كان التعذّر دائميّا ، وإن كان موقّتا فعليه بدل الحيلولة.
وأمّا إن كان تعذّر ردّه من جهة الخلط أو المزج مع مال آخر من الغاصب أو من غيره ، فإن كان الخلط أو المزج مع غير جنسه ، فإمّا أن يستهلك المغصوب في الآخر ، فهذا في حكم التلف وعلى الغاصب دفع مثله في المثلي وقيمته في القيمي ، ولا فرق بين أن يكون استهلاكا حقيقيّا أو عرفيّا ، وذلك كما إذا غصب ملح شخص وصار ممزوجا مع عجين شخص آخر من غير اختيار أحد.
ولا شكّ في أنّ هذا المورد لا يمكن ردّ الملح ، فيدور الأمر بين أن يقال بتلف الملح ، فيكون كما ذكرنا من وجوب دفع المثل أو القيمة على الغاصب ، أو يقال بشركة مالك الملح مع مالك العجين بنسبة قيمة ماليهما.
وإمّا أن لا يستهلك ، فلا محاله تحصل الشركة.
وحيث أنّ الاستهلاك لا يمكن إلاّ في الجنسين المختلفين ، لأنّ الاستهلاك عبارة عن صيرورة المستهلك من جنس المستهلك فيه بواسطة المزج معه بعد ما لم يكن كذلك ، وأمّا لو كان الممزوجان من جنس واحد فلا يمكن هذا المعنى ، فلو وقعت قطرة ماء في البحر لا تصير مستهلكا فيه ، لأنّها بصورتها النوعيّة موجودة فيه.
والاستهلاك لا يمكن إلاّ بتبدّل صورته النوعيّة حقيقة أو عرفا إلى صورة المستهلك فيه ، فلو امتزج المغصوب مع ما هو من جنسه ، سواء أكان من غير اختيار أحد أو كان بفعل الغاصب أو بفعل شخص ، وسواء أكان المزج بحقّ أو بغير حقّ كمزج الغاصب ، وسواء أكان مع مال الغاصب أو مع مال غيره ، ففي جميع هذه الصور تحصل الشركة القهريّة بين المالكين ، فيكون مالك المغصوب شريكا مع ذلك الآخر بنسبة ماليهما إذا كان المالان متساويين في الجودة والرداءة.
وأمّا إذا كان أحدهما أجود فإن كان المزج من غير اختيار أحد ، أو كان باختيار من له الحقّ كما في مورد غير الغصب ، فلا بدّ وأن تكون الشركة بنسبة قيمة المالين في