والعرفي ، وأمّا
ما هو الضابط عند الشرع في تعيين المثلي والقيمي سنذكره إن شاء الله تعالى ، وفعلا
مقصودنا شرح معنى الحديث الشريف ، وأنّ « اليد » من أسباب الضمان كالإتلاف.
فقد ظهر ممّا
ذكرنا دلالة هذا الحديث على صحّة هذه القاعدة ، وهي أنّ اليد سبب لضمان عين ما وقع
تحت اليد.
بقي
الكلام في ضمان منافع العين بقسميها ، أي المستوفاة وغير المستوفاة.
فنقول :
أمّا
المنافع المستوفاة ، فلا شبهة في ضمانها ، وأنّها في عهدة المستوفي.
أمّا
أوّلا : فلأنّها مال ،
وقاعدتا « حرمة مال المسلم كحرمة دمه » و « أنّ مال المسلم لا يحلّ إلاّ بطيب نفسه
» تدلاّن على ضمانها ، وكونها في عهدة المستوفي ، وذلك لأنّه لا فرق في صدق
الماليّة بين الأعيان والمنافع ، بل في كثير من الأشياء ماليّة العين بواسطة المنافع
، وإلاّ نفس العين لو لا تلك المنافع لا يبذل بإزائها المال.
وثانيا : وقوعها تحت اليد يتبع وقوع العين تحتها ، ولذلك يقال في
باب إجارة الأعيان ـ بناء على أن تكون الإجارة فيها عبارة عن تمليك منفعة معلومة
بعوض معلوم ـ إنّ قبض المنفعة بقبض العين.
وأمّا
منافع غير المستوفاة ، فالمشهور فيه أيضا الضمان ، وهو الصحيح ، وذلك للتفويت إن قلنا بأنّه من
موجبات الضمان عند العقلاء ، كما هو كذلك عندهم ، ولم يردع الشارع عن هذه القاعدة
العقلائيّة ، وهي أنّ « من فوّت مال الغير عليه فهو له ضامن » بل ربما يظهر من بعض
الروايات إمضاؤها ، ولا شك في أنّ المنافع غير المستوفاة أيضا مال كالمستوفاة ،
والغاصب الحابس للعين فوّت منافعها على المالك.
نعم
يبقى هنا شيء : وهو أنّه لو كانت للعين منافع متضادّة في الوجود ، فبناء على الضمان فهل
يضمن الجميع ، أو يضمن الأكثر ماليّة ، أو أحدها مخيّرا ، والتخيير للمالك