كان الملك الذي يحكم هذه الأرض الواسعة هو « خسروا برويز » ثاني ملك بعد انوشيروان ، الذي جلس على العرش الملكي الإيراني مدة ٣٢ عاما قبل الهجرة النبوية المباركة.
وقد واجهت حكومة هذا الملك خلال مدة سلطانه أنواعا عديدة من الحوادث المرة والحلوة ، وكانت مكانة ايران في عهده تعاني من الاضطراب ، وعدم الاستقرار بشكل ملحوظ.
وقد امتدّ النفوذ الإيراني ذات يوم حتى شمل آسيا الصغرى ، وامتدّ الى مشارف القسطنطنية ، وأتى بصليب عيسى الذي كان أقدس شيء عند النصارى إلى طيسفون ( المدائن ) ، فطلب سلطان الروم الصلح وبعث سفيرا من قبله الى البلاط الإيراني لعقد معاهدة الصلح.
بيد أنّ سوء تدبير الملوك في تلك الدولة العظمى ، وانغماسهم في اللذة والمجون أكثر من المتعارف تسبب في أن تصبح ايران على حافة السقوط والانهيار في أواخر العهد الساساني ، فقد خرجت المستعمرات من تحت النفوذ الإيراني الواحدة تلو الاخرى ، واجتاح العدو الروميّ الاراضي الايرانية إلى الاعماق ، ووصل الأمر بخسروبرويز امبراطور ايران الى أن يهرب من وجه الروم الغزاة ، وقد أثار هذا الهروب الخانع وهذه الهزيمة المنكرة سخط الشعب يومذاك ، فقتل بيد ابنه « شيرويه ».
ويعزي محلّلوا التاريخ القديم تخلّف إيران وضياع قوتها إلى غرور قادتها وحكامها وميلهم الى البذخ والترف ، وبلهنية العيش ورغد الحياة ، والزينة واللذة. ولو كان ذلك الملك يتلقى رسالة السلام التي عرضها الاسلام بالصورة اللائقة لبقيت عظمة إيران على حالها في ظل هذا السلام دون أن يصيبها ما أصابها.
ولو أن رسالة رسول الاسلام لم تترك أثرا حسنا في نفس « خسروا برويز » يومذاك فان ذلك لم يكن لتقصير أو عيب في تلك الرسالة أو في سلوك حاملها