رسول الله صلىاللهعليهوآله حينئذ منهم قطعا ويقينا.
وفيما هم في هذه الحالة من الاضطراب والتحيّر قرر أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله العودة إلى المدينة بعد أن يئسوا من رجعته إليهم من حاجته ، فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عن رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : رأيته داخلا المدينة ، فأقبلوا حتى انتهوا إليه صلىاللهعليهوآله وعرفوا بمؤامرة اليهود إذ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لهم لما قالوا : يا رسول الله قمت ولم نشعر :
« همّت اليهود بالغدر بي ، فأخبرني الله بذلك فقمت » (١).
والآن ما ذا يجب أن يقوم به رسول الله صلىاللهعليهوآله تجاه هذه الزمرة الخائنة المتآمرة؟ تلك الزمرة التي تنعم بما وفّرتها لهم الحكومة الاسلامية من أمن وحرية ، ويحافظ جنود الاسلام على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم ، كما يفعلون الفعل ذاته بالنسبة إلى أنفسهم وأموالهم وأعراضهم على حد سواء.
تلك الزمرة التي كانت ترى كل آثار النبوة ودلائلها في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله وأعماله ، وأقواله تماما على نحو ما قرأت عنه في كتبها وأسفارها ، ولكنها بدل أن تردّ الجميل بالجميل وتقابل الاحسان بالاحسان ، وبدل أن تحسن ضيافته وقد نزل عليهم ضيقا تتآمر لقتله غيلة وغدرا دون ما خجل ولا حياء!!
ما هو ترى ما تقتضيه العدالة في هذا الصعيد وفي هذه الحال؟
وما ذا يجب أن يفعل المرء حتى يمنع من تكرار مثل هذه الحوادث ، ويستأصل جذور مثل هذه الجرائم؟
إن الطريق المنطقي هو ما أختاره رسول الله صلىاللهعليهوآله وفعله.
فقد أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله المسلمين بالتهيّؤ لحربهم ، والسير إليهم ،
__________________
(١) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٥٧ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٧٨.