تعالى لا البيان ـ سواء خصوص النقلي أو الأعم ـ فظاهر الآية على هذا : ما كنا معذبين أحدا في زمان الفترة من الرسل إلى أن نبعث إليهم رسولا ، ولذا تمسك بالآية بعض الأخباريين ـ على ما حكي عنه ـ على ثبوت العقاب على ارتكاب ما لم يعلم الإذن فيه من الله تعالى في شريعتنا ، سواء بينة النبي صلى الله عليه وآله أو أحد أوصيائه صلوات الله عليهم ـ ولم يصل البيان إلينا ، أو لم يبينه أحد منهم عليهم السلام أصلا ، فإن غاية نفي العذاب هو بعث شخص النبي صلى الله عليه وآله لا بيانه ، وهي حاصلة ، فالآية بمقتضى مفهوم الغاية تدل على ثبوت العذاب على ارتكاب ما لم يعلم الاذن فيه من الله في شريعتنا.
لا يقال : إن هذا مناف لحكم العقل بقبح العذاب من غير بيان ، فهو قرينة على إرادة البيان من الرسول لا الشخص.
لأنا نقول : هذا يرجع بالأخرة إلى الاستدلال بالعقل ، لا الآية ، فلا معنى لعدها حينئذ من أحد أدلة البراءة.
قوله ـ قدس سره ـ : ( والإنصاف : أن الآية لا دلالة لها على المطلب في المقامين ... ) (١).
يعني في مقامنا هذا وفي مقام التمسك بها على التفكيك ، فإن الاستدلال بها فيهما مبني على دلالتها على نفي فعلية العذاب لا محالة ، مضافا إلى ابتنائه على الإجماع على الملازمة بينه وبين الاستحقاق في الثاني لو سلم تحققه في الأول ، وقد مر منع دلالتها على نفي فعلية العذاب أيضا ، بل إنما تدل على نفي العذاب الدنيوي في الأمم السابقة كما مر.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣١٧.