وتارة يطلب ممن يصح إسناده اليه ، على سبيل الكسب ، ومن هذا النوع الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم في هذين القسمين فيصح أن يقال : استغثت بالنبي ، وأستغيث بالنبي ، بمعنى واحد ، وهو طلب الغوث منه بالدعاء ونحوه على النوعين السابقين في التوسل من غير فرق ، وذلك في حياته وبعد موته ، ويقول : استغثت الله ، وأستغيث الله ، بمعنى طلب خلق الغوث منه.
فالله تعالى مستغاثٌ ، والغوث منه خلقاً وايجاداً ، والنبي صلى الله عليه وسلم مستغاثٌ ، والغوث منه تسبباً وكسباً.
وقد تكون الاستغاثة بالنبي على وجه آخر ، وهو أن يقول : استغثت بالنبي كما يقول : سألت الله بالنبي ، فيرجع الى النوع الأول من أنواع التوسل ، ويصح قبل وجوده وبعد وجوده.
والحاصل أن مذهب أهل السنة والجماعة صحة التوسل ، وجوازه بالنبي صلى الله عليه وسلم ، في حياته وبعد وفاته ، وكذا بغيره من الأنبياء والمرسلين ، والأولياء الصالحين ، كما دلت عليه الأحاديث السابقة.
ومعاشر أهل السنة لا يعتقدون خلقاً ولا إيجاداً ، ولا إعداماً إلا لله تعالى وحده لا شريك له. فلا فرق في التوسل بالنبي وغيره من الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين. وكذلك بالأولياء والصالحين ، لا فرق بين كونهم أحياء أو أمواتاً ، لأنهم لا يخلقون شيئاً ، وإنما يتبرك بهم لكونهم أحباء الله تعالى ، والخلق والايجاد لله وحده لا شريك له.
وقال في صفحة ١٠٠ وما بعدها :
شبهة إنكار التوسل والاستغاثة والرد عليها :
من شبهات الخصم التي يدلس فيها ويموه بها :
١ ـ الانكار على المتوسلين والمستغيثين ، وتكفيرهم وعدهم مشركين ، كعباد الأوثان ، بل وجعلهم أسوأ حالاً منهم ، واتهامهم أنهم يعتقدون التأثير لغير الله تعالى.