وهكذا اثبت النبي صلىاللهعليهوآله لليهود مرة اخرى بأنه ليس داعية حرب ولا طالب قتال وسفك دماء ، ولو كان كغيره من الزعماء والسياسيين لاتخذ من قصة مقتل عبد الله ذريعة للقضاء على حياة تلك الزمرة المعتدية ، المشاغبة المخلّة بالأمن (١)
إن النبي صلىاللهعليهوآله كما يصرّح بذلك القرآن الكريم ويصفه : نبي الرحمة ، فهو لا يحتكم الى السيف ما لم يبلغ الامر مداه.
كان في خيبر تاجر يدعى الحجّاج بن علاط السلمي له تجارة مع أهل مكة ، وكان ممّن حضر يوم خيبر. وشاهد لطف النبي ورحمته فأسلم طائعا راغبا.
ولما فرغ المسلمون من أمر « خيبر » أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : يا رسول الله إن لي بمكة مالا متفرقا في تجار مكة فاذن لي يا رسول الله صلىاللهعليهوآله أن احتال لأخذها ، فأذن له رسول الله صلىاللهعليهوآله بذلك ليستنقذ أمواله من المشركين وغيرهم في مكة.
فقدم مكة ، فرآه رجال قريش اجتمعوا حوله وأخذوا يسألونه عن أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يكونوا علموا بإسلامه فأجابهم قائلا : لقد هزم محمّد بخيبر هزيمة لم تسمعوا بمثلها قط ، وقتل أصحابه قتل لم تسمعوا بمثله قط ، واسر محمّد اسرا ، وقالت اليهود : لا نقتله حتى نبعث إلى أهل مكة فيقتلوه بين
__________________
(١) لم تنحصر تعديات اليهود وتجاوزاتهم على ما ذكرناه فلطالما خطّطوا ودبّروا الحيل لالحاق الأذى والضرر بالمسلمين ، ومن جملة ذلك حادث عبد الله بن عمر الذي ذهب إلى خيبر في عهد الخليفة الثاني لعقد اتفاقية مع أهلها فاعتدوا عليه بالضرب فلما عرف بذلك عمر رأى أن يجليهم من خيبر لقول رسول الله صلىاللهعليهوآله : « لا يجتمعنّ بجزيرة العرب دينان » فقال لصحابة النبي صلىاللهعليهوآله من كان له حق عند اليهود فليأخذه ثم أجلاهم من خيبر جزاء كيدهم وتآمرهم المستمر. ( المصدر ).