الضعاف من غير تجربة ، فهذا قسم (١). » ثمّ ذكر الأقسام الأخر. وفيما ذكرناه كفاية.
وعند الإشراقيّين أنّ لكلّ نوع من الجسمانيّات : البسائط والمركّبات عقلا مجرّدا مدبّرا له ذا عناية به ، معتنيا بشأنه ، حافظا إيّاه ، ويسمّون تلك العقول أرباب الطلسمات ، والطلسم عندهم عبارة عن النوع الجسمانيّ ، فكلّ من تلك العقول ربّ لطلسم أي مربّ إيّاه يربّي كلّ فرد منه ويوصله إلى كماله ، ويلهمه ويهديه إلى مصالحه (٢).
وشيخ الإشراق يؤوّل ما ذهب إليه أفلاطن ومن سبقه من الفلاسفة كهرمس وفيثاغورس وأبناذقلس من القول بالمثل إلى ذلك (٣).
وبالجملة ، فهذا السؤال ممّا يؤكّد إحكام أفعاله تعالى وإتقانها ، وتحقّق وجه الاستدلال بها على كمال علمه وتدبيره وعنايته تعالى بالمخلوقات ، كما لا يخفى.
وأمّا إيراد هذا السؤال على سبيل المنع على الكبرى ، فخارج عن القانون ؛ لادّعاء الضرورة فيها كما مرّ. وإذا ثبت علمه تعالى بأفعاله ، دلّ على علمه بذاته أيضا ؛ لأنّ كلّ من علم شيئا فله أن يعلم أنّه يعلمه ، وهذا ضروري ، وكلّ ما هو ممكن في حقّه تعالى فهو واجب له ؛ لبراءته عن القوّة والإمكان الخاصّ ، فهو يعلم ذاته بالفعل دائما وهو المطلوب.
قال الشيخ في الإشارات : إنّك تعلم أنّ كلّ شيء يعقل شيئا فإنّه يعقل بالقوّة القريبة من الفعل أنّه يعقله ، وذلك عقل منه لذاته ، فكلّ ما يعقل شيئا فله أن يعقل ذاته (٤).
واعترض عليه الإمام بأنّ العقول المفارقة ليس منها شيء بالقوّة ، فهي إنّما تعقل
__________________
(١) « الشفاء » الطبيعيات ٢ : ١٦٢ ـ ١٦٣ ، الفصل الثالث من المقالة الرابعة من الظنّ السادس.
(٢) « حكمة الإشراق » ضمن « مجموعة مصنّفات شيخ الإشراق » ٢ : ١٤٣.
(٣) نفس المصدر : ١٥٤ ـ ١٦٤.
(٤) « الإشارات والتنبيهات مع الشرح » ٢ : ٣٨٢ ـ ٣٨٣.