أقول : لا يخفى أن هذا التعليل إنما يقتضي عدم جواز العمل على العكس ، لا عدم عمل العلماء كذلك ، وظاهره أخذه علة للثاني.
ويمكن توجيهه : بأن غرضه أخذ العلة المذكورة كاشفة عن عدم عمل العلماء كذلك.
ويحتمل كونها علة للأول ، بأن يكون غرضه منع حجية عمل العلماء على إثبات العكس ، وأن الوجه هو الأخذ بصفات الراوي لمكان العلة المذكورة.
قوله ـ قدس سره ـ : ( حتى بين من هو أفقه من هذا المنفرد برواية الشاذ ) (١).
يعني الأفقه منه في زمانه وعصره ، بأن يكون بعض رواة الرواية المشهورة المعاصرين له أفقه منه ، فلا يجوز ترجيح تلك الرواية الشاذة لأجل أفقهية ذلك المنفرد لوجود تلك العلة فيما يعارضها ، لأن اعتبار الأفقهية على تقديره لا يختص بشخص دون شخص ، أو زمان دون زمان.
قوله ـ قدس سره ـ : ( مع أن أفقهية الحاكم بإحدى الروايتين لا يستلزم أفقهية جميع رواتها ) (٢).
يعني أفقهية جميع رواتها المعاصرين في جميع الطبقات ، فقد يكون بعض رواة الرواية الأخرى في بعض الطبقات المتقدمة على عصر ذلك المنفرد ، أو المتأخرة عنه أفقه منه إن لم يكن بعض رواتها المعاصرين له أفقه منه ، فلا يجوز ترجيح روايته على الرواية المشهورة في تلك الصورة ـ أيضا ـ لما مر ، هذا.
أقول : لا يخفى أن الغرض إنما هو تقديم الأفقهية من حيث هي على الشهرة كذلك في مقام الترجيح ، وعدم تقديمها عليها في الصورتين لا يقدح
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٧٧٣.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٧٧٣.