خطط الشام - ج ٦

محمّد كرد علي

خطط الشام - ج ٦

المؤلف:

محمّد كرد علي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة النوري
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٦٤

يستغل منها ما ينصرف في مصالحها وفي راتب المدرس والمشتغلين بها. ووصى أن يكون المدرس بها شرف الدين علي بن الرحبي. قال ابن أبي أصيبعة في ترجمة شرف الدين بن الرحبي من كبار أطباء دمشق المتوفى سنة (٦٦٧) إن مهذب الدين عبد الرحيم بن علي وقف على الدار الشمالية وجعلها مدرسة للطب وربما هي الدخوارية بعينها. وفي رواية أنها وبستان الدخوار عند أراضي الجامع الأموي من قصر اللباد شماليها نهر ثورة ، درس بها واقفها وبدر الدين محمد بن قاضي بعلبك والدنيسري وابن حيدرة الرجيحي وكمال الدين الطبيب والجمال أحمد بن عبد الله بن الحسين الدمشقي وسليمان بن داود ومحمد ابن شهاب الدين أحمد الكحال وعز الدين السويدي. وهي اليوم دور ولا يعلم زمن دمارها.

(١٧١) «الدنيسرية» غربي باب البيمارستان النوري والصالحية وبآخر الطريق من قبلة لصاحبها عماد الدين محمد الدنيسري من مدرسي المدرسة السابقة ولم يعرف عنها غير هذا.

(١٧٢) «الربيعية» لم يذكرها في الدارس وقال في مختصره : إنها غربي البيمارستان النوري والمدرسة الصلاحية بآخر الطريق قبلة يقال : إنها هي المسجد الذي أنشأه قاضي القضاة محمد بك وكان بها أيضا صيدلية منظمة إنشاء عماد الدين محمد بن عباس الربعي المتوفى سنة (٦٨٦). وجاء في الدارس : وفي سنة (٧٤٩) أقامها جديدة عبد الله بعد أن صارت تل تراب وجعلها برسم تأديب الأطفال قاضي القضاة محمد بك الرومي الحنفي من مماليك السلطان بايزيد بن عثمان ثم جعلت دار بني البكري ونسفت في الثورة الأخيرة بالديناميت.

(١٧٣) «اللبودية» خارج البلد ملاصقة بستان الفلك وحمام الفلك ، إنشاء نجم الدين يحيى بن اللبودي (٦٦٤) درس بها جمال الدين الزواوي. قال في الوافي : هو يحيى بن محمد الوزير الصدر نجم الدين بن اللبودي الدمشقي الطبيب ترقى بالطب عند صاحب حمص إبراهيم ووزر له ثم اتصل بالناصر صاحب الشام فجعله ناظر الدواوين توفي سنة سبعين وستمائة ودفن في تربته التي بالقرب من بركة الحميريين وجعل تربته دار طب وهندسة وقرر لها شيخا وقراء. وقال فيه : إنه ألف في الرد على الموفق عبد اللطيف البغدادي

١٠١

كتابا وهو في الثالثة عشرة وهو صاحب دار الطب والهندسة. ومدرسته اليوم ، متهدمة واسم البستان بستان اللبودي شرقي بستان الشموليات من أراضي باب السريجة. هذه هي المدارس الطبية بدمشق وقد دثرت ودثرت أسماؤها.

ومن عرف أن القدماء كانوا يعنون بالطب أكثر مما نتصور لا يستكثر على دمشق أربع مدارس في الطب في الدهر الغابر. فقد ذكر المؤرخون أنه كان لكل من أبي المجد بن الحكم ومهذب الدين النقاش ورفيع الدين الجيلي مجالس عامة للمشتغلين عليهم بالطب في دمشق. قال السبكي في معيد النعم : ومن حقهم ـ أي السلاطين ـ إقامة فقيه في كل قرية لا فقيه فيها يعلم أهلها أمر دينهم ، ومن العجب أن أولياء الأمور يستخدمون في كل حصن طبيبا ويستصحبون أطباء في أسفارهم بمعلوم من بيت المال ولا يتخذون فقيها يعلمهم الدين ، وما ذاك إلا أن أمر أبدانهم أهم عليهم من أمر أديانهم نعوذ بالله من الخذلان اه.

وفي المحرم من عام (١٣٢١) صدرت إرادة السلطان عبد الحميد الثاني بإنشاء مدرسة طبية ملكية بدمشق وأن يخصص لبنائها عشرة آلاف ليرة ومثلها لنفقتها السنوية ولوازمها لمنافسة مدرستي الطب في بيروت الأميركية واليسوعية. فشرع في خريف تلك السنة بالتدريس في دار استؤجرت موقتا في طريق الصالحية ريثما تبنى المدرسة الجديدة.

وفي أوائل دخول الجيش العربي والإنكليزي آخر أيام الحرب العامة أنشئت.

(١٧٤) «مدرسة طبية» على أنقاض مدرسة الأتراك جعلت في مستشفى الغرباء التي كانت في مقابر الصوفية أو مقبرة البرامكة ثم أنشئ لها مدرّج باسم مدرج الجامعة السورية.

مدارس حلب (١) :

نشأت المدارس في حلب في العهد الذي أنشئت فيه بدمشق ولكن على

__________________

(*) تفضل الشيخ مسعود الكواكبي فألقى نظره على هذا الفصل في المدارس وعلى الفصل الآتي في الزوايا والربط.

١٠٢

صورة مصغرة ، وقد بنيت أول مدرسة فيها سنة (٥١٧) وهي :

(١٧٥) «المدرسة الزجاجية» بناها بدر الدولة سليمان بن عبد الجبار صاحب حلب ، ولما أراد بناءها لم يمكنه الحلبيون من ذلك إذ كان الغالب عليهم التشيع ، فكان جماعته يبنون في النهار والشيعة تنقض ما بنوه في الليل. وقال بعض المؤرخين : إنها من بناء عبد الرحمن بن العجمي لأصحاب الشافعي ، وقد خربت وأصبحت دورا للسكنى ، ويغلب أن يكون مكانها في محل خان الطاف من محلة الجلوم (إعلام النبلاء).

(١٧٦) «النورية» أنشأها الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي سنة (٥٤٤) وتعرف بالنفرية أيضا وهي تجاه المدرسة الصاحبية.

(١٧٧) «العصرونية» كانت دارا لأبي الحسن علي بن أبي الثريا وزير بني مرداس فصيرها الملك العادل نور الدين سنة (٥٥٠) مدرسة وجعل فيها مساكن للمرتبين بها من الفقهاء ، وقد كانوا سنة (٨٧٤) فوق المئة ، واستدعى لها من سنجار شرف الدين بن أبي عصرون فولاه تدريسها والنظر فيها ، وهو أول من درس بها فعرفت به ، وبنى له نور الدين مدارس بمنبج وحماة وحمص وبعلبك ودمشق ، وقد كان لها بقية إلى سنة (١٣٤٣) إذ شرعت إدارة الأوقاف بخرابها وإقامة دور للسكنى مكانها يضاف ريعها للأوقاف.

(١٧٨) «الصاحبية» أنشأها القاضي بهاء الدين يوسف المعروف بابن شداد ، قال ابن خلكان : إن حلب كانت قبل أن يتصل ابن شداد بخدمة الملك الظاهر قليلة المدارس وليس بها من العلماء إلا نفر يسير ، فاعتنى بترتيب أمورها ، وجمع الفقهاء بها ، وعمرت في أيامه المدارس الكثيرة ، وكان الملك الظاهر قد قرر له إقطاعا جيدا يحصل منه جملة مستكثرة، فعمر مدرسة بالقرب من باب العراق قبالة مدرسة نور الدين محمود بن زنكي للشافعية ، وذلك في سنة إحدى وستمائة ، ثم عمر في جوارها دارا للحديث وجعل بين المكانين تربة يدفن فيها ، ولما صارت حلب على هذه الصورة قصدها الفقهاء وحصلت بها الاستفادة والاشتغال وكثر الجمع بها. وتقع هذه المدرسة في الزاوية الغربية من الجنينة المعروفة الآن بجنينة الفريق شرقي محلة السفاحية ، ولم يبق منها ولا من دار الحديث سوى حجر مكتوب وقد

١٠٣

كانتا عامرتين في القرن العاشر كما في إعلام النبلاء.

(١٧٩) «الظاهرية» وتعرف أيضا بالسلطانية ، وهي للشافعية والحنفية أسسها الملك الظاهر (٦١٣) وتوفي ولم تتم وأكملها شهاب الدين طغرل أتابك وعلى بابها أنها أنشئت سنة (٦٢٠) وهي اليوم خراب إلا بضع حجر جددت يسكنها بعض الفقراء ومحرابها من بدائع الصنعة.

(١٨٠) «الأسدية» أنشأها الأمير أسد الدين شير كوه المتوفى سنة (٥٦٤) وهو عم صلاح الدين. وهي في محلة باب قنسرين باق منها قبلية وقبة وقد جدد فيها سنة (١٣١٦) ثماني حجرات.

(١٨١) «الشعيبية» كانت فيما قالوا مسجدا أول ما اختطه المسلمون عند فتح حلب يعرف بالغضايري نسبة لعلي بن عبد الحميد الغضايري. فلما ملك نور الدين حلب وصل الشيخ شعيب بن أبي الحسن الفقيه الأندلسي فصيرت له مدرسة فعرفت به ، وعلى جدارها تاريخ بناء نور الدين سنة (٥٤٥) وهي في القرب من باب أنطاكية مسجد تقام فيه الصلوات وهي في إدارة الأوقاف (إعلام النبلاء).

(١٨٢) «الشرفية» أنشأها شرف الدين عبد الرحمن بن العجمي ، وأنفق عليها ما يربو على أربعمائة ألف درهم ، ووقف عليها أوقافا جليلة ، وكان فيها غرف وإيوان وقاعة للدرس ، وفي بنائها وأبوابها من بدائع الصنعة ما يفتخر به الصناع ، وعلى بئرها قنطرة من الحديد مكتوب عليها بالقلم المجوز أنها صنعت سنة أربعين وستمائة وهي من بدائع الرسم. وفي سنة (١٣٤٣) شرع في تعميرها واتخذ من الجهة الشرقية منها بهو كبير بأربعة أعمدة يصلح للمحاضرات وأماكن أخرى.

(١٨٣) «الرواحية» أنشأها ركن الدين هبة الله محمد بن عبد الواحد الحموي وقال في الوافي : زكي الدين بن رواحة الحموي الشاعر المعدل كان كثير الأموال محتشما ، أنشأ مدرسة بدمشق وأخرى بحلب وشرط على الفقهاء والمدرسين شروطا صعبة ، وأن لا يدخل مدرسته يهودي ولا نصراني ولا حنبلي حشوي توفي سنة اثنتين وعشرين وستمائة ، وقد اندثرت في وقعة تيمور ثم أصلحت في زمن قصروه كافل حلب. أما الآن فقد صارت دورا ولم

١٠٤

يبق منها سوى باب ذي أحجار ثلاثة سود ، وباب مسدود يعلوه حجرة عظيمة ، وهي واقعة في أول الزقاق المعروف بزقاق الزهراوي شمالي المدرسة الشرفية الآنفة الذكر.

(١٨٤) «البدرية» أنشأها بدر الدين عتيق عماد الدين شادي في صدر درب البازيار ويعرف الآن بزقاق الزهراوي وهي داثرة.

(١٨٥) «السيفية» أنشأها الأمير سيف الدين علي بن علم الدين سليمان ابن جندر (٦١٧) مشتركة بين الشافعية والحنفية ، وقد دثرت هي وسميتها التي جعلت لتدريس مذهبي مالك وأحمد بن حنبل كما يأتي ، لكن يتعين موقع إحداهما في قبلي تربة الكليباتي بجانب محلة الكلاسة ، بما هو موجود من تربة الباني التي لم يذكر التاريخ أنها في جوار مدرسته، وهي اليوم قبة قديمة سقفها خرب فيها قبره.

(١٨٦) «الزيدية» وتعرف بالألواحية لنزول الألواحي فيها ، هي داخل باب أنطاكية بالقرب من المدرسة الشعيبية ، أنشأها إبراهيم بن إبراهيم المعروف بأخي زيد الكيال انتهت سنة (٦٥٥) درس فيها أحمد بن محيي الدين العجمي.

(١٨٧) «القوامية» داخل باب الأربعين بالقرب من حارة الفرافرة تجاه قسطل الملك العادل غياث الدين وداخلها ربط للقلندرية.

(١٨٨) «الشادبختية» أنشأها جمال الدين شادبخت نائب نور الدين محمود بحلب (٥٨٩) ، وممن ولي تدريسها أحمد بن كمال الدين بن العديم المتوفى (٦٣٨) وكانت حلب يومئذ أعمر ما كانت بالعلماء والمشايخ والفضلاء الرواسخ. وقد تولى تدريسها بعده كثيرون من الفضلاء من بني الشحنة.

(١٨٩) «الظاهرية أيضا» أنشأها الملك الظاهر غياث الدين صاحب حلب (٦١٦) للشافعية وأنشأ إلى جانبها تربة ليدفن فيها من يموت من الملوك والأمراء ، وهي قبلي حلب مما يلي باب المقام لم يبق منها سوى المحراب وعمودين وحوض مثمن بديع.

(١٩٠) «الهروية» أنشأها الملك الظاهر غازي لأجل الشيخ الذي كانت له عنده منزلة رفيعة وهو علي الهروي السائح وهي قبلي حلب ، خربت في فتنة

١٠٥

التتر ولم يبق منها سوى قبره في قبة داخل كرم فستق ، وكانت وفاته سنة إحدى عشرة وستمائة.

(١٩١) «الفردوس» أنشأتها الملكة ضيفة خاتون بنت الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد بن أيوب وهي جليلة ، وجعلتها تربة ومدرسة وربطا ورتبت فيها خلقا من القراء والفقهاء والصوفية ، ولا تزال أسوارها باقية وجامعها عامرا ، لكنها جعلت مدفنا للفلاحين النازلين في جوارها وتحتاج إلى ترميم ، وهي مثال جميل من أمثلة الهندسة العربية ، كتب على حائط فنائها بعد البسملة وآيات من سورة الزخرف : «هذا ما أمرت بإنشائه ذات الستر الرفيع ، والجناب المنيع ، الملكة الرحيمة ، عصمة الدنيا والدين ، ضيفة خاتون ابنة السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب تغمدهم الله برحمته ، وذلك في أيام مولانا السلطان الملك الناصر العالم العادل المجاهد المرابط المؤيد المظفر المنصور صلاح الدنيا والدين يوسف بن الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب ناصر أمير المؤمنين عز نصره ، بتولي العبد الفقير عبد المحسن العزيزي الناصري رحمه‌الله في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة». وقد كتب على محرابها البديع (عمل حسان بن عفان).

(١٩٢) «البلدقية» أنشأها الأمير حسام الدين بلدق عتيق الملك الظاهر سنة (٦٣٥) خربت سنة (١٠٢٤) وهي ظاهر حلب ونقلت حجارتها لبناء دار السعادة المنشأة في تلك السنة.

(١٩٣) «القيمرية» أنشأها الأمير حسام الدين القيمري سنة (٦٤٦) وهي خراب منذ قرون.

وهناك أربع مدارس ذكرها ابن الشحنة :

(١٩٤) الأولى بالجبيل لشمس الدين أحمد بن العجمي وقد دفن بها أبو ذر المؤرخ سبط ابن العجمي وهي مشتركة بين الشافعية والمالكية أنشئت سنة (٥٩٥) وتسمى الآن جامع أبي ذر فيها قبلية ومنبر.

(١٩٥) الثانية أنشأها الأمير شمس الدين لولو.

(١٩٦) الثالثة بالمقام أنشأها بهاء الدين المعروف بابن أبي سبال.

(١٩٧) الرابعة أنشأها عز الدين مظفر الحموي (٦٣٢).

١٠٦

هذه هي مدارس الشافعية في داخل المدينة وخارجها. أما مدارس الحنفية في المدينة فهي :

(١٩٨) «البلدقية أيضا» وهي بجانب سميتها المتقدمة الذكر بنيت كذلك سنة (٦٣٥).

(١٩٩) «الحلاوية» كانت كنيسة من بناء هيلانة أم قسطنطين ولما بعثر الفرنج قبور المسلمين وأحرقوهم (٥١٨) انتقم المسلمون بأن أحالوا هذه الكنيسة مع ثلاث أخرى مدرسة، وفيها إلى الآن عمد الرخام في تيجانها نقوش تمثل أنواعا من النبات تشبه نقوش قلعة سمعان ، وكانت تعرف قديما بمسجد السراجين جعلها نور الدين مدرسة ، وجدد بها مساكن يأوي إليها الفقراء (٥٤٣) وهي من أعظم المدارس ، ومن أكثرها طلبة وأغزرها رواتب وجرايات ، درس بها جملة من العلماء. وهي منفصلة عن الجامع الكبير بزقاق ضيق في السوق قبالته من الغرب. وقد ذكرها أحد علماء الآثار فقال : إن الجزء الجنوبي منها يحتوي على بقايا بناء ديني من عهد النصرانية الأولى ، وقد أثبت ذلك التقليد القائل بأن هيلانة بنت في حلب كنيسة ، ونقوش البناء تشبه نقوش الكنائس ذات السطح المتوسط في ديار بكر والرصافة. كل هذا يدل بالنظر لصورة تيجان الكنيسة أن أصلها من بناء قام في آخر القرن السادس. ويقول هرزفيلد : إن عهد الفراغ الذي قامت فيه القبة يرد إلى تاريخ قاعتها. وكذلك الرواقان المتلاصقان من الجنوب والشمال ، وإن الناظر في مجموع هذا البناء يرى الجزء الغربي منه بيعة تغشاها قبتان أو ثلاث كان محرابا متصلا بالزقاق الآخذ اليوم إلى المدرسة والجامع الأعظم. وذكر القزويني أن في مدرسة الحلاوي بحلب حجرا على طرف بركتها كأنه سرير ووسطه منقور قليلا يعتقد الفرنج فيه اعتقادا عظيما وبذلوا فيه أموالا فلم يجابوا إليه. ومحراب هذه المدرسة العامرة اليوم بالطلبة من أجمل المحاريب عمل بخشب الآبنوس على صورة بديعة ، وكان على قبتها طائر من نحاس يدور مع الشمس.

(٢٠٠) «الأتابكية» أنشأها شهاب الدين طغرل بك عتيق الملك الظاهر غياث الدين غازي نائب السلطنة سنة (٦١٨) وخربت في فتنة التتر ثم رممت وما

١٠٧

زالت عامرة إلى القرن العاشر ثم خربت ، والآن لا يعرف إلا مكانها الذي أصبح عرصة خالية شرقي جامع العادلية وقبلي خان الفرايين يفصلها عنهما الطريق الآخذ إلى السفاحية والطريق الآخذ إلى الخسروية.

(٢٠١) «الحدادية» أنشأها حسام الدين محمد بن عمر بن لاجين ابن أخت صلاح الدين ، وهي من الكنائس الأربع التي صيرها ابن الخشاب مساجد فهدمها وبناها بناء وثيقا ، تولاها كثير من المدرسين وكانت عامرة في أواخر القرن العاشر. وهي في محلة السفاحية لم يبق من آثارها سوى عضادتي باب كبير مكتوب على طرفه الأيمن (الحمد لله).

(٢٠٢) «الجردكية» وهي ملاصقة للصاحبية ، أنشأها الأمير جرديك النوري بسوق البلاط كملت سنة (٦٠١) كانت عامرة إلى آخر القرن الثامن. وفي أواخر القرن الثالث عشر كانت قهوة ثم تحولت مكتبا ثم صارت دكانا ثم عمرتها دائرة المعارف مخزنا واسعا للنجارة وهو الآن كذلك.

(٢٠٣) «المقدمية» أنشأها عز الدين عبد الملك بن المقدم من أمراء صلاح الدين سنة (٥٦٤) وكانت إحدى الكنائس الأربع التي صيرها ابن الخشاب مساجد فجعلها مدرسة وأضاف إليها دارا كانت إلى جانبها. وهي في محلة الجلوم في زقاق يسمى خان التتن باق منها قبليتها وبابها الذي فيه صنعة حسنة. وهي أخت المقدمية في دمشق التي بناها ابن المقدم أيضا ، والأوقاف التي في دمشق مشتركة بين الاثنتين.

(٢٠٤) «الجاولية» أنشأها عفيف الدين عبد الرحمن الجاولي النوري ، وهي في محلة سويقة حاتم وقد كان الباقي منها قبليتها. أما الآن فقد هدمتها دائرة الأوقاف وعمرت في مكانها عقارات للاستغلال.

(٢٠٥) «الطمانية» أنشأها الأمير حسام الدين طمان النوري وخربت في القرن الثامن أو قبله ، وكانت في درب الأسفريس الذي هو بجانب جامع منكلي بغا المعروف الآن بجامع الرومي من باب قنسرين.

(٢٠٦) «الحسامية» أنشأها الأمير حسام الدين محمود بن ختلو غربي قلعة حلب سنة (٦١٥) ، وأمام بابها القديم باب حادث كتب عليه أنه عمر سنة (١٢٨١) ، والباقي منها قبليتها وثلاث حجرات صغار. وهي خربة في إدارة

١٠٨

الأوقاف مسدودة الباب ، أول من درس بها بدر الدين يعقوب النحاس ثم ولده محمد ثم العلماء بنو الشحنة.

(٢٠٧) «الأسدية» ثم الخسروية تجاه القلعة المعروفة حينئذ بالطواشية أنشأها بدر الدين الخادم عتيق أسد الدين شير كوه كانت دارا يسكنها فوقفها بعد موته ، وكان مكتوبا على بابها جددت سنة (٦٣٢) قال ابن الشحنة : إن هذه المدرسة خربها المنلا محمد ناظر الأوقاف بحلب سنة خمس وثلاثين وتسعمائة ولم يبق لها عين ولا أثر ، ودخلت في عمارة المدرسة التي أنشأها الوزير خسرو باشا المشتملة على مسجد وجامع ومدرسة وخانقاه معدة للضيوف ، وهي أول عمارة أنشئت بحلب منذ دخول الترك. وفي در الحبب أن خسرو باشا كافل حلب لما تولى الوزارة أمر بإنشاء جامع وتكية في حلب بمشارفة معمار رومي ، وأدخل عدة أوقاف فيها منها الدار التي عمرها ووقفها أبو الفضل ابن الشحنة والمدرسة الأسدية الملاصقة لها ومسجد ابن عنتر الملاصق لها وكانت هذه الدار أحدى دور حلب العظام مشتملة على حديقة وبحرة وسبع قاعات وفرن وآبار لخزن الغلال ودهليز يصل إلى حمامه المشهور بحمام القاضي. واتفق في هذه المدرسة أن جعلت ميضآت للتكية المذكورة. وفي أعمدة التكية المذكورة عمودان كانا للمدرسة القديمة بزقاق سالار بحلب فأخذهما ، ومتوليها إذ ذاك محمد چلبي ابن المرعشي ولم ينتطح فيها عنزان اه.

قلنا : وهذا مثال صريح من العمران التركي فهو والخراب اسمان لمسمى واحد. وهذه المدرسة تسمى اليوم بالخسروية وهي عامرة بطلبة العلم بفضل النهضة الأخيرة ، ومحرابها ومنبرها وقبتها من أجمل آثار الصناعة الحلبية في القرن العاشر بقيت بحالها لم تمسسها أيدي المتولين والمتلاعبين ، وفيها القيشاني من صنع حلب.

(٢٠٨) «القليجية» أنشأها الأمير مجاهد الدين محمد بن شمس الدين محمود بن قليج النوري سنة (٦٥٠) ملاصقة لدار العدل ثم تجدد من جوانبها الثلاثة دور مضافة إلى دار العدل ، خربت في القرن العاشر.

(٢٠٩) «الفطيسية» أنشأها سعد الدين مسعود بن الأمير عز الدين أيبك المعروف بفطيس عتيق عز الدين فرخ شاه ، كانت دارا يسكنها فوقفها توفي

١٠٩

سنة (٦٤٩). وأول من درس بها أحمد القراولي المارداني المعروف بالفصيح وعليه انقضت الدولة الناصرية ، وهي مما دخل في دار العدل وحكم القاضي شمس الدين بن أمين الدولة بانتقال وقفها إلى القليجية أقرب مدرسة إليها ، قال ابن الشحنة : إنها درست في الفتنة التيمورية ولم يبق لها عين ولا أثر ولا يعلم أين كانت. وكذا صار في مدارس عديدة فإنني ما زلت أسمع أنه كان بحلب أربعون مدرسة للحنفية خاصة ولم يدّع ابن شداد ذلك.

(٢١٠) «المجدية الجوانية» منسوبة إلى مجد الدين بن الداية في محلة بزة بالقرب من ضريح النبي بلوقيا خربت في سنة (٩٣٦).

(٢١١) «المجدية البرانية» منسوبة إليه أيضا دثرت بالكلية.

(٢١٢) «الكلتاوية» بناها الأمير طقتمر الكلتاوي المتوفى سنة (٧٨٧) داخل بانقوسا في محلة تسمى بالكلتاوية ، وهي للحنفية لم يبق منها سوى قسم من قبليتها وكان فيها قبر الواقف لكنه دارس.

(٢١٣) «الالچانية» لصيق جامع الطواشي نسبة إلى الچاي أمين السلاح زمن اشقتمر أنشئت سنة (٧٤٤).

(٢١٤) «الكينوشية» أو الكهنبوشية داخل باب النيرب ويقال بل هي زاوية.

(٢١٥) «الشهابية» تجاه الناصرية للحنفية. ولا أثر لها الآن ، ولعلها دخلت في بناء خان الوزير.

(٢١٦) «الكاملية» بالقرب من الناصرية بناها ابن كامل. ولا أثر لها ، ولعلها دخلت في بناء خان الوزير أيضا.

(٢١٧) «الصاحبية» شمالي الجردكية أنشأها شهاب الدين أحمد بن الصاحب سنة (٧٦٥) وهي باقية إلا أنها متوهنة وفيها نقوش وآثار تعد من النفائس.

(٢١٨) «المدرسة التي في شرقي الجامع العمري» في بحسيتا فيها قبر الشيخ حسن الفول.

(٢١٩) «اليشبكية» بناها الأمير يشبك المؤيدي نائب حلب على أنها مكتب أيتام وبنى له فيها مدفنا دفن فيه سنة (٨٢٣) ووقف عليها سوقه الذي

١١٠

بناه بالقرب منها ولا أثر لها ، أما المسجد الذي بني معها فهو باق في سوق العبي.

(٢٢٠) «تغري الدرمشية» تحت القلعة بناها الأمير تغري درمش نائب حلب.

(٢٢١) «السفاحية» بناها القاضي شهاب الدين سبط بني السفاح ووقفها على الشافعية وشرط أن لا يكون لحنفي فيها حظ إلا في الصلاة.

(٢٢٢) «مدرسة أقجا» أنشأها أقجا خازن يشبك اليوسفي وهي قبلي السفاحية بالخط المذكور ولا أثر لها اليوم.

(٢٢٣) «الدلغادرية» بناها الأمير ناصر الدين باك محمد بن دلغادر ظاهر البلد من شماليه على كتف الخندق ، ووقفها على الحنفية وقرر بها شهاب الدين أحمد بن موسى المرعشي.

(٢٢٤) «الأشودية» أنشأها الأمير عز الدين أشود التركماني دثرت في القرن العاشر.

(٢٢٥) «النقيب» أنشأها السيد الشريف المرتضى النقيب عز الدين أبو الفتوح أحمد بن محمد الإسحاقي المؤتمني الحسيني المتوفى سنة (٦٥٣) على جبل جوشن ، وكانت عمارتها من البدائع يقال لها تاج حلب.

(٢٢٦) «الدقاقية» أنشأها مهذب الدين أبو الحسن علي بن الدقاق سنة (٦٣٠) خربت بعد القرن التاسع على الغالب ، كانت شمالي الفيض.

(٢٢٧) «الجمالية» أنشأها جمال الدولة إقبال الظاهري عتيق ضيفة خاتون وهي قبلي الفردوس.

(٢٢٨) «العلائية» أنشأها علاء الدين علي بن أبي الرجا شاد (١) ديوان الملكة ضيفة خاتون بنت الملك العادل. وهذه إما أن تكون ليست مدرسة بل مسجدا وهو موجود الآن في محلة الكلاسة مكتوب عليه اسم الباني هذا سنة (٦٣٣) وهو مدفون في حجرة شرقي القبلية ، أو تكون المدرسة غيره وقد زال أثرها.

(٢٢٩) «الكمالية العديمية» أنشأها الصاحب كمال الدين عمر بن

__________________

(١) رتبة جليلة في قصر الملك كان يكون صاحبها مرافقا للوزير والشد على أجناس ، منها شد المهمات وشد الدواوين وشد الأوقاف وشد الزكاة وشد العشر وشد دار الطعم.

١١١

العديم شرقي حلب خارج باب النيرب وبنى إلى جوارها تربة وجوسقا وبستانا ، ابتدأ بعمارتها سنة (٦٣٩) وتمت في سنة (٦٤٩).

(٢٣٠) «الأتابكية» أيضا أنشأها الأتابك شهاب الدين طغرل عتيق الملك الظاهر سنة (٦٢٠) أول من درس بها الصفي عمر الحموي ثم نظام الدين البلخي والفخر عبد الرحمن بن إدريس وهي في محلة الجبيلة في صدرها قبلية في طرفها الأيمن إيوان في وسطه ضريح الواقف وقد اتخذتها دائرة المعارف مدرسة ابتدائية مكتوب على بابها اسم بانيها أبي سعيد طغرل وأنها على المدرس والحنفية.

(٢٣١) «الصهيبية» وراء باب أنطاكية مباشرة تجد بقايا بناء عرفه قدماء السياح بأنه قوس قديمة ثم نقشت عليه بعد كتابة كوفية ويسمى جامع التوتي. وهي المدرسة الصهيبية التي قامت على انقاض جامع في حلب بناه أبو عبيدة. قال سبرنهايم : إن النقوش الكثيرة والهندسة القديمة والكتابات الكوفية الموجودة في هذا البناء تجعله في الدرجة الأولى من المكانة ، ومنه يدرس التحويل التام المجهول سره حتى الآن والذي تم على عهد نور الدين في أسلوب الهندسة من حيث صور الكتابة والطرز السياسي في الكتابات.

(٢٣٢) «السيفية» أيضا أنشأها الأمير سيف الدين علي بن سليمان ابن جندر تحت القلعة لتدريس مذهبي مالك وأحمد بن حنبل. هذا ما ورد في الدر المنتخب في الكلام على مدارس المالكية والحنابلة.

(٢٣٣) «الناصرية» كانت قديما كنيسة لليهود تعرف بكنيسة مثقال ثم في سنة (٧٢٧) ثبت أنها محدثة في دار الإسلام فقلبت مدرسة وعمل بها منارة وهي معروفة الآن بجامع الحيات لرسوم حيات من الحجر في قنطرة بابها وقد عراها الوهن (إعلام النبلاء).

(٢٣٤) «الشادبختية» أيضا وهذه هي الجوانية أنشأها الأمير جمال الدين شادبخت الخادم الهندي الأتابكي نائب نور الدين بحلب ، أول من درس فيها موفق الدين محمود بن النحاس ثم ابن العديم ثم بنو الشحنة ، وهي في سوق الضرب ويقال الآن الزرب تحريفا مكتوبا على بابها أنها موقوفة على الحنفية سنة (٥٨٩) وتعرف اليوم بجامع الشيخ معروف ، محراب قبليتها بديع كتب عليه

١١٢

أنه عمل أبي الرجا وعبد الله بن يحيى.

(٢٣٥) «الطرنطائية» منسوبة إلى مجددها طرنطاي بن عبد الله الأمير سيف الدين نائب دمشق المتوفى سنة (٧٩٢) وهي في آخر محلة باب النيرب ، جسيمة مكتوب على بابها كتابة حديثة بالاستناد إلى بعض الكتب : وقف هذين الجامع والمدرسة عفيف بن محمد شمس الدين سنة (٧٨٥) ، وفيها رواقان وحجر وفوق الرواقين رواقان صغيران ووراء كل منهما خمس حجر وشمالي باب المدرسة باب قديم داخله دار يظهر أنها خانقاه تابع للمدرسة.

وكان في حلب داران للحديث أنشأهما الملك العادل وخمس دور تعد من مدارس المالكية والحنابلة :

(٢٣٦) الأولى أنشأها القاضي ابن شداد.

(٢٣٧) والثانية أنشأها مجد الدين بن الداية.

(٢٣٨) والثالثة أنشأها بدر الدين الأسدي.

(٢٣٩) والرابعة أنشأتها أم الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين محمود.

(٢٤٠) والخامسة أنشأها الصاحب مؤيد الدين إبراهيم بن يوسف القفطي كانت تعرف بالفردوس.

هذا ما رواه ابن الشحنة عن ابن شداد وغيره في مدارس حلب الشهباء. وأنت ترى أنها من هذا القبيل تعد ثانية دمشق. وأن مدارسها على الأكثر نشأت في الدولتين النورية والصلاحية أو عمرت بأيدي الأمراء والأميرات ، ولم يكتب لها البقاء كلها لأنها عمل أفراد كما قلنا. ولو لا ذلك لكانت أقرب إلى مقاومة الحوادث. وهذا من جملة آفات هذا الشرق التعس. وأكثر هذه المدارس مما بدأ فيه الخراب في أيام العثمانيين كما هو الحال في مدارس دمشق وقد جاء في تقويم سنة ١٣٣٢ أن في الشهباء (٣٢) مدرسة ، وما نظن العامر منها يتجاوز العشر وقد أنشئت فيها على عهد العثمانيين.

(٢٤١) «العثمانية» أنشأها أحد ولاة حلب في القرن العاشر وما زالت عامرة يسكنها الطلبة.

(٢٤٢) «الشعبانية».

١١٣

(٢٤٣) «القرناصية».

(٢٤٤) «السيافية»

(٢٤٥) «الإسماعيلية»

(٢٤٦) «المنصورية»

(٢٤٧) «البهائية»

(٢٤٨) «الخسروية» التي مرت

(٢٤٩) «الكواكبية» أنشأها سنة (١١٦٧) السيد أحمد بن السيد أبي السعود ابن السيد أحمد الكواكبي في محلة الجلوم الصغرى وأودعها كتبا قيمة تفرقت أيدي سبا.

(٢٥٠) «الأحمدية» أنشأها سنة (١١٦٦) على صلحاء أكراد ما وراء الموصل. وفيها نحو ثلاثة آلاف كتاب ، القاضي أحمد بن طه زاده المشتهر بالچلبي.

(٢٥١) «الهاشمية» في محلة الفرافرة ، أنشأها هاشم الدلال باشي من أصحاب الأملاك بحلب سنة عشر وثلاثمائة وألف.

(٢٥٢) «الدليوانية» كانت مسجدا فرممه محمد أسعد باشا الجابري سنة (١٣٢٣) وجعل فيها ست حجر للطلبة وحجرة للمدرس يدرس فيها الفقه الشافعي ، وشرط أن يكون الطلبة غرباء.

(٢٥٣) «البلاطية» هي زاوية مشروط فيها إقامة عشرة من الطلبة الحنفية ولها إمام ومؤذن ومدرس ولهم طعام ، وقفها الأمير زين الدين الحاج بلاط الدوادار وهي خارج باب المقام ، بقي من آثارها إيوان كبير وست حجر يسكنها الفقراء ، عمرت في منتصف القرن التاسع.

(٢٥٤) «التجهيز» أنشئت في صفر سنة عشر وثلاثمائة وألف باسم المكتب السلطاني ، وهي في غربي حلب في محلة اسمها السليمية أو الجميلية وهي دار التجهيز والمعلمين.

(٢٥٥) «الصنائع» أسست هذه المدرسة سنة (١٣١٩) في دار الصابوني من محلة باب قنسرين ، ثم اتخذ لها بناء خاص في محلة السليمية.

(٢٥٦) «الأميري» هو جامع لكن فيه حجر للدرس ومدرس للحديث والفقه والنحو.

١١٤

هذا عدا المدارس الابتدائية والمدارس التي لغير المسلمين وهي عديدة. وليس في تاريخ حلب ما يدل على أنه كان فيها كما كان في دمشق دور للقرآن ، بل كان فيها دار القرآن الحبشية المنسوبة إلى أبي العشائر المطل شباكها على الجامع الكبير درس بها أبو الوفاء العرضي سنة (١٠٧١).

وذكر ابن جبير في المئة السادسة أنه كان يتصل من الجانب الغربي من جامع حلبمدرسة للحنفية تناسب الجامع حسنا وإتقان صنعة ، فهما في الحسن روضة تجاور أخرى قال : وهذه المدرسة من أحفل ما شاهدناه من المدارس بناء وغرابة صنعة ، ومن أطرف ما يلحظ فيها أن جدارها القبلي مفتح كله بيوتا وغرفا وله طيقان يتصل بعضها ببعض ، وقد امتد بطول الجدار عريش كرم مثمر عنبا ، فحصل لكل طاق من تلك الطيقان قسطها من ذلك العنب متدليا أمامها فيمد الساكن فيها يده ويجتنيه متكئا دون كلفة ولا مشقة. وللبلدة سوى هذه المدارس نحو أربع مدارس أو خمس. قلنا : ولعله يقصد بكلامه المدرسة الحلاوية العامرة إلى اليوم.

وقد درّس في هذه المدارس أجلة علماء الشهباء والوافدين عليها من الأئمة ، وكانت كمدارس دمشق والقدس تقرئ الطالب ما ينفعه في دينه ودنياه. ويقول منش : إن المدارس تكاثرت في حلب على عهد أولاد صلاح الدين وازدهرت معارفها وآدابها حتى بلغت أربعا وأربعين مدرسة أو تزيد ، ثلاث منها لعلوم الطب ولم يتعرض من كتبوا على مدارس حلب لوصف مدارس الطب.

(٢٥٧) «القرموطية» إنشاء عبد القادر بن قرموط سنة (٨٨٢) جددها عبد الرحمن بن قرموط سنة (٩٧٨) وهي الآن مكتب.

(٢٥٨) «الشاذلية» وقيل هي دار حديث قرب مسجد النحويين في سويقة الحجارين ، كانت ضيقة فتجددت قبليتها وبابها واستخرج منها دكانان.

(٢٥٩) «البولادية» في محلة باب المقام في الصف الشرقي من الجادة ، خربة يسكنها الفقراء.

(٢٦٠) مدرسة للشافعية هي تربة العلمي في محلة الدحديلة.

١١٥

(٢٦١) «القلقاسية» قبلي القلعة مندثرة.

(٢٦٢) «الصروى» ملحقة في جامع الصروي في محلة البياضة أنشئت سنة (٩٢٠).

(٢٦٣) «الرحيمية» أنشأتها رحمة بنت عبد القادر بن أحمد بك في محلة مستدمبك سنة (١١٥٦).

(٢٦٤) «مدرسة تجاه زاوية الكيال» لا يعرف اسم بانيها هي اليوم مسكن للفقراء.

(٢٦٥) مدرسة من مشتملات جامع السكاكيني في محلة الأعجام.

(٢٦٦) «الدفتردار» منسوبة لبيت العقاد بجانب سبيل البيك داخل محلة باب المقام.

(٢٦٧) مدرسة داخل بوابة النبي لا أثر لها.

(٢٦٨) مدرسة خارج بوابة النبي لا أثر لها.

(٢٦٩) مدرسة بجانب الالچايية السالفة الذكر تعرف بالصاحبية أنشأها بهاء الدين يوسف بن رافع المعروف بابن شداد لا أثر لها.

(٢٧٠) مدرسة تجاه سابقتها لنور الدين زنكي لا أثر لها.

(٢٧١) «تربة ألطونبغا» وتعرف الآن بالمدرسة بلا اسم.

(٢٧٢) «نصر الله» في محلة بحسيتا تجاه كنيس اليهود بزقاق المدرسة معطلة موهنة.

مدارس القدس (١) :

مدارس بيت المقدس كمدارس دمشق وحلب من حيث البناء والترتيب والوقوف عليها، ومعظمها مما أقامه الملوك والأمراء والأغنياء والعلماء ، ولم يكتب لها البقاء كثيرا لأنها كلها من عمل الأفراد ، وعمل الأفراد مهدد بالوهن في كل قرن ، ضربها الدهر ضرباته ، وعبث بجمالها وقطع أوصالها ، ولو كانت من عمل الجماعات كمدارس الغرب في بيت المقدس نفسه ، لكتب لها البقاء أكثر ، ولكانت أحكم وأعظم.

__________________

(*) ألقى السيد عمر الصالح البرغوثي نظرة على ما كتبت في المدارس القدسية.

١١٦

وأقدم مدارس بيت المقدس ما بني على عهد صلاح الدين يوسف بن أيوب عقيب استخلاصه هذه المدينة من أيدي الصليبيين ، ثم توفر أهل الخير من الأمراء والأغنياء ، ومنهم النساء والإماء ، فأنشأوا منها ما أنشأوا عنوان الغيرة على العلم وبث الفضائل. وقد عدد مجير الدين الحنبلي ما كان على عهده منها في القدس والخليل فقال : إنه كان في بيت المقدس من المدارس :

(٢٧٣) «المدرسة الفارسية» بجوار المسجد الأقصى بالقرب من بئر الورقة منسوبة لوقف المدرسة الفارسية التي شرقي المسجد وقفها الأمير فارس البكي ، وهي عامرة فيها دار كتب المسجد الأقصى.

(٢٧٤) «النحوية» على طرف صحن الصخرة من جهة القبلة إلى الغرب بانيها الملك المعظم عيسى سنة أربع وستمائة كان يدرس فيها الكتاب لسيبويه.

(٢٧٥) «النصرية» كانت على برج باب الرحمة مدرسة تعرف بالنصرية للشيخ نصر المقدسي ، ثم عرفت بالغزالية نسبة لأبي حامد الغزالي وقد اعتكف فيها وأتم تأليف كتابه إحياء العلوم فيما قيل. ثم أنشأها الملك المعظم عيسى وجعلها زاوية لقراءة القرآن والاشتغال بالنحو ووقف عليها كتبا وتاريخ وقفها سنة (٦١٠) ويقول مجير الدين : إنها دثرت في عصره وهي الآن غرفتان عامرتان معدتان للزيارة.

(٢٧٦) «التنكزية» واقفها الأمير تنكز الناصري نائب الشام ، وهي مدرسة عظيمة ليس في المدارس أتقن من بنائها عمرت سنة (٧٢٩) وهي بجانب باب الحرم بجوار باب السلسلة مجاورة للسور من جهة الغرب ، ولا تزال عامرة وهي مقر المحكمة الشرعية.

(٢٧٧) «البلدية» بجانب باب الحرم جوار باب السلسلة ، واقفها الأمير منكلي بغا الأحمدي نائب حلب ودفن فيها سنة (٧٨٢) وما برحت عامرة ولكنها دار للسكنى.

(٢٧٨) «الأشرفية» داخل المسجد الأقصى بالقرب من باب السلسلة ، عمرها الملك الأشرف قايتباي وبدئ بحفر أساسها (٨٨٥) ، وكانت قبتها ثالث القباب المهمة في القدس. والأولى قبة الصخرة والثانية قبة الأقصى.

١١٧

وقد تكاملت هذه المدرسة (٨٨٧) وكانت طبقتين سفلية وعلوية ، ولعلها آخر المدارس الإسلامية الفخمة التي أنشئت من هذا الطراز في بيت المقدس ، على كثرة ما وقف عليها من الأوقاف لم يبق منها إلا سطحها وبابها وعليه كتابة من عهد الأشرف.

(٢٧٩) «العثمانية» بباب المتوضإ بجوار الحرم ، واقفتها امرأة من أكابر الروم اسمها أصفهان شاه خاتون وتدعى خانم ، وعليها أوقاف ببلاد الروم وغيرها ، وعلى بابها تاريخها في سنة أربعين وثمانمائة وهي لا تزال عامرة وتسكنها أسرة.

(٢٨٠) «الخاتونية» بباب الحديد جوار الحرم واقفتها أغل خاتون بنت شمس الدين محمد بن سيف الدين القازانية البغدادية ، ثم أكملت عمارتها ووقفت عليها أصفهان شاه بنت الأمير قازان شاه (٧٨٢) وما حبس عليها من المغل غير معلوم ، وهي اليوم دار سكن فيها قبر السيدة خاتون القازانية البغدادية.

(٢٨١) «الأرغونية» بباب الحديد جوار الحرم ، واقفها أرغون الكاملي نائب الشام وهو الذي استجد باب الحديد أحد أبواب المسجد ، أكملت عمارتها سنة (٧٥٩) وهي الآن دار سكنى وقد ضاعت أوقافها وأحباسها وفيها قبر أرغون شاه.

(٢٨٢) «المزهرية» بباب الحديد جوار الحرم ، وقفها المقر الزيني أبو بكر بن مزهر الأنصاري صاحب ديوان الإنشاء بالديار المصرية ، وبعضها راكب على ظهر الأرغونية ، ولها مجمع على أروقة المسجد وكان الفراغ من بنائها في سنة (٨٨٥) وقد غدت دارا للسكنى وقسم منها خراب.

(٢٨٣) «الجوهرية» بباب الحديد جوار الحرم الشريف وبعضها على رباط كرد. واقفها الصفوي جوهر زمام الادر الشريفة في سنة (٨٤٤) وهي الآن دار للسكنى.

(٢٨٤) «المنجكية» بباب الناظر جوار الحرم وقفها الأمير منجك نائب الشام ونقل مجير الدين أن الأمير كان وصل إلى القدس الشريف ليبني المدرسة للسلطان الملك الناصر حسن ، فلما قتل السلطان في سنة اثنتين وستين وسبعمائة بناها لنفسه ونسبت إليه ، ووقف عليها ورتب لها فقهاء وأرباب

١١٨

وظائف ثم تلاشت ثم عمرت ، ولا تزال معمورة إلى هذا العصر ، وقد أتقن عمارها في العهد الأخير وأقام فيها المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى.

(٢٨٥) «الجاولية» في الجهة الشمالية ، واقفها الأمير علم الدين سنجر الجاولي نائب غزة توفي (٧٤٥) ضاعت أوقافها وهي اليوم قسم من كلية روضة المعارف الوطنية.

(٢٨٦) «النصيبية» في الجهة الشمالية ، واقفها الأمير علاء الدين علي ابن ناصر الدين محمد نائب قلعة نصيبين ، ولي نيابة القدس وعمر بها المدرسة وتوفي بدمشق سنة (٨٠٩) ونقل إلى هذه المدرسة وهي اليوم قسم من كلية روضة المعارف الوطنية.

(٢٨٧) «الإسعردية» جوار الحرم إلى الشمال ، واقفها الخواجة مجد الدين عبد الغني الإسعردي وتاريخ وقفها (٧٧٠) ولا تزال عامرة. وقد شرع في ترميمها منذ عهد غير بعيد لنقل دار كتب المسجد الأقصى إليها وإقامة قاعة للمحاضرات فيها.

(٢٨٨) «المالكية» إلى شمالي الحرم ، عمرها الحاج ملك الجوكندار ، وكان بناؤها في مستهل المحرم سنة إحدى وأربعين وسبعمائة. وهي تابعة للإسعردية وما برحت عامرة.

(٢٨٩) «الفارسية» إلى شمالي الحرم ، واقفها الأمير فارس البكي ابن الأمير قطلو ملك بن عبد الله نائب السلطنة بالأعمال الساحلية والجبلية ونائب غزة ، وهو الذي نسبت إليه الفارسية بداخل المسجد الأقصى وهذه الآن دار سكن وكان يدرس فيها الخالدية.

(٢٩٠) «الأمينية» بباب شرف الأنبياء المعروف بباب الدويدارية بجوار المسجد ، واقفها الصاحب أمين الدين عبد الله في سنة ثلاثين وسبعمائة وهي دار سكن.

(٢٩١) «الدويدارية» بباب شرف الأنبياء جوار الجامع ، واقفها الأمير علم الدين أبو موسى سنجر الصالحي النجمي وتاريخ وقفها سنة (٦٩٦) وفيها اليوم مدرسة البنات الإسلامية.

(٢٩٢) «الباسطية» بباب شرف الأنبياء ، بعضها على المدرسة الدويدارية ،

١١٩

واقفها زين الدين عبد الباسط بن خليل الدمشقي ناظر الجيوش المنصورة وعزيز المملكة وقفها سنة (٨٣٤) لا تزال موجودة تابعة للدويدارية وفيها مدرسة البنات الإسلامية.

(٢٩٣) «الكريمية» بباب حطة جوار الحرم ، واقفها الصاحب كريم الدين بن المعلم هبة الله بن مكانس ناظر الخواص الشريفة بالديار المصرية سنة (٧١٨) وهي الآن دار سكن.

(٢٩٤) «الدلغادرية» بباب حطة جوار الحرم ، واقفها الأمير ناصر الدين ابن دلغادر بعد أن عمرتها زوجته مصر خاتون وقفها سنة (٨٩٧) وهي دارسة.

(٢٩٥) «الطولونية» داخل المسجد على الرواق الشمالي ، كان يصعد إليها من السلم الموصل منه إلى منارة باب الأسباط ، أنشأها أحمد بن الناصري محمد الطولوني الظاهر زمن الملك الظاهر برقوق سنة (٨٢٧) وهي من المدارس الداثرة.

(٢٩٦) «الفنرية» مقابل الطولونية من جهة الشرق ، كان يصعد إليها من السلم المتصل منها إلى منارة باب الأسباط أيضا ، وهي من إنشاء الطولوني عمرها مع مدرسته المقدم ذكرها وجعلها للملك الظاهر برقوق ، فلما توفي الظاهر وآل الأمر لولده الملك الناصر فرج رتب لها قرى وأقام نظامها وجعل لها معاليم تصرف عليها ، ثم لما توفي الناصر فرج لم يكن لها كتاب وقف فاشتراها بعد وفاته رجل من الترك يقال له محمد شاه بن الفنري الرومي ووقفها ونسبت إليه ، وقد درست وأصبحت مساكن.

(٢٩٧) «الحسنية» على باب الأسباط ، وقف شاهين الحسني الطواشي من دولة الملك الناصر حسن المتوفى سنة (٧٦٢) هي الآن دارسة.

(٢٩٨) «الصلاحية» بالقرب من السور من جهة الشمال بباب الأسباط وقف صلاح الدين على الشافعية. ذكر المؤرخون أن صلاح الدين كان نازلا في كنيسة صهيون ففاوض جلساءه من العلماء الأكابر في أن يبني مدرسة للفقهاء الشافعية ورباطا للصلحاء الصوفية ، فعين للمدرسة الكنيسة المعروفة بصندحنة عند باب أسباط ، وعين دار البطرك وهي بقرب كنيسة

١٢٠