صلىاللهعليهوآله هو الذي يطلقني.
فلما مر عليه رسول الله صلىاللهعليهوآله خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه (١).
ولا شك إن زلّة أبي لبابة كانت بسبب عواطفه تجاه يهود بني قريظة ، فقد سلبه بكاء رجالهم ونسائهم ، وصبيانهم واستغاثتهم العاطفية القدرة على ضبط النفس ، فكشف سرّا من أسرار المسلمين كان عليه أن يكتمه ، ولكنّ قوة الايمان بالله والخشية من عذابه أكبر وأعلى من كل شيء الى درجة أنها دفعت بابى لبابة إلى أن يندم على فعله ذلك الندم العجيب ، ويعمد ـ لجبران تلك الخيانة ـ الى ما فعل من الانابة ، والاستغفار ، الأمر الذي تكون نتيجته أن لا تراود مثل هذه الفكرة نفسه مرة اخرى قط.
خرج « شأس بن قيس » اليهودي من الحصن ليتحادث مع رسول الله صلىاللهعليهوآله نيابة عن بني قريظة ، فطلب من رسول الله صلىاللهعليهوآله ان يسمح ليهود بني قريظة بأن يحملوا معهم أموالهم ويخرجوا من المدينة كما فعل رسول الله صلىاللهعليهوآله مع بني النضير ، فأبى رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : « لا ، إلاّ أن تنزلوا على حكمي ».
فقال شأس : لك الاموال والسلاح وتحقن دماءنا ، فابى النبي صلىاللهعليهوآله ورفض هذا الاقتراح أيضا.
وهنا يطرح السؤال التالي نفسه وهو : لما ذا رفض رسول الاسلام صلىاللهعليهوآله مقترحات مندوب بني قريظة؟!
إن السبب واضح ، فانه لم يكن من المستبعد أن تقدم هذه الزمرة ـ بعد
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٣٧ و ٢٣٨.