المركّب والتقليد وإن لم نجوّزه في الحال ، لكن يمكن أن يظهر أمر يوجب أن يسلب القيام عن زيد ، فلم يبق في الحدّ من التصديقات إلاّ التصديق الجازم المطابق الثابت أعني اليقين ، وتناوله للتصوّرات بأسرها بناء على أنّها لا نقيض لها.
واعترض (١) على هذا الحدّ بأنّه يوجب أن لا يكون التصديق ـ أعني النفي والإثبات ـ علما ، بل ما يوجبهما ، وأن لا يكون التصوّر أيضا علما ، بل ما يوجبه ، فالصواب أن يقال : إنّه تمييز لا يحتمل متعلّقة نقيض ذلك التمييز ، فتأمّل.
وقد يقال (٢) : إنّ العلم لا يحدّ ؛ لأنّه بديهيّ التصوّر ، والتحديد يكون للكسبي ، وما ذكروه في معرض التعريف تعريف له بحسب اللفظ ، والأشياء البديهيّة قد تعرّف بحسب اللفظ.
وردّ بأنّه إن أراد أنّ تصوّره بوجه ما بديهيّ ، فلا نزاع في بداهته ، وإن أراد تصوّره بكنه حقيقته ، فهو ممنوع ؛ لأنّه عين المتنازع فيه.
وقد يقال (٣) : لا يمكن أن يحدّ العلم ؛ لأنّ غير العلم لا يعلم إلاّ بالعلم ، فلو علم العلم بغيره ، لزم الدور ؛ لتوقّف معلوميّة كلّ منهما على معلوميّة الآخر.
واعترض (٤) عليه بأنّ معلوميّة غير العلم إنّما تكون بحصول علم جزئي متعلّق بذلك الغير ، لا بمعلوميّة حقيقة العلم ، والموقوف على معلوميّة الغير هو معلوميّة حقيقة العلم ، لا حصول العلم الجزئيّ ، فلا دور.
وبالجملة ، فهو قد يكون حصوليّا ، وقد يكون حضوريّا. لا بدّ في العلم الحصوليّ من انطباع شبح ومثال من المعلوم في النفس مغاير له ، لا نفسه ، فلا يلزم أن يكون
__________________
(١ ـ ٤) للتعرّف على الأقوال الواردة في تحديد العلم والاعتراضات عليها راجع « المحصّل » : ٨١ ؛ « المباحث المشرقية » ١ : ٤٥٠ ـ ٤٥٣ ؛ « نقد المحصّل » : ٦ وما بعدها ؛ « كشف المراد » : ٢٢٥ ـ ٢٢٦ ؛ « أنوار الملكوت » : ١٢ ـ ١٣ ؛ « مناهج اليقين » : ٨٦ ـ ٨٧ ؛ « نهاية المرام » ٢ : ٥ ـ ٨ ؛ « شروح الشمسية » ١ : ٥٥ ؛ « شرح المواقف » ١ : ٦١ ـ ٨٦ ؛ « شرح المقاصد » ١ : ١٨٩ ـ ١٩٧ ؛ « إرشاد الطالبين » ١٠١ ـ ١٠٢ ؛ « جامع العلوم » ٢ : ٣٤١ ؛ « كشّاف اصطلاحات الفنون » ٢ : ١٢٢٠ ـ ١٢٢٥ ؛ « الأسفار الأربعة » ٣ : ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ؛ « شوارق الإلهام » : ٤١٦ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٤٩ ـ ٢٥٠.