يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ » (١).
ولكن اليهود المغرورين المتكبرين لم يشكروا نصيحة النبي هذه أو يسكتوا حسب ، بل ردوا عليه بعناد ولجاج وصلافة قائلين : يا محمّد انك ترى انا قومك لا يغرنّك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب ، فاصبت منهم فرصة ، إنا والله ولئن حاربناك لتعلمنّ أنّا نحن الناس ( أو أنّا والله أصحاب الحرب ، ولئن قاتلتنا لتعلمنّ أنك لم تقاتل مثلنا )!! (٢)
فلم تترك كلمات يهود « بني قينقاع » الجوفاء ، وتشدقهم الفارغ بقوتهم وقدرتهم على القتال والمواجهة أدنى اثر في نفوس المسلمين.
ولكن النبيّ صلىاللهعليهوآله قد أتم عليهم الحجة ، فلم يعودوا معذورين حسب السياسة الاسلامية ، وقد أصبح ساعتئذ من اللازم الاحتكام إلى منطق السلاح بعد أن لم ينجع سلاح المنطق ، ولم يقنع اليهود بضرورة تغيير مواقفهم ، والتخلي عن مؤامراتهم وخططهم الايذائية ضد النبيّ صلىاللهعليهوآله والمسلمين.
أجل لا بد من استخدام القوة مع هؤلاء اليهود الصلفين المتعنتين والاّ ازدادوا صلافة ، وكثرت اعتداءاتهم.
ولهذا أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله ينتظر الفرصة المناسبة لتأديب تلك الجماعة المتعنتة الوقحة.
قد تجر بعض الحوادث الصغيرة إلى سلسلة من التحولات والاحداث في الاجتماعات الكبرى. يعني أن تتسبب حادثة جزئية في انفجار الحوادث الكبرى ، فيصفي كلّ من طرفي النزاع حسابه مع الطرف الآخر ، انطلاقا من علل واسباب اخرى ، وليست تلك الحادثة الجزئية.
__________________
(١) آل عمران : ١٢ و ١٣.
(٢) المغازي : ج ١ ص ١٧٥ و ١٧٦.