« وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً » (١).
إن هذا الزواج مضافا إلى كونه استهدف منه تحطيم سنّة جاهليّة مقيتة ( سنة عدم الزواج بمطلقة المتبنى ) واعادة العلاقات العائلية الى وضعها الصحيح يعتبر من أقوى مظاهر المساواة في الإسلام ، لأن النبيّ الاكرم صلىاللهعليهوآله تزوّج بمطلّقة عتيقه وقد كان مثل هذا العمل مخالفا لشؤون المجتمع يومذاك.
ولقد أثار هذا الاقدام الشجاع موجة من الاعتراض والنقد من جانب المنافقين ، وأصحاب العقول الضيّقة ، فقد طرحت هذه المسألة في الاوساط والنوادي وأخذوا يشنعون بها على رسول الله صلىاللهعليهوآله ويقولون : لقد تزوّج محمّد بمطلّقة دعيّه.
فأنزل الله تعالى في الرد على تلكم الافكار والاقوال الباطلة قوله :
« ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً » (٢).
على أن القرآن لم يكتف بهذا البيان بل امتدح نبيّه الذي نفّذ حكم الله بشجاعة كاملة بقوله :
« ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً. الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً » (٣).
وخلاصة المفاد لهاتين الآيتين هي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كغيره من الأنبياء يبلّغ رسالات الله ولا يخاف لوم اللائمين ، وكيد المنافقين ، وإرجاف المرجفين.
__________________
(١) الأحزاب : ٣٧.
(٢) الأحزاب : ٤٠.
(٣) الأحزاب : ٣٨ و ٣٩.