وكذلك الإجماع ليس
اتّفاق جماعة معيّنة مشخّصة من حيث العدد حتّى يرجع نقله إلى نقل اتّفاق ذاك العدد
المعيّن ، فيمكن أن يكون عدد موجبا وسببا للعلم باعتقاد شخص من جهة نفس كثرته ،
فلا يتخلّف عنده وفي اعتقاده عن العلم دائما ، ولا يكون كذلك واقعا وفي نظر غيره.
فيكون إيجابه العلم في نظره مع عدم كونه سببا له في نفس الأمر من جهة انضمام أمور
مركوزة في النّفس في نفس الأمر مع غفلة النّاقل عنه أو اعتقاده عدمه ، وإلاّ لم
يمكن التخلّف كما ذكر في السّؤال ، فكما توجب الأمور المركوزة في بعض الأحيان منع
حصول العلم عمّا يكون مقتضيا له كما في التّواتر في حقّ من كان ذهنه مسبوقا بشبهة
كذلك قد توجب العلم بمعنى السّببيّة النّاقصة باعتبار الانضمام إلى الخبر.
(٥٨)
قوله قدسسره : ( وإلى
أحد الأوّلين ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٢٢٩ )
أقول : اعتبار الشّرط الّذي اعتبره قدسسره في الأوّل : من
كون العدد الّذي أخبر به الشهيد قدسسره موجبا وسببا في العادة للعلم بقراءة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بتلك القراءات وصدق المخبرين عنها ؛ لم يعلم من كلام ثاني المحقّقين أو
الشّهيدين ، بل ظاهرهما عدم اعتباره عند التّأمّل في كلامهما.
اللهمّ إلاّ أن
يكون مراده قدسسره من الأوّل : كون الحكم مترتّبا على ما قرأه النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيصدق الشّهيد في دعوى التّواتر مطلقا كما في نقل الإجماع ، إغماضا عمّا هو
الحقّ الّذي عرفت تفصيل القول فيه ؛ من عدم قيام الدّليل على حجيّة خبر العادل
فيما لا يرجع إلى الحسّ.
(٥٩)
قوله قدسسره : ( ولا
يخلو نظرهما عن نظر ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٢٢٩ )
أقول : من حيث إنّ الّذي قضى به الدّليل جواز القراءة بما قرأه
النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم