وفيه : أنّ الحبس في عالم الاعتبار عن التقلبّات ، مثل الحبس الخارجي عن الانتقال من مكان إلى مكان ، يمكن أن يكون مؤبّدا ، ويمكن أن يكون موقّتا ، فالعمدة في دليله هو الإجماع.
ولكن فيه أنّ الإجماع أيضا يمكن أن يكون اتّكاء المجمعين على بعض هذه الوجوه المذكورة أو على جميعها ، فليس من الإجماع المصطلح الذي قلنا في الأصول بحجّيته ، ولكن مع ذلك كلّه الاتّفاق التامّ بحيث لم يوجد مخالف واحد في جميع الأعصار ممّا يوجب الاطمئنان باعتبار هذا الشرط في صحّة الوقف.
ثمَّ إنّه لو وقّت الوقف بسنة أو أكثر أو أقلّ مثلا ، فلا يقع الوقف بناء على اعتبار الدوام ، ولكن هل يكون هذا الإنشاء باطلا وبلا أثر ـ وكأنّه لم يكن ـ أو يكون حبسا يترتّب عليه آثار الحبس وأحكامه؟
وتحقيق الحقّ في هذا المقام هو أنّ الوقف والحبس إن قلنا بأنّهما مختلفتان بحسب الماهيّة والحقيقة ، فلو قصد الوقف بذلك الإنشاء فلا يقع شيء منهما ، ويكون ذلك الإنشاء لغوا وبلا أثر ، أما عدم وقوع الوقف ، لانتفاء شرط الصحّة ، وأمّا عدم وقوع الحبس ، لعدم قصده ، والعقود تابعة للقصود.
وأمّا لو قصد الحبس فعدم وقوعه وقفا واضح ، لعدم قصده ، مضافا إلى انتفاء شرطه. وأمّا وقوعه حبسا فمبنيّ على أنّ إنشاء الحبس هل يلزم أن يكون بصيغة خاصّة ، أو يصحّ وإن كان بصيغة وقفت مثلا؟
وأمّا لو يعلم أنّه قصد أيّ واحد منهما ، بعد الفراغ عن أنّه ليس في مقام أداء هذا الكلام بلا قصد ، وأيضا لم يقصد المعنى الجنسي المشترك بينهما ـ وإلاّ فمن المعلوم أنّه لو كان أحد هذين الأمرين فلا يقع شيء منهما ـ فهل التوقيت بمدّة معيّنة يكون قرينة على إرادة خصوص الحبس فتدخل المسألة حينئذ في ما ذكرنا من أنّ الحبس هل يصحّ بلفظ الوقف ، أم لا؟