوّلاً : إنّه بالاحتياط يلزم إحراز الواقع يقيناً بحكم العقل كما مرّ ـ ، فيكفي عن العلم التفصيلي في معرفة الأحكام.

ثانياً : قول المشهور ناظر إلى عدم تحقّق موضوع الاحتياط في خصوص العبادات لبعض المناقشات لا عدم جوازه مطلقاً فيما أمكن الاحتياط ، كما هو المرتكز عند الناس.

ثالثاً : ربما كان الإجماع المدّعى مدركيّاً وهو ليس بحجّة ، وعلى فرض تعبّديّته فإنّه مختصّ بالصلاة فلا يعمّ جميع العبادات ، كما لا يمنع القول بجواز الاحتياط في محلّ البحث ، فإنّ المتيقّن منه فيما لو كان جاهلاً بمقدار كثير من الصلاة ، والصلاة حينئذٍ تكون باطلة قطعاً.

الثالث : دلّت الأدلّة الشرعيّة على لزوم تعلّم الأحكام ، كما ورد في الصحيح عن مسعدة بن زياد عن أبي عبد الله (عليه‌السلام) : سئل جعفر بن محمّد (عليهما‌السلام) عن قوله تعالى (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) ، فقال (عليه‌السلام) : إنّ الله تعالى ، يقول للعبد يوم القيامة : عبدي أكنت عالماً؟ فإن قال : نعم ، قال : أفلا عملت بما علمت؟! وإن قال : كنت جاهلاً. قال له : أفلا تعلّمت حتّى تعمل؟! فيخصمه وذلك الحجّة البالغة لله

٢٢٠