الوجه الأول من الوجوه الأربعة المتقدمة : فهي وإرادة على الأصول الشرعية العملية بجميع الوجوه المتصورة في اعتبارها ، فإن حكم الواقعة ـ المفروض الشك في حكمها ـ وإن لم يعلم بمجرد قيام دليل أو أمارة ظنيين ، لكن قيامهما يوجب حدوث تكليف آخر واقعي معلوم بإيقاع العمل على طبقهما ، فلا مجرى للأصول أصلا بالنسبة إلى هذا التكليف ، بل يرتفع موضوعها وهو الشك بكلا المعنيين فيه بمجرد قيامهما في المورد.
وإن كان اعتبارها على الوجه الثاني : يقع (١) التعارض بينها وبين الأصول بجميع الوجوه المتصورة في اعتبارها ـ أيضا ـ إذ حينئذ كل منهما يقتضي حكما ظاهريا مأخوذا فيه الجهل بحكم الواقعة ، ولا يوجب شيء منهما تبيين الواقع ، حتى يكون واردا على الآخر ، ولا منزلا منزلة العلم ، حتى يكون حاكما عليه ، فلا بد حينئذ من ملاحظة الترجيح بين أدلة اعتبار الطرق والأمارات وبين أدلة اعتبار الأصول ، ومع فقده يرجع إلى الأحكام المقررة لصورة تكافؤ الدليلين.
وإن كان اعتبارها على أحد الوجهين الأخيرين من الوجوه الأربعة المتقدمة فحينئذ :
إن كان اعتبار الأصول على الوجه الثاني من الوجوه المتقدمة : تكون (٢) الطرق والأمارات ـ بمقتضى أدلة اعتبارها المنزلة لهما بالنسبة إلى نفي الاحتمال المخالف لهما الموافق للأصول ـ حاكمتين على الأصول لكونهما رافعتين للأصول مع صدق موضوعها ـ وهو عدم العلم ـ على المورد.
وإن كان اعتبارها على الوجه الثالث والرابع : فهما واردتان عليها ، لأن موضوعها ـ وهو التحير في العمل وعدم الحجة ـ يرتفع بمجرد قيامهما ، إذ مع
__________________
(١) في الأصل : فيقع.
(٢) في الأصل : فتكون.