هذا ، مضافا إلى أنّ الإعراض عن الذيل لا يلازم الإعراض عن صدر الرواية ، بل هو يبقى على حجيته.
ولكن لا يخفى أنّ هذا الشرط ليس مختصّا بالتقدير بالعدد ، بل يعتبر في التقديرات الثلاثة ، ولذلك ينبغي أن يعدّ هذا من شرائط الرضاع ، لا من شرائط العدد.
الشرط الخامس : أن تكون المرضعة حيّة ، فلا اعتبار بما يرتضع الطفل منها بعد موتها. هذا ما ذهب إليه معظم الأصحاب.
واستدلّوا عليه : بأنّ لفظة « الإرضاع » في الآية والرواية ظاهر بحسب متفاهم العرف في الارتضاع من الحيّ ، فهو المحرّم ، وأمّا الارتضاع من الميّت فلا دليل على تحريمها ، فيبقى تحت أصالة الإباحة ، ولو كانت بمعنى استصحاب عدم حدوث الحرمة ، كما تقدّم في حكم الشكّ في الشبهة الحكميّة.
وفيه أوّلا : أنّ هذه دعوى بلا بيّنة ولا برهان ، بل البرهان على خلافه ، لأنّه لو كانت المرأة نائمة أو غافلة وسعى إليها الطفل والتقم ثديها من دون التفاتها إلى ذلك ، تحصل الحرمة إذا حصل أحد التقديرات الثلاثة كذلك ، مع أنّه لا فرق بين الميّت ومثل النائمة والغافلة بحسب الاعتبار ، لأنّ من يدّعي اعتبار الحياة من طريق ظهور لفظة « الإرضاع » في ذلك ، من جهة اعتبار الاختيار والمباشرة والالتفات والقصد إلى صدور هذا الفعل عنها ، وحيث أنّه ليس في الميّت مثل هذه العناوين ، فلا يصدق على الارتضاع منه أنّها أرضعت.
ولكن أنت خبير بأنّ جميع هذه العناوين مفقودة في المثال الذي فرضنا ، ففي النائمة أو الغافلة كلّ ذلك ليس ، فليس هناك مباشرة ولا اختيار ولا التفات إلى الفعل ولا قصد إلى صدوره ، فصدق الإرضاع مع ذلك يدلّ على عدم أخذ هذه الأمور في ذلك المفهوم ، بل لم تؤخذ هذه العناوين في مفهوم أيّ فعل من الأفعال ، لأنّ مادّتها موضوعة للحدث الكذائي ، وهيئاتها على اختلافها لأنحاء النسب التي بين المادّة