خطط الشام - ج ٦

محمّد كرد علي

خطط الشام - ج ٦

المؤلف:

محمّد كرد علي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة النوري
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٦٤

الفاتحين العرب منذ نيف وثلاثة عشر قرنا وهي الرزانة والوقار والصبر على المصائب ، ويلتزمون هذه الرزانة وهذا الوقار في أعمالهم ومجالسهم بل وفي بيوتهم وبين ذويهم ومجالس سمرهم وشرابهم وأنسهم ، ويكرهون من يتصف بالطيش والرعونة والشكوى الصريحة ويتجنبون مجالسته ، ولكل عادة من هذه العادات شذوذ وهي قليلة.

عادات الحلبيين (١) :

للحلبيين المسلمين عادات يستعملونها في أفراحهم وأتراحهم نذكر منها شيئا يحفظه التاريخ إلى ما بعد أن يجتاحه تطور الزمن فيبقى ذكره من مستغرب الأخبار ورائع الآثار فنقول :

مما يستعملونه في قضية الولادة أن الطفل متى تمخضت به أمه وولدته تلمسه القابلة فإن كان غلاما صلت على محمد وإن كان جارية ترضت عن فاطمة الزهراء ثم يقدم إلى أحد أقاربه فيؤذن في أذنه الأذان الشرعي ثم يسمى من قبل وليه ويطبخ لأمه حلوى بالشونيز والجوز لتكثير لبنها وتقتصر بالشرب على ماء الحمام المنقوع فيه أصول البنفسج مدة أسبوع ويرسل أحد أصدقاء الأسرة مائدة كبيرة تشتمل على مقدار عظيم من الزلابية معها أباليج السكر ، ويولم أهل المولود في اليوم السابع وليمة حافلة بين أطعمتها حلوى قوامها الدبس والشمرة تعرف باسم «المغلي» وقد يحضر في ليلة تلك الوليمة قيان للنساء ومطربون للرجال ، وكل صديق لأبوي المولود يقدم هدية بعضها مأكول وبعضها مما يتحلى به ومنها مسكوكات ذهبية قديمة تعلق في قلنسوة الطفل واسم ذلك «تهناية» وبعد مضي أربعين يوما على الولادة تؤخذ النفساء إلى الحمام مع أترابها من النساء ويكبس بدنها «بالشدود» وهو المردقوش والخزامى المغربية. وإذا شعرت أم الطفل بمغص في بطنه تمضغ له لب عجو الدراقن وتعصر لفاظتها في فمه فيسكن مغصه وتدهن مراقه بالزيت وتذر عليه مسحوق ورق المرسين ، ومتى بدأت أسنانه بالخروج تسلق له شيئا من

__________________

(١) هذا الفصل لكامل الغزي أخذا من كتابه نهر الذهب

٢٨١

الحنطة تدوفه بالسكر ولب الجوز واللوز والفستق وتطعمه منه وتفرق باقيه على الأهل والجيران.

متى بلغ الطفل الخامسة من عمره يرسل إلى المكتب أو إلى الشيخة أو المعلمة إذا كان جارية ومتى ختم تعلم القرآن العظيم تعمل له حفلة تسمى «نشيدة» يحضر فيها إلى منزل الغلام جماعة الشداة والمطربين ودراويش الطريقة المولوية وبعد أن تقام نوبة سماح يطاف بالغلام ورفقائه بعض شوارع البلدة وهم ينشدون أزجالا في المدائح النبوية ماشيا وراء الغلام حامل المبخرة ورجل آخر ينثر الشعير على رؤوس الناس دفعا لإصابة عيون العين ثم يعود هذا الموكب إلى منزل الغلام وتبسط له الموائد فيأكل وينصرف ويملأ جيب كل ولد فستقا وزبيبا مضافا إليهما شيء من النقود. وقد يختن الولد في هذا اليوم إذا لم يكن ختن من قبل. واعتاد كثير من الناس ختن أولادهم في اليوم السابع من ولادتهم كما اعتادوا ثقب شحمة أذن الأنثى فيه. وقد يفرد لختان الغلام حفلة يدعى إليها الأحباب والأصحاب ويولم لهم ثم يزين الغلام بالحلي والحلل ويركب على برذون مزين ويركب وراءه رديف يقال له العريف ، ويطاف به في الشوارع يتقدمه أحد مشايخ الطرق راكبا على برذون مجلل بسجادة الإرشاد مكللا رأسه بطيلسان أحمر في يده عقافة يشير بها إلى جماعته وهم سائرون أمامه يحملون أعلام طريقتهم ويضربون طبولهم ، وبعد أن ينتهوا من تطوافهم يعودون إلى منزل الغلام وتتلى قصة المولد النبوي وفي ختامها يختن الولد. وقد يرافق هذا الموكب طائفة من الدارعين ولابسى الجواشن والخوذ في أيديهم السيوف والتراس يقفون في فسحات الطرق ويلعبون بعضهم مع بعض بسيوفهم وقد سار وراء جموعهم رجل يقود جملا على ظهره منصة مهندمة يقوم رجل يرتدي كسوة نساء عرب البادية يقال له «عبلة» قد أمسك بيديه صنوجا يرقص بها حتى يصل إلى دار المختون وهذا الموكب يسمى «عراضة».

للغلام في أول يوم يصومه من رمضان طبق يملأ بأنواع الحلوى يفطر عليه. وإذا بلغ الغلام مبلغ الرجال وتاق للزواج تأخذ أمه وذوات قرابته يلتمسن له زوجة تنطبق أوصافها على أذواقهن. والأغنياء يغالون بالمهور

٢٨٢

وربما بلغت جملة المهر ألف ذهب عثماني وزيادة ، والمهر عند الفقراء لاحد لأقله والمعجل منه ثلثاه والمؤجل الثلث الباقي. والزوجة الغنية تضيف إلى المهر من مال أبيها قدره وربما زادت وتصرف الجميع على شراء أثاث المنزل. وعقد الزواج يكون في بيت الزوجة باحتفال فائق يحضره المطربون ويطاف على الحاضرين بكؤوس المرطبات وأنواع الحلوى المجففة. وبعد أن يتم العقد بأيام ينقل الجهاز الذي أعدته الزوجة إلى بيت الزوج بموكب حافل يتقدمه جماعة الحمالين ولاعبو السيوف والعصي ، وشداة الأزجال ، ويسبق ليلة القران ليال يسمونها «التعاليل» يحضر فيها المطربون والموسيقيون وتحرق الألعاب النارية ، وقبل ليلة القران بليلتين يدعو أهل الزوجة أقاربهن ويفرق عليهن الحناء ونقوشها فينلن منها على أيديهن ما تناله منها العروس على يديها ورجليها ومعصميها وتعرف تلك الليلة بليلة النقش. ثم في صبيحة اليوم الذي يكون القران في مسائه تقام وليمة العرس وتكون الدعوى إليها جفلى يجلس على سماطها من أحب. وفي هذا اليوم يأخذ أهل الزوج الزوجة من بيت أهلها فيركبن العربات المزدانة ويأتين بها إلى بيت زوجها وكن قبل ظهور العربات يأتين بها إلى بيت زوجها ماشيات على أقدامهن يزغردن ولا يمررن بها على باب حمام زعما بأن جنه يخطفها. وأصل هذا ما كان يفعله الانكشارية من اختطاف العرائس اللواتي يمررن على حمامهن فكانوا لا يطلقون سراح العروس إلا بعد أن يأخذوا شيئا من حليها أو نقودا من زوجها.

في مساء هذا اليوم يأخذ الزوج زينته في منزل أحد أصدقائه ويحضر إلى منزله بموكب حافل من المطربين والموسيقيين وهو يسير الهوينى بين شابين يشبهانه يقال لهما سخاديج واحدهما سخدوج. قد حملت أمامه مصابيح ضخمة على عتلات في مقدمتهم شداة يترنمون بمواليات كلما أتم أحدهم مواليه يهتف الجمع بقولهم : «الله يساور جوز جوز جيز» تحريف «الله يصور الزوج زوج جهاز». وقد تقدم صف الزوج صفوف المطربين وأصحاب الأزجال الحماسية وحملة المشاعل ومحرقو الألعاب النارية والمدرعون واللاعبون بالسيوف ألعاب الفروسية إلى أن يصل هذا الموكب منزل الزوج فيدخله وتتلقاه عرسه ويضع يدها في يده أقرب إنسان إليه ويدخلان الغرفة المعدة لهما

٢٨٣

ويفتح على رأسيهما طيلسان ورديّ اللون. وفي صبيحة تلك الليلة يدخل الزوج الحمام ومعه الجم الغفير من الخلان والإخوان ، وبعد خروجه منه يعمل له أصدقاؤه الولائم على عدة أيام وهي المسماة بالصبحيات. وفي اليوم الخامس عشر يولم الزوج لأهل زوجته وليمة شيقة تسمى عزيمة الخامس عشر.

ومما يستغرب من عادات بعض الأهلين من قطان أطراف حلب أنهم يفرشون ليلة القران في غرفة العروسين قطيفة يجعلون رؤوس ما التوى من ريشها إلى جهة صدر الغرفة ، فإذا وجد الزوج الوردة زرا غير باسم الثغر حول القطيفة أي جعل رؤوس ما التوى من ريشها إلى جهة عتبة البيت وإلا أبقاها على حالها ، وفي الغد يقوم الخصام سرا فإذا لم يقع التراضي بين الطرفين فإنهما يعلنان القضية وتعلو الضوضاء وتشتد الضجة ويفتضح الحال.

ومما يستعمله الحلبيون المسلمون في أتراحهم من العادات هو أن بعض سكان أطراف البلدة يحضر حين وفاة رجالهم الأعزاء عليهم ـ نائحات بدويات ينثرن على رؤوسهن الحناء ويشددن في أوساطهن المآزر ويخدشن خدودهن ويسودن وجوههن بسخام القدر ، وحين خروج النعش من الدار يضربن جبهة بابها بإناء خزفي زاعمة أن هذا العمل يمنع من أن يلحق بالميت غيره من أهله ، ونعش الميت يسيرون به وهم يجهرون بكلمة التوحيد ، وقد يكون في مقدمته من يؤذن أذان الجوق وينشد بعض المدائح النبوية ، وقد يمشي أمام النعش جماعة الدراويش المولوية. وإذا كان الميت من مشايخ الطريق يتقدم جماعته ويحملون نعشه ويتجاذبونه ويتماسكون به كأنه يحاول الطيران وهم يمنعونه عنه وينادونه باسمه ويضرعون إليه بأن يعدل عن الطيران ، وحملة أعلام الطريقة يفعلون بأعلامهم فعل حملة النعش به فيركضون بها إيهاما بأنها تجرهم وتحاول أن تطير بهم إلى غير ذلك من الحركات التي ينكرها الشرع. إذا وصل النعش إلى القبر حطوه إلى الأرض وأخرجوا الميت منه ولحدوه ، ومن الناس من يودع في نقرة من جدار القبر قنينة فيها شيء من زيت الزيتون قصد تعتيقه لينتفع به بعد من يكون مصابا بالريح فيطلي منه بدنه فيبرأ.

في الليالي الثلاث الأولى من الوفاة يجتمع في مسجد الحي بين العشائين

٢٨٤

نفر من الرجال والأطفال يكررون كلمة التوحيد وفي أيديهم سبحة كبيرة ينتظم في سلكها خمسمائة حبة كل حبة منها في حجم الجوزة. فإذا دارت دورا سكتوا وتلا إمام المسجد شيئا من القرآن. ثم تدور دورا آخر في ختامه ينتهي الذكر ويفرق على الحاضرين الحلوى المعروفة بالغريبة. في صباح اليوم الثالث من الوفاة يجتمع الجم الغفير على القبر وتمد البسط على أطرافه وتوضع عليه قمام ماء الورد وتنثر فوقه الزهور ويفرق على الحاضرين أجزاء الربعات وبعد الانتهاء من قراءتها يصطف الناس حلقة ويذكرون الله تعالى ويفرق على الفقراء شيء من النقود ويعزي الناس أهل الميت وهم في المقبرة. وهذا اليوم يسمى الثالث وفيه وفي كل من اليوم السابع واليوم الأربعين واليوم المتمم للسنة من الوفاة يدعى جماعة من القراء إلى بيت الميت يتلون القرآن العظيم في نهارهم ، وفي المساء تبسط الموائد ويفتح باب الدار للفقراء فيأكلون ويزودون.

ومما اعتاده الحلبيون في أول يوم من المحرم أن يكون فطورهم من طعام حلو ، وأن يخرج جماعة من العجزة يتصدق عليهم الناس بشيء من البرغل يقال لهم «فاز من صلى» سموا بلازمة زجل ينشدونه على الأبواب وهو «فاز من صلى على تاج العلى طه النبي المصطفى جد الحسين» وبعض الناس يسمونهم الحسينية. وهذه العادة موروثة عن الطوائف العلوية التي كانت تقطن حلب. وفي يوم عاشوراء يوسع الناس على عيالهم بالمطاعم ويطبخون طعام الحبوب الذي يشير إليه ابن منير الطرابلسي الشاعر بقوله :

«وسهرت في طبخ الحبو

ب من العشاء إلى السحر»

وفي يوم عاشوراء كانت الحكومة قبل خراب مشهد الحسين تولم فيه وليمة حافلة يحضرها الوالي ومن دونه وينشد أحد المطربين قصيدة ابن معتوق في رثاء الحسين التي مطلعها «هلّ المحرم فاستهل مكبرا». وتعطل الحكومة أيضا في آخر أربعاء من صفر وفي اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول وتحتفل بتلاوة قصة المولد النبوي في الجامع الكبير ، ويستمر الناس على تلاوة هذه القصة ليلا ونهارا إلى آخر هذا الشهر ، ويولمون من أجلها الولائم العظيمة. وتعطل أيضا في اليوم السابع والعشرين من رجب وتحتفل بقراءة قصة المعراج

٢٨٥

في المشهد المذكور. ويجتمع الناس ليلة النصف من شعبان في المساجد بين العشائين ويقرأون سورة يس ثلاث مرات ويلقنهم الإمام دعاء ليلة النصف المذكور في كتاب نزهة المجالس وغيرها من الكتب ، وتهجر المعاصي في شهر رمضان ويكثر ترداد الناس على الجوامع والمساجد ويقبلون على تلاوة القرآن ومنهم من يقصد المقاهي ليلا للتفرج على المشعوذين والمتصارعين. ويخرج قرب السحر طبال يوقظ الناس للسحور ويعقبه شداة المدائح النبوية في منارات الجوامع. وبعد صلاة العيد يخرج الناس إلى المقابر لزيارة موتاهم ، وكان يخرج قبل العيد بيومين رجل سخرة معه حمار مدرع بالودع والخرز والأجراس يستجدي الناس بالرقص ويضحكهم بحركات حماره يقال له جحش العيد. وكان يخرج في أيام العيد ولدان قد صبغوا أجسامهم بالسواد وعلى رؤوسهم الطراطير يستدرون إحسان الناس بالرقص والقفز ويقال لهم «بيضه بيضه» ، وبعد انتهاء العيد يأخذ رواد الحجاز أهبتهم ويسافرون لأداء فريضة الحج ويحتفل أحبابهم بوداعهم. وفي عيد النحر يقبل الناس على الضحايا. وفي تاسع آذار الرومي الشرقي يخرجون صباحا إلى ضاحية البلدة لاستنشاق نسيم الصبا التي تهب في ذلك الوقت كما يزعمه بعض المنجمين. ويكثر خروج الناس في أوائل أيام الربيع إلى جبل الجوشن وما قرب منه فإذا نور الشجر وأورق يترددون على البساتين. وفي شهر نيسان يحتكرون مؤوناتهم من السمن والجبن والفحم. وكان النساء في يومي أربعاء الزوبعة وخميس البيض (ويكونان قبل يوم الأحد وهو أول يوم من عيد الفصح) يخرجن إلى البساتين ويمضين فيها سحابة يومين ويفعلن مثل ذلك في يوم الاثنين الذي يلي عيد الفصح ، ويزعمن أن من لم يخرج إلى النزهة في هذه الأيام لا يأمن الصداع ووجع الرأس ، إلى غير ذلك من العادات التي بعضها مستحسن وبعضها مستهجن مما هو مذكور في كتاب نهر الذهب مسهبا مفصلا.

وأما ما يستعمله النصارى الحلبيون من العادات في أفراحهم وأتراحهم فمنها أن مريد الزواج منهم يبدأ بتصفح وجوه النسوة في مجامع الناس وحين خروجهن من الصلاة فمتى أعجبته أنثى سعى بإعلامها أنه يرغب أن تكون له زوجة وهذه هي الخطبة الأولى. ثم يسعى بالخطبة الثانية وهي أن يرسل

٢٨٦

أحد أوليائه مع كاهن طائفته إلى ولي مخطوبته فيعلماه أن موليهما يرغب أن تكون موليته زوجة له فإذا أجاب طلبهما وضع الكاهن يد أحدهما بيد الآخر علامة على الرضى المتبادل ، وبعض الكهنة يسأل المخطوبة بقوله هل رضيت أن يكون فلان زوجا لك فتطأطئ رأسها بالإيجاب وحينئذ يقدم لها قطعة من الحلي مرسلة من زوجها وبعد ذلك يشرع الخاطب بزيارة مخطوبته. وطالما نهى الكهنة عن كثرة هذه الزيارة فذهب نهيهم سدى. وبعد مدة يرسل الكاهن إلى أهل المخطوبة ليتفق معهم على ميعاد عقد الخطبة وليقدم هدية الخاطب إلى مخطوبته. وهذا العمل يسمى المشورة وقد ينكث أهل المخطوبة ويفسخ عقد الخطبة فيقيم الكاهن الحجة على أهل المخطوبة ويغرمهم ما أنفقه الخاطب في مدة الخطبة. أما إذا لم يفسخ عقد الخطبة فإن رقاع الدعوة ترسل بتوقيع الوليين إلى المدعوين لحضور حفلة الإكليل ، فيقبل المدعوون إلى بيت الخاطب في اليوم المعين ثم يتوجهون إلى بيت المخطوبة فيضعون عليها خمارها وأزهارها وتكون جميع ثيابها بيضاء ويأتون بها في وقت العتمة إلى بيت خاطبها وهي تسير الهويني بين امرأتين على شاكلتها وأمامها المصابيح وجماعة الموسيقي ، حتى إذا اقتربت من بيت خاطبها خف لاستقبالها فخاصرها ودخل بها إلى منزله وانتظم عقد المدعوين ، ثم يقف العروسان بين يدي مطران الطائفة ومن معه من الكهنة وهم متحلون بملابسهم الكنائسية ويشرع المطران يترنم بآيات من الإنجيل مخصصة بعقد الزواج ويجري بين العروسين الإيجاب والقبول ويلقي عليهما النصائح ويأمرهما بالتحابب والطاعة أحدهما للآخر ويستغرق ذلك نحو ساعة من الزمن. وفي الختام يرفيهما هو والحاضرون ثم تعزف آلات الطرب وتدور أقداح الراح فيرقصون ويمرحون إلى الهزيع الأول من الليل ، فيقدم للحاضرين سفرة «الدخلة» وهي قطع من لحم الدجاج الهندي والهضم المحمضة المعروفة بالمخللات والخبز الحواري وغير ذلك وبعد أن يتم الحاضرون أكلهم يعودون إلى السماع والطرب. ثم في منتصف الليل يقوم بعض الأدباء ويهنئ العروسين بقصيدة ، وفي الصباح يقدم للحاضرين الفطور من معمولات اللوز الهندي «الشوكولاتة» مع بعض الحلاوي واللحوم المقددة ثم يتحلق الحاضرون حلقا ويجلون العروسين بالرقص العربي والكردي ثم ينصرفون.

٢٨٧

وفي هذه الصبيحة يهدي أحد أبوي الزوج إلى الزوجة قطعة من الحلي تسمى الصبحية وفي اليوم الرابع يحضر المدعوون إلى منزل الزوج لتهنئة العروسين ، ثم في اليوم الثامن يزور العروسان أصحابهما فيحيون لهما ليلة طرب ، ثم في اليوم الثاني عشر يولم الزوج إلى كهنة الطائفة وبعد شهر يطوف العروسان منازل الألى كانوا مدعوين ليلة القران ويردان إليهم الزيارة.

المهر يدفع من الزوجة إلى الزوج عكس ما هو معروف عند المسلمين ولا حد لأكثره إذا كانت الزوجة غنية والرغبة منها في الزوج فوق رغبته بها وهو يسمى «دوطه» وبعض الكتبة يترجمون هذه اللفظة بكلمة «بائنة» وإذا كانت رغبة الزوجين في الزواج متساوية فليس هناك دوطة إنما كل واحد من الزوجين يهدي الآخر قطعة من الحلي قيمتها تناسب ثروته.

بعد انتهاء هذه الحفلات يصرف بعض المتفرنجين شهرا من حياته بالتغيب عن منزله يسمونه شهر العسل يمضيه الزوجان في موضع نزه جميل يطلقان فيه حريتهما ، كأن العروسين يمضيان هذا الشهر في وداع الحياة المطلقة المؤذنة بفراقها لحلول ذلك الضيف الثقيل بل القيد الأبدي الذي لا يحل وثاقه إلا بالموت : عادة أخذها الغربيون عن الأمم الوثنية القديمة كأنها رمز إلى سرعة انقضاء راحة الإنسان بالزواج وطول عنائه بعده ، ذلك لأن الزوجين لا يلبث فرحهما بعد الاقتران سوى أيام قلائل حتى يدخلا في العريض الطويل من تكاليف الحياة وأوصابها التي لا تنفد إلا بنفاد العمر. فما أشبه الحياة وما فيها من الراحة والتعب بإناء مفعم من الصبر قد بسط على وجهه قليل من العسل ، وكأن الإنسان لا يضطر إلى استعمال ما في هذا الإناء اضطرارا حقيقيا إلا بعد أن يتزوج فكأن مقدار ما يناله حينئذ من الراحة وما يعقبها من التعب كمقدار ما في ذلك الإناء من الصبر والعسل فلا يلعق من العسل غير القليل حتى ينفد ويظهر تحته الصبر ، فيجرعه مكرها ضرورة عدم إمكان الحياة إلا به وهذا مصداق قول الناس في الزواج «فرح شهر وترح دهر».

ومما يستعمله النصارى في أتراحهم أنه متى احتضر المريض يحضر إليه كاهنه ويستأديه واجباته الدينية ، وبعد أن يقضي نحبه يتربصون بدفنه مدة أربع وعشرين ساعة يضعونه في خلالها في صندوق من الصفيح ، وفي هذه البرهة

٢٨٨

يرسلون رقاع الدعوة لحضور الاحتفال بالجنازة ، ثم في الوقت المعين يضعون الصندوق في نعش مزدان بالأيقونات وأكاليل الزهر فيحمل إلى البيعة ليصلى عليه ، ثم يحمل إلى المقبرة وأمامه صفوف الكهنة يترنمون بآيات من الإنجيل ووراءهم عظماء الطائفة وتلامذة المكاتب وحملة الصلبان والشموع ، وقد اكتنف النعش أربعة من كبار الطائفة يمسكونه من أربع أطرافه بسفائف من الحرير الأسود ، وحينما يصلون به إلى اللحد يضعه الحمالون عن كواهلهم ويتقدم أحد الأدباء فيرثيه نظما أو نثرا ثم يوارونه في لحده ، ويصطف أهل المتوفى للتعزية ويمر عليهم المشيعون لجنازته لتعزيتهم وفي مقدمتهم المطران ولفيف الكهنة. ولبعض الأسر الغنية ديماس تحت الأرض مختص بدفن موتاهم يقال له خشخاشة يودعون فيه النعش دون أن يهيلوا التراب عليه ، وقد يكون هذا الديماس بناية تشبه البيت مبنية على وجه الأرض.

في اليوم الثالث من الوفاة يحتفل للمتوفى بصلاة في البيعة يسمونها جنازا يسرجون فيها من المصابيح قدر ما يقع عليه الاتفاق من النقود بين أهل الميت وبين كهنة طائفته ، وهذه الصلاة تعاد في اليوم التاسع وفي يوم الأربعين وفي نصف السنة وتمام السنة. وحداد الولد على أبويه ثلاث سنين والأخ على أخيه والزوجين أحدهما على الآخر والأبوين على ابنيهما سنتان.

ومما يستعمله اليهود الحلبيون من العادات في أفراحهم وأتراحهم أن يختنوا الطفل بعد يومين من ولادته ، وإذا كان من سبط إسرائيل وكان بكر أبويه وجب على أبيه أن يفتديه من كاهن من سبط هرون يضع الطفل في حجره ويقول لأبيه : هذا المولود حق سبط الكهنة فيستوهبه أبوه منه بمقدار معلوم من الفضة. ومتى بلغ عمر الطفل سنة يأخذه أبواه كل سنة إلى وليمة قدوس أي زفاف يطعمانه من طعام (السيعوداه) ، فإذا بلغ الثانية عشرة يؤمر بصيام ذلك اليوم ، وإذا بلغ الثالثة عشرة يلبسونه «كنفوت» وهو صدرة تربط أطرافها الأربعة بفتائل من الغزل ويشد على رأسه وعضده الأيسر «تيفلين» وهو سير من الجلد يشتمل على الكلمات العشر والإصحاح الأول

٢٨٩

من سفر الوصايا ، وحينئذ يعتبر رجلا متمما صلاة الجماعة التي لا تتم إلا بعشرة رجال ويرث سهمين من تركة أبيه.

وإذا بلغ الثامنة عشرة وجب عليه الزواج فيباشر الخطبة ومتى انتقى مخطوبة يكتب بينهما قنيان أي عهد يسمونه شيطارا يعينان فيه مقدار المهر المدفوع من الطرفين ويذكران ما اتفقا عليه من الشروط ، ثم في اليوم المعين تنعقد جمعية يسمونها (كتبّة) فيها يكون تسلم الزوج الأمتعة والنقود التي تعهدت الزوجة بتقديمها إليه ، وبعد ثلاثة أيام تكون حفلة الزفاف المعروفة باسم «قدوس» فيحضر المدعوون وتعزف آلات الطرب وتدار كؤوس ابنة العنب من وقت العصر إلى وقت الغروب ، ثم يقوم رؤساء الدين ويجرون العقد بين العروسين ويقرأ أحدهم قداشين يقف الزوجان مدة قراءة الأول متقابلين ومدة قراءة الثاني متحاذيين ، ويفتح على رأسيهما ملاءة من الصوف يسمونها «طليطة» أي طيلسان. وفي هذه الساعة يقدم الزوج إلى زوجته قطعة من الفضة فتأخذها منه ويشهد بذلك رجلان ليس لهما قرابة لأحد الطرفين ، وحين تسلم الزوجة القطعة المذكورة من الزوج يخاطبها بقوله (هاري آت ميقديشت لي بي طباعت زكيدات موشي وإسرائيل) أي أنت مقدسة لي بهذه القطعة مثل دين موسى وإسرائيل. ثم يتقدم الحاخام الكبير وبيده كأس من الخمر فيبارك عليه بدعاء طويل باللغة العبرانية ويشرب منه جرعة ثم يدار على الحاضرين فيشرب من شفافته كل واحد منهم جرعة ثم يعاد إلى الحاخام فيرميه إلى الأرض فينكسر ، وبعد ذلك يدخل الزوجان البيت المعد لخلوتهما فإذا التقى آدم مع حواء في تلك الليلة وجب عليه أن يمسك عنها مدة خمسة عشر يوما ، وأن ينطبل أي ينغمس في حوض خصوصي ، وعلى الزوج أن يدعو في ثاني يوم من زواجه عشرة من رؤساء الدين ويولم لهم ، وعلى رئيسهم قبل الأكل أن يبارك على المائدة سبع مرات كما بارك على كأس الخمر يوم الزفاف.

ومما يستعملونه في أتراحهم أن المريض متى احتضر جلس عند رجليه رجلان يذكرانه بقولهما (شيماع إسرائيل أدوناي ايلو هينو أدوناي احاد) أي اسمع يا إسرائيل الديان إلهنا الديان واحد. فإذا قضى نحبه وضعوه على

٢٩٠

«اللوحوت» أي المغتسل وغسلوه بالماء الفاتر وأدرجوه في ثوب من الكتان يعيبونه بالتقريض والخروق كيلا يطمع به نباشو القبور ، ثم يضعون جثة الميت في «الأورت» أي النعش ويحضر أحد أقربائه ويقرأ عليه قداشا أي يصلي عليه صلاة الميت ، ثم يحمل النعش بين ثلاثة أشخاص وعلى كل من مرت به الجنازة أن يمشي معها أربعة أذرع أو أكثر ويطلب من الميت السماح ، فإذا وصلوا بالنعش إلى الكنيسة قرأ عليه أحد أقربائه قديشا آخر ثم يحملونه إلى مدفنه ويوارونه في ترابه ويقوم أحد الحاضرين ويبارك عليه بقوله : (باروخ ديان ها ايميت) أي تبارك من شرع الحق : ثم يقرأ ولده قديشا ثالثا ويعود هو ومن معه من الأقارب والأصحاب إلى بيت الميت ، وفي أثناء الطريق يغسل كل واحد من الحاضرين يديه ويقول : (عينينو لو رأو ويادينو لو شافيخو بيدام هذه) أي عيوننا ما رأت وأيدينا ما سفكت هذا الدم. فإذا وصلوا إلى بيت الميت قام أحد الحاضرين إلى كل وارث له وخرق ثوبه من زيقه وهو يقول : (باروخ ديان ها ايميت) ثم تحضر مائدة عليها أطعمة متنوعة يرسلها أحد الحاضرين فيأكل منها ورثة الميت على شرط أن يضع الطعام بأيديهم أحد الحاضرين ويبارك لهم بقوله : (باروخ ميناحيم ابيليم) أي تبارك الذي يسلي الحزين. وعلى ورثة الميت أن يلزموا منازلهم سبعة أيام لا يعلون فيها علا مطلقا ويسمونها «التآبيل» أي الحداد. وفي اليوم السابع يصنع طعام للفقراء وهكذا في اليوم الثلاثين وبمرور تسعة أشهر ومرور السنة اه.

عادات لبنان وأخلاقه :

كانت عادات لبنان إلى أواخر القرن الماضي ، قبل أن يبدأ أهله بالهجرة إلى أميركا ، كعادات معظم جبال الشام ، تغلب عليها السذاجة والفطرة السليمة ، وفي أهله مضاء ووفاء وإباء. يقل الكرم ويكثر الحرص في أهل القسم الشمالي منه وهم الموارنة والروم ، وكان العكس في حال أهل القسم الجنوبي وهم الدروز والسنة والشيعة والنصارى الذين كانوا من أصول عربية ، فإن أخلاقهم ظلت عربية بحتة ، ولهم في باب الكرم وحفظ العهد فصول. وقد يكون الشماليون ألين عريكة وأقرب إلى السكون في الأحايين. والجنوبيون

٢٩١

أشد بأسا وأقوى شكيمة. ودخل تبدل كبير في العادات بانتشار المدارس الأجنبية في الجبل منذ نيف وستين سنة ، واستبدلت العادات الإفرنجية ببعض العادات الوطنية إلا قليلا. وحمل الذين عادوا من المهاجر بعض عادات من نزلوا عليهم ، فأصبحت عادات الجبليين مزيجا من الغربية والشرقية. ويكثر التقليد في سكان الشمال أكثر منه في سكان الجنوب. وهناك فروق ليست بقليلة بين سكان الجرود الشمالية والجنوبية.

كان اللبنانيون من أول من نفخ في ديارهم بوق الهجرة إلى أميركا ، ولبوا دعوتها سراعا قبل غيرهم من الشاميين ، لأن حاصلات أرضهم قليلة لا تكفي لعولهم. وكانوا من قبل مولعين بمواطنهم ، لا يحبون أن يتنقلوا ولو في أرجاء هذا القطر ، وكان من يسافر من إحدى قرى الجبل إلى دمشق يضرب به المثل في بعد الهمة وكثرة الشجاعة. وكثيرا ما كانوا يتغنون بقولهم :

جوزك يا مليحة

راح عالشام وحده

وكان أقصى ما يبلغه تصورهم من البعد «أنطاكية» شمالي الشام و «دنقلة» في السودان ، ويقال إلى اليوم «أوصلك إلى دنقلة». وكان إذا نشط أحدهم للسفر إلى مصر أو الاستانة ، يعد كمن وصل إلى المريخ ، يقصدونه من القاصية ليسمعوا ما يقص عليهم من عجائب رحلته. فلما بدأوا بالهجرة وكثر عديدهم ، واستسهلوا ركوب المخاطر في بلاد المهجر ، ونجحوا وارتاشوا ، تبدلت عقليتهم بعض الشيء ، وهم كأكثر من يهاجرون في طلب الرزق يعتمدون على أنفسهم ومضائهم وتضامنهم ، لا علم يحميهم ولا دولة يهمها أمرهم. حملوا في جنوبهم عزما وحزما ، وحملوا أيضا روح التحزب والفرقة الذي امتازوا به لما نشأهم عليه رؤساؤهم. وكان المتعلمون منهم في هذه السبيل أشد مراسا من العوام. ولما كان العائدون من طبقة الفلاحين والعاملين إلى قراهم من ديار المهجر ، أكثر من الراجعين من أصحاب المعامل والمزارع والتجارات ، وبعبارة ثانية أن عدد الراجعين الأميين كان أوفر من عدد الآيبين من المتعلمين والمغتنين ـ أصبح تسرب العادات الغربية لا يكاد يشعر به بين العامة على كثرتهم ، وهو ظاهر محسوس بين الخاصة على قلتهم.

وقصارى ما يقال في هذا الباب أن أهل لبنان أخذوا مدنية الغرب من

٢٩٢

مدارسه هنا وبالاختلاط بأهله وراء البحار بلا قيد ولا شرط ، على حين كان غيرهم ولا يزالون يأخذونها ببعض الحذر والحيطة. ولبنان منذ عهد متطاول كانت علائقه بالغرب أكثر من غيره من أهل هذه الديار. والروح اللاتيني ترفرف عليه. يحمله إلى ربوعه الرهبان الموارنة من رومية وغيرهم من دعاة النصرانية والاستعمار. ولو مكنت طبيعة الجبل من إنشاء مدن كبرى فيه ، لظهرت هذه الفروق على جليتها في أهله ، كما تتجلى مثلا في أهل المدن الداخلية.

لم يبرح الدروز يعدون في المحافظين على عاداتهم القديمة وأخلاقهم العربية من إباء ووفاء وحسن عشرة وكرم وحسن وفادة ، يعظمون رؤساءهم ولو كانوا في سن صغيرة جدا. والدروز ، ما خلا الطبقة المتمدنة منهم التي تلبس السراويل والمعاطف والسترات والأقمصة الإفرنجية على الأساليب الغربية ، ما زال جمهورهم يلبس لباسا واحدا في جميع البلاد التي ينزلونها : عمائم بيضاء وقفاطين من الأقمشة الغليظة القطنية وأعبئة قصيرة مخططة وأحذية بلدية ساذجة. كأن لباسهم لم يتبدل منذ حلوا هذه الأرض ، ونساؤهم محجبات قليلا يسبلن على رؤوسهن شاشا أبيض فإذا رأين غريبا أظهرن إحدى عينيهن فقط أي إن حجابهن الحجاب الشرعي.

كان أهل لبنان قبل حادثة سنة (١٨٦٠) يقسمون إلى خاصة وعامة ، فالخاصة هم الأمراء والمقدمون والمشايخ. والمشايخ على ثلاث طبقات ، مشايخ الإقطاع ، والمشايخ الذين يدلون إلى مشايخ الإقطاع بنسب ، وكانوا يعرفون بمشايخ الطبق ، ثم مشايخ الطبقة الثالثة. وتختلف مصطلحات هذه الطبقات باختلاف العصور ، وكلامنا هذا يتناول الأخيرة منها التي ثبتت إلى ظهور الجبل بمظهر الاستقلال الداخلي بعد حادثة الستين. ولهم عادات راسخة في خطابهم وكتابهم ومجالسهم وأفراحهم وأتراحهم ، أمست عندهم بمثابة القواعد العامة ، وتختلف عن مجموع ما هو من نوعها في سائر الأقطار ، والسرّ في ذلك أن لبنان مدين بظهوره بمظهر المنعزل المستقل منذ عهد المماليك والعثمانيين لأمراء كانوا يتولون جباية الجبل على سبيل الإقطاع مقابل مال يؤدونه ، وهم ينصرفون إلى توظيف طبقات الناس ، وتصنيف أهلها على

٢٩٣

ما يرون. ومما أثبت هذه الأصول بين أشراف لبنان أن الأرستوقراطية فيهم كانت ثابتة لا تتحول عنهم لفقر أو غيره. ويغلب على الظن أنهم جمعوا في عاداتهم بين العادات العربية ، وشيء من العادات الغربية اكتسبوها في مخالطتهم الصليبيين.

وفي الحق أن لبنان القديم وليد أمرائه من المعنيين والتنوخيين والشهابيين واللمعيين والأرسلانيين وآل علم الدين. وقد أقر هذه العادات المشايخ الجنبلاطية والعمادية والنكدية والتلاحقة والملكية وبنو العيد ، وفي المسيحيين آل الخازن والدحداح والضاهر وحبيش وغيرهم. وأخذت تحتفظ كل طبقة بأصولها وعاداتها ، لا يباح لأهل طبقة أن يتزوجوا من أهل طبقة أخرى ، ولا أن يختلطوا بهم الاختلاط اللازم. وكان الجلال والوقار يغلبان على أهل كل طبقة. ويعدون من أسباب السقوط أن يسفّ ابن أسرة من أسر الأمراء أو المقدمين أو المشايخ فيصهر إلى غير أهل طبقته ، ولذلك غلب ضعف الأجسام على بعض هذه الطبقات ، وتأصلت فيها بالوراثة الأمراض العضالة لخروجهم عن الطبيعة في الزواج.

وكانت لهم عادات نشّأهم عليها حكامهم في السلام والجلوس والخطاب. وهم يغالون في الحرص على كرامتهم ، ويعد أكبر أعيانهم من الشرف أن يكتب إليه الحاكم ويلقبه بالأخ العزيز ويوقع له بالمحب المخلص. ويكتب الأمير الى الطبقة الثانية من الشعب وهي طبقة المشايخ «عزيزنا» أو «أعز المحبين» أو «حضرة عزيزنا» أو «جناب» بدل «حضرة». وإذا كان طبق الورق صغيرا أو كبيرا ، أو كان توقيع الحاكم في أسفل الكتابة أو في أعلاه فإن لكل ذلك معاني عندهم. والغالب أن القوم كانوا لقلة أشغالهم يتسلون بمثل هذه التافهات ، ويضعون لها قواعد من عند أنفسهم ، ويتنافسون في رضا الحاكم والوصول إلى مجلسه وتقبيل يده وثوبه ، تأصل هذا الداء فيهم إلى العصر الأخير ، فكان من كتب له هذا الشرف تناقل خبره أهل بيته خلفا عن سلف وعدوه في مفاخرهم. وقد كثر فيهم حب الظهور حتى إن المرء ليبيع بستانه وداره ويبذل ماله لينال عملا صغيرا في الحكومة أو ليكتسي الحرير هو وعياله ويتعاظم على أهل قريته. ومنهم من ابتعدوا

٢٩٤

عن مواطن الشرف ليتزلفوا إلى من اعتقدوا أن في أيديهم إسعادهم. وكم من بيوت خربت بسبب هذا التمجد بالباطل والتقرب من أصحاب السلطان بفساد الأخلاق.

وكانوا إلى عهد قريب يقدمون الرجال على النساء في إعطاء القهوة أو الخمر ، يرفعون مقام الرجل فوق مقام المرأة ، ولا يزال أثر ذلك ظاهرا في الطوائف الإسلامية. فلما اقتبسوا المدنية الحديثة أصبح الرجل عند المسيحيين لا شيء تقريبا في بيته ، والحكم لامرأته تصرفه على هواها ، خصوصا إذا كانت أكثر تعلما منه ، أو كانت أسرتها أغنى من أسرته وجاءته ببائنة أو جهاز. وهذه الأخلاق ماثلة في بيروت وفي بعض الأقاليم المكتظة بالسكان. ويحترم الأولاد آباءهم كما كان ذلك في سائر أرجاء القطر ، على صورة فيها التشدد الزائد ، حتى إن الولد لا يكاد يجالس أباه ولا يقعد أمامه ، ولا يؤاكله ولا يدخن أمامه ولا يرفع صوته ، ولو تزوج وأولد ، ولا سيما في البيوت التي احتفظت بتقاليدها. وكانت العادة أن لا يتفرق أهل البيت الواحد مهما كثر أفراده ، يسكنون في دار واحدة ، وإذا كانت الأسرة فقيرة ففي غرفة واحدة. وكثيرا ما يخصون الولد الأكبر في الإرث بشيء من العقار أو الأرض أو المال ، يؤثرونه به على إخوته ، لاحتياجه إلى الظهور وحفظ كرامة البيت وقبول الضيفان ، والغالب أنهم يحرمون الابنة أرث أبيها ، لئلا تنتقل الثروة إلى أسرة أخرى ، شأن كثيرين من المنحطين ، بل شأن من يعدون أنفسهم في الراقين أيضا.

كان اللبناني يتزوج في الثامنة عشرة أو العشرين من عمره ولا سيما في الطوائف الإسلامية ، والمسيحيون قد يتأخرون إلى الثلاثين وبعضهم إلى الأربعين ، وقد يخطف العروس عروسه في بعض الطبقات ، إذا كانت من طبقة غير طبقته ، وتظاهر أهلها بأنهم يأبون زواجه ، أو لعداء بين أهل الخاطب والمخطوبة ، أو لعدم الكفاءة في النسب أو المال ، وكانوا يحبون كثرة النسل بخلاف ما نراهم اليوم بعد الهجرة ، فإنهم أصبحوا على مثال الأمم التي تريد تقليل الذرية في البيت ما أمكن حتى لا يدخله الفقر. وكانوا يعدون كثرة العيال من اليسر والبركة ، ويقلقون لمن يتأخر حملها من نسائهم ، ويشرعون

٢٩٥

بمداواتها أو وضع التعاويذ المصطلح عليها بينهم ، وينذرون النذور إن رزقت ولدا ، يقدمونها إلى قديسيهم وأوليائهم. ولهم كغيرهم خرافات كثيرة منها تخويف الأولاد في صغرهم بخيالات ، فينشأ الولد عند بعض المسيحيين جبانا ، والدروز يلقنون أولادهم الشجاعة والفروسية فيأتون شجعانا أقوياء. ولذلك كان الدروز منذ القديم في هذا الجبل على قلة عددهم يخاف جيرانهم بأسهم. وقد زاد هذا الجبن كثيرا بعد انتشار التعليم ومعرفة قدر الحياة ، فأصبح يجبن من لم يكن يجبن ، ونزعت الأخلاق الحربية إلا من الدروز ، وأصبح القوم يؤثرون الراحة ويتطلبونها حيثما وجدوها ، ويزهدون في سكنى جبالهم على كثرة غرامهم بها ، وتمجيدهم لهوائها ومائها ومناظرها وهنائها. وربما كان أهل لبنان من أكثر الشاميين اقتدارا على الإعلان عن أرضهم ، والإعجاب بجبلهم ، والتبجح بثروتهم وأثاث بيوتهم ، وتمجيد رؤسائهم وعلمائهم وأدبائهم. وهذا مما ساعد على إعمار الجبل بما جلبه المهاجر اللبناني من المال إلى أرضه ، وسمت الهمم بأهله أن يعمروه هذا العمران الواسع بالنسبة إلى البقاع الأخرى ، لو لا ذلك لكان كسائر جبال الشام انحطاطا وفاقة.

تسربت العادات الغربية إلى لبنان أكثر من غيره ، فبعد أن كان اللبناني يأكل وأهله وضيوفه على سفرة في الأرض أو على خشبة مستديرة من صحفة واحدة ، بأدوات منها الخزف ومنها ملاعق من الخشب من صنع أرضه ، أصبح يجلس إلى خوان وأمامه صحاف وملاعق وشوكات وسكاكين ومائدته مغطاة بثوب أبيض ، وعلى يده منديل الغمر أبيض ، وألوان الطعام تأتيه أرسالا. وأكثر هذا محسوس الأثر بين المسيحيين ولا سيما سكان الساحل. وقد بلغ ببعضهم حب التقليد أن أصبحوا لا يكتفون بخمر أرضهم ، ويتغالى بعض أغنيائهم المترفين فيجلب خمور الغرب يسقيها ضيوفه على مائدته. وغدا لا يطيب له الزجل والمواليا والمعنّى والقراديات والغناء العربي والقصائد العربية ، وكانت تنبسط أرواح أجداده إلى سماعها ، بل يحاول أن يسمع النغمات الإفرنجية لأنها أجمل وهو «تفرنج» و «تأورب» ويحب أن يقطع صلاته مع آبائه.

٢٩٦

وهكذا يقال في الرقص والألعاب كلها فإنها أصبحت بين طبقات المتعلمين إفرنجية محضة في بيروت وفنادق لبنان الكبرى. وقد ولع بعض النساء في البيوت الراقية على الطراز الحديث بالرقص والمخاصرة والمقامرة ولا سيما في بيروت ، ولوعا لا تكاد تجد له مثيلا فيما بلغنا وعرفناه من أخبار الأقطار الغربية. فقد ترى المرأة البيروتية ولا سيما من المسيحيات ترقص من الهزيع الأول من الليل إلى الساعة الثالثة والرابعة صباحا. وترى السيدة المتقدمة في السن منهن تجلس إلى منضدة القمار تقضي الساعات الطويلة ، وقد يكون بناتها الفتيات واقفات ينتظرنها ليذهبن إلى النوم وهي مستغرقة. وكثير عدد النساء اللاتي فقدن صحتهن وشرفهن لشدة ولوعهن بالقمار والرقص ، وإذا رأيت أزياءهن ، حسبتهن أوربيات وزيادة ، أفرطن في التقليد ، وغرتهن الظواهر من مدنية الغرب فاجتزأن بها ، وكانت المرأة المسيحية في جنوبي لبنان في القرن الماضي تتحجب وتتجافى عن غشيان مجالس الرجال من غير محارمها.

وفي أندية بيروت في الشتاء والفنادق الكبرى في الجبل مدة الصيف ، نموذج من الحياة البيروتية التي أصبحت مزيجا غريبا من الأخلاق والعادات ، يبدو فيها التكلف والتصنع ، ويفقد منها الروح العربي ، وليس المسلمون فيها على مستوى جيرانهم في النهوض الاجتماعي حتى ترسم لهم الآن صورة بعينهم. وقد أخذت بعض البيوت التي أخذت المدنية الحديثة لا تتكلم في بيوتها أو مجالسها واجتماعاتها إلا بالفرنسية وقليل منها بالإنكليزية ، أو يمزجون لغتهم الأصلية باللغة التي تعلموا بعضها في المدارس ، وأصبحت معظم عادات السكان إفرنجية مقتبسة منقولة لا أصلية أصيلة.

وأنت إذا دخلت اليوم دار لبناني متعلم ممن كتب له السفر كثيرا ، ورأيت العادات القديمة محفوظة يأخذك العجب ، لأن اللبناني يحاول أن يقلد ، ولطالما عولج في هذه السبيل حتى تنزع منه عاداته وتقاليده ، ويلحق بالإفرنج في مناحيه ومنازعه. ومن أبشع ضروب التقليد أنه أخذ بعد أن تعلم بعضهم في المدارس تعليما ناقصا أبتر يستعمل في سلامه وحديثه بعض ألفاظ إفرنجية ، تساوى في ذلك البحري الجاهل والتاجر المتمول ، فصارت أحاديثهم مزيجا

٢٩٧

من العربية والإفرنجية كعاداتهم وأخلاقهم. وأثبت ابن هذا الصقع أنه ما استطاع أن يتخلى عن القديم برمته ، ولا استعد لأن يقتبس الجميل من الجديد بجملته.

واللبناني أكثر من غيره من سكان هذا القطر اقتصادا وتؤدة ، ومعرفة بأساليب الحياة ، وبعد همم ، وشدة حذر. وهو نظيف لا كابن الجبال الأخرى ، وفي مسكنه وزراعته وصنائعه شيء من النظام. وقد تبيت في بيت الفقير منهم في إحدى المزارع الحقيرة ، ولا تستنكف من مؤاكلته ، ولا تأنف من النوم في فراشه ، والجلوس على مقاعده ، والاتكاء إلى وسادته. فالزعامة الزمنية من قبل عند غير المسيحيين ، والرياسة الدينية عند المسيحيين ، كانتا بين اللبنانيين على أتمهما لسهولة تسلط الزعيم أو الرئيس الروحي على رعاياه ، لضيق الرقعة التي يمتد عليها نفوذه. وقد استفاد ابن الجبل من هذه الزعامة ترتيبا ونظاما على الجملة، وولد فيه حب التضامن والصدق بما يلقنه إياه الشيخ أو الكاهن ، وربط الناس بقيود يصعب التفلت منها بعض الصعوبة وهذا أقرب إلى النفع من فوضى تضرب أطنابها بين سكان الجبال الأخرى ، وجهالة ممتدة الرواق على الكبار والصغار لا تدري متى ينقشع ظلامها. وقد اضطر السكان أن يقلد بعضهم بعضا في باب الأخذ بأسباب الترقي والتعليم.

وكان للموارنة التقدم ثم لمن يليهم من الروم والكاثوليك ، ثم يأتي الدروز فالسنة فالشيعة.

فقدت عادات ليست بقليلة من الجبل ومما فقد أو كاد لباس الفلاحين وهي العمائم والسراويل والعباءات ، ولا سيما من القرى التي هي مصطاف البيروتيين والطرابلسيين والمصريين ، ولباس جمهور عظيم منهم الآن هو اللباس الغربي ، والقبعة الإفرنجية شائعة الاستعمال في النساء والرجال ، ولا سيما عند من تعلموا التعليم الغربي في مدارس التبشير في بيروت وما إليها من القرى والمدن. والقبعة اليوم تهزم الطربوش والعمامة والكوفية والعقال أمامها ، كما تنهزم المدنية الشرقية أمام المدنية الغربية طوعا أو كرها ، وربما كان لحالة لبنان السياسية مؤخرا دخل كبير في هذا التمثل السريع. والمغلوب أبدا مولع بشعار الغالب. وكل ما قام به اللبناني من اقتباس التمدن قبل هذا العهد كان مقدمة إلى هذه النتيجة. ولو لا أن الهجرة نخرت عظام اللبنانيين ،

٢٩٨

وتغلغل حبها في شغاف قلوبهم ، لكان الخطر كبيرا من هذه السرعة في اقتباس عادات ليست عاداتهم ، وأخلاق قلما تلائم أخلاقهم ، في أرض هي مفتاح باب البحار. وكأنا بلبنان إذا ظلّ غرام أهله بالرحيل عنه على هذه الصورة طلب الغنى ، يوشك أن يفرغ من سكانه ، وسكانه يتعلمون لا ليكونوا فلاحين وصناعا بل تجارا ومستخدمين. وقد أولعوا بتقليد الأمم العظيمة الغنية في عامة مناحيهم وهم لا ثروة ثابتة لهم ، وفي ذلك ما يخشى عليهم من عواقبه ، ومن أظهر شؤمه على مجتمعهم ما نسمع به اليوم بعد الآخر من كثرة الاختلاس والاحتيال في دواوين حكومتهم وبيوت تجارتهم بحيث كادت ترتفع ثقة الغرب منهم ، ذلك لأن الصعلوك فيهم يحاول أن يعيش عيش أرباب الطبقة الوسطى ، وهؤلاء لا يقنعهم إلا أن يدانوا الطبقات العليا ، وتقليد أوربا أوقعهم في شر أمورهم ، وفاتهم أن الأمة لا تفلح إلا باقتباس الجديد ، والاحتفاظ بالقديم المفيد ، وأن كل شعب يحاول أن يرتجل عاداته ، ويصطنع أخلاقه ، يندغم في غيره ، ويذوب في بوتقة من يريدهم ولا يريدهم.

العادات في الأرجاء الأخرى :

تتخالف العادات في القرى وتتقارب ، بحسب قربها وبعدها عن الحواضر على الأغلب ، وبحسب أصول سكانها ، فإذا كانوا من أصول عربية تجلت فيهم عادات البادية كأهل حوران مثلا فإنهم على قربهم من دمشق قد رسخت فيهم العادات البدوية ، كأهل الحواضر والبوادي من سكان أقصى الجنوب. ذلك لأن العرب تسربوا إلى الشام أولا من الجنوب قبل الإسلام بقرون ، وما زالت موجات الهجرة تأتيها من تلك الأصقاع. وبينا تجد أهل غوطة دمشق كأهل الحاضرة في مناحيهم كما يقول الرحالة ابن بطوطة ، ترى أهل المرج مرج دمشق ، وما هم من الغوطة ببعيد ، كأهل حوران ، في عاداتهم ولباسهم وطراز معيشتهم. تتمثل فيهم عيش البداوة ، وهم فلاحون مقيمون على الحرث والكرث وماشيتهم قليلة. وعادات المسيحيين في حوران وجبل الدروز ومادبا والكرك كعادات المسلمين السنة والدروز ، والتعديل القليل يدخل على عادات المسيحيين لأنهم أسرع إلى التعليم من الأكثرية ون كانت

٢٩٩

الأقليات في الغالب تفنى في الأكثريات. بيد أن الحال كانت على ذلك قبل الانتباه الأخير في الأقلية. مثال ذلك أن النساء المسيحيات في نابلس وحماة يحتجبن كالمسلمات مراعاة لعادات الأكثرية.

ولباس أهل بلاد غزة والخليل ونابلس كلباس أهل حوران ، كوفية وعقال وعباءة وقفطان. وكذلك أهل بر حماة وحمص والمعرة وما إليها مما هو في سمت الشمال من الأصقاع. وسكان قرى حلب القريبة ، كسكان قرى دمشق يلبسون العمائم. وهذه لا تلبث أن تزول بالطربوش ، لأن المتعلمين من أبناء القرى يؤثرون لباس الطربوش على العمامة أو الكوفية. دع أهل المدن فقد قلت العمائم فيها. ولذلك يصح أن يقال : إن القبعة تهزم الطربوش من الساحل ، والطربوش يهزم العمامة في الوسط ، والعمامة تهزم الكوفية والعقال من سائر أطراف القطر النائية. وهكذا لا ترى وحدة في اللباس في أية ناحية من أنحاء الشام اجتزت بها. وقد يظن الغربيّ الذي اعتادت عيونه رؤية التوحيد في الملابس ، إذا مرّ بإحدى الحواضر عندنا ، أنه في قاعة تمثيل هزلي ، تعرض فيها صور من البشر غريبة في حركاتها وألبستها.

جاء في «دواني القطوف» أن عادات الحورانيين في أعراسهم وولاداتهم ومآتمهم شبيهة بعوائد سورية القديمة ممتزجة ببعض عادات العرب ، مثل دفع الخاطب لوالد عروسه نقدها في القديم عشرة آلاف غرش فخفض إلى ستة آلاف ثم إلى ألفي غرش فقط لعهدنا هذا عند المسيحيين. وعندهم الألطاف (النقوط) ورشق العروس عند مرورها في البلد بالعنصل (بصل الفار). وفي المآتم يحملون الطعام إلى بيت الميت. ومدة النوح سبعة أيام كاملة. ومن العار عندهم بكاء الرجال إلى غير ذلك. وأهم ملابس الرجال القمصان الطويلة البيضاء المرسلة الأردان ، والغنباز من نسيج الديما القطنية أو الحريرية ، وسلطة (قنطيشة) واسعة الكمين قصيرة ، من الجوخ الأزرق ، مطرزة بالحرير الأحمر الناتئ ، والفقراء يتخذونها من الخام الأزرق بلا طراز. وعلى رؤوسهم الكوفية والعقال. وفي أرجلهم المداس و «الجزمة» (الحذاء) أما ملابس النساء فقميص أزرق ملون التطريز ، واسع الأردان والأكمام ،. وفوقه «سلطة» أكبر مما يلبسه الرجال إما من الخام أو الجوخ. وعلى رؤوسهن

٣٠٠