استصحب نزول المطر يصير عالما ومتيقّنا بنزول المطر ، غاية الأمر هو متيقّن تعبّدا واعتبارا لا حقيقة ـ فالتصدّق واجب بعد جريان الاستصحاب ، إذ بعد جريانه وصيرورة المكلّف عالما تعبّدا بنزول المطر يترتّب الحكم بوجوب التصدّق. إنّ مثل هذا الاستصحاب لا يترتّب عليه التنجيز والتعذير ولكنه ممّا يترتّب عليه حكم شرعي.
أمّا أنّه لا يترتّب عليه التنجيز والتعذير فلأنّ المستصحب ليس هو إلاّ نفس نزول المطر ، وبعد أن فرضنا أنّ نزول المطر لا يترتّب عليه حكم شرعي فلا معنى لتنجّزه بالاستصحاب أو للتعذير عنه.
وأمّا أنّه ممّا يترتّب عليه حكم شرعي فلأنّه بعد الاستصحاب يصير المكلّف عالما بنزول المطر ـ بناء على أنّ المجعول في باب الاستصحاب العلميّة ـ فيترتّب عليه حكم العالم بنزول المطر وهو وجوب التصدّق.
وبهذا البيان اتّضح ما يقال من أنّ الاستصحاب في بعض الموارد لا يقوم مقام القطع الطريقي ـ أي لا يكون منجّزا ولا معذّرا ـ ولكنّه يقوم مقام القطع الموضوعي. إنّ مثال هذا الاستصحاب قد يبدو غامضا لأوّل وهلة ، ولكنّه من خلال ما ذكرنا اتّضح مثاله وهو مثال وجوب التصدّق المترتّب على القطع بنزول المطر.
والخلاصة : إنّ الصيغة الاولى للركن الرابع هي أن يكون الاستصحاب ممّا يترتّب عليه أثر شرعي ولو بعد جريانه ، ولا يلزم فيه قابليّته للتنجيز والتعذير ولا أن يكون المستصحب حكما أو موضوعا لحكم شرعي.
وقد تسأل : لماذا يكفي ترتّب الأثر ولو بعد جريان الاستصحاب؟