المجتهد يجريه ويفتي العامي بعد ذلك بنتيجته.
ومثال الثاني : إجراء استصحاب نجاسة الماء بدون فرض وجود ماء في الخارج بالفعل ، وهذا كما هو الحال في المجتهد ، فإنّه حينما يجري استصحاب النجاسة لا يكون أمامه ماء متغير ثم يزول تغيره بل هو يفترض وجود ماء متغير ويفترض زوال تغيره بعد ذلك ، فالشكّ على هذا شكّ في بقاء الحكم الكلي قبل أن يصير فعليا.
وفي مثل هذه الحالة أشكل الشيخ العراقي بأنّ المجتهد كيف يجري الاستصحاب والحال أنّه لا يوجد لديه متيقن سابق ومشكوك لاحق بل انّ المتيقن والمشكوك متعاصران في زمان واحد ، فالمجتهد في آن واحد يعلم بثبوت النجاسة للماء المتغير ويشكّ في نفس الوقت في ثبوتها له بعد زوال تغيره لا أنّه يتيقن أولا بثبوت النجاسة للماء المتغير وبعد مضي فترة يحصل له الشكّ في بقاء النجاسة. وما دام المتيقن والمشكوك متعاصرين في آن واحد فكيف يجري الاستصحاب والحال أنّ الاستصحاب يتوقف على الشكّ في البقاء ، وهو ـ الشكّ في البقاء ـ لا يتصور مع تعاصر المتيقن والمشكوك.
إذن المشكلة الاصولية التي أبرزها الشيخ العراقي تختص بالاستصحاب الذي يجريه المجتهد أي باستصحاب الحكم الكلي قبل صيرورته فعليا.
وقد تقول في جوابها : فلنمنع إجراء المجتهد للاستصحاب حتى لا نقع في المشكلة المذكورة.
وهذا باطل فإنّه لا إشكال في أنّ بناء الفقهاء وارتكازهم على منح الحق للمجتهد في إجراء مثل هذا الاستصحاب ويستفيدون من حديث لا تنقض