إنه حقا عجيب أمر هذين العروسين ( الزوجين ) فبينما كانا هما في أعلى درجات التفاني في سبيل الحق كان والداهما ، من اعداء رسول الله صلىاللهعليهوآله وخصومه الالداء.
فعبد الله بن أبيّ بن سلول ( والد العروس ) كان رأس المنافقين في المدينة ، وكان أبو عامر الفاسق والد العرّيس الذي كان يسمى في الجاهلية بالراهب معاديا أشد العداء لرسول الله صلىاللهعليهوآله وقد التحق بالمشركين في مكة ، كما حرّض « هرقل » لضرب الحكومة الاسلامية الفتية في المدينة ، ثم اشترك في معركة احد ضدّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وقاتل المسلمين قتالا شديدا (١).
في صبيحة اليوم السابع من شهر شوال من السنة الثالثة للهجرة اصطفّت قوى الاسلام أمام قوى الشرك المعتدية ، وكان جيش التوحيد قد جعل ظهره الى احد كمانع طبيعيّ يحفظ الجيش من الخلف. وقد كان في جبل احد ثغرة كان من الممكن أن يتسلل منها العدوّ ويباغت المسلمين من الخلف ، ويوجّه إليهم ضربة قاضية.
ولهذا عمل رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى وضع جماعة من الرماة عند تلك الثغرة ، وأمّر عليهم « عبد الله بن جبير » وقال :
انضح الخيل عنّا بالنبل ، واحموا لنا ظهورنا ، لا يأتونا من خلفنا ، والزموا مكانكم لا تبرحوا منه ، إن كانت لنا أو علينا ، فلا تفارقوا مكانكم ».
ولقد أثبتت حوادث « احد » التي وقعت في ما بعد أهمية هذه الثغرة عسكريا ، فقد كانت هزيمة المسلمين بعد انتصارهم في بداية المعركة نتيجة تجاهل الرماة لأمر النبيّ واخلاء ذلك الموقع الإستراتيجي ، الأمر الذي سمح للعدوّ بأن يباغت المسلمين في حركة التفافية سريعة ، ويحمل عليهم ، ويوجه عليهم ضربة قوية!!
__________________
(١) أسد الغابة : ج ٢ ص ٥٩ و ٦٠ ، بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ٥٧ وغيرهما.