وتماميتها في أنفسهما ـ على بطلان القول الأول ، بتقريب أنه لو كان الترجيح منوطا بخصوص تلك المرجحات المنصوصة لما أهمل الإمام عليه السلام بعضها في بعض تلك الأخبار العلاجية ، لاستلزامه إخلاله عليه السلام ببيان الواجب مع عدم الداعي المجوز له ، وأيضا أصحاب هذا القول لا بد لهم من التعبد بتقديم بعض تلك المرجحات على بعض ، كتعبدهم بخصوصياتها ، ولا يتمكنون من إثبات ذلك لاختلاف الأخبار العلاجية في ترتيبها ، بل اختلافها في ذلك كاشف عن عدم وجوب ملاحظة الترتيب بينها ، إذ على تقدير الوجوب يلزم إخلاله عليه السلام ببيان الواجب.
وأما القول الثاني ، فلا ينافيه شيء من الوجهين ، إذ عليه يكون الواجب هو الترجيح بتلك المزية المذكورة من أي سبب حصلت ، وقد ثبتت هي في تلك الأخبار ، وأما خصوصياتها فلم ينط الترجيح بخصوص شيء منها ، حتى يلزم من عدم ذكر شيء منها التسامح في بيان الواجب ، فلا ينافيه أول الوجهين المتقدمين.
والترتيب بين الأسباب المحصلة لتلك المزية ـ إذا تحققت جملة منها في إحدى الروايتين المتعارضتين ، وجملة أخرى مخالفة لتلك الجملة في أخراهما ـ إنما هو بكون أحدهما محصلة للظن الأقوى مما يحصله الأخرى ، وإن كانت الأخرى المفيدة للظن الأضعف مقدمة في الذّكر في تلك الأخبار ، فأن الأخرى المحصلة للظن الأضعف مع تعارضها للمحصلة للأقوى غير مندرجة في تلك المزية ، التي أنيط بها الترجيح ، بل المندرجة فيها حينئذ إنما هي المحصلة للأقوى وإنما تندرج فيها إذا كانت سليمة عن معارضة تلك لها ، وفي الحقيقة لا تعارض بينهما عند اجتماعهما.
والحاصل : إذا كان المفروض أن الشارع أناط الترجيح بكون إحدى الروايتين مشتملة على مزية موجبة لأقربيتها إلى الحق ، أو أبعديتها عن الباطل ، وتعبدنا بالأخذ بمثل هذه المزية ، فلا يعقل تعبده إيانا بمصداقية شيء لها ، فإنها