وكذا توصيف الفتوى بكونه مشهورا إنما هو بالاعتبار الأول ، وتوصيفه بكونه مجمعا عليه إنما هو بالاعتبار الثاني.
نعم قد يكون سبب معروفية الرواية أو الفتوى هو كثرة النقلة ، أو المفتين.
وقد توصف الرواية بكونها مشهورة من حيث الرواية ، ويراد به كونها متفقا على نقلها من الرّواة.
وقد توصف به من حيث الفتوى ، ويراد به كون مضمونها متفقا عليه ومفتى به بين العلماء ولو لم يستندوا إليها.
وقد يوصف الفتوى بكونه مشهورا ، ويراد به اتفاق العلماء على الإفتاء به فيرادف المجمع عليه.
لكن الرواية المشهورة من حيث الرواية بالمعنى المذكور لا ترادف شيئا من المستفيض والمتواتر ، بل أعم منهما إذ قد يكون الرّواة منحصرا في اثنين ، فلا يصدق على الرواية شيء من المستفيض والمتواتر ، وقد لا يبلغ رواتها إلى حد التواتر ، فلا يصدق عليها المتواتر أيضا.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن المراد بالشاذ في المقبولة ليس الحقيقي منه ، وهو ما لا يعرفها إلا نادر ، فإن الشذوذ إلى هذا المقدار مناف للاعتبار ، ومن المعلوم أن المراد به في المقبولة ما كان معتبرا بنفسه ، بحيث لو لم يكن له معارض لوجب العمل به ، فحينئذ لا بد من حمله على الإضافي ، فيكون المراد بالمشهور أيضا كذلك.
قوله ـ قدس سره ـ : ( ولأجل ما ذكرنا لم يذكر ثقة الإسلام رضوان الله عليه ... إلى آخره ) (١).
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٧٧٩.