يجري فيما لو فرض انّ الاثر كان مرتبا على ذوات الاجزاء لا على عنوان الاتصاف والتقيد والاّ فيكون الاستصحاب في ذات الجزء لإثبات عنوان التقيد والإتصاف من قبيل الأصل المثبت (١). هذا كله على الاحتمال الأوّل.
وامّا على الاحتمال الثاني فاستصحاب بقاء عدم الكرية إلى واقع زمن الملاقاة وإن لم يكن أصلا مثبتا لأنّه لا يراد بالاستصحاب اثبات شيء زائد على بقاء عدم الكرية إلاّ انّ واقع زمن الملاقاة (٢) كما يحتمل واقعا ان يكون هو ما قبل الظهر كالساعة العاشرة مثلا أو ما بعد الظهر كذلك يحتمل أن يكون هو الظهر ، وبما انّ الظهر قد فرضنا سابقا انّه زمن ارتفاع عدم الكرية فاستصحاب بقاء عدم الكرية إليه يكون ابقاء للمتيقن السابق إلى زمان يعلم فيه بارتفاعه ـ المتيقن ـ لا إلى زمان يشكّ فيه في بقائه ، أي يكون ابقائه إليه من قبيل نقض اليقين باليقين لا من قبيل نقض اليقين بالشكّ ، وواضح انّ شرط جريان الاستصحاب انّ يكون
__________________
(١) ان قلت : ان الاستصحاب في المقام ليس من قبيل الاصل المثبت لأنّ الساعة العاشرة إذا فرضنا إنّها واقعا وفي علم الله سبحانه متصفة بكونها زمن الملاقاة فنحن بالاستصحاب لا نريد أن نثبت انّ الساعة العاشرة متصفة بأنها زمن الملاقاة إذ ذاك ثابت واقعا وفي علم الله سبحانه بلا حاجة إلى استصحاب وانّما نريد بالاستصحاب إثبات بقاء عدم الكرية إلى هذا الزمان المتصف بأنّه في علم الله زمن الملاقاة.
قلت : ان هذا هو عين الأصل المثبت فإنّه ـ أي الأصل المثبت ـ يعني تحميل شيء على الاستصحاب من الخارج ، وهنا الأمر كذلك ، فانّ الحالة السابقة المتيقنة هي ثبوت ذات عدم الكرية وامّا ثبوت عدم الكرية في زمن موصوف بانّه زمن الملاقاة فهذا لم يكن متيقنا سابقا ليثبت بقائه في الخارج بالاستصحاب وانّما يراد تحميله عليه من الخارج
(٢) في هذا الموضع قدمنا ما اخر في الكتاب واخرّنا ما قدم