• الفهرس
  • عدد النتائج:

ارتسام الحقائق والصور ؛ فأعطاها الله قوّة نظرية زائدة على ذاتها هي مبدأ الانكشاف والارتسام. فالعلم الحقيقي ـ أعني منشأ الانكشاف ـ ثابتة للنفس إلّا أنّه على وجه النقصان ، لزيادته على ذاتها وفي الواجب عين ذاته.

ثمّ النفس لا تتمكّن بوساطة تلك القوّة من أن تنكشف عليها الوجودات وترتسم فيها الحقائق برمّتها ، لضعف تلك / B ١٣٢ / القوّة وعدم الارتباط بين النفس وبين كلّ شيء. فالمعلوم لها من الوجود بالعلم الحضوري الانكشافي في ما يوجد بينه وبينها مصحّح الانكشاف ؛ وما هو إلّا ذاتها وآلاتها وقواها وما يرتسم فيها ؛ فإنّ المصحّح في الأوّل إيجاد العاقل والمعقول ؛ وفي البواقي الربط التامّ. فكلّ نفس يعلم وجود ذاتها وبدنها وقواها ؛ والمعلوم لها بهذا العلم ليس إلّا وجوداتها المشاهدة لها ولا يعلم بذلك حقائق شيء منها ؛ وأمّا الواجب فلكونه علّة الكلّ وارتباط الجميع به بالمعلولية تكون الوجودات بأسرها منكشفة مشاهدة له بالعلم الحضوري وكذا النفس بوساطة تلك القوّة لا يتمكّن بضعفها من أن يرتسم فيها صور الكلّ ، بل الحاصل لكلّ نفس من حقائق الموجودات ما يستعدّ له لأجل قوّتها النظرية قوّة وضعفا واستقامة واعوجاجا وجودة ورداءة بخلاف الواجب سبحانه ؛ فإنّ ذاته القاهرة بحيث تتمثّل فيه بذاته صور الأشياء بأسرها وحقائقها على ما هي عليه (١) من دون خروج شيء منها.

ثمّ هذان العلمان ـ أي الحضوري والحصولي ـ يختلفان في الواجب والنفوس بالظهور والخفاء ؛ فإنّهما في الواجب في الظهور والجلاء في غاية الكمال والتمامية وفوق التمام وفيها لا يخلو عن الخفاء والظلمة ؛ هذا والنفوس بحسب اختلاف قوّتها وتجرّدها مختلفة في مراتب الكثرة والقلّة والجلاء والخفاء.

ثمّ القوّة النظرية في النفس بمنزلة الذات في الواجب في أنّه العلم الإجمالي و

__________________

(١). س : غلبه.