كما لو قال قلد العادل ان كان مجتهدا.
ثم بعد أن عرفنا انّ الميزان في تشخيص حال الحيثية لا يرجع فيه الى لسان الدليل بل المدار على لحاظ عالم الفعلية والخارج سوف نواجه السؤال التالي : هل المدار في تشخيص الموضوع بلحاظ عالم الخارج على النظر العرفي المسامحي أو المدار على النظر الدقي ، فإنّ النظرين قد يختلفان أحيانا.
مثال ذلك : إذا كان عندنا ماء بقدر كر وأخذنا منه كفا من الماء وشككنا بعد ذلك في بقائه على الكرية (١) فلو كان المدار في تحديد الموضوع على النظر الدقي فلا يجري استصحاب بقائه على الكرية إذ المتصف بالكرية سابقا مغاير للماء الموجود بالفعل ، فإنّ الماء السابق هو الماء الذي لم يؤخذ منه مقدار كف بينما الماء الموجود هو الماء الذي اخذ منه مقدار كف.
__________________
(١) لا يخفى أنّ الشكّ في بقاء الماء على الكرية بعد أخذ مقدار كف منه مثلا تارة يكون بنحو الشبهة الموضوعية واخرى بنحو الشبهة الحكمية.
مثال الأوّل : أن نعرف انّ مقدار الكر مثلا يساوي ٢٧ شبرا ويفرض انّ لدينا ماء معينا لا نعرف انّه بمقدار ٢٧ بلا زيادة أو هو بمقدار ٢٧ مع الزيادة ، فعلى التقدير الأوّل يكون أخذ مقدار كف منه موجبا لزوال الكرية عنه بخلافه على الثاني ، ففي هذه الحالة لا يكون الشكّ في بقاء الكرية ناشئا من عدم المعرفة بالحكم الشرعي في تحديد الكر بل هو ناشئ من الشكّ في الموضوع خارجا وانه يزيد على ٢٧ أو لا.
ومثال الثاني : أن نعرف مقدار الماء خارجا وأنّه ٢ / ١ ٣* ٢ / ١ ٣* ٢ / ١ ٣ ، بيد أنّه نجهل تحديد الكر في التشريع الإسلامي وانّه ـ ٢ / ١ ٣* ٢ / ١ ٣* ٢ / ١ ٣ أو ـ ٣* ٣* ٣. في مثل هذه الحالة إذا أخذنا مقدارا قليلا من الماء فسوف نشكّ في بقاء الكرية لاحتمال أنّ الشارع حدّد الكر بالتحديد الأوّل فتكون منعدمة ولاحتمال أنّه حددّه بالتحديد الثاني فتكون باقية. إنّ هذا شكّ في بقاء الكرية بنحو الشبهة الحكمية