وقد تقدّم أنّه يجب الأخذ بظاهر كلامه عند الإنشاء إن لم يعلم بمراده. والظاهر حسب المتفاهم العرفي من هذه العبارة هو الترتيب لا التشريك ، بمعنى أنّه لا تصل النوبة إلى الطبقة الثانية ما دام من الطبقة الأولى يكون موجودا ولو كان واحدا ، فلا تصل إلى أحفاده ما دام أولاده الصلبي موجودا. وهذا الترتيب بين الطبقات يستفاد من ظاهر لفظ « بعد » ، وهو واضح. والاحتمالات الأخر ملقى بنظر العرف.
الأمر الثالث : في أنّ الوقف لا يبطل بخرابه وانهدامه ، لا بجواز بيعه.
أمّا الأوّل : فلأنّ وقف دكّان أو دار أو بستان ـ مثلا ـ مثل بيعه أو هبته أو سائر الاعتبارات الواردة عليها ، فكما أنّه لا تبطل تلك العناوين بخرابه وانهدامه ، فكذلك في الوقف ، لأنّه أيضا أحد الاعتبارات الواردة عليه وليس الموقوف عنوان الدار أو الدكّان مثلا ، بل تلك القطعة من الأرض المعنونة بهذا العنوان.
فلو ارتفع العنوان فلا ينعدم موضوع الوقف بالمرّة ، بل الموقوف باق ، غاية الأمر وقع تغيّر فيه ، وهذا التغيير لا يضرّ ببقاء الوقف ولا ببقاء الموقوف عليه ، فلا وجه لبطلان الوقف.
نعم لو جاء دليل على أنّه خرج عن كونه وقفا بإتيان دليل على جواز بيعه ، فهو المتّبع ، وإلاّ فمقتضى الأصل بقاء وقفيّته حتّى مع جواز بيعه ، لبقاء الموضوع عرفا ، وهو تلك القطعة من الأرض التي كانت معنونة بعنوان الحمّام أو الدار أو الدكّان أو غير ذلك.
وأمّا الثاني : أي : عدم بطلان الوقف بجواز بيعه : فلأنّ بطلان الشيء إمّا بانعدام علل قوامه ـ وذلك لأنّه بعد انتفاء علل قوامه جميعا لو بعضها أو بقي يلزم الخلف ، أي يلزم أن يكون ما فرضه داخلا في قوامه لا يكون داخلا في قوامه ، وهو محال ـ وإمّا بإتيان دليل تعبّدي على بطلانه.
أمّا الدليل التعبّدي من إجماع أو آية أو رواية معتبرة ، فليس شيء من هذه في