ان بعض المتعصبين
وان التمسوا لمخالفة الخليفة لطلب النبي اعذارا في الظاهر إلاّ انّهم خطّئوا كلامه الذي قال فيه « حسبنا كتاب الله » ،
واعتبروه كلاما غير صحيح ، وصرّحوا جميعا بأن الركن الاساسي للاسلام هو السنة
النبوية ، ولا يمكن أن يغني كتاب الله الامة الاسلامية عن احاديث رسول الاسلام صلىاللهعليهوآله واقواله.
ولكن الاعجب من كل
ذلك أن الدكتور « هيكل » مؤلف كتاب « حياة محمّد » ضمن دفاعه عن الخليفة كتب يقول : ما فتئ ابن عباس بعدها يرى أنهم أضاعوا شيئا
كثيرا بأن لم يسارعوا إلى كتابة ما أراد النبيّ إملاءه. أمّا عمر فظلّ ورأيه أن
قال الله في كتابه الكريم : « ما فرّطنا في الكتاب من شيء » .
فلو أنه لاحظ ما
قبل هذه الجملة القرآنية وما بعدها لما فسرها بمثل هذا التفسير ، ولما أيّد
الخليفة في مقابل نصّ النبي المعصوم المطاع ، لأن المقصود من الكتاب في الآية هو
الكتاب التكويني ، وصفحات الوجود ، فان لكل نوع من الانواع في عالم الوجود صفحة من
كتاب الصنع ، وتشكل كل الصفحات غير المعدودة كتاب الخليقة والوجود وإليك نص الآية
:
« وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ
يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ
شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ » .
وحيث أن ما قبل
الجملة التي استدل بها يرتبط بخلقة الدواب والطيور ، ويرتبط ما بعدها بموضوع الحشر
في يوم القيامة يمكن القول بصورة قاطعة بان المراد من الكتاب في الجملة المستدل
بها والذي لم يفرّط فيه من شيء هو الكتاب التكويني ، وصفحة الخلق.
__________________