مقتضى الإجماع والضّرورة فمسلّم ، ولكن نقول : هو ظنّ المجتهد مطلقا من أيّ سبب كان من الأسباب التي لم يعلم عدم الاعتداد بها. وإن كان المراد القطع بأنّ الشّارع قد وضع طريقا تعبّديّا كالبيّنة للوصول إلى الأحكام فممنوع ، فأين القطع به؟ بل خلافه من المسلّمات لقيام الإجماع والضّرورة على توقّف التّكليف على الإدراك والفهم وأقلّه الظّن بالواقع » (١).
في بيان فساد الوجوه المذكورة
« وهذا أوضح فسادا من الوجوه المتقدّمة :
أمّا أوّلا : فلأنّ ما سلّمه من تعيين طريق من الشّارع للوصول إلى الأحكام مدّعيا قضاء الضّرورة به هو عين ما أنكره أوّلا : وحينئذ فقوله : « إنّا نقول : إنّ ذلك الطّريق هو مطلق الظّن » بيّن الفساد ؛ فإنّه إن كان ذلك من جهة اقتضاء انسداد سبيل العلم وبقاء التّكليف له فهو خلاف الواقع ، فإنّ مقتضاه بعد التّأمّل فيما قرّرناه هو ما ذكرناه دون ما توهّموه. وإن كان لقيام دليل آخر عليه فلا كلام لكن أنّى له بذلك؟
وأمّا ثانيا : فإنّه لا مانع من تقرير الشّارع طرقا تعبّديّة للوصول إلى الأحكام كما قرّر طرقا بالنّسبة إلى الموضوعات ، بل نقول : إنّ الأدّلة الفقهائية كلّها من هذا
__________________
(١) هداية المسترشدين : ج ٣ / ٣٥٨ ـ ٣٥٩.