على ما مرّ ؛ فإنّا إذا أثبتنا ذلك ـ إمّا بوجود حادث ما كما ذكرناه ، أو بالدليل المذكور على أنّه عالم كما حرّرناه ، أو بالنصّ ـ وهو كثير ـ وإجماع أهل الملل ـ لزم حدوث جميع ما سوى الله ؛ إذ لو كان قديم واحد ، لزم إيجابه تعالى ؛ إذ لم يؤثّر في القديم إلاّ الموجب ، كما مرّ تفصيله ، فتأمّل.
ومن ذلك علم أنّه يمكن جعل القدرة دليل الحدوث ، لا العكس ، إلاّ أن يريد حدوث أمر واحد ، فيصحّ العكس كما مرّ تفصيله ، فثبت أنّه لا قديم سوى الله وجاء دليله ، فسقط ما قيل (١) [ من ] أنّه وعد بلا وفاء ، أو أنّه مجرّد دعوى بلا دليل مع ما قال في ديباجة الكتاب : (٢) لا يذكر إلاّ ما قاده [ إليه ] الدليل ، وأنّه لم يثبت حدوث العالم ، فكيف يقول : حدوث العالم بعد عدمه ينفي الإيجاب!؟ » (٣).
وقال جمال العلماء بعد عنوان قول المصنّف : « وجود العالم بعد عدمه ينفي الإيجاب » (٤) : « قال الفاضل المعاصر (٥) : في الحواشي الفخريّة (٦) : يعني به البعديّة الزمانيّة ؛ إذ لا شكّ أنّ تقدّم العدم على الوجود ليس ذاتيّا ولا طبيعيّا ، وظاهر أنّه لا يتصوّر [ هاهنا ] من أقسام التقدّم الخمسة سوى الزماني.
وفيه ما أفاده والدي العلاّمة (٧) ـ طاب ثراه ـ من أنّ تقدّم عدم العالم على وجوده لو كان زمانيّا ، لزم أن يكون قبل كلّ زمان زمان لا إلى نهاية ، ويلزم القدم والزمان
__________________
(١) القائل هو الشارح القوشجي على ما نقله ملاّ جلال في حاشية « شرح تجريد العقائد » : ٧١ وهو تعريض بقول الطوسي في أوائل كتاب « تجريد الاعتقاد ».
(٢) أي ديباجة « تجريد الاعتقاد » : ١٠١.
(٣) « الحاشية على إلهيات الشرح الجديد » للأردبيليّ : ٤٠ ـ ٤٣.
(٤) « تجريد الاعتقاد » : ١٩١.
(٥) هو ميرزا إبراهيم بن ملاّ صدرا. انظر « الحاشية على حاشية الخفري على شرح التجريد » لآقاجمال الخوانساري : ٣٢١.
(٦) هي حواشي الميرزا فخر الدين محمد بن الحسين الأسترآبادي على « شرح التجريد » للقوشجي ، ألّفها في سنة ٩٦٥ ، انظر : « الذريعة » ١ : ٩٩.
(٧) ما أفاده من تعليقات على الشرح الجديد لم يطبع لحدّ الآن.