ولمّا لم يكن في المقام من الأخبار الّتي استدلّ بها على المنع ما تواتر لفظا ، فلا بدّ أن يؤخذ بالقدر الثّابت المتيقّن من جميعها المدلول عليه بتمامها ، أو القدر المتواتر منها لو زيدت عددا من أوّل حدّ التّواتر ، فإنّها كما ترى مختلفة المضمون من جهات.
فإنّ الخبر المرويّ (١) في « البحار » عن « بصائر الدّرجات » يعارض سائر ما في الباب ؛ من حيث جعل المدار في الأخذ والطّرح العلم بالصّدور وعدمه في رواية « البصائر » ، وفي السّائر موافقة الكتاب ، أو هو مع السّنة وإن لم يحصل معها العلم بالصّدور على ما عرفت ، والجمع بينهما وإن أمكن بتقييد الموافقة بما لو حصل منها العلم بالصّدور ـ فتدبّر ـ إلاّ أنّه لا معنى له ؛ بعد كون رواية « البصائر » من أخبار الآحاد المانعة من العمل بنفسها ، فإنّها لا يعلم أنّها قول الإمام عليهالسلام (٢).
وسائر الأخبار يختلف من جهات شتّى :
منها : ذكر السّنّة في بعضها جمعا من جهة العطف بالواو ، أو تخييرا من جهة العطف بأو ، وعدم ذكرها في كثير منها.
ومنها : جعل المدار في الأخذ والطّرح ، الموافقة وعدمها كما في جملة منها ، وجعل المدار الموافقة والمخالفة في بعضها.
ومنها : الحكم ببطلان ما لم يوجد فيه مناط القبول كما في بعضها ، والحكم
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٥٢٤ ـ ح ٢٦ ، عنه البحار : ج ٢ / ٢٤١ ـ ح ٣٣ وليس في الرواية إشارة إلى الطرح وإنما فيها الأمر بالتزام المعلوم وردّ ما لم يعلم انه قولهم ، اليهم والمراد بالردّ هنا هو العرض عليهم صلوات الله تعالى عليهم كما هو ظاهر والله أعلم.
(٢) وهو كما ترى.