الملك اني قد رأيت رجلا خرج من عندك ( ويقصد مبعوث رسول الله ) وهو رسول عدوّ لنا ، فاعطنيه لأقتله ، فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا.
فغضب النجاشيّ لمقالة ابن العاص غضبا شديدا فصفعه صفعة كادت أن تكسر أنفه ، ثم قال : أتسألني أن اعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله. ويحك يا عمرو أطعني واتبعه فانه والله لعلى الحق ، وليظهرنّ على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده ، ثم قال : أفتبايعني له على الاسلام؟
يقول عمرو بن العاص : فقلت نعم ، فبسط يده فبايعته على الاسلام ، ثم خرجت إلى أصحابي ، وقد حال رأيي عما كان عليه ، وكتمت أصحابي إسلامي (١).
تركت حادثة « الرجيع » المرّة التي قتل فيها جماعة من قبائل « عضل » و « القارة » من بني لحيان ثلة من دعاة الاسلام غدرا ومن دون رحمة ، بل وسلّمت رجلين منهم بقوا على قيد الحياة إلى قريش فصلبتهما قريش صبرا انتقاما من رسول الله والمسلمين.
لقد تركت هذه الفاجعة المأساوية المؤلمة ألما شديدا في نفوس المسلمين ، وأحدثت جرحا عميقا في ضمائرهم وأدت إلى توقف حركة الارشاد والتبليغ والدعوة.
ولكن في الظروف المستجدة التي استطاع الاسلام أن يزيل ـ بعد الأحزاب وبني قريظة ـ كل العراقيل والعقبات عن سبيل المسلمين رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله أن من الضروري تأديب بني لحيان لتعتبر بقية القبائل ، فلا يؤذوا بعد ذلك فرق الدعوة وبعثات التبليغ الاسلامي.
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٧٦ و ٢٧٧.