والجواب : إنّ عدم الكرية الذي يراد استصحابه له حالتان : ـ
١ ـ أن لا يعلم بارتفاعه وتبدله إلى الكرية بل يحتمل بقاؤه على عدم الكرية إلى الآن.
٢ ـ ان يعلم بارتفاعه وتبدله إلى الكرية فهو الآن يرى بالعين أنّه كر ولكن يحتمل ان تحوله إلى الكرية قد حصل بعد الملاقاة فهو الآن نجس ويحتمل أنّه حصل قبل الملاقاة فهو الآن طاهر.
أمّا في الحالة الاولى : فلا إشكال في صدق عنوان اليقين السابق والشكّ اللاحق ، فالماء ليس بكر سابقا جزما ويشكّ في تحوله إلى الكرية ، ومقتضى الاستصحاب بقاؤه على عدم الكرية وبذلك يحكم بنجاسته.
وأمّا في الحالة الثانية : فقد يقال بأنّ الشكّ في البقاء غير صادق ليجري الاستصحاب إذ المفروض أنّ الماء قد ارتفع عدم كريته وهو الآن كر جزما ومع الجزم بكريته فكيف يستصحب بقاء عدم كريته؟
وأجاب الاعلام عن ذلك بأنّ الماء وإن كان يعلم بتحوله إلى الكرية ولا يوجد فيه شكّ من هذه الناحية إلاّ أنّ ذلك لو لا حظنا عمود الزمان ، أي لا حظنا الساعة الاولى والساعة الثانية والساعة الثالثة وهكذا ، فإنّه بلحاظ الساعات وإن كان لا يوجد شكّ ـ فإذا كان قد ارتفع في الساعة الخامسة مثلا فقبل الساعة الخامسة يجزم ببقائه على عدم الكرية ومن الساعة الخامسة وما بعد يجزم بتحوله إلى الكرية ـ إلاّ أنّه لو لم نلاحظ عمود الزمان بل لا حظناه بالقياس إلى زمن الملاقاة فهو مشكوك البقاء إذ يشكّ في بقائه على عدم الكرية إلى زمن الملاقاة (١).
__________________
(١) ويمكن أن يصطلح على زمن الملاقاة بالزمن النسبي