• الفهرس
  • عدد النتائج:

رواه السيّد المرتضى وغيره بعد ما سئل عن العالم العلوي : «صور عالية عن الموادّ خالية عن القوّة والاستعداد. تجلّى لها ربّها ؛ فأشرقت وطالعها فتلألأت وألقى في هويّتها ؛ فأظهر عنها أفعاله وخلق الإنسان ذا نفس ناطقة إن زكّاها بالعلم والعمل فقد تشابهت جواهر أوائل عللها ؛ وإذا اعتدل مزاجها وفارقت الأضداد فقد شاركت السبع الشداد.» (١)

ويدلّ عليه دليلان آخران ذكرهما الحكماء :

والأوّل : أنّ الأفلاك متحرّكة على الاستدارة والدوام. أمّا الأوّل باطل وأمّا الثاني فلكونها حافظة في الجملة للزمان الذي لا نهاية لامتداده كما ثبت في محلّه ؛ والوجه في انحفاظ الزمان لها أنّه مقدار غير قارّ. فيجب أن يكون محلّه هيئة غير قارّة هي الحركة ولا حركة يحتمل الدوام / B ٧٠ / سوى حركة الفلك لكونه مصونا عن الفساد كما تقرّر في محلّه ؛ فهى محلّ للزمان وحافظة له ؛ هذا وإن اختصّ بالفلك الأعظم إلّا أنّ ساير الأفلاك كذلك بالحدس ؛ وهذه الحركة لكونها مستديرة لا تكون طبيعية ؛ لأنّ المستديرة تطلب وصفا ثمّ تتركه ؛ والمطلوب بالطبع لا يكون مهروبا عنه بالطبع ولا قسرية ؛ إذ لا قسر حيث لا طبع ؛ فهي إرادية والحركة الإرادية تكون لغاية لا محالة ؛ وهي لا يجوز أن يكون نفس الحركة ؛ لأنّها ليست مطلوبة لذاتها ، بل ليتأدّى إلى غيرها وهو المراد بالغاية ؛ وهي إمّا حسّية شهوية أو غضبية ؛ وهما مختصّان بالأجسام التي لها مادّة منفعلة وتلتذّ بالملائم وتتأذّى من غيرها كما في أنواع الحيوانات ؛ والأفلاك ليست كذلك.

وأيضا : كلّ حركة لجذب ملائم أو دفع منافر على النحو الموجود في الحيوانات متناهية وحركة الأفلاك غير متناهية ؛ فغايتها عقلية كما في حركاتنا

__________________

(١). انظر : بحار الأنوار ، ج ٤٠ ، ص ٧٦٥ ؛ عيون الحكم والمواعظ ، ص ٣٠٤ والمناقب (لابن شهرآشوب) ، ج ٢١ ، ص ٣٢٧.