إن في أحداث معركة « احد » ووقائعها تجارب مرة واخرى حلوة فهذه الحوادث والوقائع تثبت بجلاء صمود واستقامة جماعة ، وضعف وهزيمة آخرين.
كما أنه يستفاد من ملاحظة الحوادث التاريخية أنه لا يمكن اعتبار جميع المسلمين الذين عاصروا رسول الله صلىاللهعليهوآله أتقياء عدولا بحجّة أنهم صحبوا النبيّ صلىاللهعليهوآله ، لأن الذين أخلّوا مراكزهم على الجبل ، يوم احد وعصوا أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله في تلك اللحظات الخطيرة ، وجرّوا بفعلهم على المسلمين تلك المحنة الكبرى ، كانوا أيضا ممّن صحبوا النبيّ صلىاللهعليهوآله .
يقول المؤرخ الاسلاميّ الكبير الواقدي في هذا الصدد : « بايع رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم احد ثمانية على الموت : ثلاثة من المهاجرين علي وطلحة والزبير ، وخمسة من الأنصار » فثبتوا وهرب الآخرون (١).
وكتب العلامة أبن أبي الحديد المعتزلي أيضا : حضرت عند محمد بن معد العلوي الموسوي الفقيه على رأي الشيعة الإمامية رحمهالله في داره بدرب الدواب ببغداد في سنة ٦٠٨ هجرية ، وقارئ يقرأ عنده مغازي الواقدي ، فقرأ : حدثنا الواقدي عن ابن أبي سبرة عن خالد بن رياح عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن محمد بن مسلمة قال : سمعت اذناي ، وأبصرت عيناي رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول يوم احد ، وقد انكشف الناس الى الجبل وهو يدعوهم وهم لا يلوون عليه ، سمعته يقول :
« إليّ يا فلان ، إليّ يا فلان أنا رسول الله ».
فما عرّج عليه واحد منهما ، ومضيا!! فأشار ابن معد إليّ أي اسمع.
فقلت : وما في هذا؟ قال : هذه كناية عنهما. ( أي اللذين تسنّما مسند الخلافة
__________________
(١) المغازي : ج ٢ ص ٢٤٠.