• الفهرس
  • عدد النتائج:

الإدراك لا يكون إلّا بالوصول ؛ ففي الإدراك الناقص يتحقّق الوصول الناقص وفي التامّ يتحقّق التامّ ؛ والمراد بالوصول هو حضور تلك المعاني بعينها عنده بارتسامها في ذاته وللذوات المجرّدة النورية والجواهر العقلية القدسية بحضورها لديه وانكشافها بين يديه ؛ فيشاهدها بالعلم الحضوري ؛ فهذه المشاهدة هي وصول الفعل إلى ذواتها ووجوداتها ؛ وإدراك الخيال والوهم للصور (١) الخيالية والمعاني الجزئية هو حضورهما لديهما بالارتسام / A ١٥٩ / فإنّ ذات المدرك لتلك القوّتين وحقيقته هو نفس الصور والمعاني الجزئية دون الامور الخارجية ؛ فالوصول في إدراكهما إنّما هو بوصولهما إليهما ؛ وإدراك الحواسّ للمحسوسات إنّما هو بحضور ذواتها العينية وحقائقها الخارجية عندها بالارتسام أو بنحو آخر ووصولها إليها ؛ فالوصول في إدراكها إنّما يكون بالوصول إلى وجوداتها العينية ؛ فلذا ما لم يصل الجسم المذوق إلى الذائقة لا يحصل الإدراك المسمّى بالذوق ؛ وما لم يصل الشيء الملموس (٢) الخارجي إلى اللامسة لم يتحقّق الإدراك المسمّى باللمس ؛ وقس على هذا غيرهما ؛ واذا لم ينفكّ الوصول عن الإدراك ولم يتحقّق الإدراك التامّ إلّا مع الوصول التامّ فالعشق التامّ لا يكون إلّا مع الوصول التامّ ويكون ذلك ـ كما مرّ ـ ابتهاجا تامّا ولذّة تامّة ؛ فإذن العشق الحقيقي هو الابتهاج بتصوّر حضور ذات ما هي المعشوقة.

ثمّ لا يخفى أنّ الشوق من لوازم العشق ؛ لأنّه الحركة إلى تتميم هذا الابتهاج بحصول ما هو التامّ من الحضور والوصول ؛ فإنّ مراتب الحضور متفاوتة ؛ إذ التمثيل الخيالي حضور ضعيف والحسّي أقوى منه والشهود الإشراقي أتمّ منه إلّا أنّ اللازم بالنظر إلى تعريفه وحقيقته لزومه للعشق الناقص ؛ إذ الحقيقي الكامل لا ينفكّ عمّا هو الأتمّ من الابتهاج والحضور والوصول ؛ وعلى هذا فالعشق

__________________

(١). س : المصور.

(٢). س : الملموسى.