تخصيصه بغير الخاصّ ، فلا يكون للنسخ حينئذ مساس ، فعلى هذا التقدير يكون العمل على مقتضى ظهوره في استمرار حكمه لما ثبت إلى الأبد ، فإن مقتضاه ليس ثبوت حكمه لكلّ فرد بل إنما هو استمراره أينما ثبت (١).
قوله ـ قدّس سرّه ـ : ( نعم لا يجري في مثل العام المتأخر عن الخاصّ ) (٢).
يعني لا يجري ذلك النحو من التعارض في مثل العام المتأخر عن الخاصّ ، فإن الظهور في عموم الحكم المستدعي إلى النسخ إنما هو للكلام المتضمن للعام ، والظهور في استمرار الحكم المقتضي للتخصيص إنما هو للكلام المتضمن للخاص ، فيكون الظهوران المتعارضان حينئذ في كلامين.
قوله ـ قدّس سرّه ـ : ( فنقول توضيحا لذلك إن النسبة بين المتعارضات ) (٣).
الغرض من التعرض للمتعارضات بعد التعرض للمتعارضين ليس لأجل مخالفة حكمها مع حكمهما ، بل الحكم في الجميع واحد ، وهو تقديم النص والأظهر على الظاهر ، والرجوع فيما لم يوجد أحدهما ـ أو كان كلاهما نصين ـ إلى الأخبار العلاجية.
بل إنما هو لأجل أنّه قد يصعب تشخيص موضوعي النص والأظهر في المتعارضات ، فقد يتوهم فيها نصوصية بعضها أو أظهريته بالنسبة إلى ما عداه مع أنه ظاهر حقيقة ، وقد يتوهم ظهور بعضها مع أنه عند التأمل نصّ أو أظهر ،
__________________
(١) وإن شئت قلت إن الشك في تخصيص العام ناشئ عن احتمال ثبوت حكمه للخاص في الجملة ، فإذا كان الكلام المتضمّن للخاص ظاهرا في ثبوت حكمه للخاص في أول الشريعة ، المستلزم لعدم ثبوت حكم العام له رأسا ، فيرتفع ذلك الشك ويبيّن تخصيص العام بغير ذلك الخاصّ ، فيرتفع احتمال النسخ.
لمحرّره عفا الله عنه.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٧٩٣.
(٣) فرائد الأصول ٢ : ٧٩٤.