والأجر ويكون مقتضاه كون المراد من الشيء إما المقدار منه أو النوع منه ، لكن ظهور الشيء بقرينة قوله فعمله أقوى ، إذ على تقدير إرادة العمل منه يلزم التجوز في لفظ الثواب وعلى تقدير إرادة المقدار أو النوع من الثواب منه لا بد من إضمار لفظ (١) ( على عمل ) لتصحيح مرجع قوله فعمله ولا ريب أن المجاز أكثر من الإضمار فيتعين.
ويشهد لذلك أيضا إضافة الأجر إلى العمل ، إذ لو كان المراد بالشيء المقدار أو النوع من الثواب لناسب أن يقال كان له ذلك الشيء.
ثم إن قوله عليه السلام في الخبر الثاني من بلغه شيء من الخير ظاهر في العمل ، بمعنى أن لفظ الخير ظاهر فيه وكلمة من فيه يناسبه جدا كيف كان ، لكن قوله عليه السلام فعمل به ظاهر في إرادة خبر الخير إما من لفظ الخير بأن يكون هو مستعملا في خبر الخير ومرادا منه ذلك ، وإما بتقدير لفظ الخبر ، ضرورة أن المعمول به إنما هو الخبر دون العمل ، فإنه معمول لا معمول به ودون الثواب بمعنى الجزاء والأجر لكونه أيضا معمولا لا معمولا به وأيضا هو معمول لله سبحانه وتعالى ، فإنه عمله تعالى ولا يصح نسبته إلى العبد من نسبة الفعل إلى فاعله كما هو مفاد الرواية. هذا ، لكن قوله عليه السلام : ( ما بلغه ) لعله ظاهر في مقدار الثواب دون أصله.
قوله (قدس سره) : ( وأخرى بما تقدم في أوامر الاحتياط من أن قصد القربة مأخوذ في الفعل المأمور به بهذه الأخبار ) (٢).
وذلك لأن موضوعها إنما هو العمل بما بلغ احتياطا لإدراك الواقع على
__________________
(١) ويكون المعنى من بلغه خبر مقدار من الثواب أو نوع منه على عمل فعمل ذلك العمل كان له أجر ذلك العمل. لمحرره عفا الله عنه.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٣٨٣.