فكما أنّ سائر النقل والانتقالات والتقلّبات الشرعيّة لا يجوز ـ وعلى فرض إيجاد المالك لها تكون غير ممضاة من قبل الشارع ، فيكون باطلا ـ فكذلك الوقف ، مضافا إلى أنّ الوقف ـ بناء على ما ذكرنا ـ يحتاج إلى قصد القربة ، وكيف يتقرّب بما هو ممنوع شرعا؟ نعم بعد ارتفاع المنع من التصرّف كما إذا فكّ الرهن ـ مثلا ـ أو أجاز المرتهن فلا مانع من وقفه ، وهذا واضح.
وأمّا الشرط السابع : أي كونه ممّا يمكن إقباضه ، لأنّه بناء على أن يكون القبض من شرائط صحّة الوقف فواضح ، فإنّ المشروط لا يتحقّق بدون شرطه. وأمّا بناء على أنّه شرط اللزوم ـ كما رجّحناه ـ فلأنّه لو لم يمكن إقباضه ـ كالطير في الهواء الشارد من عنده ولا يمكن إعادته ، أو الحيوان الآخر النافر الذي لا يمكن قبضه عادة ، أو العبد الآبق الذي حصل اليأس من عوده أو وجدانه أو التغلب عليه وأمثال ذلك ـ يكون تسبيل ثمرته لغوا بل لا ثمرة له كي يسبل.
تنبيه :
ما ذكرنا في الشرط الخامس أنّه لا بدّ وأن يكون للعين الموقوفة منفعة محللة كي يكون التسبيل بلحاظها ، لا يلزم أن تكون تلك المنفعة لها فعلا ، بل يكفي في صحّته كونها لها ولو بعد مدّة. فلو وقف بستانا غرس فيه النخيل ، وهي صغار لا تحمل إلاّ بعد سنين ، فهذا الوقف صحيح باعتبار تلك المنافع التي لها قوّة الوجود ، وإن كان وجودها بعد عشر سنين مثلا ، وهكذا الحال في سائر الموارد.
المطلب الرابع
في شرائط الواقف
قال في الشرائع : ويشترط فيه البلوغ ، وكمال العقل ، وجواز التصرّف (١).
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٢١٣.