القوية المتأصلة في كيان الانسان بحيث لا يمكن لأي أحد أن يغفل عنها مهما كانت الظروف وهي بالتالي من القوة والهيمنة على وجود الانسان بحيث يضحّى في سبيلها بكل شيء.
ولكن قوة الايمان وحبّ الانسان للعقيدة ، وتعشقه للمعنويات أقوى وأشدّ تأثيرا من ذلك ، فهذا الجنديّ الشجاع لم يكن بين ـ حسب ما تفيده النصوص التاريخية ـ وبين الموت في ذلك الوقت سوى لحظات ، ومع ذلك نجده ينسى نفسه ، ويفكر في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله الذي كان يعتبره أقوى سبب لبقاء الدين ، ودوام الشريعة ، وهذا هو الهدف المقدّس الذي قاتل من أجله سعد البطل ، ولهذا لا يحمل ذلك الرجل الأنصاري سوى رسالة واحدة إلى أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله يحثهم فيها على السهر على حياة النبيّ صلىاللهعليهوآله والعمل معه على تحقيق أهدافه ، في ارساء دعائم التوحيد.
كانت الشمس تميل نحو المغرب وكانت تستعد للملمة أشعتها الذهبية من صفحة الكون ، وكان السكون والصمت يخيم على كل مكان من الأرض.
في مثل هذه اللحظات كان على المسلمين المقاتلين أن يعودوا بجرحاهم الى منازلهم في المدينة ليستعيدوا قواهم ، ويجدّدوا نشاطهم ، ويضمدوا جرحاهم.
ولهذا صدرت أوامر من جانب النبيّ صلىاللهعليهوآله بالتوجه نحو المدينة.
فلما كانوا بأصل الحرة قال صلىاللهعليهوآله : اصطفوا فنثني على الله ، فاصطف الرجال صفين خلفهم النساء ثم دعا فقال :
اللهم لك الحمد كله ، اللهم لا قابض لما بسطت ، ولا باسط لما قبضت ، ولا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا هادي لمن اضللت ولا مضلّ لمن هديت ، ولا مقرّب باعدت ولا مباعد لما قرّبت.
اللهم انّي أسألك من بركتك ، ورحمتك وفضلك وعافيتك.
اللهم انّي أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول.